فيلم سيسو.. النسخة العجوز من أفلام جون ويك بلمسة كوينتن تارانتينو
تاريخ النشر: 5th, July 2023 GMT
يفتتح فيلم "الشجاعة" (Sisu) بشرح معنى الكلمة الفنلندية (اسم الفيلم) التي يكاد لا يوجد لها مقابل، والتي يمكن ترجمتها إلى العربية كالتالي: "قوة الإرادة والتصميم والمثابرة والتصرّف بعقلانية في مواجهة الشدائد. السيسو ليست شجاعة مؤقّتة، ولكنها القدرة على الحفاظ على تلك الشجاعة".
من هذه الكلمة ذات الحروف الأربعة ندلف إلى الفيلم الذي يتحدث خلال أكثر من 90 دقيقة عن معنى الشجاعة المطلقة، شجاعة الشخص الذي خسر كل شيء ما عدا حياته، لذلك لا يخشى أخذ القتال والعنف إلى حدودهما القصوى.
الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها، وتحصل فنلندا على أوامر من الحلفاء بطرد الجيش النازي منها، ولكن هذه الفصائل الباقية لا تخرج من البلاد من دون خيط جديد من الدم يتبع خطاها، فيواجهون عقبة تفسد عليهم هذا الخروج العنيف، وتجعلهم يلاقون مصيرا لم يتخيلوه.
ذلك هو ملخص حبكة فيلم "الشجاعة" (Sisu) الفنلندي الذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان تورنتو السينمائي، ثم عالميا، محققا نجاحا تجاريا ونقديا، ما أحيا لدى مخرجه (غالماري هيلاندير) أملا بأن يعيد تقديم التجربة في جزء ثانٍ.
يفتتح الفيلم في فنلندا، ويعرفنا على بطله أتامي كوربي، محارب سابق، نعرف من خلال الأحداث أنه فقد كل أسرته بسبب الحرب، ويمضي أيامه في بحث يائس عن الذهب وحيدا. وبشكل مفاجئ، يجد عرقا من المعدن النادر كفيلا بتغيير حياة قرية وليس فقط حياته، فيكسره ويضعه في حقائبه القماشية المهترئة، ويتجه إلى المدينة مستعدا لدخول عالم الأثرياء.
تتقاطع رحلة أتامي مع خروج سرية من الجيش النازي، دبابة وعربات حربية عدة، وجنود يعلو وجوههم اليأس ومجموعة من النساء الفنلنديات تم أخذهن كسبايا، يتعرضن للاعتداءات بشكل مستمر.
يبدو منظر الرجل العجوز مستفزا لتنمر الشباب الألمان، فيقرّرون قتله على سبيل التسلية، ومن هنا تبدأ الحكاية الحقيقية.
أتامي، الرجل العجوز، الذي يبدو مسكينا، مكلوما، مقطّع الثياب، يتحوّل فجأة إلى آلة قتل عنيفة للغاية، شيطان قادر على الهرب من الموت بمعجزة تلو الأخرى. يُخرج القائد النازي عن طوره، يقاتله حتى بالدبابة، ولكن كل الأسلحة الثقيلة لا تعني شيئا لرجل يائس.
وعلى مدار 91 دقيقة، نشاهد هذه المطاردة المحمومة بين جنود النازي والعجوز أتامي، فالفيلم الذي التزم بالقواعد الأرسطية الثلاث، وحدة الزمان والمكان والموضوع، وضع المشاهد في قلب المعركة مباشرة بعد تمهيد قصير، وما على المشاهد سوى اللهاث وهو لا يتخيل كم العنف الذي يمكن أن يقوم به بشري للانتقام من شخص أذل كبرياءه، فيبدو الأمر في النهاية كرجل بمدفع ذري يطارد ذبابة، ويدمر كل من حوله من أجل هذا المطلب المستحيل.
"أكشن" على طريقة تارنتينوفي مسيرته التي لم تتجاوز 9 أفلام، ترك المخرج الأميركي كوينتين تارنتينو علامة بارزة في فن السينما، خصوصا أفلام "الأكشن"، وتحديدا طريقة تصوير المشاهد الدموية. بالطبع، هو لم يكتب نقطة بداية تصوير هذه المشاهد بالصورة التي نراها الآن، فالفضل في ذلك يرجع إلى فيلم "بوني وكلايد" (Bonnie and Clyde) الذي أنتج في 1967، الذي شاهد فيه الجمهور للمرة الأولى القتل العنيف بصورة مقرّبة، وشعروا بالدماء الحقيقية تتناثر حولهم في دور العرض.
ولكن لمسة تارنتينو تمثلت في خفة الظل التي تصاحب أشد اللقطات عنفا، دم يتطاير، وأعضاء بشرية تُنتزع من الأجساد في منتهى العنف، ولكن في الوقت ذاته لا يستطيع المشاهد أن يحيد ببصره لثانية واحدة، بل يستمتع ويضحك أيضا.
من الوهلة الأولى، نلاحظ التشابه بين فيلم "الشجاعة" أو "سيسو" وأفلام تارنتينو، بداية من تقسيمه إلى فصول لكل منها عنوان، وحتى استخدام لون ونوع الخط المكتوبة بها هذه العناوين. ولكن النقطة الأهم تكمن في مشاهد "الأكشن" الدموية والمثيرة.
كما أنه لا يمكن عدم ملاحظة تأثر مخرج الفيلم بأفلام "الويسترن" أو الغرب الأميركي، خصوصا الـ"سباغيتي ويسترن" (Spaghetti Western) التي قدمها المخرج الإيطالي الرائد سيرجيو ليوني.
في بعض المشاهد يمكن الخلط بسهولة بين بطل الفيلم أتامي والممثل الكبير كلينت إيستوود عندما كانت الصحراء حليفته في حربه ضد الأشرار في أفلام مثل "الطيب والشرس والقبيح" (The Good, the Bad and the Ugly) و"من أجل حفنة دولارات" (For a Few Dollars).
لدينا هنا رجل وحيد أمام كتيبة جنود ودبابة، ولكن الفيلم يدفعنا إلى تصديق أنه أسطورة، فيتصاعد الأمل بقدرته على هزيمتهم جميعا، بل والتنكيل بهم!
على الجانب الآخر، العدو هو مجموعة من الجنود النازيين الذين يتسلون بتخريب المدن، وقتل المدنيين والعزل، والاعتداء الجنسي على نساء البلد. هؤلاء مثال لكل ما يرغب المشاهد في القضاء عليه بعنف، وبالتالي يتماهى مع أتامي الذي يكسر كل قواعد المنطق وينجو من الموت المحتّم، مثل الشنق.
ويقع كل هذا العنف على خلفية من الطبيعة الفنلندية. الفيلم من تصوير كغيل لاغيرروس الذي استغل نور الشمس الطبيعي، وكل حبة رمل وجبل وبحيرة في منطقة التصوير لإبراز هذا التضاد الواضح، بين جمال خلق الله، ووحشية الإنسان.
حقق فيلم "شجاعة/ سيسو" معدل 94% على موقع "روتن توماتوز" (Rotten Tomatoes) من النقاد. ومع قدرته على تغطية ضعف موازنته، أصبحت هناك الكثير من الإشارات الدالة على عودته مرة أخرى بجزء ثانٍ، لنرى النسخة العجوز من جون ويك المنتقم مرة أخرى.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
جنرال إسرائيلي: حرب غزة كانت الأكثر ضرورة في تاريخ إسرائيل ولكن..!
حذر الجنرال الإسرائيلي المتقاعد يسرائيل زيف، اليوم الأحد 6 أبريل 2025، من استمرار الحرب على غزة ، ووصفها بأن "كانت الأكثر ضرورة في تاريخ إسرائيل بدايتها" وتحولت إلى "حرب سياسية مفروضة (على إسرائيل) وعديمة الجدوى. إنها حرب عادلة تحولت إلى حرب خادعة".
وأشار زيف، في مقاله المنشور في موقع القناة 12 الإلكتروني، إلى أقوال المتحدث الجديد باسم الجيش الإسرائيل بأن عودة الأسرى الإسرائيليين في غزة ستوقف الحرب، ليس واضحا منها إذا كانت موجهة إلى حماس أو إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو .
إقرأ أيضاً: نسف مزاعم الجيش - هذا ما جري عقب انتشار فيديو "مذبحة المسعفين في رفح"
إلا أنه أضاف أن من الجائز أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، "قد أدرك أنه سيتحول إلى "رئيس أركان صالح للاستعمال" في حرب نتنياهو اللانهائية، وأن احتمالات إعادة المواطنين وجنوده إلى الديار بعملية عسكرية فقط، ضئيلة".
وشدد زيف على أن "إعادة المخطوفين تستوجب قرارا يتخذه نتنياهو حول وقف الحرب، وطالما أنه يريد استمرارها فإن صفقة مخطوفين ستفشل. وبعد إقالة (رئيس الشاباك) رونين بار، سيضطر زامير كرئيس للأركان إلى الخروج من الضبابية وإعطاء أجوبة إلى عناصر قوات الاحتياط وعائلات ثكلى وللجمهور كله حول الهدف من (استمرار) الحرب. وعندما يفسر ذلك، نتنياهو لن يكون إلى جانبه، وعلى الأرجح أيضا أن يتهمه نتنياهو بأنه فشل، مثلما اتهم زملاءه" في إشارة إلى بار ورئيس أركان الجيش السابق، هيرتسي هليفي، وضباط كبار آخرين.
إقرأ أيضاً: قمة فرنسية - مصرية - أردنية بشأن غزة في القاهرة
وأضاف زيف أن "إستراتيجية واحدة ووحيدة توجه نتنياهو وهي حرب غير محدودة. وهذه الحرب مفيدة جدا لنتنياهو. فهي تساعده على تأجيل شهادته (في محاكمته)، وتجعل قاعدته الانتخابية تتمسك به أملا بالانتصار الذي يبتعد، وتسمح له بإقالة حراس العتبة، وتوفر له رافعة مقابل ترامب. والثمن؟ ليس مهما. أي أنه لا توجد أي مشكلة في أن آخرين يدفعون الثمن، وهم المخطوفون والجنود والوضع الاقتصادي وتدهور علاقات إسرائيل الدولية".
وحذر زيف من احتلال إسرائيل لأراض سورية، بعد سقوط نظام الأسد، ووصفه بأنه "خال من أي إستراتيجية أمنية، باستثناء التهديدات المملة التي يطلقها (وزير الأمن يسرائيل) كاتس. وهذا ينطبق على جميع الجبهات".
وأضاف أن "احتلال حزام أمني يتعمق وغير ضروري داخل سورية سيؤدي عاجلا أم آجلا إلى تزايد المقاومة السورية ضد الجيش الإسرائيلي. وكلما ساء الوضع هناك أكثر، سيكون أسهل المبادرة لحرب ضد إسرائيل، وبالأساس عندما تشجع تركيا ذلك".
ولفت إلى أن "إسرائيل لا تحاول إنشاء تسويات سياسية تسمح لها بالعودة إلى خط الحدود. وهي مغرمة سياسيا بفكرة السيطرة على مناطق وأراض. والأمور واضحة في نهاية الأمر، فكلما تتصاعد الهجمات والإرهاب ويستهدفون جنودنا، ستضطر إسرائيل إلى الانسحاب من هذه المناطق، وعندها سترغب الشهية السورية التي ستخرج إسرائيل من هناك إلى إخراجها من الأجزاء الأخرى للجولان" المحتل عام 1967.
وأشار زيف في هذا السياق إلى أن "إسرائيل هي التي تسببت بإقامة حزب الله أثناء تواجدها في لبنان، وهي أيضا التي ستقيم التنظيم القادم الذي سيحارب ضدنا في سورية بسبب تواجدنا غير الضروري، وبلا هدف وبلا فائدة أمنية، في أراض ليست لنا".
وأضاف أن "ترامب متعطش لإنجازات فورية، ولا توجد إنجازات كهذه في هذه الأثناء. ليس في أوكرانيا، ولا يوجد حل في غزة، ولا عودة مخطوفين، كما أن الإيرانيين يرفضون حاليا ضغوطه. وعدا عن زلزلة الأسواق، الذي ثمة شك كبير إذا كان سيجعل أميركا عظيمة وثرية ثانية، فإن إستراتيجية استلال التصريحات لا تبدو واعدة، حتى الآن".
واعتبر زيف أن على ترامب أن يحقق إنجازا خلال زيارته الهامة للغاية للسعودية، الشهر المقبل، وهذا الإنجاز سيكون إما بمنع تقدم البرنامج النووي الإيراني أو إنهاء الحرب على غزة. "وبسبب تعلق نتنياهو المطلق بترامب، فإنه نتنياهو سيكون الأسهل، ولذلك يتوقع في الأسبوعين المقبلين أن تكون هناك دفع أميركي لتسوية إنهاء الحرب في غزة. ونتنياهو يفضل بالطبع هجوما إسرائيليا في إيران كي يؤجل الحل في غزة، لكن الإيرانيين أكثر قدرة على الصمود، وفي جميع الأحوال السعودية لن تنفذ اتفاقيات بدون إنهاء الحرب في غزة وبدون دولة فلسطينية".
المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية إسرائيل تحتجز نائبتين بريطانيتين وتمنعهما من الدخول التشيك تعتزم نقل سفارتها بإسرائيل إلى القدس رئيس الشاباك يتّهم نتنياهو بالتدخل السياسي في الأمن الأكثر قراءة تفاصيل اتصال هاتفي بين الرئيس عباس والسيسي إسرائيل تزيد عدوانها على غزة.. 22 شهيدا بأول أيام عيد الفطر الهلال الأحمر ينشر صور 9 من طاقم الإسعاف المفقود في رفح المجلس الوطني عن قرار إسرائيل الأخير: حلقة جديدة لتهويد وعزل القدس عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025