يعتب الفلسطينيون على العرب، الذين يعقدون قمة طارئة اليوم فى الرياض، لبحث سبل وقف العدوان الصهيونى على قطاع غزة، تركهم فريسة لآلة القتل والدمار الإسرائيلية، وعدم هرولتهم مبكرا لإنقاذهم من الموت.
عتاب مشروع بلا شك لشعب أعزل، يواجه منفردا مجازر وعمليات إبادة جماعية منذ يوم السابع من أكتوبر الماضى، راح ضحيتها أكثر من 11 ألف شهيد بينهم 4412 طفلا و2918 سيدة و667 مسنا، فضلا عن 27 ألف مصاب، بحسب بيانات وزارة الصحة فى غزة.
كذلك أدى العدوان الصهيونى إلى تدمير أكثر من 300 ألف منزل فى قطاع غزة، وفقا لتصريحات محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطينى، فيما تشير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إلى أن 70% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليونى نسمة أصبحوا نازحين.
أرقام مخيفة بالطبع، يضاعف من قسوتها الإجرام الصهيونى بفرض الحصار المحكم على القطاع، وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية ومنع تزويده بالكهرباء والماء والوقود، فضلا عن الاستهداف المستمر للمنشآت الطبية، إلى درجة أن أكثر من نصفها خرج تماما عن الخدمة، فيما أغلقت 71 بالمائة من مراكز الصحة الأساسية أبوابها، بينما تعانى جميع المستشفيات التى لا تزال فى الخدمة من وضع مأساوى، بسبب غياب الإمدادات الطبية، والاكتظاظ الشديد للمصابين جراء استمرار القصف الإسرائيلى الوحشى لمنازل المدنيين، ما دفع الأطباء إلى إجراء عمليات جراحية من دون تخدير!!.
إزاء وضع كارثى ودموى وسوداوى مثل هذا، والذى يتفاقم فى كل ساعة، ليس مستغربا أن يتساءل الفلسطينيون فى ألم وحسرة وغضب «أين العرب؟»، ولماذا «لم يهبوا لنجدتنا بالشكل الكافى، بعد مضى أكثر من شهر على المحرقة الصهيونية التى تجرى على أرض القطاع؟».
تساؤلات مشروعة للغاية من جانب الفلسطينيين، بل ومن حقهم أن يجدوا الدعم والمساندة المطلقة من الأشقاء العرب ضد العدوان الصهيونى، لكن على أرض الواقع، تبدو الأمور مختلفة إلى حد كبير، حيث حدثت تغيرات كثيرة ومتلاحقة لم يلحظها الفلسطينيون أنفسهم، نتج عنها هوة شاسعة ومسافات هائلة بين الواقع العربى الراهن وبين المأمول أو المتصور فلسطينيا، بعدما جرت فى الأنهر العربية مياها كثيرة، جعلت القضية الفلسطينية وهمومها ومشكلاتها فى ذيل أجندة الاهتمامات لدى العديد من الدول العربية.
بصراحة أكثر.. يعتقد جزء من العرب فى الوقت الحالى، أن القضية الفلسطينية أضحت «حملا زائدا»، ينبغى التخلص منه تحت أى لافتة للحل، مهما كان مجحفا أو غير ملائم، حتى يتسنى له الانطلاق إلى الأمام من دون أن يضطر للنظر أو الاستغراق فى تفاصيل الماضى وتعقيداته، بل إنه يعتبر أن العدوان الحالى على غزة، ليس سوى مواجهة بين مشاريع إقليمية متصارعة، تريد توريطه فيما لا يرغب أو يريد أن يذهب إليه، وبالتالى لم يتفاعل مع ما يحدث من مجازر ضد أهل القطاع، سوى ببيانات إدانة تقليدية وبعض المساعدات الإنسانية، واستبعد تماما من تحركاته السياسية، إمكانية التلويح باستخدام أى أدوات اقتصادية مهمة بين يديه من أجل وضع حد لحمامات الدم فى غزة.
جزء آخر من العرب، ومنهم مصر والأردن على سبيل المثال، يستشعر خطورة اللحظة الراهنة، ويرى بوضوح الهدف النهائى الذى تسعى آلة الدمار الإسرائيلية إلى تحقيقه، والمتمثل فى تصفية القضية الفلسطينية نهائيا على حسابه، عبر تهجير سكان غزة والضفة وتوطينهم فى سيناء والأردن، وهو ما تم التصدى له والوقوف فى وجهه بكل الإمكانات المتاحة بين يديه، محاولا الدفع نحو وقف العدوان وتسهيل إيصال المساعدات ورفض وجود أى قوات أجنبية فى القطاع، أو محاولة استقطاع أى جزء منه لصالح المحتل الصهيونى.
أما الجزء الأخير من العرب، فهو غارق منذ سنوات طويلة مضت فى مشاكله وأزماته الداخلية وصراعاته وحروبه الأهلية، ومن ثم لا يمكن التعويل عليه فى دعم ومساندة الفلسطينيين، بل إن أقصى ما يستطيع فعله، هو الدعاء لهم بالثبات والصمود فى وجه العدوان الصهيونى المتوحش.
هذه هى الصورة العامة للواقع العربى الراهن، وبالتالى ليس على الفلسطينيين سوى التعامل مع هذا الوضع مهما كان محبطا، والاعتماد على أنفسهم فى مواجهة المحتل الصهيونى.. فالصراع تحول منذ زمن بعيد، من صراع «عربى إسرائيلى»، إلى صراع «فلسطينى إسرائيلى»، وإذا كان بعضهم لا يزال يتذكر مقولة رئيس الإمارات الراحل الشيخ زايد آل نهيان، خلال حرب أكتوبر 73، أن «النفط العربى ليس أغلى من الدم العربى»، فعليه أيضا مشاهدة مقطع الفيديو الذى راج مؤخرا على «السوشيال ميديا» للرئيس الراحل مبارك، عندما سئل فى مؤتمر صحفى عن إمكانية مساندة العرب للفلسطينيين ضد إسرائيل وأمريكا، فقال ضاحكا وساخرا: «ابقى تعالى قابلنى»!.
"الشروق المصرية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العرب غزة مقاومة غزة العرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدوان الصهیونى أکثر من
إقرأ أيضاً:
«التنسيقية» تدعو لإطلاق أكثر من وفد سياسي وشعبي لمنع تهجير الفلسطينيين
أكدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين دعمها الكامل وتضامنها المطلق مع الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي، ورفضها القاطع لكافة محاولات التهجير الطوعي أو القسري التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تمثل انتهاكًا صارخًا لكافة القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، دعمًا للشعب الفلسطيني ورفضًا للتهجير القسري انطلاقًا من دورها الوطني ومسؤوليتها تجاه القضايا العربية العادلة.
وشددت التنسيقية، في بيان، اليوم الثلاثاء، على أن القضية الفلسطينية ستظل قضية العرب الأولى، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني له الحق الكامل في تقرير مصيره.
أهمية الاصطفاف الوطنيوأكدت أهمية الاصطفاف الوطني خلف القيادة المصرية، مشيدة بوحدة وتماسك الأحزاب والقوى السياسية المصرية بمختلف أطيافها وأيديولوجياتها في دعم الموقف الرسمي للدولة المصرية، والذي يهدف إلى تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، ورفض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو تهديد الأمن القومي المصري والعربي.
دعم القضية الفلسطينيةكما أشادت بالموقف الوطني المشرف لمجلس النواب المصري، في دعمه الثابت للقضية الفلسطينية، ورفضه القاطع لمحاولات التهجير، سواء تحت قبة البرلمان، أو في المحافل الدولية والإقليمية، ومواقفه التي تعكس التزام مصر التاريخي تجاه الأشقاء الفلسطينيين، كما ثمنت دعوة الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بتشكيل وفود شعبية تتوجه إلى معبر رفح على الحدود المصرية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، دعت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين كافة القوى السياسية المصرية، للانطلاق بوفود سياسية وشعبية، للتعبير عن تضامن الشعب المصري مع الشعب الفلسطيني، معلنة عن إطلاق أكثر من وفد سياسي وشعبي لدعم الأشقاء في الأراضي المحتلة، ورفض محاولات التهجير، وتصفية القضية الفلسطينية.
كما دعت التنسيقية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني، والضغط على الاحتلال لوقف سياساته القمعية وإجراءاته غير القانونية التي تهدد الاستقرار في المنطقة.