سفير التشيك بالقاهرة: نقدر دور مصر المحوري في منطقة الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
أعرب سفير التشيك بالقاهرة إيفان يكل، عن تقدير بلاده لدور مصر المحوري في منطقة الشرق الأوسط وتوسطها في النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين وكذلك في النزاعات في الدول الأخرى مثل السودان، بهدف إحلال الاستقرار والسلام في المنطقة.
وقال السفير التشيكي - في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت، إن نائب وزير خارجية التشيك جيري كوزاك بحث خلال زيارته لمصر في يوليو الماضي مع وزير الخارجية سامح شكري، القضايا الثنائية بما في ذلك سبل تعزيز التعاون الاقتصادي، فضلا عن مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأضاف أن ثلاثة وفود تشيكية من بينها وفدين من مجلس الشيوخ والغرفة السفلى للبرلمان التشيكي، بحثوا خلال زيارتهما لمصر في يونيو الماضي سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجال الأمني.
وعن التعاون الاقتصادي.. أفاد السفير إيفان يكل بأن الشركة التشيكية "شكوتا" وقعت هذا العام مع هيئة السكك الحديدية بمصر عقدا بقيمة تتخطى المليار يورو، لتحديث وصيانة السكك الحديدية وتوفير التدريب للمتخصصين المصريين في براغ لمدة 15 عاما.. مشيرا إلى التوقيع على مذكرة تفاهم بين إحدى الهيئات التابعة لوزارة الصحة وشركة "لينيت" التشيكية لإقامة مصنع لإنتاج أسرة المستشفيات، حيث تعد التشيك أحد أهم الموردين للأسرة إلى مصر.
وأكد السفير التشيكي أن بلاده تولي اهتماما كبيرا بتعزيز التعاون مع مصر في عدة مجالات من بينها الأمن الغذائي، حيث يمكن الاستفادة من الخبرة التشيكية لزيادة إنتاجية القمح في مصر، فضلا عن وجود فرص للتعاون في مجال الهيدروجين، مشيرا إلى زيارة وفد من الخبراء التشيكيين لمصر، لمناقشة أوجه التعاون في هذا المجال في ضوء إنتاجنا شحنات تستخدم الهيدروجين كوقود.
وأوضح أنه من المقرر أن يقوم وفد من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بزيارة براغ العام المقبل، لمناقشة موضوعات عديدة من بينها أمن الطاقة وفرص البحث عن شريك لإقامة مشروع للهيدروجين في المنطقة الاقتصادية.. مضيفا أن التشيك عرضت مؤخرا نظم الري وتحلية المياه والفلاتر لتنظيف المياه وذلك خلال المعرض الذي أقيم على هامش «أسبوع القاهرة للمياه».
وعن الاستثمار، قال السفير إيفان يكل إن أهم الاستثمارات التشيكية في مصر تتمثل في مصنع "بي أف" المقام في مدينة السادس من أكتوبر لإنتاج المنسوجات غير المنسوجة، لافتا إلى أن هذا المشروع هو أول مشروع تشيكي في القارة الإفريقية بقيمة 100 مليون يورو.
وعن التبادل التجاري بين البلدين، أفاد السفير إيفان بأن مصر تعد أكبر شريك تجاري للتشيك في القارة الإفريقية، حيث بلغت الصادرات المصرية للتشيك 180 مليون يورو عام 2022 أغلبها معدات توزيع الكهرباء، بينما استوردت مصر من براغ ما قيمته 360 مليون يورو عام 2022 وأغلبها سيارات ومركبات نقل أخرى.
وعن علوم الفضاء، أفاد بأنه عقد مؤتمرين عبر الفيديو كونفرانس بين المسئولين في وكالة الفضاء المصرية ووكالة الفضاء الأوروبية (مقرها براغ)، لبحث آفاق التعاون في هذا المجال.. مؤكدا رغبة الوكالة الأوروبية في المشاركة بمؤتمر "آفاق الفضاء الجديد في إفريقيا والشرق الأوسط" الذي ستنظمه الوكالة المصرية في بداية العام الجديد.
وعن السياحة، أشار السفير إيفان يكل إلى أن نحو 400 ألف سائح تشيكي يقضون إجازاتهم في مصر سنويا، وهناك خط طيران مباشر بين براغ والغردقة.. موضحا أن الشركة التشيكية "سمارت ونجز" أعلنت مؤخرا عن عزمها تسيير خط طيران مباشر بين القاهرة وبراغ الذي من المؤكد سوف ينتج عنها زيادة في أعداد السائحين.
وذكر أن التشيك تولي اهتماما بتعزيز الشراكة مع الدول الإفريقية، حيث تمتلك براغ التقنيات الحديثة ومشروعات الدفاع والأمن والتجارة والتعاون التنموي.. مشيرا إلى أن الشركات التشيكية تعمل بنشاط في إفريقيا من خلال مجموعة متنوعة من القطاعات، مثل الرعاية الصحية والزراعة والمياه والصرف الصحي والبنية التحتية والطاقة والتعدين والصناعات الغذائية.
وأضاف السفير التشيكي بالقاهرة أن بلاده ترغب في التركيز على المجالات الحيوية المتعلقة بالزراعة وتغير المناخ، مما يعكس التزامها طويل الأمد بتطوير المشروعات في مجالات الزراعة والتنمية المستدامة والإدارة المسئولة للموارد الطبيعية، بهدف تحسين نوعية الحياة في إفريقيا، فضلا عن دعم قدرات الدول الإفريقية على التكيف مع تغير المناخ.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصر الشرق الأوسط سفير التشيك مشیرا إلى إلى أن
إقرأ أيضاً:
فوضى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت عملية طوفان الأقصى التي نفذتها الفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر عام 2023 عن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الحقيقية في التعامل مع منطقة الشرق الأوسط، إذ بات من الضروري التأكيد على أنه لا يوجد فارق حقيقي بين الديمقراطيين والجمهوريين، وأن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنطقة تتمحور حول حماية إسرائيل وتكثيف التموضع الأمريكي في جغرافيا الإقليم للهدف ذاته.
بمجرد اندلاع شرارة الأحداث التي لا تزال تجري وقائعها، حرصت الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية التي يرأسها جو بايدن على التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ودعمت واشنطن حليفتها وذراعها في المنطقة بالأسلحة اللازمة لتدمير الأراضي الفلسطينية، إذ كشفت صحف إسرائيلية أبرزها "يديعوت أحرونوت" عن حجم الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، والذي بلغ قيمته نحو 22 مليار دولار، وهي الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في هجماتها ضد قطاع غزة ولبنان وسوريا.
لقد أعلنت الإدارة الأمريكية الديمقراطية بمجرد بدء الأحداث أنها ملتزمة بحماية إسرائيل، وتوعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الشرق الأوسط بـ"الجحيم" إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى في غزة، وعلى ما يبدو أن جحيم بايدن الديمقراطي لا يختلف كثيرًا عن حجيم ترامب الجمهوري، بعدما بالغت واشنطن في توصيف حادث السابع من أكتوبر من أجل دعم إسرائيل في فرض واقع جديد يقوي من إسرائيل ويضعف من دول الشرق الأوسط.
لقد أمعنت واشنطن بزيادة تموضعها بوضع قواعد عسكرية لها في عدة مناطق بالإقليم تكون هدفها الرئيس حماية إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة، وضمان وجودها في أكثر المناطق حيوية وخصوبة بالنفط والغاز، ذلك أن دول الخليج صاحبة الإنتاج الأكبر من النفط والعلاقات الأوثق مع الولايات المتحدة. غير أن هناك دولًا في الشرق الأوسط باتت تستخدمها واشنطن كـ"ساحات مواجهة" تنطلق منها النيران الأمريكية تجاه دول في الشرق الأوسط، وأبرز دليل على ذلك العراق الذى يحتوي على قاعدة عين الأسد الاستراتيجية المهمة بالنسبة لواشنطن والتى أنشئت فترة احتلال الجيش الأمريكى للعراق، والتي زارها ترامب سرًا في نهاية ديسمبر من العام 2018، وقد فتحت القاعدة الأمريكية أجواءها أمام الطيران الإسرائيلي لقصف مواقع إيرانية في شهر أكتوبر من العام المنصرم 2024.
وقبل تولي ترامب ولايته الأولى تحدث كثيرًا عن خطط لسحب القوات الأمريكية من العراق، لكنه بمجرد اعتلائه السلطة لم ينفذ وعوده، على الرغم من أنه أبرم اتفاقًا مع السلطات العراقية تقر بسحب واشنطن لجنودها هناك بحلول نهاية عام 2025، إلا أن تصريحات ترامب المتكررة عن ضرورة استمرار التواجد الأمريكي في العراق لمراقبة إيران حالت دون سحب القوات، فيما ينتظر العراق نهاية 2025، لكن يبدو أن الوعد لن ينفذ لأن ترامب بمنطق التاجر ورجل الأعمال طالب العراق بـ"دفع التكلفة" قبل الانسحاب، على اعتبار أن واشنطن أنفقت المليارات لإنشاء قواعدها العسكرية هناك، وإذا لم تدفع العراق تكلفة ذلك فسيتم فرض عقوبات عليها.
ويمعن ترامب في رسائله السلبية للعراق إذ هدد العراق بإقامة الحواجز التجارية مع الدول التي تسعى لإقامة شراكات معها وفي القلب منها الصين، خاصة بعدما بدأ العراق إجراءات تعزيز أصوله باليوان الصيني من خلال بنك التنمية السنغافوري لتمويل التجاره مع الصين بنحو 12 مليار دولار سنويًا. وقد كان هذا الخطاب هو نفس الخطاب الذي استخدمه مع دول تجمع "بريكس" – الذي يضم دولًا من الشرق الأوسط - بعدما حذر دول المنظمة من إنشاء عملة جديدة تنافس الدولار الأمريكي، إذ هدد دول المنظمة بفرض رسوم جمركية عليها بنسبة 100%.
إن منطقة الشرق الأوسط جاذبة لكل التوجهات السياسية والاستثمارية، والاستعمارية كذلك، وهو ما يحتم على دول المنطقة أن تفرق جيدًا بين السياسات الاستعمارية، والسياسات القائمة على الشراكات الاستثمارية كما في حالة الصين مثلا، والتي تعد منافسًا قويًا للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، لكنها ليست شريكًا استعماريًا، إذ تعمل على أن تكون شريكًا نزيهًا في الأوساط السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط، كما كانت شريكًا مهما في التوسط بين المملكة العربية السعودية وإيران لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في مارس من عام 2023، وهما دولتان بارزتان في الشرق الأوسط كانت تحرص الولايات المتحدة الأمريكية على توسيع الفجوة بينهما.
إن سياسات واشنطن في تأجيج الصراعات بين دول الشرق الأوسط لا يستفيد منه إلا الولايات المتحدة الأمريكية من عدة جوانب أبرزها تعزيز صادرات الولايات المتحدة من السلاح لدول الشرق الأوسط، فقد نمت صادرات السلاح الأمريكي للمملكة العربية السعودية وقطر والبحرين بنسبة 17% بين أعوام 2014 – 2018 و 2019 – 2023، طبقًا لبيانات صادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام. وطبقًا لتقديرات نفس المعهد فقد حصلت دول الشرق الأوسط على نصيب الأسد من صادرات الولايات المتحدة من السلاح بنسبة 38٪، ما يعني أن زيادة حدة الصراعات في الإقليم يصب في المصلحة المالية للولايات المتحدة بشكل أساسي، ولذلك لم تكن هناك مبادرات جادة لوقف الحرب في مناطق اليمن الشمالي.
إن منطقة الشرق الأوسط تنظر بعين الريبة إلى الحقبة الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي توعدها بالجحيم، ويتوعد إسرائيل بزيادة رقعتها الجغرافية على حساب الأراضي الفلسطينية، كما يتوعد المنطقة بمزيد من الاستنزاف المادي بحجة حماية الولايات المتحدة الأمريكية لدول المنطقة... وهو ما يستوجب معه اليقظة التامة بين من يمد يده لوأد الصراعات في المنطقة وبين من يرغب في تمزيق المنطقة وقطع نقاط الاتصال بين عناصر بوصلة منطقة الشرق الأوسط شمالًا وجنوبًا شرقًا وغربًا. إن التمييز الأكبر لنا يجب أن يكون بين من يريد شراكات استثمارية ومن يريد تموضعات من نوع آخر على حساب علاقات دول الإقليم.
لقد أدركت الولايات المتحدة الأمريكية – بعد انتهاء الاستعمار القديم – أهمية منطقة الشرق الأوسط، التي تنافس عليها المستعمرين منذ قديم الأزل بصفتها المنطقة صاحبة الموقع المتميز الرابط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، بجانب كونها ممرًا لحركة التجارة العالمية عبر البحر الأحمر وقناة السويس والمضائق المائية الاستراتيجية، علاوة على كون المنطقة أهم مصدر للطاقة، وسوقًا واعدة ينطلق منها النفط والغاز إلى الأسواق العالمية. ولذلك كان دأب الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام وسياسات ترامب بشكل خاص الإمساك بتلابيب المنطقة ورسم السياسات العامة لدول الإقليم، والضغط عليها من أجل قبول إسرائيل التوسعية في المنطقة، على حساب علاقات دول الإقليم وبعضها، وهو ما يجب أن تنتبه له دول الإقليم وصناعة القرار فيها، خاصة مع صعود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي يتعامل مع المنطقة بمنطق "رجل الأعمال" الذي يرغب في تحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب الآخرين مهما كانت الظروف والتداعيات.