أرادت بحلمها الذي فاق الحدود أن تجمع بين الهندسة وأصولها والفن التشكيلي؛ فاستخدمت الهندسة كوسيلة للابتكار والإبداع في الفن التشكيلي، ولأنها تحب الفن بأنواعه ومؤمنة برقي هذا النوع من الفن؛ قررت مزج الهندسة بالفن التشكيلي لأنها مؤمنة بمدى القرب بينهما، وبسبب إحساسها الطاغي وعشقها الفن التشكيلي جمعت بينهما.

تتحدث علياء عبد الخالق، والتي تدرس بكلية الفنون الجميلة قسم الهندسة المعمارية، ابنة محافظة الدقهلية، والتي تبلغ من العمر ٢٤ عاما، عن قصة عشقها الفن التشكيلي وكيف استطاعت بحدسها أن تجمع بين مجالي الهندسة والرسم قائلة: بدأت حكايتي مع الرسم حينما شاهدت خالتي وهي ترسم إحدى اللوحات وكانت صورة لي وأنا صغيرة فأعجبت بالصورة وحاولت أن أرسم، ومع الوقت علمتني خالتي الرسم ودربتني على الحس الراقي للرسم والألوان والشعور بها، ومنذ تلك اللحظة عشقت الرسم وتفننت فيه لدرجة أنني قلدت كل ما أشاهده وأراه من شخصيات كرتونية بشكل احترافي.

وتابعت: بدأت برسم الشخصيات الكرتونية وتقليد الصور حتى وصلت لسن الثامنة عشر، وبعدها حصلت على كورسات وصلت من خلالها لدرجة احترافية مكنتني من محاكاة الطبيعة التي على إثرها تفننت في رسم اللوحات الفنية؛ فضلا عن أنني منذ صغري وأنا أمتلك الحس الفني إذ كنت دومًا أشخبط في دفاتر أبي وأشخبط على الحائط وبسبب ذلك الحس قلدت كل رسومات خالتي ووصلت مع الكورسات إلى درجة احترافية مكنتني من النجاح في الرسم والوصول لدرجة احترافية.

واستطردت: بالدرجة الاحترافية التي وصلت إليها استطعت أن أختار كلية الفنون الجميلة قسم هندسة معمارية حتى أكون قريبة من الرسم، وفي نفس الوقت أغذي حبي للهندسة باتخاذها وسيلة للفن التشكيلي والجمع بينهما. 

وعن الصعوبات التي واجهتها تقول: تجلت الصعوبة لدي في نظرة من حولي للرسم وخاصة الفن التشكيلي؛ حيث أن نظرة من حولي كانت متدينة للغاية لدرجة أنهم كانوا ينظروا لكل رسوماتي على أنها آلة طابعة وأنها ضياع للوقت وليس بها تعب أو مجهود أو تكاليف أو معاناة بخلاف التكاليف الخاصة بأي عمل فني سواء تكاليف مادية أو تكاليف خاصة بالصحة والوقت، ولكني تجاوزت ذلك بحسي بأن الفن التشكيلي أرقى ثقافة من أي فن، ما مكنني من مواجهة النظرة الدونية التي قابلتها ممن حولي من أصحابي، وكنت أستخدم أدوات الرسم مثل الرصاص والفابر كاستل والباستل والاكواريل والجوايش والفحم والزيت والجاف، ورسمت شخصيات ولوحات طبيعة ورسمت على خشب وجداريات وزجاج، وتتوقف مدة العمل على طبيعة العمل نفسه فمثلا البورتريه مدة العمل به تستغرق من ٥ أو ٦ ساعات؛ أما عن اللوحات التعبيرية فتصل مدتها إلى أسبوع؛ لأنها تقاس على حسب دقة اللوحة ونوع الخامة وعلى ذلك يمكن أن تصل لأسبوع.

وعن الجوائز التي حصلت عليها تقول: شاركت في تكريمات كثيرة وشاركت في أحد معرض بدار ابن لقمان ببورتريه والذي من خلاله حصلت على المركز الأول وحصلت على درع وجائزة تقديرية، معقبة: أحلم بتجاوز مرحلة النظرة الدونية للرسم وأن أصل بها إلى مرحلة الارتقاء بالفن كدرجة راقية من الثقافة، كما أحلم بوضع بصمة في مجال الفن تُحدد رؤية جديدة راقية للنظرة للفن وخاصة الفن التشكيلي، كما أحلم بأن أدمج الهندسة بمجال الفن التشكيلي واجعله في قالب واحد ومن خلال هذا الخلط أصل برؤيتي إلى تجسيد لوحات تحاكي هذا الأمر، وأشارك به في معارض كثيرة وأصل بها إلى درجة العالمية رافعة علم بلدي.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مواهب المعمارية الفن التشکیلی

إقرأ أيضاً:

الفن المقتول والرواية المبتورة

#الفن_المقتول و #الرواية_المبتورة _ د. #منذر_الحوارات

ردَّ الكاتب العظيم ومدير المسرح القومي البريطاني ديفيد هير، على قرار مارغريت تاتشر برفع الدعم عن المسرح بكلمات كانت بمثابة درس تجاوز حدود بريطانيا، إن السياح يأتون الى بريطانيا من أجل عمارتنا واسواقنا ومسارحنا، يأتون من أجل الثقافة التي أنتجتها بريطانيا عبر قرون وجسّدها المسرح، ثم أضاف: إن السياحة هي ثاني أكبر صناعة لدينا، فالسائح ينفق المال، والحكومة تجني الضرائب، فهي إذًا لا تدعم المسرح، بل تستثمر فيه، لأنها تدرك أنه ليس مجرد خشبة، بل هو أداة لتسويق بريطانيا، وأداة لتأكيد هويتها، وتحويل قصصها إلى اقتصاد وثقافتها إلى مورد وطني.

من هذه القصة نكتشف أن دعم الفن واجب على الدول، فالأمر أبعد من المال بكثير، فالفن هو المدماك الذي تُبنى عليه حكايات الشعوب وروايات الدول، لا يمكن بدون مسرح ودراما وسينما وأدب وموسيقى، أن تُبنى قصة وطنية تخص كل مواطن، والمؤسف أننا نتعامل مع الفن باعتباره كمالية، متناسين حكمة ديفيد هير، وعلى الرغم من أن الأردن لا يعاني من مشكلة في غزارة التاريخ، فهو مليء بالقصص والحكايات، إلا أنه يفتقر إلى من يحكيها، مشكلته ليست في غياب الهوية، بل في الوسائل التي تجعلها ملموسة ومحسوسة وقادرة على التحرك بانسيابية خارج الكتب والخطابات الرسمية والبيروقراطية الحكومية، وليس هناك أداة أفضل من الفن، وخصوصاً الدراما، للقيام بذلك، فهي الوحيدة القادرة على خلق ذاكرة جماعية وشخصيات تعيش في وجدان الناس لعقود.

لذلك، فإن غياب الدراما الأردنية الجادة ليس مجرد خسارة لصناعة فنية، بل هو تراجع في قدرة الأردن على أن يكون له حضور في الوجدان المحلي وصوت في الفضاء الثقافي العربي، في الماضي وضعت الدراما البدوية الأردن في كل بيت عربي، لكنها اختفت، إما لعجزها عن إحداث النقلة بين الماضي والحاضر المتجدد، أو لأنها فشلت في مواكبة التغيير في المجتمع، أو لأنها لم تتلقَّ الدعم المناسب لمواكبة ذلك التغيير، كل ذلك جعل الأردن بلا نافذة يطل منها على مواطنيه وعلى ملايين المشاهدين العرب، وخسر بالتالي الفرصة في أن يروي حكايته ويتحكم في تشكيل صورته، ليكون جزءاً من السردية العربية، لا مجرد بلد يُذكر فقط في الأخبار، بالتالي، فإن هذا التراجع لا يتعلق بالفن وحده، بل يُعد تراجعًا في الاستثمار في الهوية الوطنية، وفي بناء سردية يلمسها الأردنيون قبل غيرهم.

مقالات ذات صلة أزمة الهويات الأوروبية.. صراع وتحالف 2025/03/10

أما الفنانون الأردنيون، فلم تقتصر معاناتهم على قلة الفرص، بل وجدوا أنفسهم خارج المعادلة، إذ انعدمت أمامهم المنصات التي تمنحهم الفرصة ليعبّروا عن أنفسهم، مما دفعهم إمّا للهجرة أو الاعتزال أو القبول بأعمال لا ترقى إلى مستوى إمكانياتهم، وأصبحوا ضحايا الفقر والفاقة، ولا نذكرهم أو نتغنى بهم وبماضيهم إلا عندما يتوفاهم الله، هذه الخسارة لا تقف عند الفنانين فحسب، بل تطال المواطن الأردني الذي افتقد الدراما المحلية، وبات يستهلك الدراما المصرية والتركية والخليجية، والتي – رغم كل الاحترام لها – لن يجد فيها الأردني محتوى يعبر عنه، لا عن لهجته ولا قصصه أو مشاكله وأحلامه أو هويته، وهنا، تُرك ليتبنى هويات الآخرين وتصوراتهم، لأن الفن ليس مجرد تسلية، بل هو أداة لصياغة الوعي وترسيخ الانتماء، وخلق شعور عميق بأن المكان الذي نعيش فيه ليس مجرد جغرافيا وجواز سفر، بل ذاكرة وقصة وهوية، ففي عالم اليوم، لا يكفي امتلاك التاريخ، بل يجب معرفة كيف نحكيه ونسوّقه.

لقد دافع ديفيد هير عن المسرح لأنه جزء من إرث بريطانيا وتاريخها واقتصادها، وبالتالي فإن الدفاع عن الفن، وخصوصاً الدراما في بلدنا، يجب أن يأخذ المنحى نفسه، لأنه دفاع عن حكاية الأردن وصورته في داخله ومحيطه، ودفاع عن هويته، فغيابه يترك فراغًا تملؤه هويات الآخرين، وربما أجنداتهم، وحتى لا نجد أنفسنا لاحقًا على قارعة الطريق، غارقين في الضياع، نبكي الرواية والهوية، ينبغي ألا نقتل الفن، لأن ذلك لن يقف عنده، بل سيطال هويتنا، التي ستصبح مبتورة، غير مكتملة، بلا روح، فالدول باتت تُعرف بفنونها كما تُعرف بحدودها، لذلك، فإن السؤال الذي يجب علينا طرحه لا يجب أن يقتصر على: لماذا تراجع الفن في الأردن؟ بل يجب أن يكون: كيف يمكن إعادته ليكون جزءاً أصيلًا في بناء البلد وهويته، لا مجرد هامش يمكن الاستغناء عنه؟ لأن نتيجة ذلك وخيمة.

الغد

مقالات مشابهة

  • الفن المقتول والرواية المبتورة
  • د.حسام الدين عبد الفتاح عميدا لكلية الهندسة بجامعة القاهرة
  • الزراعة تستعرض إنجازات معهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية فبراير 2025
  • "الزراعة" تستعرض إنجازات معهد بحوث الهندسة الوراثية خلال فبراير
  • إنجاز مصري عالمي.. علياء يونس تحصد جائزة "هيتاشي" العالمية للتمويل الأخضر الذكي
  • فنان سعودي يتحدى الرسم بفمه وبأطرافه ومغمض العينين
  • فتاة: بحب الرسم و في ناس بتقول إنه حرام هل عليا ذنب؟.. علي جمعة يجيب
  • تطبيق مشروع الزراعة المائية الذكية في جامعة صحار
  • جامعة صحار تطبق الزراعة المائية الذكية بمخلفات بيئية محلية
  • لغز بلا أدلة.. الموت الغامض لأيقونة الفن.. من قتل سيد درويش؟