يعمل اليمن على التسريع في تنفيذ برامج اقتصادية تستهدف تنمية سبل المعيشة ودعم القطاع الزراعي ورفع إنتاجية المحاصيل القابلة للتصدير وتحسين أداء الأسواق المرتبطة بصغار المزارعين والفقراء، وذلك في ضوء التطورات المتلاحقة في المنطقة نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتغيرات المحتملة في الأسواق الإقليمية والدولية وسياسات المانحين وتوجهاتهم.

 

وتشمل الخطة تنفيذ مشروعين في مسارين مختلفين، حيث يستهدف الأول تحسين الأمن الغذائي والحيازات الصغيرة في 20 منطقة موزعة على 5 محافظات هي الضالع، وذمار، ولحج، وتعز، والحديدة، في حين يركز الثاني على تحسين أداء الأسواق وفرص التصدير لمنتجات صغار المزارعين والفقراء في مناطق صنعاء ومحافظة حضرموت.

 

ويؤكد مسؤولون حكوميون أهمية التوجّه في الظروف الراهنة التي يمر بها اليمن تحديداً والمنطقة بشكل عام نحو هذه المشاريع التي تستهدف الفرص المتاحة في بعض القطاعات الاقتصادية الواعدة، مثل القطاع الزراعي، من خلال رفع قدراته التنافسية وزيادة إنتاجية وصادرات المحاصيل القابلة للتصدير مثل العسل والبن والبصل.

 

الخبير الاقتصادي محمد الحميري، يقول لـ"العربي الجديد": "لا يجب انتظار أي حدث أو مشكلة أو أزمة، سواءً كانت داخلية أو خارجية لنلتفت لإمكانات البلاد الاقتصادية والاهتمام بما تمتلكه من قطاعات واعدة، أو لترميم ما تعاني منه من اختلالات وتدهور واسع نتيجة الإهمال الشديد الذي تعرضت له طوال السنوات الماضية على حساب تضخم أعباء البلاد الاقتصادية والمالية والاعتماد الكلي على الواردات التي ساهمت في إضعاف الإنتاجية وخلق مجتمع استهلاكي".

 

استهداف صغار المزارعين

 

وتقدّر تكلفة المشروعين؛ مشروع تنمية سُبل المعيشة الريفية، ومشروع جاهزية الوصول للأسواق؛ بنحو 5 ملايين دولار بتمويل جهات ومنظمات مانحة. وتعول الجهات الحكومية كثيراً على هذه المشاريع في تطوير التنمية الاقتصادية للمحافظات والمناطق المستهدفة، بما يؤدي إلى معالجة الأسباب الكامنة وراء ضعف الأداء في الأسواق التي تهمّ صغار المزارعين والفقراء، وتعزيز سُبل العيش المستدامة وخلق فرص العمل وتحسين الدخل، واستهداف المنتجات ذات الإمكانات القصوى لتوليد سُبل عيش أفضل وتحقيق أقصى عائد ودخل من سلسلة القيمة.

 

ويتوقع الخبير الاقتصادي مطهر عبدالله، في حديثه مع "العربي الجديد"، تغييراً واسعاً في سياسات وتوجهات المانحين والممولين من الدول والمنظمات والمؤسسات والصناديق التمويلية، بالنظر إلى التطورات التي شهدتها المنطقة والعالم خلال الفترة الماضية، والتغير الطارئ في سياسة بعض الدول الكبرى كالولايات المتحدة وتوجهها نحو إجراء تعديلات مفاجئة على موازناتها وتخصيص مبالغ كبيرة إضافية لدعم إسرائيل في حربها على قطاع غزة، أو من خلال تركيز الاهتمام على الجانب العسكري وتخصيص مليارات الدولارات لتحريك قطع وسفن حربية ضخمة وإرسالها إلى الشرق الأوسط.

 

ويرى أن مثل هذه الدول من كبار المانحين والممولين للصناديق والمنظمات الدولية التي تنشط في الجانب الإنساني والتنموي والاقتصادي لمساعدة الدول النامية الفقيرة كاليمن وغيره، والتي تحصل على دعمها وتمويلها بشروط ومعايير تفوق أحياناً قدراتها على تلبيتها، قد تضاعف هذه الشروط والمعايير مع التغيرات المتسارعة حالياً بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، الأمر الذي يحتم على اليمن ودول أخرى في المنطقة التركيز على إيجاد سياسة ومنهجية اقتصادية جديدة والتوجه نحو تنمية القطاعات الإنتاجية لتقليص الإنفاق والهدر المتواصل والعبثي للموارد العامة.

 

تعزيز الإنتاج الغذائي

 

ويؤكد خبراء اقتصاديون وزراعيون يمنيون أنّ الاستثمار الزراعي والتوسع في إنتاج القمح وتعزيز الإنتاج الغذائي المحلي في اليمن بات أمراً ملحاً وضرورياً للتعافي الاقتصادي وتحسين سُبل العيش في المناطق الريفية. وتشمل مكونات المشاريع، وفق المنشورات الحكومية، تنفيذ تدخلات في سلاسل القيمة لتحسين الوصول إلى الأسواق، واستشارات الأعمال وبناء القدرات والدعم الفنّي المقدم للمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر، وإنشاء منصة للتجارة الإلكترونية تربط الشركات في اليمن بالتجار في الخارج.

 

إضافة إلى تعزيز صمود القطاع الزراعي وزيادة إنتاجيته والاستثمار في الهياكل الأساسية التي تدعم الزراعة والتدريب التقني للمزارعين، وتوفير فرص سُبل كسب الرزق، وأيضاً تطوير البنية التحتية المجتمعية القادرة على الصمود أمام تغير المناخ من خلال تحسين إمدادات المياه المنزلية وإمدادات مياه الري للمجتمعات المحلية المستهدفة، إلى جانب حماية الأسر الزراعية واستعادة سُبل عيشها التي دمرها الصراع وتوفير الأمن الغذائي للأسر الضعيفة.

 

ويعد القطاع الزراعي من أهم القطاعات الرئيسية في الاقتصاد اليمني في إنتاج الغذاء وتشغيل العمالة، حيث يساهم في تكوين الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 16 في المائة و19 في المائة، بحسب بيانات حديثة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي.

 

فضلاً عن أنه مصدر الدخل الرئيسي بصورة مباشرة وغير مباشرة لنسبة كبيرة من السكان، وهو في الوقت نفسه محور أساسي للتنمية الريفية المتكاملة وعامل استقرار للسكان والحد من الهجرة الداخلية.

 

الباحث الزراعي بسام قاسم، يشير لـ"العربي الجديد" إلى أن تبعات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ستكون كارثية على دول مثل اليمن التي تعرضت لتدمير ممنهج لقدراتها ونهب ثرواتها دون تحقيق أي استفادة اقتصادية، في ظل تركيز معظم المساعدات التي كانت تحصل عليها طوال السنوات الثماني الماضية على السلال الغذائية البسيطة التي تحتوي على بعض كيلوغرامات من الدقيق وزيوت الطعام.

 

إذ وصلت هذه السلال إلى جزء كبير من المزارعين الفقراء وأثرت بشكل بالغ على اهتمامهم بحيازاتهم من الأراضي الزراعية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنتاجية من المحاصيل التي تكتسب بعضها مزايا تنافسية لتصديرها للأسواق الخارجية خصوصاً للدول العربية التي يجب أن تلتفت إلى تطوير علاقتها التجارية وإيجاد أسواق حرة مشتركة فيما بينها.

 

ويواجه اليمن تحديات كبيرة في الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد مع توسع الفقر والبطالة، فضلاً عن تبعات الحرب الروسية الأوكرانية التي لاتزال البلاد تعاني منها حيث عمقت من فجوة الأمن الغذائي في اليمن وساهمت في ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وأسعار الطاقة، وزيادة معدلات التضخم في الأسواق ونسب الفقر والحرمان في المجتمع.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اقتصاد الزراعة حرب تصدير القطاع الزراعی الأمن الغذائی

إقرأ أيضاً:

"الزراعة" تواصل جهودها لدعم وتوعية المزارعين في سوهاج

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قامت الإدارة المركزية للإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة، برئاسة الدكتورة أمل إسماعيل سعد بالتعاون مع الجهات المختلفة لتخطيط وتنفيذ برامج إرشادية تهدف إلى إحداث التنمية الزراعية المستدامة بالمحافظة وبالتعاون مع الحملة القومية لمحصول القمح للموسم الحالي.

حيث تم تنفيذ 96 حقل إرشادي بمساحة 96 فدان وتم تقديم التقاوي مجاناً للمزارعين  كخدمة إرشادية، كما تم تنفيذ 3 ندوات إرشادية، و 9 أيام حقل.

وفي إطار فاعليات مشروع ترشيد استخدام المياه في الأنشطة الزراعية فقد تم تنفيذ 2 يوم تدريبي، كما تم عمل 35  تجميعه إرشادية بمساحة حوالي 425 فدان تم تسوية الأرض بالليزر مجاناً كخدمة إرشادية بهدف توجيه المزارعين نحو أفضل الممارسات الزراعية.

جدير بالذكر أن المساحة المنزرعة بمحصول القمح بلغت 192713 فدان،  أما بالنسبة لمحصول قصب السكر فقد تم تنفيذ 6 ندوات إرشادية بالتعاون مع معهد بحوث المحاصيل السكرية، أما بالنسبة لمشروع تطوير الري الحقلي فقد تم تنفيذ عدد " 16 " ندوة عن تطهير المساقي والمراوي.

أما بالنسبة للتكثيف المحصولي فتم تنفيذ 8 أيام حقل إرشادي  تحميل دوار شمس على محاصيل الطماطم والباذنجان والقصب بمركزي جهينة ودار السلام، تم تنفيذ عدد 2ندوة حقلية لتعريف بأهمية وفوائد التحميل وتحميل القمح والفول على الطماطم بالظهير الصحراوي لمركز جرجا ومركز العسيرات، تم تنفيذ 2يوم حقل لمحصول الكانولا ودوار الشمس المحمل بمركز جهينة قرية جهينة الغربية بالتعاون مع قسم التكثيف المحصولي معهد بحوث المحاصيل الحقلية، وتم تنفيذ 2 ندوة عن محصول الكانولا  ومحصول دوار الشمس المحمل على محاصيل شتوية وذلك بالتعاون مع قسم بحوث الزيتية، وتم تنفيذ 2 ندوة إرشادية عن الحشائش الشتوية بالتعاون مع المعمل المركزي للحشائش .

مقالات مشابهة

  • نُذُر حرب متعددة الأطراف في اليمن بأفق سياسي محفوف بالمخاطر
  • ترامب: سأنهي الحرب الروسية الأوكرانية وسنستعيد أموالنا التي دفعناها لأوكرانيا
  • روبيو: بحثت مع وزير الخارجية البولندي أهمية زيادة الإنفاق الدفاعي لدول الناتو
  • ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟
  • الزراعة: الدلتا الجديدة تمتاز بموقع عبقري يعزز من إنتاجية المشروع.. فيديو
  • المطاعم في سوريا مؤشر على تعافي الاقتصاد بالبلاد
  • وزير الزراعة: تواصل دائم مع المزارعين والمربين بالمحافظات
  • "الزراعة" تواصل جهودها لدعم وتوعية المزارعين في سوهاج
  • رمضان 2025.. نظام غذائي يخفف متاعب القولون العصبي
  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته