"على بايدن أن يقلق بشأن الدور الأكبر الذي تلعبه أمريكا في العالم، ويدرك أن ما سيأتي في غزة قد يؤدي إلى تقويض شرعية واشنطن"، بهذه الكلمات الحاسمة يطالب الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية ديفيد سي. هندريكسون الإدارة الأمريكية بالعمل على كبح الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة بأسرع وقت، رغم أنه لا يبدي تفاؤلا حيال الأمر، بسبب وجود بنيامين نتنياهو على رأس السلطة في دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويقول هندريكسون، في مقال نشره موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت"، وترجمه "الخليج الجديد"، إن إسرائيل تبدو مصممة على استكمال الحرب على غزة لسحق المقاومة الفلسطينية "من منظور توراتي"، مردفا: "ليس هناك أي سبب على الإطلاق يدعو الولايات المتحدة إلى تبني هذه الأهداف".

اقرأ أيضاً

غضب دبلوماسي وتراجع شعبية بايدن.. ذا إيكونوميست: هل تنزع أمريكا قابس الحرب على غزة؟

غزة ليست هيروشيما

ويضيف أنه من العجيب أن أنصار الحرب الشاملة ضد "حماس" وغزة يستحضرون دريسدن، وهيروشيما، وغير ذلك من الفظائع لتبرير مسارهم، متجاهلين أن ألمانيا واليابان لم تجد من يبكي عليهما بعد الحرب، في حين أن الفلسطينيين لديهم 1.8 مليار مسلم يبكون عليهم اليوم.

ويقارن الكاتب بين الدعم الأمريكي لأوكرانيا ضد روسيا، ولإسرائيل ضد غزة، حيث يعتبر أن طريقة دعم واشنطن لكلا الطرفين اتضح أنها لم تكن ناجحة، فلا أوكرانيا استطاعت أن تربح الحرب ضد روسيا، ويبدو أن إسرائيل تصر على الدخول في متاهة بغزة، متجاهلة التكلفة البشرية الهائلة التي يدفعها الفلسطينيون هناك.

ويرى هندريكسون أن هناك صحوة كبيرة داخل الإدارة الأمريكية بدأت تتشكل خلال الأسابيع القليلة الماضية مفادها أن أياً من المسارين غير مستدام.

فجوهر التقارير الأخيرة داخل البيت الأبيض هو كما يلي: "الأوكرانيون يخسرون الحرب وعليهم أن يعترفوا بهذه الحقيقة، الآن أفضل من آجلاً، والإسرائيليون يتصرفون بطريقة همجية ويجب كبح جماحهم، وإلا ستدمر سمعتنا في العالم".

اقرأ أيضاً

أكثر من ألف مسؤول في وكالة أمريكية يدعون بايدن لوقف إطلاق النار في غزة

مأزق أمريكا أكبر بسبب غزة

ويقول الكاتب إن المأزق الذي صنعته إسرائيل أكثر حدة مما فعلته أوكرانيا في حربها، فبحسب تقارير واسعة النطاق، يعتقد بايدن ومستشاروه أن إسرائيل تنفذ مشروعاً مجنوناً في غزة.

وهم يرون أن الولايات المتحدة - بعد أن أعطت إسرائيل الضوء الأخضر، والشيك على بياض، وأطناناً من القنابل - ستتحمل المسؤولية المباشرة عن العواقب الإنسانية الفظيعة.

وهم لا يعتقدون أن إسرائيل قد حددت نهاية متماسكة.

إنهم يخشون أنهم يترأسون فظاعة أخلاقية. إنهم يرون انهيارًا حادًا في الدعم من الآخرين، كما يقول الكاتب.

وخلال الشهر الماضي، حذر بايدن الإسرائيليين من التصرف بدافع الغضب والانتقام رداً على أحداث 7 أكتوبر، ونصح بعدم القيام بغزو بري لغزة، وأصر على أن إسرائيل تسعى إلى تجنب مقتل المدنيين قدر الإمكان، وطالبها باستخدام قنابل أصغر، كما يقول مستشارو بايدن العسكريون.

وقالت إدارته للإسرائيليين إن تآكل الدعم "سيكون له عواقب استراتيجية وخيمة على عمليات قوات الدفاع الإسرائيلية ضد حماس".

وفي نهاية الأسبوع الماضي، ذهب وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاملاً معه هذه الأفكار وطلب "هدنة إنسانية", لكن رد "بيبي": "لن يحدث ذلك".

اقرأ أيضاً

تحليل: العدوان الإسرائيلي على غزة يغير الديناميكيات السياسية في الشرق الأوسط وأمريكا

تعليق الشحنات العسكرية

ويسوق الكاتب فكرة، رغم اعترافه بعدم واقعيتها، وهي إمكانية تهديد واشنطن بتعليق شحنات الأسلحة والدعم العسكري لإسرائيل من أجل إجبارها على وقف الحرب.

لكن تحدي إسرائيل هو أمر لم يفعله أي رئيس منذ جورج بوش الأب، الذي أبدى استعدادا سابقا للقيام بذلك.

وبشكل عام، كان النهج الأمريكي على مدى السنوات الثلاثين الماضية، كما هو الحال الآن، يتلخص في العبارة التالية: "هذا من أجل مصلحتك حقا، لكننا لن نجرؤ على مطالبتك بذلك"، على حد قول الكاتب.

ترهيب اللوبي الصهيوني

ويدلل الكاتب على الإرهاب الذي يمارسه اللوبي الصهيوني، قائلا إنه ورغم أن 66% من الأمريكيين يؤيدون حاليا وقفا لإطلاق النار، وفقاً لأحد استطلاعات الرأي، لكن أقل من 5% من أعضاء مجلس النواب يريدون ذلك، وهذا هو ما يهم نتنياهو، حيث إن اللوبي الصهيوني، وبالتحديد "أيباك" مشغول الآن بإعلانات هجومية ضد عدد قليل من أعضاء الكونجرس الشجعان الذين انتقدوا إسرائيل ودعوا إلى وقف إطلاق النار.

ويخلص الكاتب إلى أن بايدن أمامه خيارين هنا، الأول هو أن يصبح صارماً مع الإسرائيليين، أما الثاني فأن يتماشى مع ما يخشى أن يكون كارثة هائلة.

اقرأ أيضاً

عباس: مستعدون لتسلم السلطة في غزة ضمن حل سياسي شامل

سوابق ناجحة لضغط أمريكا على إسرائيل

ويتحدث الكاتب عن سوابق لمواقف حاسمة أمريكية من إسرائيل، مثل موقف الرئيس الأمريكي الأسبق آيزنهاور من العدوان الثلاثي الذي شنته إسرائيل، بصحبة فرنسا وبريطانيا على مصر عام 1965، عندما أوقف الحرب ورفض دعمها، وكذلك موقف جورج بوش الأب بشأن ضمانات القروض لإسرائيل عام 1991.

لكن المثال الأكثر صدى هو عام 1982، عندما طلب رونالد ريجان من رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن وقف القصف الإسرائيلي لبيروت، بعد أن تحول إلى محرقة للمدنيين قتلت أمثر من 20 ألف شخص في شهرين، لكن ريجان نفسه استغرب من استجابة بيجن له، وقال لمساعديه: "لم أكن أعلم أن لدي هذا النوع من السلطة".

المصدر | ديفيد سي. هندريكسون / ريسبونسبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العلاقات الأمريكية الإسرائيلية غزة حماس بايدن نتنياهو محرقة أن إسرائیل اقرأ أیضا على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

كاتب إسرائيلي: الحكومة تضحي بالمختطفين في غزة من أجل بقائها السياسي

لم يعد سرا أن حكومة اليمين الفاشي في "تل أبيب"، لا تعتبر إعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة هو هدفها الحقيقي، بل إن استمرار جريمة الإبادة هي الهدف الأسمى بنظرها، ويلجأ وزراؤها المتطرفون لاستخدام مصطلحات ومفردات عامة، ويذكرون الأسرى عرضا، لكن أفواههم وقلوبهم ليست متساوية. وعلى طاولات البحث الجدي، تحدثوا عن ضرورة إعادة المخطوفين، وفي الوقت نفسه تحدثوا عن ضرورة استمرار الحرب.  

موشيه نيستلباوم الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "معاريف" العبرية، أكد أنه منذ بدء العدوان على غزة يوم السابع من أكتوبر "بدا واضحا أن الحكومة لم يعد أمامها سوى مهمة واحدة وهي البقاء السياسي، أما استعادة المختطفين فهي أداة لتحقيق تلك المهمة، ومستوطنو الجنوب منسيّون، والجنود الذين يسقطون ويصابون في غزة هم الثمن الذي يدفعه جميع الإسرائيليين في هذه الحرب المستمرة".  


وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير، لا يترددان في الاعتراف، وليس للمرة الأولى، بأن إعادة المختطفين ليست الهدف الأكثر أهمية، وهذا الخطاب الذي يقودانه ليس جديدًا، بل يعلنون في كل منصة سنواصل حتى النصر، و أن القوة فقط ستجلب الهدو"، كما يزعمون، وكأن عاماً ونصفاً من القتال الدامي لم يمرّ، وقُتل فيه مئات الجنود، وشُرد عشرات الآلاف من المستوطنين من منازلهم، ولا يزال المختطفون في أقبية حماس".
 
وأوضح أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق أن بن غفير وسموتريتش توقفا منذ فترة طويلة عن الاعتقاد بأن المختطفين سيعودون، لأنهم يدركون جيداً خطورة القصف اليومي على رفح وخان يونس، والتوغل البري الواسع النطاق في غزة، وأنه قد يؤدي لمقتل المختطفين، ومع ذلك يواصلون الضغط من أجل المزيد من القتال، لماذا، لأن وقف الحرب سيؤدي لإنهاء ولاية الحكومة الحالية، التي تعتبر الأكسجين بالنسبة لهم". 

وأشار إلى أن "وزراء الحكومة لو شعروا حقاً بآلام ذوي المختطفين لتصرفوا بشكل مختلف، حيث لا يطلبون تعاطفا فارغا من خلال الأقوال، بل يطالبون بالتوصل لاتفاق تبادل، حتى لو كان صعبا، وتطلب إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، لكن الضغوط المتواصلة التي يمارسها بن غفير وسموتريتش على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على وجه التحديد تمنعه من اتخاذ القرارات الصعبة التي قد تنقذ الرهائن، ورغم أن تاريخه غني بالمناورات السياسية، لكنه ظهر "دمية" في يدهما". 

وأوضح أن "إعلان نتنياهو عن عدم وجود نية لديه لوقف القتال، حتى لو أدى ذلك لفشل المفاوضات لإعادة الرهائن، نتيجة مباشرة للخوف من انهيار التحالف الحكومي، مع أنه أثناء الحرب من الطبيعي أن يكون اتخاذ القرار صعباً، وأن يتعارض القلب والعقل". 

وختم بالقول إن "الوضع في دولة الاحتلال في 2025 ليس مجرد مسألة حرب، لأن بن غفير وسموتريتش يفضلان استمرار القتال على إعادة الرهائن، وهذا بالنسبة لهما اختيار واعي، وقد حكم التاريخ على قادة لم يعرفوا كيف يتوقفون في الوقت المناسب، ولم يجرؤوا على الاستماع لقلوبهم خوفًا من أن يُنظر إليهم على أنهم ضعفاء، وهنا يتعين على نتنياهو وبن غفير وسموتريتش أن يشرحوا ليس فقط لماذا لم يعود المختطفون، بل ولماذا لم يحاولوا حقا إعادتهم، ولماذا اختاروا الحرب الأبدية بدلاً من الأمل بإعادتهم". 


من جهته، أكد المستشرق الإسرائيلي بنحاس عنبري، أنه "بالنظر إلى اعتبارات نتنياهو، فإنه سيتم التضحية بالمختطفين على مذبح تجديد المستوطنات، وهو الوعد الذي قدمه لشريكيه سموتريتش وبن غفير، وهما يذكرانه به طوال الوقت، رغم أنه يعلم أن الرئيس دونالد ترامب لن يسمح له بتخريب استراتيجيته الإقليمية، إن لم تكن العالمية". 

وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل" العبري، وترجمته "عربي21"، أن "نتنياهو حينها لن يكون أمامه سوى تغيير موقفه في وقت لاحق، والاعتذار لشركائه اليمينيين، والتذرّع لهم بأنه لم يكن لديه خيار آخر، وقد فعل كل شيء للوفاء بوعوده، ولكن ماذا يفعل، من المستحيل الخلاف مع ترامب". 

مقالات مشابهة

  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولين بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولون بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولون بحماية ترامب.. فقط من يؤيد من إسرائيل
  • مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تريد إلحاق أكبر قدر من الدمار بقطاع غزة
  • كاتب إسرائيلي: غزة تحولت إلى فيتنام والجيش يغرق بحرب العصابات
  • سوليفان يكشف تجاهل نتنياهو مسألة الأسرى الإسرائيليين لأشهر خلال مفاوضات عهد بايدن
  • الصين تتهم أمريكا بتكثيف دعمها لطموحات تايوان الانفصالية
  • قطر تجدد دعمها الثابت للشعب السوري
  • كاتب إسرائيلي: الحكومة تضحي بالمختطفين في غزة من أجل بقائها السياسي
  • إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟