الحرب تدفع بالزراعة اليمنية: تركيز على زيادة إنتاجية المحاصيل القابلة للتصدير
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
يمن مونيتور/العربي الجديد
يعمل اليمن على التسريع في تنفيذ برامج اقتصادية تستهدف تنمية سبل المعيشة ودعم القطاع الزراعي ورفع إنتاجية المحاصيل القابلة للتصدير وتحسين أداء الأسواق المرتبطة بصغار المزارعين والفقراء، وذلك في ضوء التطورات المتلاحقة في المنطقة نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتغيرات المحتملة في الأسواق الإقليمية والدولية وسياسات المانحين وتوجهاتهم.
وتشمل الخطة تنفيذ مشروعين في مسارين مختلفين، حيث يستهدف الأول تحسين الأمن الغذائي والحيازات الصغيرة في 20 منطقة موزعة على 5 محافظات هي الضالع، وذمار، ولحج، وتعز، والحديدة، في حين يركز الثاني على تحسين أداء الأسواق وفرص التصدير لمنتجات صغار المزارعين والفقراء في مناطق صنعاء ومحافظة حضرموت.
ويؤكد مسؤولون حكوميون أهمية التوجّه في الظروف الراهنة التي يمر بها اليمن تحديداً والمنطقة بشكل عام نحو هذه المشاريع التي تستهدف الفرص المتاحة في بعض القطاعات الاقتصادية الواعدة، مثل القطاع الزراعي، من خلال رفع قدراته التنافسية وزيادة إنتاجية وصادرات المحاصيل القابلة للتصدير مثل العسل والبن والبصل.
الخبير الاقتصادي محمد الحميري، يقول لـ”العربي الجديد”: “لا يجب انتظار أي حدث أو مشكلة أو أزمة، سواءً كانت داخلية أو خارجية لنلتفت لإمكانات البلاد الاقتصادية والاهتمام بما تمتلكه من قطاعات واعدة، أو لترميم ما تعاني منه من اختلالات وتدهور واسع نتيجة الإهمال الشديد الذي تعرضت له طوال السنوات الماضية على حساب تضخم أعباء البلاد الاقتصادية والمالية والاعتماد الكلي على الواردات التي ساهمت في إضعاف الإنتاجية وخلق مجتمع استهلاكي”.
استهداف صغار المزارعين
وتقدّر تكلفة المشروعين؛ مشروع تنمية سُبل المعيشة الريفية، ومشروع جاهزية الوصول للأسواق؛ بنحو 5 ملايين دولار بتمويل جهات ومنظمات مانحة. وتعول الجهات الحكومية كثيراً على هذه المشاريع في تطوير التنمية الاقتصادية للمحافظات والمناطق المستهدفة، بما يؤدي إلى معالجة الأسباب الكامنة وراء ضعف الأداء في الأسواق التي تهمّ صغار المزارعين والفقراء، وتعزيز سُبل العيش المستدامة وخلق فرص العمل وتحسين الدخل، واستهداف المنتجات ذات الإمكانات القصوى لتوليد سُبل عيش أفضل وتحقيق أقصى عائد ودخل من سلسلة القيمة.
ويتوقع الخبير الاقتصادي مطهر عبدالله، في حديثه مع “العربي الجديد”، تغييراً واسعاً في سياسات وتوجهات المانحين والممولين من الدول والمنظمات والمؤسسات والصناديق التمويلية، بالنظر إلى التطورات التي شهدتها المنطقة والعالم خلال الفترة الماضية، والتغير الطارئ في سياسة بعض الدول الكبرى كالولايات المتحدة وتوجهها نحو إجراء تعديلات مفاجئة على موازناتها وتخصيص مبالغ كبيرة إضافية لدعم إسرائيل في حربها على قطاع غزة، أو من خلال تركيز الاهتمام على الجانب العسكري وتخصيص مليارات الدولارات لتحريك قطع وسفن حربية ضخمة وإرسالها إلى الشرق الأوسط.
ويرى أن مثل هذه الدول من كبار المانحين والممولين للصناديق والمنظمات الدولية التي تنشط في الجانب الإنساني والتنموي والاقتصادي لمساعدة الدول النامية الفقيرة كاليمن وغيره، والتي تحصل على دعمها وتمويلها بشروط ومعايير تفوق أحياناً قدراتها على تلبيتها، قد تضاعف هذه الشروط والمعايير مع التغيرات المتسارعة حالياً بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، الأمر الذي يحتم على اليمن ودول أخرى في المنطقة التركيز على إيجاد سياسة ومنهجية اقتصادية جديدة والتوجه نحو تنمية القطاعات الإنتاجية لتقليص الإنفاق والهدر المتواصل والعبثي للموارد العامة.
تعزيز الإنتاج الغذائي
ويؤكد خبراء اقتصاديون وزراعيون يمنيون أنّ الاستثمار الزراعي والتوسع في إنتاج القمح وتعزيز الإنتاج الغذائي المحلي في اليمن بات أمراً ملحاً وضرورياً للتعافي الاقتصادي وتحسين سُبل العيش في المناطق الريفية. وتشمل مكونات المشاريع، وفق المنشورات الحكومية، تنفيذ تدخلات في سلاسل القيمة لتحسين الوصول إلى الأسواق، واستشارات الأعمال وبناء القدرات والدعم الفنّي المقدم للمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر، وإنشاء منصة للتجارة الإلكترونية تربط الشركات في اليمن بالتجار في الخارج.
إضافة إلى تعزيز صمود القطاع الزراعي وزيادة إنتاجيته والاستثمار في الهياكل الأساسية التي تدعم الزراعة والتدريب التقني للمزارعين، وتوفير فرص سُبل كسب الرزق، وأيضاً تطوير البنية التحتية المجتمعية القادرة على الصمود أمام تغير المناخ من خلال تحسين إمدادات المياه المنزلية وإمدادات مياه الري للمجتمعات المحلية المستهدفة، إلى جانب حماية الأسر الزراعية واستعادة سُبل عيشها التي دمرها الصراع وتوفير الأمن الغذائي للأسر الضعيفة.
ويعد القطاع الزراعي من أهم القطاعات الرئيسية في الاقتصاد اليمني في إنتاج الغذاء وتشغيل العمالة، حيث يساهم في تكوين الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 16 في المائة و19 في المائة، بحسب بيانات حديثة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي.
فضلاً عن أنه مصدر الدخل الرئيسي بصورة مباشرة وغير مباشرة لنسبة كبيرة من السكان، وهو في الوقت نفسه محور أساسي للتنمية الريفية المتكاملة وعامل استقرار للسكان والحد من الهجرة الداخلية.
الباحث الزراعي بسام قاسم، يشير لـ”العربي الجديد” إلى أن تبعات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ستكون كارثية على دول مثل اليمن التي تعرضت لتدمير ممنهج لقدراتها ونهب ثرواتها دون تحقيق أي استفادة اقتصادية، في ظل تركيز معظم المساعدات التي كانت تحصل عليها طوال السنوات الثماني الماضية على السلال الغذائية البسيطة التي تحتوي على بعض كيلوغرامات من الدقيق وزيوت الطعام.
إذ وصلت هذه السلال إلى جزء كبير من المزارعين الفقراء وأثرت بشكل بالغ على اهتمامهم بحيازاتهم من الأراضي الزراعية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنتاجية من المحاصيل التي تكتسب بعضها مزايا تنافسية لتصديرها للأسواق الخارجية خصوصاً للدول العربية التي يجب أن تلتفت إلى تطوير علاقتها التجارية وإيجاد أسواق حرة مشتركة فيما بينها.
ويواجه اليمن تحديات كبيرة في الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد مع توسع الفقر والبطالة، فضلاً عن تبعات الحرب الروسية الأوكرانية التي لاتزال البلاد تعاني منها حيث عمقت من فجوة الأمن الغذائي في اليمن وساهمت في ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وأسعار الطاقة، وزيادة معدلات التضخم في الأسواق ونسب الفقر والحرمان في المجتمع.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الاقتصاد التنمية اليمن القطاع الزراعی الأمن الغذائی العربی الجدید
إقرأ أيضاً:
الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
خاص سودانايل: دخلت الحرب السودانية اللعينة والبشعة عامها الثالث ولا زالت مستمرة ولا توجد أي إشارة لقرب انتهاءها فكل طرف يصر على أن يحسم الصراع لصالحه عبر فوهة البندقية ، مات أكثر من مائة ألف من المدنيين ومثلهم من العسكريين وأصيب مئات الالاف بجروح بعضها خطير وفقد معظم المصابين أطرافهم ولم يسلم منها سوداني فمن لم يفقد روحه فقد أعزً الاقرباء والأصدقاء وكل ممتلكاته ومقتنياته وفر الملايين بين لاجئ في دول الجوار ونازح داخل السودان، والاسوأ من ذلك دفع الالاف من النساء والاطفال أجسادهم ثمنا لهذه الحرب اللعينة حيث امتهنت كرامتهم واصبح الاغتصاب احدى وسائل الحرب القذرة.
خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية:
بالطبع كان الصحفيون السودانيون هم أكثر من دفع الثمن قتلا وتشريدا وفقدا لأعمالهم حيث رصدت 514 حالة انتهاك بحق الصحفيين وقتل 21 صحفي وصحفية في مختلف أنحاء السودان اغلبهن داخل الخرطوم وقتل (5) منهم في ولايات دارفور بعضهم اثاء ممارسة المهنة ولقى 4 منهم حتفهم في معتقلات قوات الدعم السريع، معظم الانتهاكات كانت تتم في مناطق سيطرتهم، كما فقد أكثر من (90%) من منتسبي الصحافة عملهم نتيجة للتدمير شبه الكامل الذي الذي طال تلك المؤسسات الإعلاميّة من صحف ومطابع، وإذاعات، وقنوات فضائية وضياع أرشيف قيم لا يمكن تعويضه إلى جانب أن سلطات الأمر الواقع من طرفي النزاع قامت بالسيطرة على هذه المؤسسات الاعلامية واضطرتها للعمل في ظروفٍ أمنية، وسياسية، بالغة التعقيد ، وشهد العام الماضي وحده (28) حالة تهديد، (11) منها لصحفيات ، وتعرض العديد من الصحفيين للضرب والتعذيب والاعتقالات جريرتهم الوحيدة هي أنهم صحفيون ويمارسون مهنتهم وقد تم رصد (40) حالة اخفاء قسري واعتقال واحتجاز لصحفيين من بينهم (6) صحفيات ليبلغ العدد الكلي لحالات الاخفاء والاعتقال والاحتجاز منذ اندلاع الحرب إلى (69) من بينهم (13) صحفية، وذلك حسب ما ذكرته نقابة الصحفيين في بيانها الصادر بتاريخ 15 أبريل 2025م بمناسبة مرور عامين على اندلاع الحرب.
هجرة الاعلاميين إلى الخارج:
وتحت هذه الظروف اضطر معظم الصحفيين إلى النزوح إلى بعض مناطق السودان الآمنة داخل السودان منهم من ترك مهنة الصحافة ولجأ إلى ممارسة مهن أخرى، والبعض الاخر غادر إلى خارج السودان إلى دول السودان حيث اختار معظمهم اللجوء الى القاهرة ويوغندا وكينيا أو اللجوء حيث يمكنهم من ممارسة أعمالهم الصحفية هناك ولكن أيضا بشروط تلك الدول، بعض الصحفيين الذين لجأوا إلى الخارج يعيشون أوضاع معيشية وانسانية صعبة.
انتشار خطاب الكراهية والأخبار الكاذبة والمضّللة
ونتيجة لغياب دور الصحافة المسئولة والمهنية المحايدة عمل كل طرف من أطراف النزاع على نشر الأخبار والمعلومات الكاذبة والمضللة وتغييب الحقيقة حيث برزت وجوه جديدة لا علاقة لها بالمهنية والمهنة تتبع لطرفي الصراع فرضت نفسها وعملت على تغذية خطاب الكراهية والعنصرية والقبلية خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وجدت الدعم والحماية من قبل طرفي الصراع وهي في مأمن من المساءلة القانونية مما جعلها تمعن في رسالتها الاعلامية النتنة وبكل أسف تجد هذه العناصر المتابعة من الالاف مما ساعد في انتشار خطابات الكراهيّة ورجوع العديد من أفراد المجتمع إلى القبيلة والعشيرة، الشئ الذي ينذر بتفكك المجتمع وضياعه.
منتدى الإعلام السوداني ونقابة الصحفيين والدور المنتظر منهم:
ولكل تلك الاسباب التي ذكرناها سابقا ولكي يلعب الاعلام الدور المناط به في التنوير وتطوير قطاع الصحافة والاعلام والدفاع عن حرية الصحافة والتعبير ونشر وتعزيز قيم السلام والمصالحة وحقوق الانسان والديمقراطية والعمل على وقف الحرب تم تأسيس (منتدى الاعلام السوداني) في فبراير 2024م وهو تحالف يضم نخبة من المؤسسات والمنظمات الصحفية والاعلامية المستقلة في السودان، وبدأ المنتدى نشاطه الرسمي في ابريل 2004م وقد لعب المنتدى دورا هاما ومؤثرا من خلال غرفة التحرير المشتركة وذلك بالنشر المتزامن على كافة المنصات حول قضايا الحرب والسلام وما يترتب عليهما من انتهاكات إلى جانب التقاير والأخبار التي تصدر من جميع أعضائه.
طالب المنتدى طرفي النزاع بوقف القتال فورا ودون شروط، وتحكيم صوت الحكمة والعقل، وتوفير الحماية للمدنيين دون استثناء في كافة أنحاء السودان، كما طالب طرفي الصراع بصون كرامة المواطن وحقوقه الأساسية، وضمان الحريات الديمقراطية، وفي مقدمتها حرية الصحافة والتعبير، وأدان المنتدى التدخل الخارجي السلبي في الشأن السوداني، مما أدى إلى تغذية الصراع وإطالة أمد الحرب وناشد المنتدى الاطراف الخارجية بترك السودانيين يقرروا مصيرهم بأنفسهم.
وفي ذلك خاطب المنتدى المجتمع الدولي والاقليمي بضرورة تقديم الدعم اللازم والمستدام لمؤسسات المجتمع المدني السوداني، خاصة المؤسسات الاعلامية المستقلة لكي تقوم بدورها المناط بها في التنوير ورصد الانتهاكات، والدفاع عن الحريات العامة، والتنديد بجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين، والمساهمة في جهود تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية.
وكذلك لعبت نقابة الصحفيين السودانيين دورا هاما أيضا في رصد الانتهاكات التي طالت الصحفيين والمواطنين حيث أصدرت النقابة 14 تقريرًا يوثق انتهاكات الصحفيين في البلاد.
وقد وثّقت سكرتارية الحريات بنقابة الصحفيين خلال العام الماضي 110 حالة انتهاك ضد الصحفيين، فيما بلغ إجمالي الانتهاكات المسجلة منذ اندلاع النزاع في السودان نحو 520 حالة، من بينها 77 حالة تهديد موثقة، استهدفت 32 صحفية.
وأوضحت النقابة أنها تواجه صعوبات كبيرة في التواصل مع الصحفيين العاملين في المناطق المختلفة بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة وانقطاع الاتصالات وشبكة الانترنت.
وطالبت نقابة الصحفيين جميع المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة والتعبير، والمنظمات الحقوقية، وعلى رأسها لجنة حماية الصحفيين، باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان أمن وسلامة الصحفيين السودانيين، ووقف حملات التحريض الممنهجة التي تشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية التي تكفل حماية الصحفيين في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة.
خطورة ممارسة مهنة الصحافة في زمن الحروب والصراعات
أصبح من الخطورة بمكان أن تمارس مهنة الصحافة في زمن الحروب والصراعات فقد تعرض كثير من الصحفيين والصحفيات لمتاعب جمة وصلت لحد القتل والتعذيب والاعتقالات بتهم التجسس والتخابر فالهوية الصحفية أصبحت مثار شك ولها تبعاتها بل أصبح معظم الصحفيين تحت رقابة الاجهرة الامنية وينظر إليهم بعين الريبة والشك من قبل الاطراف المتنازعة تهمتهم الوحيدة هي البحث عن الحقيقة ونقلها إلى العالم، ولم تسلم أمتعتهم ومنازلهم من التفتيش ونهب ومصادرة ممتلكاتهم خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع.