في أتون حرب غزّة.. كيف أسَّست تركيا استراتيجيّتها الإعلامية؟
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
في مقاله المنشور في صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" في الثالث من نوفمبر الجاري- والذي حمل عنوان: " فخر الدين ألطون: ظِلّ أردوغان يلعب دورًا عالميًا في نصرة حماس"- ختمَ الدبلوماسيّ السابق، رونين سهر، المقال قائلًا:
"من المُستحيل الإطاحة بأردوغان، لكن يجب إيقاف فخر الدين ألطون وفريقه في الحال!"
يتولّى ألطون رئاسة دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، ويشرف على هيئة الإذاعة والتليفزيون التركية TRT ووكالة الأناضول للأنباء، كما يُنظر إليه باعتباره المسؤول عن بناء التوجّه الإعلامي "الرسمي" لتركيا إزاء الأزمات الكبرى، كما هو الحال مع أزمة الحرب في غزة.
يقول رونين: إنّ تركيا انتهجت استراتيجيَّة في التعامل مع إسرائيلَ خلال هذه الأزمة تختلفُ عن الأزمات السابقة، حيث حافظت على العَلاقات الدبلوماسيّة، (فقط سحبت سفيرها في تل أبيب للتشاور)، ولم تلجأ إلى فرض أي عقوبات.
لكنها – والكلام لا يزال لرونين – لجأت إلى "شنّ حملة تشهير محلية ودولية لا هوادة فيها ضد إسرائيل من خلال وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي"، متهمًا ألطون بالوقوف خلف هذه الحملات المنسّقة، حيث يصفه بأنه أحد أهم المقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان.
الاستراتيجية الإعلامية التركية في مواجهة العدوانفي الساعات الأولى للعملية التي اندلعت في السابع من أكتوبر، قامَ صحفيون أتراك معارضون- يتمتّعون بمتابعات ضخمة على مواقع التواصل- بالترويج للرواية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلّق بقتل الأطفال واغتصاب النساء، قبل أن يتم استعادة الزمام مرة أخرى – خاصة مع تصاعد العدوان – حيث لعب الإعلام الرسمي دورًا مؤثرًا، من خلال شبكة الإذاعة والتليفزيون التركية TRT، ووكالة الأناضول، حيث نجحتا في نقل وقائع العدوان، باللغات: التركيّة والعربية والإنجليزية، إضافةً إلى المنصات الرقمية الناطقة بالألمانية والفرنسية والروسية والسواحلية الإفريقية.
ومن خلال رصد ومتابعة ما تبثّه قناة "TRT خبر"- وهي القناة الإخبارية الأولى في شبكة التليفزيون التركيّ، وتتمتّع بنسب مشاهدة عالية داخل تركيا – كان هناك ارتفاع واضح في نسبة بثّ المحتوى الفلسطيني، سواء على شاشتها أو حساباتها على مواقع التواصل، من خلال ما تنتجه القناة من موادّ وقصص إخبارية متنوّعة، كما عمدت إلى بثّ المحتوى العربي الموثق مترجمًا إلى التركية، سواء ما يخصّ الرسائل المصورة للمقاومة، وفي مقدمته كتائب القسّام، وبيانات المتحدث باسمها "أبوعبيدة"، أو المحتوى الإنسانيّ الذي يبرز معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة في المقام الأوّل، ثم الضفة الغربية.
الاستراتيجية الإعلامية التركية اعتمدت عددًا من الركائز أهمها: رفض وصم حركة حماس بـ "الإرهاب"، فهي حركة مقاومة مشروعة. التأكيد المستمر على حقّ الشعب الفلسطيني، في مقاومة الاحتلال، إلى حين قيام دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية. إ دانة العدوان الإسرائيلي، وعدم اعتماد أيّ خطاب إعلامي تبريري للمجازر التي يقوم بها. التأكيد على الحقوق التاريخية للمسلمين في المسجد الأقصى، وإبراز الانتهاكات التي يتعرّض لها.كما أنّ الدعم الإعلامي للشعب الفلسطيني، لم يقتصر على الإعلام الرسميّ فقط، بل امتدّ إلى قنوات إخبارية مستقلة، تتمتع بحضور قوي بين الشعب التركيّ، مثل: "سي إن إن ترك"، و"خبر ترك"، حيث سارعتا إلى إرسال أفضل مراسليهما إلى القدس المحتلّة، ومنطقة غلاف غزة، كما خصصتا فترات إخبارية مفتوحة لتغطية الحرب.
"مركز مكافحة التضليل" وتفنيد الأكاذيب الإسرائيليةتأسّس المركز في أغسطس 2022، ويتبع رئاسة دائرة الاتّصال بالرئاسة التركيّة، وكان الغرض من إنشائه دحض الأخبار المكذوبة التي تؤثّر على الأمن القومي التركي.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزّة وحتى الآن، يلعب المركز دورًا مهمًا في تفنيد الأكاذيب الإسرائيلية، الأمر الذي دفع رونين في مقاله المشار إليه آنفًا، إلى اتّهام المركز تحت قيادة ألطون بـ "إجراء عمليات نفسية ضد إسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي".
ومن خلال متابعة حساب المركز على منصة "إكس"، الذي يبثّ محتواه باللغتَين: التركية والإنجليزية، يتّضح الجهد الذي يقوم به لتفنيد الأكاذيب الصهيونية ومن أبرزها:
دحض الادعاءات الإسرائيلية بشأن قطع المقاومة الفلسطينية رؤوس أربعين طفلًا إسرائيليًا. الرد على إشاعة دعم تركيا إسرائيل بالخضراوات والفاكهة عقب عدوانها على غزة. تفنيد أكذوبة طلب تركيا من قادة حماس مغادرة أراضيها. دحض الرواية الإسرائيلية بشأن قصف المستشفى المعمداني، وإثبات أنّ طائرات جيش الاحتلال هي المسؤولة عن القصف. أمّا آخر ما فنّده المركز وقت كتابة هذه السطور، فكان الردّ على أوفير جندلمان، المتحدّث باسم رئيس الوزراء الإسرائيليّ، الذي ادّعى أنَّ الفلسطينيين يخدعون الرأي العام العالمي من خلال مشاهد مصنوعة للموت والدمار، لكن المركز دحض تلك المزاعم، مؤكدًا أن المشاهد التي بثّها جندلمان مأخوذة من فيلم "الحقيقة" للمخرج اللبناني محمود رمزي، والذي أعدّه لإلقاء الضوء على ما يحدث في فلسطين!!
وإلى غير ذلك من الأخبار المضللة التي تم التعامل معها، حيث يؤكد المركز أنَّ 74% من حسابات منصة "إكس" الموثقة نشرت أخبارًا مضللة بشأن الحرب، وأنه تمّ دحض وتصحيح عشرات الأخبار المكذوبة. كما أشار إلى أن مئات وسائل الإعلام المختلفة اعتمدت على ما ينشره المركز من تفنيد للأكاذيب الإسرائيلية.
ومن هنا فإن هذه السياسات الإعلامية التركية الداعمة، نجحت في تخطّي التدابير السياسيَّة والدبلوماسية – والتي لم ترُق لكثيرين حتى الآن- بمسافة كبيرة.
كما كانت من الأهمية بمكان خاصة للداخل التركي، للحيلولة دون فسح المجال لتمرير السرديات الإسرائيلية، خاصة ممن يملكون تأثيرًا في صناعة الرأي العام، أو من خلال وسائل الإعلام الغربية الناطقة باللغة التركية، مثل: "بي بي سي"، أو إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله".
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
لجنة البنوك السعودية الإعلامية تحذر من منتحلي المؤسسات الخيرية وأسماء الشخصيات الاعتبارية
المناطق_واس
حذرت لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بـ “البنوك السعودية” من حالات الاحتيال التي تتم عبر انتحال صفة مؤسسات خيرية أو أسماء شخصيات عامة أو اعتبارية يدّعون تقديم مساعدات مالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويستغل هؤلاء المحتالون الضحايا بإيهامهم أنهم يمثلون جهات رسمية، من خلال استخدام مستندات وأختامًا وهمية لإقناعهم بدفع رسوم مالية للحصول على المساعدات.
وأكدت اللجنة أن الجهات الرسمية لا تعلن ولا تبحث عن مستفيدين للتبرعات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو برامج المحادثة الفورية.
وأوضحت اللجنة أن المحتالين يبحثون عن كل الطرق التي تجذب الناس وذلك بإيهام الضحايا باستحقاقهم للتبرع أو الدعم من هذه المؤسسات الخيرية المعروفة التي يدعون بأنهم مسؤولين فيها أو من خلال استغلال أسماء شخصيات اعتبارية تقدم الدعم والمساعدات وأنه يلزم على الشخص تسديد بعض الرسوم وذلك بتحويل مبالغ مالية أو دفع رسوم من خلال روابط لكي يتم إكمال باقي الإجراءات للحصول على الدعم والمساعدة.
وبينت رئيس دائرة مكافحة الاحتيال في البنك العربي الوطني ريما القحطاني، أنه لا توجد أي جهة رسمية تطلب رسومًا أو إضافة مستفيد أو إضافة فاتورة أو سداد مبالغ مقابل الحصول على تبرعات.
بدورها أوضحت الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية رابعة الشميسي، أن اللجنة الإعلامية تشدد على ضرورة عدم التجاوب مع أي جهة تشترط مبالغًا أو رسومًا للحصول على تبرع أوخدمة معينة، مشيرةً إلى زيادة حالات الاحتيال بهذه الطريقة التي لاحظتها اللجنة، وتنصح دائمًا بعدم تحويل أي مبالغ لجهات تشترط ذلك، و لتسديد أي فواتير أو رسوم خدمات بشكل رسمي بالإمكان الاستفادة من نظام “سداد” المتوفر لدى جميع تطبيقات البنوك والمصارف السعودية وهو نظام آمن لجميع المدفوعات وفي حال وقوع أي حادثة احتيال يجب الإبلاغ فورًا البنك لاتخاذ الإجراءات الضرورية لاسترداد المبالغ.
وتأتي هذه التحذيرات ضمن جهود البنوك السعودية للتوعية ضد الاحتيال المالي من خلال حملات توعوية وطنية وضرورة أخذ الحيطة والحذر من استغلال المحتالين لهذه المؤسسات الخيرية والشخصيات الاعتبارية.
وتعد هذه الجهود جزءًا من الحملات التي تنفذها البنوك السعودية لمكافحة الاحتيال المالي وزيادة الوعي بين العملاء، من خلال تقديم المعلومات والمهارات التي تسهم في رفع الوعي ضد المحتالين بالإضافة إلى الجهود المستمرة في إطار برامجها ومبادراتها لتعزيز الوعي المالي والتثقيف ضد الاحتيال المالي.