«واتفق ذات يوم أن ابن المَلِك المُسمَّى «تحتمس» أتى راكبًا عربتَه وقت الظهيرة، وجلس يتفيَّأ ظلَّ الإله العظيم، فغشاه النعاسُ عندما كانت الشمس في منتصف السماء، فرأى جلالته إلهَه المبجَّل، يتكلم بفمه كما يتكلم والد مع ابنه قائلًا: تأمل أنت فيَّ يا بنيَّ «تحتمس»، إني والدك «حور إم أخت-خبري-رع-آتوم» إني سأمنحك ملكي على الأرض رئيسًا على الأحياء، وستلبس التاجَ الأبيض والتاج الأحمر على عرش الإله «جب» -إله الأرض- الأمير الوراثي، وستكون الأرض مِلْكك في طولها وعرضها؛ وهي كل ما يُضيء عليه الربُّ المهيمن.

وطعام الأرضين سيكون ملكك، وجزية كل الأقطار مدة عهود طويلة سنيها. وإني مولٍّ وجهي شطرك وقلبي معك، وستكون أنت المحافظ على كل أشيائي؛ لأني أشعر بألم في كل أعضائي. ورمال المحراب الذي أنا فيه قد غمرتْني، فالتفتْ إلي لتفعل ما أرغب فيه؛ لأني أعلم أنك ابني وحاميَّ. تأمل! إني معك، وإني قائدك.ولما فرغ من كلامه هذا استيقظ ابن الملك سامعًا ذلك … فَهِم كلمات الإله ووضعها في قلبه، ثم قال (لأتباعه): تعالَوْا دعونا نسرع إلى بيتنا في المدينة، وإنهم سيحافظون على ما نحضر من قربان لهذا الإله».

في واحدة من اللوحات الجرانيتية التي تم اكتشافها حول تمثال «أبو الهول»، كان الأخير يتحدث في رؤية صادقة للأمير «تحتمس» ويساومه في أنه إذا قام بتنظيف ما يحيط بتمثاله من رمال، وحافظ عليه مما يَطمس جسمَه ويُخفِيه عن الأعين، فإنه سيَمنَحه تاجَ مصر. 

فيما بعد، صار الأمير هو الملك «تحتمس الرابع» والذي لم يكن الوارث الحقيقي لعرش مصر، وإلا فإن وَعْد «أبو الهول» يكون عديم الفائدة؛ لأنه كان بطبيعة الحال سيخلف والدَه بعدَ موته دون منازع.

ومن ذلك، يمكن الزعم أن إخوة الأمير «تحتمس» أو أخاه كانوا عَقَبَةً في سبيل تولِّي عرش المُلْك، وأن «تحتمس الرابع» قضى عليهم بطريقة ما، إما بالموت أو النفي، ثم مَحَا بعدَ ذلك أسماءهم. 

وفي الجزء الخامس من موسوعته «مصر القديمة»، والذي حمل عنوان «السيادة العالمية والتوحيد»، يشير الأثري الراحل سليم حسن إلى أن حلم الأمير أو هذا «التحايُل للاستيلاء على عرش الملك بغير حق شرعي من البِدَع التي نشأتْ في مصر منذ عهد الأسرة الخامسة». 

يقول: فمنذ ذلك العهد نجد الملوك الذين لم يكن لهم حق شرعي مطلق في تولِّي العرش يختلقون أقصوصة يجعلون القوة الإلهية تتدخل فيها لتُحلِّل لهم الاستيلاء على عرش الملك، وأول مَن استعمل هذه الحيلة مَلِك في الأسرة الخامسة، ثم استعملها -على ما يَظهَر- «سنوسرت الأول»، وفي الأسرة الثامنة عشرة شاعتْ وتنوعتِ الأساليب التي كانتْ تُتَّبع وسيلة لذلك، كما شاهدنا في حالات «حتشبسوت» و«تحتمس الثالث».

حروب «تحتمس الرابع»

عندما تولى «تحتمس الرابع» الحكم، قام بحملة على بلاد «نهرين» -شمال سوريا- انتصر فيها، وترك قائمة بالقرابين التي قدَّمها للإله في معبد «الكرنك» بعد عودته من انتصاراته في هذه الأصقاع، وقد أشار فيها إشارة عابرة تدل على قيامه بالحملة الأولى في تلك الجهة. فقد ذكر أن بين القرابين أشياء قد استولى عليها من بلاد «نهرين». 

كما أشار إلى أخبار هذه الحملة أحد رجال حرس الملك المسمَّى «أمنحتب» في نقوش لوحة قبره. وكتب: «تابع الملك في حملته في الأقاليم الجنوبية والشمالية، ذاهبًا من «نهرين» إلى «كاراي» في ركاب جلالته عندما كان في ساحة القتال، ورفيق قدمي سيد الأرضين، ورئيس إصطبل جلالته، وكاهن الإله «أنوريس» الأكبر «أمنحتب المرحوم».

ولم يَكَد الملك يستقر به المقام في عاصمته، حتى اضطرته للقيام ثانية الثورات في بلاد «واوات»، وقد كان في تلك الآونة مشغولًا بالاحتفالات بعيد معبد «طيبة» عندما وصل إليه خبر العصيان الذي اندلع في «واوات». 

وفي اليوم الثاني، ذهب الملك في الصباح المبكر في موكب حافل ليستخير الإله ويتلقَّى منه الوحي بما عساه أن يفعل وقد بُشِّر فعلًا بالنصر. 

وجاء في نص لوحة «كونوسو»: «وقد قامت الحملة نحو الجنوب في سفن أُعدَّت لها، وكان الملك يضرب مرساه في طريقه عند كل معبد عظيم؛ حيث كان الآلهة يخرجون لاستقبال جلالته ويشدُّون أزره لملاقاة العدوِّ في ساحة الوغى، وبخاصة الإله «ددون» إله تلك البقاع الخاص.

وقد الْتقى الملك بالعدو في مكان ما في بلاد «واوات» وانتصر عليه وعاد بأسلاب كثيرة، وقد وَضَع الملك الأسرى الذين استولى عليهم وعاد بهم من تلك الجهات في معبده الجنائزي في «طيبة» الغربية، وقد عُلِّم المكان الذي وضع فيه هؤلاء الأسرى بلوحة نُقش عليها: «مستعمرة أهل بلاد «كوش الخاسئة»، وهم الذين ساقهم جلالته من انتصاراته». 

لوحة مرسومة بالذكاء الاصطناعي على طراز رسومات فان جوخ لأبو الهول - البوابة نيوزأطول مسلة

من الإنجازات المعمارية الضخمة التي حققها «تحتمس الرابع»، هي إقامته لمسلة الملك «تحتمس الثالث» بالكرنك - «مسلة لاتران» - والتي تركت دون استكمال طوال اثنين وأربعين عاما، كما أضاف إضافات كثيرة لعدد من المعابد مثل معبد الكرنك، حيث نقش مناظر أضيفت للبوابة الرابعة، ونقش أيضا القرابين التي كان قدمها لآمون بعد عودته من حملته الأولى ببلاد آسيا.

كما عثر له على تماثيل ومسلة في معبد الكرنك كانت قد تم قطعها في عهد «تحتمس الثالث»، وهي من الجرانيت الأحمر ويبلغ طولها حوالي 32 مترا، وتعتبر أطول مسلة في العالم، وعندما قام الرومان بغزو مصر في القرن الأول قبل الميلاد حملوها معهم إلى روما، حيث توجد الآن في ميدان سانت بيتر في الفاتيكان.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ملوك مصر تحتمس تحتمس الرابع نهرين كوش

إقرأ أيضاً:

اليوم.. انطلاق تصوير الجزء الخامس من «المداح» بعد نهاية مثيرة للجزء الرابع

أعلن المؤلف أمين جمال عن انطلاق تصوير الجزء الخامس من مسلسل "المداح" الذي يواصل بطولته الفنان حمادة هلال، ونشر صورة من كواليس التصوير عبر صفحته على فيسبوك، حيث علق قائلاً: "بسم الله .. توكلنا على الله #المداح 5 رمضان ٢٠٢٥ بإذن الله"، مشيرًا إلى الاستعدادات الجادة لهذا الجزء المنتظر.

مسلسل المداح 5نهاية الجزء الرابع من "المداح"

جاءت نهاية الجزء الرابع من "المداح - أسطورة العودة" مليئة بالتشويق والإثارة، حيث شهدت الحلقة الأخيرة مواجهة حاسمة بين صابر المداح (حمادة هلال) والجن النمرود (أحمد خالد صالح)، الذي تمكن من هزيمته باستخدام سيف ورثه من جده في مشهد مرعب. أما رحاب (هبة مجدي)، فقد استعانت بالجن قزح وكتاب السحر الذي سرقته من صابر لتنفيذ أعمال سحرية.

النهاية شهدت أيضًا صراعًا دراميًا بين صابر المداح والجن قزح (فتحي عبد الوهاب)، حيث أوهم صابر قزح أنه استسلم له، مما دفع الأخير إلى طلب تقديم صابر لزوجته رحاب كقربان. لكن الصراع بلغ ذروته مع معركة بالسيف انتهت بحبس الجن قزح، ثم تعرض صابر لإصابة شديدة أدت إلى الإعلان عن وفاته. ومع ذلك، تكشفت المفاجأة في اللحظات الأخيرة حيث تبين أن صابر مازال على قيد الحياة، ولكن في صورة "جن علوي" أو "الجن الطيب"، وهو ما يؤكد استمرار الأحداث في الجزء الخامس.

الجزء الرابع من "المداح"

الجزء الرابع من "المداح" جمع مجموعة كبيرة من النجوم مثل حمادة هلال، فتحي عبد الوهاب، هبة مجدي، دنيا عبد العزيز، وغيرهم. من تأليف أمين جمال، وليد أبو المجد، وشريف يسري، وإخراج أحمد سمير فرج، واستطاع العمل أن يحافظ على تفاعل الجمهور مع تطوراته المثيرة.

حازم إيهاب يكشف لـ«الوفد» تحديات تجسيد شخصيته من "چان السينما إلي سائق التاكسي"

مقالات مشابهة

  • الشباب يتعادل مع الأخدود إيجابيا
  • اليمنيون يدينون تدنيس نظام ال سعود للمقدسات ويباركون انتصارات القوات المسلحة
  • الألماني فاغنر يتألق لماجيك ويسقط ليكرز لأول مرة على أرضه
  • تصفيات أمم أفريقيا تسجل حدثاً تاريخياً
  • إيلون ماسك المغربي يعلن تسويق سيارات الهيدروجين التي عرضها أمام الملك في الولايات المتحدة
  • اليوم.. انطلاق تصوير الجزء الخامس من «المداح» بعد نهاية مثيرة للجزء الرابع
  • فيديو.. مصرع فتاة بعد سقوط مروّع من سلم كهربائي
  • سلتيكس ينهي سلسلة انتصارات كافالييرز في دوري السلة
  • التقاء نهرين بلونين مختلفين دون امتزاج في الصين (فيديو)
  • الإمارات تفوز على قطر بخماسية نظيفة