الدفاع عن النفس وأنانية الدلالات الغربية
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
لا تخرج الحوارات بشأن الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة في القنوات الإذاعية والتلفزية الغربية على النمط المعهود منذ عدة عقود. يطرح المذيع السؤال، فيأخذ السياسي في الإجابة وما أن يصل إلى الجملة الثالثة أو الرابعة حتى يذكر «حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن النفس» أو «حق إسرائيل في الدفاع المشروع عن النفس».
ولم يحدث طيلة أكثر من أربعين سنة أن سمعت سياسيا غربيا واحدا يذكر، ولو مرة يتيمة، حق الفلسطينيين أو اللبنانيين، أو العرب عموما، في الدفاع عن النفس. لهذا قرأت ببالغ الاهتمام التصريحات التي أدلى بها قبل أيام المؤرخ هنري لورنس والتي صدّرها بالقول: إن الغرب لا يستطيع أن يتصور أن للفلسطينيين أيضا الحق في الدفاع عن النفس! وهنري لورنس مؤرخ فرنسي مرموق يدرّس تاريخ الشرق الأدنى في «كوليج دو فرانس» وقد كانت أعماله، وخصوصا الكتاب المرجع «شرقيات» من أهم المصادر التي اعتمدت عليها في إنجاز السلسلة الوثائقية التلفزية عن «الحرب العالمية الأولى في عيون العرب». وهو من طراز المؤرخين الذين تغنم منهم جديدا مفيدا كلما قرأت لهم، حتى لو تعلقت القراءة بوقائع وعهود لك سابق معرفة بشخصياتها وتفاصيلها.
يرى هنري لورنس أن الحرب المستمرة على غزة تمثل أحدث الاعترافات الإسرائيلية بإخفاق المشروع الصهيوني. ذلك أننا نحيا الآن مجددا أحداث 1948، عندما استولت إسرائيل على المنطقة التي حدثت فيها مجازر 7 أكتوبر، حيث تم قبل 75 عاما تهجير أكثرية السكان الفلسطينيين نحو المنطقة التي صارت تعرف باسم بقطاع غزة. هذا لا يبرر الفظائع، ولكن لا بد من الوعي بأن الذين نفذوا الهجمات هم أحفاد أولئك الذين طُردوا وهُجّروا عام 1948. كما أن ما حدث هو من الآثار الارتدادية لحرب 1967. حيث أخذ عدد القتلى منذئذ يرتفع ارتفاعا دائما، بما يقلل احتمال التوصل إلى حل سياسي، أيا كانت طبيعة المقاومة الفلسطينية. إذ بعد فرض الاحتلال عام 1967 لم يكن المقاتلون الفلسطينيون في قطاع غزة إسلاميين، بل كانوا من اليساريين. وكان القمع، منذ ذلك العهد، شديدا قاسيا ويشمل كثيرا من عمليات هدم البيوت، خصوصا عندما كان الأمر في يد شارون.
أما ما يردده الساسة الغربيون من وجوب عدم استيراد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي إلى صلب السياسة الداخلية في الديمقراطيات الغربية، فإن لورنس يرى أنه موقف يفتقر إلى الواقعية. إذ إن من خصوصية هذا النزاع أنه مستحوذ على اهتمام الرأي العام في معظم بلدان الغرب منذ عام 1967. من ذلك أن الفظائع التي ارتكبتها في قرة باغ قبل أسابيع القواتُ الآذرية المسلحة تسليحا إسرائيليا لم تُعْقِب إلا بعض الردود الغَضْبَى ولم تُثِر أي مشاعر لدى الجماهير الغربية. فلا يمكننا تخيل قدوم حاملة طائرات أمريكية إلى البحر الأسود لحماية الأرمن. أما النزاع العربي الإسرائيلي فهو مثار مواقف حادة ومشاعر جياشة بسبب من ارتباطه بالأرض المقدسة والديانات السماوية الثلاث. وقد كان شعور الرأي العام الفرنسي بالنصر الإسرائيلي في حرب 1967 شعور فخر وبهجة باعتباره ثأرا من (هزيمة) حرب الجزائر. لقد تحولت القضية الفلسطينية إلى قضية نضالية عند اليسار المناهض للاستعمار، أي اليسار الذي ناضل في سبيل استقلال الجزائر. كما أنها صارت رمزا لدى الشتات العربي، حيث أظهرت الدراسات أن الموقف من إسرائيل هو عنصر قوي في بناء الهوية لدى أبناء المهاجرين العرب والمسلمين في البلدان الغربية.
ويلاحظ لورنس أن المناهضة الغربية الرسمية لكل أشكال التضامن مع الفلسطينيين، بعنوان مناهضة الإرهاب، إنما تلقى صدى سياسيا قويا لدى الرأي العام الغربي لأنها تتجاوب مع كراهيته للجاليات المسلمة. كما أن الحكومات الغربية ضاربة منذ 15 سنة عن المسألة الفلسطينية صفحا لأنها توهمت أنه يمكن تركها تتعفن في نزاع منخفض الحدة، بحيث تكفي صدقات الإغاثة الإنسانية للتستر على انعدام الإرادة السياسية.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الغربية الاحتلال غزة الاحتلال الغرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الدفاع عن النفس
إقرأ أيضاً:
تقرير: حزب الله يستخدم صواريخ إسرائيلية ضد إسرائيل
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن حزب الله يستخدم صاروخا متطورا ضد إسرائيل تم هندسته عكسيا من سلاح إسرائيلي استولى عليه في حرب سابقة، وفقا لمسؤولي دفاع إسرائيليين.
ويعتقد أن مسلحي حزب الله استولوا على صواريخ "سبايك" الإسرائيلية الأصلية المضادة للدبابات خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان عام 2006 وشحنوها إلى إيران، الدولة الداعمة الرئيسية لهم، لاستنساخها، كما يقول مسؤولو دفاع إسرائيليون وغربيون وخبراء أسلحة.
وبعد ثمانية عشر عاما، يطلق حزب الله صواريخ "الماس" التي أعيدت تسميتها على القواعد العسكرية الإسرائيلية وأنظمة الاتصالات وقاذفات الدفاع الجوي بدقة وقوة كافية لتشكل تحديا كبيرا للقوات العسكرية الإسرائيلية.
وقيام إيران وقواتها بالوكالة باستنساخ أنظمة أسلحة لاستخدامها ضد الخصوم الذين صمموها ليس بالأمر الجديد. إذ سبق لطهران أن نسخت طائرات بدون طيار وصواريخ أميركية.
لكن صاروخ الماس هو مثال على الاستخدام المتزايد للأسلحة الإيرانية التي "تغير بشكل أساسي ديناميكيات القوة الإقليمية"، وفقا لمحمد الباشا، محلل أسلحة الشرق الأوسط الذي يدير شركة استشارية للمخاطر مقرها في فرجينيا.
ويضيف الباحث للصحيفة "ما كان في يوم من الأيام انتشارا تدريجيا لأجيال الصواريخ القديمة تحول إلى نشر سريع للتكنولوجيا المتطورة عبر ساحات القتال النشطة".
قال مسؤولو الدفاع الإسرائيليون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات استخباراتية حساسة، إن صواريخ الماس كانت من بين مخزونات أسلحة حزب الله التي استولت عليها القوات الإسرائيلية منذ بدء اجتياحها لجنوب لبنان قبل حوالي شهرين.
برزت الصواريخ كبعض الأسلحة الأكثر تطورا من ضمن ما وجد في مخبأ كبير من الذخائر منخفضة الجودة في الغالب، بما في ذلك صواريخ كورنيت المضادة للدبابات الروسية الصنع.
الماس هو صاروخ موجه لا يحتاج إلى رؤية مباشرة لخط العين للانطلاق من المركبات البرية والطائرات بدون طيار والمروحيات والأنابيب التي تطلق من على الكتف.
إنه ما يسمى بصاروخ الهجوم الأعلى، مما يعني أن مساره الباليستي يمكن أن يضرب من فوق أهدافه مباشرة بدلا من الجانب ويضرب الدبابات حيث تكون مدرعة خفيفة وضعيفة.
وقال مسؤولو دفاع إسرائيليون إن الماس هدد الوحدات والمعدات الإسرائيلية بالقرب من الحدود اللبنانية.
وقال تحليل أجراه مركز ألما للأبحاث والتعليم في أبريل إن الصواريخ ستهدد مجموعة متنوعة من الأهداف عالية الجودة (وليس فقط الإسرائيلية) على نطاقات متزايدة.
وظهر الماس لأول مرة بعد سنوات من انتهاء الحرب في لبنان في عام 2006. بعد وقت قصير من انتهاء الحرب، فحص الجيش الإسرائيلي قائمة جرد للمعدات التي نشرها في لبنان. وظهرت تباينات بين ما تم نقله إلى لبنان، وما أعيد وما تأكد أنه دمر في القتال.
وأصبح من الواضح أن نظام صواريخ سبايك بأكمله، بما في ذلك قاذفة وعدة وحدات صاروخية، قد ترك على الأرجح في الميدان، وفقا لاثنين من مسؤولي الدفاع الإسرائيليين. ومنذ تلك اللحظة فصاعدا، عرفت إسرائيل أن هناك خطرا كبيرا من نقل الأسلحة إلى إيران، حيث يمكن تفكيكها وهندستها عكسيا.
ويقول مسؤولو المخابرات الإسرائيلية إن حزب الله استخدم الماس باعتدال عندما قاتل في الحرب الأهلية في سوريا، حيث ساهم حزب الله بمقاتليه وقوته النارية لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ويقوم حزب الله الآن بتصنيع صواريخ الماس في لبنان لتقليل اعتماده على سلاسل التوريد الإيرانية، وفقا لمسؤولي الدفاع الإسرائيليين. ويعتقد أيضا أن الصواريخ أنتجت في إيران لصالح الجيش الإيراني.
وقال خبراء الأسلحة إن الماس شوهد علنا في عام 2020 أثناء تسليم الشركة المصنعة لطائرات بدون طيار منتجة حديثا إلى الجيش الإيراني. وكشف الجيش الإيراني النقاب عن الصاروخ بإطلاقه خلال مناورة عسكرية عام 2021.
ولكن لم تبدأ التقارير عن استخدام الماس في القتال في الظهور حتى أوائل هذا العام في الهجمات على إسرائيل، وفقا لباحثين من "جينس" وهي شركة استخبارات الدفاع ومقرها في بريطانيا.