في مقاله المنشور في صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" في الثالث من نوفمبر الجاري- والذي حمل عنوان: " فخر الدين ألطون: ظِلّ أردوغان يلعب دورًا عالميًا في نصرة حماس"- ختمَ الدبلوماسيّ السابق، رونين سهر، المقال قائلًا:

"من المُستحيل الإطاحة بأردوغان، لكن يجب إيقاف فخر الدين ألطون وفريقه في الحال!"

يتولّى ألطون رئاسة دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، ويشرف على هيئة الإذاعة والتليفزيون التركية TRT ووكالة الأناضول للأنباء، كما يُنظر إليه باعتباره المسؤول عن بناء التوجّه الإعلامي "الرسمي" لتركيا إزاء الأزمات الكبرى، كما هو الحال مع أزمة الحرب في غزة.

يقول رونين: إنّ تركيا انتهجت استراتيجيَّة في التعامل مع إسرائيلَ خلال هذه الأزمة تختلفُ عن الأزمات السابقة، حيث حافظت على العَلاقات الدبلوماسيّة، (فقط سحبت سفيرها في تل أبيب للتشاور)، ولم تلجأ إلى فرض أي عقوبات.

لكنها – والكلام لا يزال لرونين – لجأت إلى "شنّ حملة تشهير محلية ودولية لا هوادة فيها ضد إسرائيل من خلال وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي"، متهمًا ألطون بالوقوف خلف هذه الحملات المنسّقة، حيث يصفه بأنه أحد أهم المقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان.

الاستراتيجية الإعلامية التركية في مواجهة العدوان

في الساعات الأولى للعملية التي اندلعت في السابع من أكتوبر، قامَ صحفيون أتراك معارضون- يتمتّعون بمتابعات ضخمة على مواقع التواصل- بالترويج للرواية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلّق بقتل الأطفال واغتصاب النساء، قبل أن يتم استعادة الزمام مرة أخرى – خاصة مع تصاعد العدوان – حيث لعب الإعلام الرسمي دورًا مؤثرًا، من خلال شبكة الإذاعة والتليفزيون التركية TRT، ووكالة الأناضول، حيث نجحتا في نقل وقائع العدوان، باللغات: التركيّة والعربية والإنجليزية، إضافةً إلى المنصات الرقمية الناطقة بالألمانية والفرنسية والروسية والسواحلية الإفريقية.

ومن خلال رصد ومتابعة ما تبثّه قناة "TRT خبر"- وهي القناة الإخبارية الأولى في شبكة التليفزيون التركيّ، وتتمتّع بنسب مشاهدة عالية داخل تركيا – كان هناك ارتفاع واضح في نسبة بثّ المحتوى الفلسطيني، سواء على شاشتها أو حساباتها على مواقع التواصل، من خلال ما تنتجه القناة من موادّ وقصص إخبارية متنوّعة، كما عمدت إلى بثّ المحتوى العربي الموثق مترجمًا إلى التركية، سواء ما يخصّ الرسائل المصورة للمقاومة، وفي مقدمته كتائب القسّام، وبيانات المتحدث باسمها "أبوعبيدة"، أو المحتوى الإنسانيّ الذي يبرز معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة في المقام الأوّل، ثم الضفة الغربية.

الاستراتيجية الإعلامية التركية اعتمدت عددًا من الركائز أهمها: رفض وصم حركة حماس بـ "الإرهاب"، فهي حركة مقاومة مشروعة. التأكيد المستمر على حقّ الشعب الفلسطيني، في مقاومة الاحتلال، إلى حين قيام دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية. إ دانة العدوان الإسرائيلي، وعدم اعتماد أيّ خطاب إعلامي تبريري للمجازر التي يقوم بها. التأكيد على الحقوق التاريخية للمسلمين في المسجد الأقصى، وإبراز الانتهاكات التي يتعرّض لها.

كما أنّ الدعم الإعلامي للشعب الفلسطيني، لم يقتصر على الإعلام الرسميّ فقط، بل امتدّ إلى قنوات إخبارية مستقلة، تتمتع بحضور قوي بين الشعب التركيّ، مثل: "سي إن إن ترك"، و"خبر ترك"، حيث سارعتا إلى إرسال أفضل مراسليهما إلى القدس المحتلّة، ومنطقة غلاف غزة، كما خصصتا فترات إخبارية مفتوحة لتغطية الحرب.

"مركز مكافحة التضليل" وتفنيد الأكاذيب الإسرائيلية

تأسّس المركز في أغسطس 2022، ويتبع رئاسة دائرة الاتّصال بالرئاسة التركيّة، وكان الغرض من إنشائه دحض الأخبار المكذوبة التي تؤثّر على الأمن القومي التركي.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزّة وحتى الآن، يلعب المركز دورًا مهمًا في تفنيد الأكاذيب الإسرائيلية، الأمر الذي دفع رونين في مقاله المشار إليه آنفًا، إلى اتّهام المركز تحت قيادة ألطون بـ "إجراء عمليات نفسية ضد إسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي".

ومن خلال متابعة حساب المركز على منصة "إكس"، الذي يبثّ محتواه باللغتَين: التركية والإنجليزية، يتّضح الجهد الذي يقوم به لتفنيد الأكاذيب الصهيونية ومن أبرزها:

دحض الادعاءات الإسرائيلية بشأن قطع المقاومة الفلسطينية رؤوس أربعين طفلًا إسرائيليًا. الرد على إشاعة دعم تركيا إسرائيل بالخضراوات والفاكهة عقب عدوانها على غزة. تفنيد أكذوبة طلب تركيا من قادة حماس مغادرة أراضيها. دحض الرواية الإسرائيلية بشأن قصف المستشفى المعمداني، وإثبات أنّ طائرات جيش الاحتلال هي المسؤولة عن القصف. أمّا آخر ما فنّده المركز وقت كتابة هذه السطور، فكان الردّ على أوفير جندلمان، المتحدّث باسم رئيس الوزراء الإسرائيليّ، الذي ادّعى أنَّ الفلسطينيين يخدعون الرأي العام العالمي من خلال مشاهد مصنوعة للموت والدمار، لكن المركز دحض تلك المزاعم، مؤكدًا أن المشاهد التي بثّها جندلمان مأخوذة من فيلم "الحقيقة" للمخرج اللبناني محمود رمزي، والذي أعدّه لإلقاء الضوء على ما يحدث في فلسطين!!

وإلى غير ذلك من الأخبار المضللة التي تم التعامل معها، حيث يؤكد المركز أنَّ 74% من حسابات منصة "إكس" الموثقة نشرت أخبارًا مضللة بشأن الحرب، وأنه تمّ دحض وتصحيح عشرات الأخبار المكذوبة. كما أشار إلى أن مئات وسائل الإعلام المختلفة اعتمدت على ما ينشره المركز من تفنيد للأكاذيب الإسرائيلية.

ومن هنا فإن هذه السياسات الإعلامية التركية الداعمة، نجحت في تخطّي التدابير السياسيَّة والدبلوماسية – والتي لم ترُق لكثيرين حتى الآن- بمسافة كبيرة.

كما كانت من الأهمية بمكان خاصة للداخل التركي، للحيلولة دون فسح المجال لتمرير السرديات الإسرائيلية، خاصة ممن يملكون تأثيرًا في صناعة الرأي العام، أو من خلال وسائل الإعلام الغربية الناطقة باللغة التركية، مثل: "بي بي سي"، أو إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله".

 

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

"الزراعة" تستعرض نشاط المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف خلال شهر سبتمبر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تلقى الدكتور عادل عبد العظيم رئيس، تقريرا عن نشاط المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف خلال شهر سبتمبر، والذي له أهمية خاصة حيث يعكس حركة تداول العديد من مستلزمات الإنتاج الزراعي والحيواني بالسوق المصرية.

وقال الدكتور أحمد العكازي القائم بأعمال مدير المركز الإقليمي في تقريره، إن المركز استقبل عينات من ٨٤٥ شهادة جمركية وارد خلال شهر سبتمبر منها ٣٣٣ شهادة جمركية لأسمدة ومنظمات نمو و ٥١٢ شهادة إضافات أعلاف لأكثر من ٢٨٢٤ صنفا من مستلزمات الإنتاج المستوردة، وتم تحليلها لإثبات مطابقتها للمواصفات من عدمه وذلك بمعامل المركز المعتمدة والحاصلة على شهادة الجودة ايزو ١٧٠٢٥ . 

من جانب آخر اعتمدت اللجنة العليا للمركز الإقليمي ٤٦٢ شهادة تسجيل لمركبات سمادية و ٦٧٥ شهادة تسجيل لإضافات أعلاف وأعلاف مصنعة.

جدير بالذكر أنه لوحظ ارتفاع ملحوظ في عدد تسجيلات الأسمدة وإضافات الأعلاف محلية الصنع وزيادة في عدد تراخيص التشغيل لخطوط إنتاج جديدة وهو ما يؤكد رؤية وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق في أهمية توطين تلك الصناعات من جهة لتقليل فاتورة الاستيراد وزيادة فرص العمل ومن جهة أخرى لزيادة حجم وقيمة الصادرات وما يستلزم ذلك من تسهيل إجراءات التسجيل وسرعة انتهاء إجراءات الإفراج وإثبات المطابقة  للبضائع المستوردة وتقديم كل الدعم للمنتج عملا على تحقيق الأمن الغذائي للمواطن المصري . 

والمركز الإقليمي هو الجهة التي تقوم بالرقابة علي خامات وإضافات الاعلاف مع قطاع الإنتاج الحيواني وعلى الأسمدة والمخصبات ومنظمات النمو المستوردة مع معهد بحوث الأراضي والمياه وذلك من خلال أفرع المركز الموجودة بالموانئ والمطارات .

ويقدم المركز خدمات التحليل الكيماوي للجهات الخاصة والأفراد والباحثين حيث استقبل خلال شهر سبتمبر أكثر من ٥٠٠ طلب ( ٢٥٠٠ تحليل)  لعمل تحاليل متخصصة للأحماض الأمينية والفيتامينات  منظمات النمو والإنزيمات والعناصر المعدنية والالياف ومشتقاتها والبروتين والاضافات الغذائية والأحماض العضوية وغيرها .

مقالات مشابهة

  • البرلمان التركي يخطط لعقد جلسة مغلقة حول تطورات الشرق الأوسط
  • أحد أبطال نصر أكتوبر يكشف أكبر خطأ استراتيجي لإسرائيل خلال الحرب (فيديو)
  • ما هي المخاطر التي تنطوي عليها الخيارات الإسرائيلية بشأن الضربات الانتقامية على إيران؟
  • التيار الوطني الحر: لادانة الاعتداءات الإسرائيلية التي تتجاوز كل الحدود
  • "المرأة التي عطست".. إيدن التركية تنهار بعد 12 يوما وتنقل للمستشفى "فيديو"
  • محافظ البنك المركزي يستقبل سفير تركيا وممثلي فروع المصارف التركية في العراق
  • السفير التركي بالقاهرة: نود أن يكون لنا حضورا قويا بمهرجان الإسكندرية السينمائي
  • السفير التركي بالقاهرة: نود أن يكون حضورنا قوي بمهرجان الإسكندرية السينمائي 2025‏
  • خبير استراتيجي يكشف سرًا مثيرًا عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر 1973|فيديو
  • "الزراعة" تستعرض نشاط المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف خلال شهر سبتمبر