جيلبرت.. بطل نرويجي عمل على خط النار في غزة (بورتريه)
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
حين يتحدث عن مستشفى الشفاء ينهزم أمام دموعه لما رآه هناك من مشاهد تفوق الوصف.
لا يفصل بين كونه طبيبا وسياسيا في نفس الوقت، يقول "لا يمكن الفصل بين الدورين، ليس هناك الكثير في مجالات الطب ما هو خارج نطاق السياسة".
يتمتع بخبرات دولية واسعة في مواقع الأزمات السياسية والطبية والإنسانية.
ينهل من تجربة ثرية في مجال العمل الإنساني والحقوقي.
مادس فريدريك جيلبرت المولود في عام 1947، في مدينة بورسجرون جنوب العاصمة النرويجية أوسلو، كانت والدته ممرضة، وكان والده متخصصا فنيا، فيما أنهى هو دراسة الطب في جامعة أوسلو عام 1973.
سياسيا هو عضو في الحزب الاشتراكي النرويجي "حزب الحمر".
تفتح على الصراع العربي الإسرائيلي مبكرا حين تطوع للذهاب إلى دولة الاحتلال لمساعدة سكان المزارع الجماعية اليهودية "الكيبوتسات" أثناء حرب عام 1967، لأنه كان يظن كغيره من النرويجيين أن دولة الاحتلال "صاحبة القضية العادلة وعليهم دعمها"، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة بعد أن أخبرته إحدى صديقات أخته بقصة الفلسطينيين.
حينها عرف أنه تعرض للتضليل كغيره من النرويجيين بسبب الحملات الدعائية الإسرائيلي، فذهب إلى السفارة الإسرائيلية في اليوم التالي وسحب طلب تطوعه ثم أصبح عضوا في اللجنة النرويجية الفلسطينية.
وأنشأ عندما هاجم الجيش الإسرائيلي بيروت الغربية عام 1982 أول فريق نرويجي لجراحة الطوارئ لدعم نظام الرعاية الصحية الفلسطيني في بيروت التي تعد أقدم لجنة للتضامن مع فلسطين في أوروبا.
تخصص في التخدير وترأس قسم طب الطوارئ في مستشفى جامعة ترمسو" بشمال النرويج منذ عام 1995.
توج تضامنه مع الفلسطينيين بتوأمة مدينة ترومسو في النرويج مع مدينة غزة منذ عام 2001. وتعتبر ترومسو المدينة الأكثر إرسالا للعاملين في مجال الصحي إلى فلسطين.
كانت التجربة الأولى له في غزة حين وصل في مهمة طارئة خاصة باللجنة النرويجية للإسعاف مع الجراح إريك فوسه لدعم الجهود الإنسانية في مستشفى الشفاء خلال العدوان على غزة عام 2006 وذلك في فترة منع فيها الصحافيون الأجانب من الدخول إلى القطاع.
وعمل أثناء العدوان على قطاع غزة أعوام 2006، 2009، 2012، و2014.
وفيما نقلت وسائل الإعلام الدولية أحداث النزاع عن بعد، حافظ جيلبرت على تواصله مع وسائل الإعلام النرويجية وبعض الجهات الإعلامية العالمية، مثل "سي إن إن"، هيئة الإذاعة البريطانية، هيئة الإذاعة الأمريكية، وقناة الجزيرة .
وعقب قصف سوق الخضار المركزي في مدينة غزة أثناء تواجد أهالي غزة للتسوق أرسل جيلبرت رسالة نصية قصيرة من هاتفه النقال لمعارفه في النرويج والعالم، موجها نداء استغاثة لكل من يقرأها أن يمررها: " من د. مادس جيلبرت في غزة: شكرا لدعمكم. لقد قصفوا سوق الخضار المركزي في مدينة غزة منذ ساعتين. 80 جريحا و20 قتيلا. كلهم جاؤوا إلى هنا، إلى مستشفى الشفاء. يا إلهي! إننا نسبح بين الموت والدم ومبتوري الأطراف. الكثير من الأطفال. امرأة حامل. لم أرَ أبدا شيئا رهيبا كهذا. الآن نسمع الدبابات. أنقل القصة، مررها، أصرخها! أي شيء. افعل شيئا! افعل أكثر! إننا نعيش في كتب التاريخ الآن، كلنا!"
وبقي يداوي الجراح رغم عدم توفر الأساسيات في المستشفى بسبب الحصار على غزة، وكان أشبه ببطل من أبطال القطاع، وحين عاد مع رفاقه إلى النرويج، استقبل "استقبال الأبطال"، وحظي مع رفاقه بإشادة العديد من المعلقين. أما المنتقدين لهم فكان من بينهم اليمينية المتطرفة زعيمة "حزب التقدم" النرويجي سيف ينسن، التي انتقدت "السماح له بتمثيل صوت الدعاية المناهضة لإسرائيل دون رقابة."
فيما قال جيلبرت ردا على تصريحات ينسن وعلى ما جاء في قناة "فوكس نيوز" بأن "كلاهما وصفاني بأنني طبيب الإشاعات لدى حماس. لا يهم الآن أن يكذباننا أو يصدقاننا، وأنا دعوت سيف ينسن وفوكس إلى السفر إلى غزة ومعاينة الحقائق بأم عينها (..) على قناة فوكس أن تذهب بنفسها إلى هناك عليها أن تحذو حذو الجزيرة وتنقل الصورة كما هي لا أن تصنع تقاريرها من مكاتبها الوثيرة، (...) ما يحدث في غزة من قتل مروع ورهيب وفظيع وهو فوق الوصف والاحتمال".
ورغم خروجه من غزة إلا أنه كان دائما يطمئن أهل غزة ويخفف عنهم قائلا بأنهم " ليسوا وحدهم، نحن معهم وعليهم أن لا يستسلموا، فلا تستسلموا فإن شعوب العالم الحر يتأملون في صبركم ويستمدون من قوتكم، فإن استسلمتم فإن الشعوب من بعدها سوف تستسلم".
يصف قضية غزة بأنها ليست كارثة إنسانية "إنها قضية احتلال طويل الأمد وغير مشروع في تاريخنا الحديث، وتقوم به أعتا دولة استيطانية على وجه الأرض". بحسب قوله.
ويرى أن "الإسرائيليين يعلمون أن ما يفعلونه يخالف المواثيق والأعراف الدولية، لكنهم يتمتعون بحصانة دولية من الملاحقة والعقاب".
وبسبب مواقفه الداعمة للفلسطينيين قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في عام 2014 منعه من دخول قطاع غزة نهائيا وتحججت بـ"الأسباب الأمنية".
حرص غيلبرت على توثيق الإجرام الإسرائيلي بحق الفلسطينيين فأصدر كتابا عن بعنوان "ليل غزة" وثق فيه باللحظة والدقيقة والصورة والكلمة ما فعله الاحتلال بحق سكان غزة أثناء عدوان 2014.
كما وضع ما تضمنه ذلك الكتاب في تقريره الذي كتبه لمنظمة الأمم المتحدة راصدا آثار الحصار المدمر وانعدام مقومات الحياة وما آلت إليه غزة جراء الحروب الإسرائيلية المتلاحقة.
لم يتوقف عن عمله الإنساني ولا يوما واحدا فعمل على معالجة ضحايا حقول الألغام في ميانمار وكمبوديا وأفغانستان وأنغولا وسريلانكا.
وبقي همه الأول غزة وناسها وأهلها، وحين بدأ الاحتلال الإبادة الجماعية وبدا في سرد أكاذيبه، تصدى الدكتور غيلبرت للرد على مزاعم الاحتلال بوجود قاعدة عسكرية بمستشفى الشفاء الذي عمل فيه قائلا بتهكم : "علينا أن نسأل الإسرائيليين إذا كانوا متأكدين من وجود قاعدة عسكرية في مستشفى الشفاء، أين كانوا منذ 16 عاما؟ أين الدليل؟ أين الصور؟".
وأردف "عملت في مستشفى الشفاء لمدة 16 عاما، تجولت في كل مكان بداخله، والتقطت الصور والفيديو، وتحدثت مع المرضى والعاملين، ونمت في المستشفى ولم أر قاعدة عسكرية مطلقا".
متسائلا "هل الأطفال والنساء أهداف عسكرية؟ بالطبع لا، ومع ذلك القادة الأوروبيون يجلسون بصمت ويشاهدون مقتل طفل فلسطيني كل 10 دقائق، هذا عار تاريخي، هذا هو وصمة عار، فشل كبير للإنسانية".
ينشغل مادس جيلبرت في كثير من الأحيان بالحديث إلى وسائل الإعلام الأمريكيّة والأوروبية والأجنبية المختلفة لتوصيف ما يحدث في داخل القطاع، وفي جميع مقابلاته.
يصف ما يحدث بأنه جريمة حرب يجب أن تتوقف، وأن يتحمل العالم مسؤولياته تجاه الفلسطينيين.
ويكاد أن يلخص صمود غزة وعزة وأنفة شعبها بقوله "أن الكرامة اليوم تشاهدونها في غزة لشعب لا يرغب في الانحناء أمام المحتل الإسرائيلي".
وصدق بقوله، نحن أمام شعب جبار صابر لن ينحني لأنه إذا انحنى سقطت معه أخر قلاع المقاومة في العالم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه الاحتلال الفلسطينيين غزة احتلال فلسطين غزة بورتريه طوفان الاقصي بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه عالم الفن سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مستشفى الشفاء فی مستشفى فی غزة
إقرأ أيضاً:
إعلام سوري يكشف حصيلة العدوان الإسرائيلي على مدينة حمص
كشف مصدر مطلع لصحيفة "الوطن" السورية اليوم الثلاثاء، أن العدوان الإسرائيلي على مدينة حمص أسفر عن استشهاد وإصابة أربعة أشخاص.
وأوضح المصدر أن شخصا واحدا استشهد خلال العدوان الذي استهدف المدينة الصناعية في مدينة القصير بريف حمص الجنوبي.
يذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، شن أمس الاثنين عدوانا على العاصمة السورية دمشق، زاعما أنه استهدف خلالها مركز استخبارات تابعا لحزب الله في سوريا.
وأضاف جيش الاحتلال في بيان أنه في الأسابيع الأخيرة، نجح في تقليص مقر الاستخبارات التابع لحزب الله بشكل كبير، وتدمير أصول الاستخبارات العسكرية في لبنان وإلحاق الضرر بقدرات المنظمة على جمع المعلومات الاستخباراتية.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية العدوان الذي شنه الكيان الصهيوني مساء الاثنين من اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفاً عدداً من المناطق المدنية جنوبي دمشق، والذي تسبب بأضرار مادية كبيرة في المناطق المستهدفة.
وأكدت سوريا في بيان لوزارة الخارجية أن الممارسات العدوانية والإجرامية لكيان الاحتلال الإسرائيلي واستهدافه المستمر للمناطق المدنية، هو نتيجة لعدم القيام بأي تحرك جدي للجم هذا الكيان ووقف انتهاكاته الجسيمة بحق شعوب المنطقة ودولها.