السومرية نيوز – دوليات

في 8 أكتوبر/تشرين الأول، لم يكن العالم قد استفاق من صدمة "طوفان الأقصى" بعد، فوجئ الجميع بقتل سائحين إسرائيليين في الإسكندرية، بعدما أطلق شرطي مصري النار عليهما قرب مزار "عامود السواري".
وقعت مشادة بين الشرطي والإسرائيليين بسبب استفزازهما له بإصرارهما على التقاط صور بعلم إسرائيل بشكل علني.

في البداية منعهما رجل الشرطة أكثر من مرة، ولم يسمعوا له، وتحوّل الأمر إلى مشادة، أطلق على إثرها النار وأسقطهما صريعين.

أحد القتلى كان مدرب كرة قدم بالفئات السنية الصغرى بنادي "هبوعيل تل أبيب"، ما أعاد للذاكرة الإسرائيلية "عملية ميونيخ" الدامية التي وقعت عام 1972 في الأراضي الألمانية. والتي تصنّف واحدة من أكثر عمليات الاختطاف إثارة في القرن الـ20.

إذا قادك الفضول للاطلاع على أندية كرة القدم الإسرائيلية، ستلاحظ وجود العديد من الأندية التي تحوي لفظة "هبوعيل"، 15 نادياً في الدرجات الكروية المختلفة. وعبر الرياضات المختلفة، يوجد أكثر من 30 نادياً تحمل الاسم ذاته.. فما القصة؟

تنظيم العمال اليهود
تأسس اتحاد "هبوعيل" الرياضي اليهودي في عام 1926 بمبادرة من الاتحاد العمالي "هستدروت"، وكان هدفه تنظيم الطبقة العاملة اليهودية في فلسطين داخل منظمة واحدة. ففي عام 1926، لم يكن الوجود اليهودي في الأراضي الفلسطينية متبلوراً بعد. كان معظم يهود الطبقة العاملة محض مهاجرين مشتتين، فروا من الطغيان الأوروبي ووجدوا ملاذاً آمناً في فلسطين. وذلك على العكس من الطبقة السياسية الصهيونية التي حطت الرحال في فلسطين ووضعت نصب عينيها سرقة الأرض وطرد شعبها، مثل والد رئيس وزراء إسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو الذي هاجر لفلسطين أوائل عشرينيات القرن الماضي. كان هدف اتحاد "هبوعيل" هو تنظيم العمال اليهود، وإحصاءهم وتحديد أماكن وجودهم ومقرات عملهم، ومن ثم تجنيدهم لخدمة الدولة الصهيونية التي ستقوم عام 1948. لذا لن تستغرب كثيراً إذا ما علمت أن لفظة "هبوعيل" العبرية تعني "العامل" في اللغة العربية. تتبنى "هبوعيل" أيديولوجيا ماركسية واشتراكية، تتجلى في تاريخها وأنشطتها. فقد تأسست الجمعية بهدف معلن وهو "تعزيز الرياضة بين الطبقة العاملة"، وباستغلال الأيديولوجيا الماركسية أقامت علاقات دولية مع منظمات رياضية للعمال تنتمي إلى أحزاب اشتراكية. ومن خلال تلك العلاقات، تم تعزيز الفكرة الصهيونية، ونشر أيديولوجيتها باعتبار ألا تعارض بينها وبين الماركسية. وبالفعل، أصبح "هبوعيل" عضواً في الاتحاد الدولي للرياضة للعمال (SASI) في عام 1927، وبعد ذلك أصبح عضواً في الاتحاد الدولي للرياضة والجمباز للعمال (CSIT).

بعد تأسيس "دولة إسرائيل"، أصبح "هبوعيل" واحداً من أبرز الاتحادات الرياضية في إسرائيل، وتضم العديد من الأندية الرياضية التابعة لها في جميع أنحاء الأراضي المحتلة. من أشهر تلك الأندية؛ نادي "هبوعيل تل أبيب"، و"هبوعيل القدس"، و"هبوعيل حيفا".

تنشط أذرع "هبوعيل" في القدس المحتلة، حيث ينظم الاتحاد فعاليات لأكثر من 1500 طفل وشاب من جميع الأوساط في القدس ومحيطها. كما يقيم مشاريع وبرامج لما يسميه "التعايش بين الشباب العرب واليهود"، لكن نوايا وأهداف تلك البرامج تصب في صالح تذويب القضية الفلسطينية، وتحييد الشباب الفلسطيني عن الصراع الدائر قدر المستطاع.

هبوعيل أم هاغاناه؟
شارك "هبوعيل" اجتماعياً وعسكرياً في إقامة الدولة. كان أعضاء "هبوعيل" رواداً في مجال الأنشطة البحرية، فخططوا ونفذوا لعمليات هجرة غير شرعية واسعة النطاق إلى فلسطين، وساعدوا في تأسيس المستوطنات، وكان لها أعضاء بارزون في "عصابات الهاغاناه"، التي نفّذت مجازر بشعة بحق أصحاب الأرض، وكانت تسمى "منظمة الدفاع اليهودية" قبل تأسيس الدولة.

وكان "هبوعيل" يتبع الاتحاد العمالي "الهستدروت"، الذي لعب دوراً حاسماً في تأسيس إسرائيل، إذ كان "الهستدروت" واحداً من الأطراف الموقّعة على إعلان تأسيس "دولة إسرائيل"

أحد أكثر الأمثلة وضوحاً على دور أعضاء الـ"هبوعيل" في الجرائم التي ارتكبتها "عصابات الهاغاناه" هو إسحاق ساديه. كان ساديه قائداً لـ"الهاغاناه" في القدس عام 1921، وشارك في إسقاط مدينة حيفا في قبضة العصابات الصهيونية خلال أحداث عام 1929. وعندما بدأت ثورة العرب في فلسطين بين عامي 1936 و1939، أسس ساديه وحدة "النوديت" في القدس، والتي واجهت الفلسطينيين في قراهم وقواعدهم وقتلتهم وشردتهم دون أن يرجف لها جفن.

وفي صيف عام 1937، وبصفته قائداً لشرطة الاستيطان اليهودية، أسس وحدات ميدانية حملت اسم "فوش"، وكانت أحد أقوى أذرع "الهاغاناه". كانت تلك وحدة نخبة عسكرية، يُنتقى أعضاؤها بعناية من قبل ساديه نفسه. بالإضافة إلى ذلك، قاد ساديه عملية إنشاء "مستوطنة حنيتا" على تلة معزولة على الحدود الجنوبية للبنان.

في عام 1941، كان له دور بارز في تأسيس "البالماخ" أو (الوحدات الضاربة)، وكان أول قائد لها، وهي القوات العسكرية التابعة للهاغاناه، ولكنها أخذت شكل وتنظيم الجيوش المنظمة.

إسحاق ساديه (1890-1952) وُلد في لوبلين، بولندا، وبدأ حياته العسكرية في الجيش الروسي أثناء الحرب العالمية الأولى. نال تكريماً لشجاعته، وصعد في الرتب ليصبح قائداً لكتيبة. عندما كان في روسيا، شارك في مسابقات المصارعة وأصبح بطلاً للمصارعة في سانت بطرسبرغ. وفي إسرائيل كان عضواً في مجلس إدارة الهبوعيل، فخط السياسات العامة ووضع التوجيهات وأرسى شعار "هبوعيل": "ألفيم لا ألوفيم"، ويعني (آلاف، لا أبطال). والمغزى من هذا الشعار أن "هبوعيل" لا يهدف إلى إنتاج أبطال في الألعاب الفردية، بل في ضم أكبر قدر ممكن من الشباب إلى صفوفه.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: فی فلسطین فی القدس فی عام

إقرأ أيضاً:

ماذا تقول الغزيّات في القدس بعد 9 أشهر من الإبادة؟

القدس المحتلة- لقصاصات الورق تبوح الغزية أم مصطفى، وقد رفضت الإفصاح عن اسمها خشية الملاحقة الإسرائيلية، بحزنها وعجزها عن حماية ما تبقى من آمال عائلتها، وأحلامهم التي تجمدت مع اندلاع الحرب على غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

"يا كاشف الكرب قد ضاقت بنا الخيم

نار من القهر في الأحشاء تضطرم

لم يبقوا فينا شيئاً لم يُقاسِ ألم

لم يرحمونا وزادوا ليلنا عتم

جئناك ضرعى وكل ما بنا سقم

جئناك صرعى وكل ما بنا كلم

فاشدد لنا الأزر واجبر قلبنا الهشم

أنت الولي ونعم الرب والحكم"

في بيتها بالمدينة المقدسة -الذي انتقلت للعيش فيه مع زوجها المقدسي قبل سنوات- استقبلتنا السيدة الغزية أم مصطفى، ورحبت بنا بابتسامة تخفي خلفها سيلا من الدموع التي انهمرت بمجرد الحديث عن حنينها لغزة التي أسمتها "مدينة القلب".

وطُويت صفحة الشهر التاسع من الإبادة الجماعية التي تُمارس في القطاع المحاصر، وطُويت فصول حياة عشرات الآلاف بعد استشهادهم، ولا أحد في العالم استطاع حتى الآن أن يطوي صفحة هذه الحرب، هذا ما يعبر عنه صوت أم مصطفى المرتجف، وقلبها العاجز عن تحمل المزيد من الألم.

أم مصطفى تحتفظ بذكريات طفولتها في حي الرمال الذي هجرت منه عائلتها خلال الحرب (الجزيرة) شتات ورعب

تعيش عائلة أم مصطفى في مدينة غزة ويتوزع أفرادها بين أحياء تل الهوى والصبرة والرمال، وكان آخر لقاء جمعها بهم عند زيارتها للقطاع خلال سبتمبر/أيلول المنصرم أي قبل أسابيع من اندلاع الحرب.

وحملت معها هواء غزة ورزمة جديدة من الذكريات وعادت بها إلى العاصمة المقدسة، لكن الفرح لم يدم طويلا مع انطلاق الحرب التي تشعر أم مصطفى منذ اندلاعها أن شيئا كبيرا ينقصها بسبب شح التواصل خاصة مع شقيقتها التي تعتبر أقرب إنسانة إلى قلبها.

عبّرت السيدة الغزية للجزيرة نت عن كثير من المشاعر التي تنتابها لكن تنهيدات الألم والصمت المتكرر الذي تخلل الكلمات كان أكثر مما تمكنت هذه الغزيّة من البوح به.

واستهلت بوحها بالقول "التواصل معهم هو الذي كان يخفف عني صعوبة الحياة وتفاصيلها في البعد عنهم، وكنت أُمنّي نفسي طيلة العام بأنني سألتقي بهم في عطلة الصيف.. أمل اللقاء بهم كان هو الحافز الذي يمكنني من مواصلة الحياة في الغُربة.. بلقائهم كان قلبي يرتوي والآن الأمل معدوم بلقائهم".

البحر جزء من ذكريات طفولة الغزية أم مصطفى وآخر عهد لها به كان قبيل الحرب بأسابيع (الأناضول) بحر غزة

في غزة كانت أم مصطفى تعود إلى طفولتها فتمارس مع أحبابها هواياتها بالسير على شاطئ البحر، والنوم على الشُرفة الخارجية للمنزل لتستيقظ على صوت أمواجه، والهروب من صخب مدينة غزة إلى البيّارة (بستان) للاسترخاء، لكن ذلك كلّه اندثر فالمنزل دُمر ولم يعد صالحا للعيش والبيارة سلبها الغرباء، والسيارة التي احتضنت ضحكاتهم احترقت.

"في بداية الحرب توقفت حياتي وتسمّرت أمام شاشة التلفاز لمتابعة الأخبار، ومرّت أيام متتالية دون أن أعرف مصير عائلتي هناك، وبعد شهرين قررت البوح بكل ما أشعر به للورق فكتبتُ وما زلت أكتب لأحافظ على اتّزاني النفسي، واعتزلت متابعة الأخبار ودخلت في حالة هروب كي لا أغرق في الوجع أكثر".

وعند سؤالها عما إذا كان لديها أمل أو رغبة في العودة إلى غزة في حال انتهت الحرب، قالت إنها حتما ستزورها فـ"لدي أمل للعودة إلى مدينة القلب والذكريات، وكما قال محمود درويش إن الحنين: استرجاع للفصل الأجمل في الحكاية".

وحتى تضع الحرب أوزارها فإن "في الانتظار.. يصيبني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة" وهو اقتباس لدرويش أيضا الذي تستأثر أم مصطفى بنصوصه عادة.

ومع كل الألم الذي تعيشه هذه المواطنة فإن الحرب جعلتها ممتنة لنعم كثيرة تحظى بها وكانت تعتبرها بديهية، كأن تحرص على عدم التفريط بأي حبّة أرز أثناء غسلها وتحضيرها للطبخ، أو أن تنام في الليل على سرير ووسادة لا بخيمة، أو أن يكمل أطفالها مسيرتهم التعليمية بسلاسة.

وتختتم حديثها بالقول إنها "مدينة لغزة بكل الحب، مدينة لها بضحكاتي المجلجلة، بغمازتيَّ حين تشرقان، وقلبي حين يثمل فرحاً مدينة لها ببئر الذكريات الذي أغترف منه فترتوي روحي".

أمام ما يجري من غزة تلجأ أم محمد للصمت وبداخلها وجع عقدين لم تر فيهما عائلتها بغزة بسبب إجراءات الاحتلال (الفرنسية) الألم عميق

في منزل أم محمد، الغزيّة المتزوجة من مقدسي، الحالة النفسية ليست أفضل على الإطلاق، والصمت كان أبلغ من الكلام في أحيان كثيرة، والدموع عبّرت عمّا لا يمكن أن تعبر عنه الأحرف الأبجدية.

منذ عقدين ونيف تعيش أم محمد، في القدس منسلخة بفعل الإجراءات الإسرائيلية عن عائلتها في غزة والتي يفصلها عنهم حاجز "إيريز" العسكري سيئ الصيت، وبالتالي فإن زياراتها لمهوى قلبها كانت متذبذبة دائما، ومنعدمة التحقق حاليا.

تعيش أُسرة أم محمد في حي الرمال، وتذكر أنها في اليوم الرابع للحرب شاهدت على التلفاز خبرا يدعو أهالي هذا الحي للنزوح منه فورا نحو الجنوب، فـ "اتصلتُ بهم مباشرة وطلبت منهم تحضير أوراقهم الرسمية والخروج، لكنهم قالوا لن نترك المنزل وهذه ليست الحرب الأولى وسنصمد، لكن الهجوم كان أقوى من أن يواجه بالصمود.. وخلال ساعتين اتصلوا بي وقالوا إنهم نزحوا إلى دير البلح".

وعن وصفها لحالها وهي تعيش بعيدة عنهم قسرا قالت "نجحت مؤخرا في الخلود إلى النوم ليلا، كنت أستيقظ طوال الليل مع اشتداد القصف خوفا من سماع خبر سيئ عن عائلتي.. اتصلت بي إحدى قريباتي يوما تسألني إذا كانت عائلتي ممن استشهدوا بعد سماعها خبر استهداف في دير البلح كُشف فيه عن أسماء أشخاص من عائلتنا.. الظروف قاسية وشعور العجز قاتل".

أكثر ما يخيف أم محمد هو الفقد، وأكثر ما يغضبها هو عجز العالم عن إيقاف المجازر "ومن وجهة نظري الكل متواطئ ولا أرى مستقبلا أفضل".

مراجعة ذاتية

يرفض أشقاء أم محمد فتح الكاميرا في محادثات الفيديو كي لا ترى شقيقتهم إلى أي حال وصلوا بعد 9 أشهر من الحرب التي كانت المجاعة وسوء التغذية أبرز سماتها، لكنهم قالوا لها مرارا إنهم باتوا يتمنون لو أن الرصاصات القادمة تستهدفهم لتنتهي حياتهم وينتهي الوجع معها.

ورغم كل الألم فإن أم محمد حاولت البحث عن جوانب إيجابية فقالت إنها نجحت على الصعيد الشخصي في إعادة ترتيب أولياتها وعلاقاتها الإنسانية، وأسقطت الكثير من الأشياء من قانون الأهمية لديها، وقد جعلتها الحرب تكتشف أن الكثير من الأمور التي كانت تبذل جهدا خرافيا لأجلها لا معنى لها أمام الحياة والموت.

أما في غزة فترى هذه السيدة أن معاناة الحرب وطدت العلاقات بين أبناء القطاع، وستجعل جزءا منهم يخرج بوعي أكبر في كيفية تنظيم حياته وترتيب أولوياته، لكنها ستجعل آخرين يتعاملون بلا مبالاة ولا يفكرون سوى بإسعاد أنفسهم وأطفالهم في كل لحظة قبل أن تأتي لحظة تضيع فيها الحياة منهم.

مقالات مشابهة

  • ما هي قصة القائد عبد القادر الحسيني التي استشهد بها أبوعبيدة؟
  • الصين تبدأ فحص عيّنات مسبار تشانغ آه 6 التاريخية.. قد تكشف تاريخ النظام الشمسي
  • ماذا تقول الغزيّات في القدس بعد 9 أشهر من الإبادة؟
  • احتجاجات واسعة تعم إسرائيل على خلفية التقدّم في مفاوضات صفقة التبادل
  • منذ عام 2021 حتى الآن… الأمانة السورية للتنمية تؤسس 19 تعاونية إنتاجية
  • محافظ القاهرة: تحسين مستوى معيشة المواطن على رأس أولويات المرحلة المقبلة
  • مدبولي يوجه بالإسراع في معدلات تنفيذ مشروع حدائق تلال الفسطاط
  • «القاهرة الإخبارية»: مسؤول بحماس يتوقع ردا إسرائيليا بشأن وقف إطلاق النار
  • نتنياهو يرسل وفدا إسرائيليا للتفاوض على اتفاق حول تبادل الأسرى
  • شاهد: فيديو مؤثر.. شاب ليبي يحمل والدته ويدور بها احتفالاً بعودتها من الحج