موقف التيار بعيون خصومه.. كيف أصبحت التعيينات حلالاً؟!
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
عندما أعلنت كتلة "الجمهورية القوية" نيّتها تقديم اقتراح قانون من أجل التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون تفاديًا للشغور في رأس المؤسسة العسكرية، مع بدء العدّ العكسي لانتهاء ولايته مطلع العام المقبل، لم يتأخّر "التيار الوطني الحر" في التصويب عليها، بشخص رئيسه الوزير السابق جبران باسيل الذي "سخر" ممّا وصفه بـ"المبدئية في العمل السياسي"، غامزًا من قناة انقلاب "القوات" على قناعتها بعدم جواز التشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي.
لكن، بسلاح "المبدئية" نفسها، يُواجَه "التيار الوطني الحر" منذ يومين، على خلفيّة التسريبات التي تتحدّث عن "عروض" يقدّمها، وتتقاطع بمجملها عند "رفض" التمديد لقائد الجيش، ومن بينها أن تجري الحكومة تعيينات أصيلة في المجلس العسكري ككلّ، باقتراح من وزير الدفاع، بل إنّ بعض التقارير تحدّثت عن "إغراءات" يقدّمها "التيار" لقبول عرضه، تقوم على "مراجعة" موقفه من جلسات الحكومة في ظلّ استمرار الفراغ في سدّة الرئاسة.
هكذا، يجد خصوم "التيار" أنفسهم أمام وجبة "دسمة" للنقد، فكيف يصبح ما كان "حرامًا" في الأمس القريب "حلالاً" اليوم؟ هل هي "ضرورة" منع الشغور التي دفعت "القوات" للتراجع عن رفض "تشريع الضرورة" واعتباره "بدعة" لأساس لها في الدستور، تدفع "التيار" أيضًا للانقلاب على خياراته السابقة، ولكن من منطلق "ضرورة" إزاحة قائد الجيش من الواجهة؟ وكيف يفسّر المحسوبون على "التيار" نفسه موقفه المستجدّ؟!
التعيينات "حلال"؟!
لا يتردّد خصوم "التيار الوطني الحر" في الحديث عن "انقلاب" يقوده، ويسعى لإشراك آخرين معه فيه، على رأسهم "حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لكنّهم يعتبرون أنّ هذا "الانقلاب" يصطدم بـ"مبادئ وثوابت" أوحى رئيس "التيار الوطني الحر" أنّه متمسّك بها حتى الرمق الأخير، ومن بينها اعتبار الحكومة الحالية التي يقاطع اجتماعاتها منذ عام كامل، غير قادرة على اتخاذ قرارات كبرى، من فئة التعيينات، على سبيل المثال لا الحصر.
يذكّر هؤلاء بموقف "التيار الوطني الحر" في استحقاقاتٍ مشابهة أخرى، من بينها انتهاء ولاية المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ولكن بشكل خاص انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، حين "استنفر"باسيل لتصوير الحديث عن احتمال تعيين الحكومة لـ"خليفة" له على أنّه "خطيئة أخرى"، بل "جريمة" في حقّ موقع رئاسة الجمهورية، قبل أن يُصرَف النظر عن الموضوع، ويُترَك التعيين للعهد المقبل.
لكن، بحسب التسريبات المتداولة في اليومين الماضيين، يبدو أنّ باسيل يروّج لتعيين مجلس عسكري، يشمل قائدًا جديدًا للجيش، كأحد البدائل الممكنة للتمديد للقائد الحالي جوزيف عون، وهو ما يثير استغراب خصوم "التيار"، الذين يسألون: كيف أصبحت التعيينات حلالاً اليوم؟ هل هي "ضرورة" منع الشغور في الرئاسة، أم بالأحرى "ضرورة" إزاحة عون، التي ما عاد خافيًا على أحد أنّ مشكلة باسيل معه "شخصية"، ومرتبطة بحظوظه الرئاسية؟!
موقف "التيار"
يرفض المحسوبون على "التيار" من جهتهم، التعليق على التسريبات المتتالية، لا تأكيدًا ولا نفيًا، ويكتفون بتأكيد الموقف الثابت المُعلَن لـ"الوطني الحر"، وهو المنسجم مع مبادئه وقناعاته، والقائم على شعار "لا للتمديد"، الذي يشمل قائد الجيش، تمامًا كما يشمل غيره من القادة، بمن فيهم أولئك الذين يخصّون "التيار"، ومنهم رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، الذي لم يؤيد "العونيون" التمديد له، رغم طرحه في بعض الأوساط القريبة منهم.
يقول هؤلاء إنّ المشكلة الفعلية ليست في موقف "التيار" المنسجم مع قناعاته، بل في مواقف الآخرين الذين ينقلبون على ما يصنّفونها "مبادئ وثوابت"، فقط من باب "النكايات السياسية"، على غرار "القوات اللبنانية" التي تقول إنّ مجلس النواب يصبح "هيئة ناخبة حصرًا"، وترفض أن يلتئم لأيّ سبب احترامًا للدستور، ولو ارتبط بمصالح المواطنين المباشرة، ثمّ تدعو هي إلى انعقاده من أجل الخروج عن الدستور، عبر التمديد لقائد الجيش.
بالنسبة إلى المحسوبين على "التيار"، فإنّ تعيين مجلس عسكري ليس بالضرورة طرح الوزير باسيل، وهو بالحدّ الأدنى لا يزال قيد البحث، ولكنّه يدل على أنّ هناك "بدائل مُتاحة" للتمديد لقائد الجيش، وهي أقلّ ضررًا من الناحية الدستورية، علمًا أنّه قد يكون ميّالاً إلى التعامل مع قيادة الجيش، كما حصل في مواقع شبيهة، من دون أن يؤدي ذلك إلى المسّ بـ"الموقع الماروني الثاني"، كما يوحي أولئك الذين لم يبدوا الغيرة نفسها على موقع الرئاسة، بحسب وصفهم.
بالنسبة إلى خصوم "التيار"، المشكلة في خلطه بين "الشخصي والعام"، فـ"المبدئية" عنده "وجهة نظر"، وما هو "محرّم" يصبح "حلالاً" بين ليلةٍ وضُحاها إذا ما أمّن له مصالحه وخططه. لكنّ المشكلة تتخذ وجهًا مغايرًا بالنسبة إلى "التيار" الذي يعتبر أنّ الآخرين هم من يخرقون "المبدئية"، لا لتحقيق مصالحهم فحسب، بل لمواجهة ما يعتقدونها مصلحة لـ"التيار". وبين هؤلاء وأولئك، يبدو أن "المصلحة العامة" تبقى الغائبة الأكبر!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هل تنجح الحكومة السورية المؤقتة في نزع سلاح الأكراد ودمجهم في الجيش؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تتصاعد التوترات في سوريا مع مطالبة القادة الجدد لنزع سلاح قوات سوريا الديمقراطية، الميليشيا الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، ودمجها في جيش وطني موحد، وسط تصاعد الاشتباكات في الشمال الشرقي للبلاد. يأتي هذا التصعيد في ظل استعداد سوريا لتشكيل حكومة انتقالية بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2023. ويشترط القادة الجدد تفكيك القوات الكردية كشرط أساسي للمشاركة في الحوار الوطني، الذي يُفترض أن يؤدي إلى إدارة مؤقتة تقود البلاد حتى إجراء الانتخابات.
ورغم الإعلان عن مؤتمر سياسي لمناقشة مستقبل سوريا، لم يتم تحديد موعد انعقاده بعد. وأكد حسن الدغيم، رئيس اللجنة الحكومية المسؤولة عن التخطيط للحوار، أن الميليشيات المسلحة لن تُدعى إلا بعد نزع سلاحها واندماجها تحت إشراف وزارة الدفاع، مشددًا على أن هذه المسألة غير قابلة للتفاوض. يثير هذا الموقف احتمال استبعاد الإدارة الكردية، التي تسيطر فعليًا على شمال شرق سوريا، من أي حكومة انتقالية. فقد رفضت قوات سوريا الديمقراطية تسليم أسلحتها منذ سقوط النظام، وهي قوة عسكرية أساسية دعمتها الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش، الذي هُزم بشكل كبير في 2019.
يشكل استمرار تهديد داعش مصدر قلق رئيسي للمجتمع الدولي، وخاصة الغرب، حيث تخشى الدول الأوروبية والولايات المتحدة من أي فراغ أمني قد يسمح بعودة التنظيم الإرهابي. في مؤتمر دولي في باريس، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحكومة السورية المؤقتة إلى التوصل إلى اتفاق مع القوات الكردية، مشيرًا إلى أنهم "حلفاء ثمينون" يجب دمجهم في النظام الجديد. لكن هذا الموقف يواجه رفضًا شديدًا من تركيا، التي تدعم المعارضة السورية المسلحة وتعتبر قوات سوريا الديمقراطية امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه منظمة إرهابية. وتسعى أنقرة منذ سنوات إلى تقويض نفوذ القوات الكردية في شمال سوريا.
ومنذ سيطرة الشرع على دمشق، تواصلت المعارك بين القوات المدعومة من تركيا والمقاتلين الأكراد، خاصة في مدينة منبج الحدودية، التي انتزعتها المعارضة من قوات سوريا الديمقراطية في ديسمبر 2023. مع استمرار الاشتباكات، لم تتمكن الحكومة الانتقالية حتى الآن من فرض سيطرتها الكاملة على سوريا، خاصة على المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الكردية. وقد وافقت العديد من الفصائل الأخرى على تفكيك قواتها والانضمام إلى الجيش الوطني، لكن القوات الكردية تطالب بضمانات تشمل الاحتفاظ بوضع عسكري مستقل داخل الجيش، والاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية في المناطق التي تسيطر عليها، والإبقاء على القادة الأكراد في إدارة المنطقة.
تأتي هذه الأزمة في وقت تتزايد فيه حالة عدم اليقين بشأن الدور الأمريكي في سوريا. ورغم أن الدعم الأمريكي كان حاسمًا في تعزيز قوات سوريا الديمقراطية، إلا أن الرئيس ترامب لم يلتزم باستمرار هذا الدعم منذ توليه منصبه الشهر الماضي. وأدى تجميد واشنطن لتمويل المساعدات الدولية في يناير إلى تفاقم الأوضاع، حيث اضطر مخيم يأوي آلاف من مقاتلي داعش وأفراد عائلاتهم إلى تعليق العمل مؤقتًا، مما أثار مخاوف من عودة داعش إلى النشاط.
مع استمرار المفاوضات، يواجه القادة الجدد معضلة حقيقية بين استيعاب القوات الكردية في النظام السياسي والعسكري الجديد، وبين المخاوف من إثارة غضب تركيا التي تعارض بشدة أي دور مستقل لهم. وفيما تدفع فرنسا وبعض الدول الغربية نحو حل سياسي يشمل جميع الأطراف، تصر الحكومة المؤقتة على التفكيك الكامل للقوات الكردية كشرط للحوار.