القنبلة الذرية والفوضى النووية
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
منذ اكتشاف الانشطار النووي، وتمكن العلماء من قذف ذرات اليورانيوم بوابل من النيوترونات، والفاعلية الإشعاعية للقنبلة النووية، أصبحت القنبلة النووية، لا تهدد اليوم بتدمير فقط ما حققه وسيحققه الإنسان، بل تهدد كل حياة عضوية بالدمار الشامل؛ فحرارة الطاقة النووية تحرق كل ما تطوله، ولم يكتف الإنسان بذلك، بل زاد الأمر فتكاً بتصنيع القنبلة الهيدروجينية.
وقد سارعت الدول الكبرى إلى إجراء التجارب النووية في الأراضي غير الآهلة بالسكان فوق الأرض وفي باطنها، وكذلك في أعماق المحيطات. وكان أول اختبار للولايات المتحدة للقنبلة الهيدروجينية في جزر مارشال، فيما أطلق عليه عملية «قلعة برافو» ما أدى إلى تلوث الهواء بالإشعاع، ودعا ذلك إلى إجلاء سكان تلك الجزر الذين تضرروا كثيراً، ولم يقف الأمر عند ذلك فقط؛ بل وصلت سحابة الإشعاع إلى اليابان.
ولتجنب آثار هذه التجارب دعا رئيس وزراء الهند آنذاك، جواهر لال نهرو، إلى إنشاء اتفاقية لتجميد الاختبارات النووية، ولقيت دعوته استجابة من قبل حزب العمال البريطاني، كما اقترح الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف بدء مفاوضات حول حظر شامل للاختبارات النووية.
وهكذا استمر سباق التجارب النووية من قبل الطرفين. وليت الأمر توقف على القطبين الكبيرين في ذلك الوقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي؛ بل دخلت النادي النووي دول أخرى كفرنسا وبريطانيا والصين، وزاد الطين بلة دخول دول أخرى إلى النادي النووي مثل: الهند وباكستان وكوريا الشمالية وإسرائيل، ما أدى إلى زيادة الجزيئات المشعة في الغلاف الجوي للأرض.
وبعد انتهاء الحرب الباردة اتفقت روسيا، الوريث الشرعي للاتحاد السوفييتي، والولايات المتحدة على تجديد تلك المفاوضات، والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاقية دولية لحظر شامل للتجارب النووية، وفُتح التوقيع على المعاهدة عام 1996، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ قط، لأن المعاهدة تتضمن نصاً عاماً وملحقاً ثانياً يضم أربعاً وأربعين دولة تم اعتبارها عند المفاوضات حول المعاهدة، حائزة منشآت وتكنولوجيات تخولها إمكانية تنفيذ برامج نووية ذات طابع عسكري، وهذه الدول مسؤولة عن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ. وقد وقعت إحدى وأربعون دولة منها على المعاهدة، وصادقت ست وثلاثون دولة منها فقط عليها. وقد صادقت على المعاهدة روسيا وفرنسا وبريطانيا لكن خمس دول موقعة على الاتفاقية لم تبرمها، وهي الولايات المتحدة والصين وإيران ومصر واسرائيل. ما أدى إلى عدم دخول المعاهدة حيز التنفيذ حتى الآن. ورغم ذلك فقد توقفت التجارب النووية من قبل القوى الكبرى، حيث إنها اكتفت بإجراء محاكاة حاسوبية؛ لتحديد قدرة الرأس النووي الذي تم إنتاجه، وبعد انفتاح الصراع بين روسيا من جهة وبين دول الغرب من جهة أخرى، بسبب الحرب في أوكرانيا، فقد عاد السلاح النووي إلى الحضور بشكل كثيف.
وفي خطوة تؤكد التوجه الروسي للتحرر من تلك المعاهدة فقد وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانوناً يعلق تصديق روسيا على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. ولا شك أن هذا الانسحاب من المعاهدة سيمنح روسيا القدرة على إجراء التجارب النووية، للتأكد من قدرات الرؤوس النووية التي تم تصنيعها في فترة التوقف عن التجارب، ولاسيما تلك الرؤوس التي يحملها الصاروخ «سارمات»؛ ما قد يجعل العالم على حافة كارثة نووية.
إنّ تناسي الكوارث التي حلت على البشرية جراء الدمار الذي حلّ بهيروشيما وناغازاكي، وكارثة تشرنوبل ينذر بمزيد من المعاناة التي يدفع ثمنها الإنسان، وكل كائن حي على كوكب الأرض، فليس من العقل ولا الحكمة التنافس بين القوى الكبرى في كتابة مشهد النهاية لكوكب الأرض، فهل ينتبه العقلاء لما ينتظر البشرية من مستقبل مظلم جرّاء هذا السباق المجنون؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الحرب الأوكرانية التجارب النوویة
إقرأ أيضاً:
"الرقابة النووية والإشعاعية" خارطة الطريق العربية 2024-2030 خطوة محورية لتعزيز القدرات للتصدي للطوارئ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اختتمت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية أعمال الاجتماع الإقليمي لوضع خارطة طريق عربية في مجال التصدي للطوارئ النووية والإشعاعية، والذي تم تنسيقه بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والشبكة العربية للطاقة الذرية وجامعة الدول العربية.
وعلى مدار ثلاث أيام استضافتهم هيئة الرقابة النووية والإشعاعية لفريق خبراء من الدول العربية المعنية امتدّت المناقشات حوّل الركائز الأساسية للتعاون العربي الفعّال والمستدام في مجال التأهب والتصدي للطوارئ النووية والإشعاعية، وكذا تطوير البنية التحتية والقدرات البشرية اللازمة للتصدي لأي طوارئ محتملة، وتبادل المعرفة والخبرات بين الدول الأعضاء، وتعزيز التنسيق مع الهيئات الدولية مثل الهيئة العربية للطاقة الذرية والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويذكر أن جامعة الدول العربية قد استضافت الشق رفيع المستوى للاجتماع سالف الذكر، وذلك تأكيدا لكون خارطة الطريق تمثل ركيزة أساسية للارتقاء بمنظومة متكاملة تعنى بالمخاطر التي يمكن أن تتعدى الحدود الجغرافية للدولة مما يتطلب تنسيق الجهود الإقليمية والدولية سواء بشكل استباقي لأي طارئ لمرحلتيه سواء الوقاية أو الاستعداد أو أثناء وقوع الحدث أو بعده وكيفية التعامل مع تلك المراحل.