وسط تحديات سياسية كبرى يموج بها العالم، تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة مواجهة تحديات أخرى لا تقل خطورة. أتحدث عن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28»، الذي سوف تستضيفه مدينة إكسبو دبي في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبل.الحدث مهم، والمناخ ملف له تأثيراته المباشرة وغير المباشرة على البشرية جمعاء.
عندما تأملت الشعار الرسمي لـ«كوب 28»، استوقفتني دلالة مهمة، خلاصتها أن الشعار مستوحى من مفهوم «عالم واحد»، بما فيه من أطراف المعادلة، التي تضم الإنسان، والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، وعناصر من الحياة البرية والطبيعية، وجميعها جاء داخل شكل كرة أرضية.
قبل الإبحار في تفاصيل هذه القضية الجوهرية، لا بد من الإشارة إلى أن مؤتمر الأطراف COP، المعروف بمؤتمر المناخ، هو حدث سنوي شتوي تنظمه إحدى الدول الأعضاء باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ «VNFCCC»، التي تم التوقيع عليها عام 1992، وأصبحت حيز التنفيذ عام 1994، وجاء هدفها في المقام الأول تقليل خطر التدخل البشرى في مسببات التغير المناخي.
في الحقيقة، لا بد أن نتوقف أمام ثوابت تؤكدها كل التقارير الدولية للمؤسسات ذات الصلة بأن مستقبل البشرية بات مهدداً من العواصف وأعاصير مناخية لا يمكن تجاهل أو الصبر على خلق آليات سريعة لمواجهتها، فيكفي أن أؤكد هنا أن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية يتطلب تحولات وتحركات فائقة السرعة، وبمنظور طويل المدى في التعامل مع الأرض والطاقة والصناعة والمباني والنقل والمدن، فضلاً عن الخطر الداهم الذي يحتم انخفاض الانبعاثات العالمية الصافية الناتجة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 45 % من مستويات عام 2010، وذلك بحلول عام 2030، لتصل إلى «صافي الصفر» في عام 2050.
من خلال متابعتي استعدادات دولة الإمارات منذ الإعلان عن اختيارها لتنظيم «كوب 28» ألاحظ حراكاً كبيراً ينطلق وفق رؤية وفلسفة تناسبان حجم هذا الخطر الذي يحدق بالعالم، فضلاً عن الرؤية التي تنطلق من السعي نحو تحقيق الحياد الكربوني إلى أهمية الوعي بضرورة التصدي العاجل والمسؤول لظاهرة التغير المناخي، والحرص الشديد على تحويل آثار هذه الظاهرة السلبية إلى فرص تنموية خلاقة، تعزز الاستدامة والتنوع الاقتصادي وجودة الحياة.
وهنا لا يفوتني التأكيد أن الخطة الوطنية للتغير المناخي (2017 - 2050) تؤكد أن التغيرات المناخية تلقي بظلالها على القطاعات الاقتصادية، ومختلف شرائح المجتمع كافة؛ إذ إن الأدلة العلمية المتزايدة على تغير المناخ تؤكد ضرورة توحيد وتعزيز جهود التصدي لتداعيات هذه الظاهرة.
وفي تقرير لصندوق النقد الدولي أكد ضرورة أن تستمر الإصلاحات في إطار استراتيجية الإمارات 2050، مع التركيز على النمو المتنوع والشامل، لضمان نهج متوازن لانتقال الطاقة والحفاظ على آفاق اقتصادية قوية، وسط جهود إزالة الكربون العالمية.
ويأتي الإعلان الإماراتي لتحقيق الحياد المناخي في موعد أقصاه عام 2050 متوائماً مع أهداف «اتفاق باريس للمناخ» المبرم عام 2015؛ لتحفيز الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى، لخفض انبعاث الغازات الدفيئة، والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض.
اللافت للنظر هنا أن دولة الإمارات تواصل استلهام رؤية وفكر القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في الاستدامة، وتحرص على ترسيخ استراتيجية في حماية البيئة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة دولة الإمارات
إقرأ أيضاً:
وفد إماراتي يبحث توطيد العلاقات مع أوروبا
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي استكشاف فرص الارتقاء بالعلاقات الاستراتيجية بينهما لمستويات جديدة تحقق الأهداف التنموية للطرفين. وخلال زيارتهما إلى بروكسل، التقى أحمد علي الصايغ وزير دولة، والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، مجموعة من كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي لبحث سبل توطيد العلاقات.
جاء ذلك ضمن زيارة رسمية لوفد إماراتي ضم كلاً من، سعيد الهاجري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، ومحمد السهلاوي سفير دولة الإمارات لدى مملكة بلجيكا والاتحاد الأوروبي ودوقية لوكسمبورغ الكبرى، وجمعة الكيت الوكيل المساعد لشؤون التجارة الدولية بوزارة الاقتصاد.
وتعكس الزيارة إلى جانب تنامي العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي، الرؤية الاستشرافية للدولة، والتي تسعى إلى ترسيخ مكانتها كوجهة عالمية رائدة في التجارة والاستثمار، عبر توثيق الشراكات الاستراتيجية مع جميع الدول الأعضاء في التكتل، والبالغ عددها 27 دولة، علماً بأن الاتحاد الأوروبي، ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات، بحصة 8.3% من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية للدولة في عام 2024.
وأكد أحمد الصايغ أن دولة الإمارات تؤمن بأن تعزيز التعاون الدولي هو أفضل ضمانة لمواجهة تحديات الاقتصاد العالمي.
من جانبه، أكد الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، متانة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي يعد شريكاً استراتيجياً رئيسياً لدولة الإمارات، حيث يمثل قوة اقتصادية وصناعية كبرى.