رام الله- استنادا إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيرة الاستيطان أوريت ستروك ومسؤولين آخرين، فإن من بين أهداف اقتحام مخيم جنين: استعادة معادلة الردع، وتحقيق حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في المخيم والأمن للمستوطنين على الطرقات، و"تدمير البنية التحتية للإرهاب وإنتاج المتفجرات".

ووفقا لخبيرين اثنين تحدثا للجزيرة نت، فإنه بالنظر إلى نتيجة الاقتحام، فإن النهاية كانت "فضيحة كبرى" وشكلت "فشلا ذريعا" وفق المعيطات على الأرض بالمَعنيين السياسي والعسكري، مما خلق حالة ومعادلة جديدة خرج بها المخيم أقوى من ذي قبل.

وفجر الاثنين الماضي، اقتحم جيش الاحتلال مخيم جنين، في أوسع عملية له منذ عملية السور الواقي عام 2002، وشارك في الاقتحام أكثر من 3 آلاف جندي و200 آلية عسكرية وعشرات الطائرات.

وفجر اليوم الأربعاء، انسحب الجيش من المدينة ومخيمها تحت النار، مخلفا 12 شهيدا ونحو 120 جريحا، ودمارا هائلا في المنازل والبنية التحتية.

لحظة تفجير عبوة ناسفة بجيب صهيوني في #جنين ..
كُلفة اقتحام #مخيم_حنين باتت صعبة على القوات الاسرائيلية ..#جنين_البطولة #جنين_تقاوم #فلسطين_قضية_الشرفاء pic.twitter.com/nvz4JTd9mV

— جابر الحرمي (@jaberalharmi) July 4, 2023

هروب تحت النار

يقول مدير البحث في المركز الفلسطيني للدراسات والبحوث الإستراتيجية خليل شاهين، إن الأهداف المعلنة من الجانب الإسرائيلي "كبيرة وذات طابع إستراتيجي".

وأضاف أن هدف "استعادة الردع" جاء إثر تآكله، خاصة بعد معركة جنين يوم 19 يونيو/حزيران الماضي وإعطاب مركبة "النمر" وإصابة مروحية بالرصاص، في مشهد ظل حاضرا في ذهن قادة المؤسستين العسكرية والسياسية بإسرائيل، لكن هذا لم يتحقق بسبب خسائر الجيش أثناء انسحابه.

وتابع أن هدف الاحتفاظ بالقدرة على حرية الحركة للجيش دون أي مقاومة في جنين، من حيث إمكانية الاقتحام والدخول والخروج من المدينة والمخيم، يعني القضاء على المقاومة، لكنه باء بفشل ذريع.

#جنين مصنع الرجال وعرين الأسود ???? pic.twitter.com/YdI81IKAwu

— #سعوديون_مع_الاقصى (@Saudis2018) July 4, 2023

ويقول شاهين إن الجيش تحدث بداية عن ملاحقة 350 مسلحا فلسطينيا، ثم تراجع إلى 160 مطلوبا، وفي الواقع قتل 12 فلسطينيا بينهم أطفال.

أما عن هدف "الحفاظ على بيئة آمنة" للمستوطنين ومنع إطلاق النار عليهم وفي الطرق التي يمرون منها، فقد كان العكس، وتزايدت عمليات إطلاق النار أثناء الاقتحام، وفق شاهين.

ويرى المحلل الفلسطيني أن العملية الإسرائيلية "فاشلة تماما بالمعنى العسكري، وشاهدنا انسحابا تحت النار أقرب إلى الهروب، قتل خلاله جندي وأصيب آخرون، في فضيحة مدوية للجيش وقياداته".

أي قلب تحملونه يا شباب جنين وأنتم تواجهون بسلاحكم البسيط، أعظم قوى الشر في هذا العالم !!
لله دركم ما أعظم أجركم !! pic.twitter.com/cLZLE9YjsK

— جهاد حلس، غزة (@Jhkhelles) July 3, 2023

وأضاف "لم يتمكن الجيش الذي يبحث عن حرية الحركة من التقدم في المخيم، وانحصرت عملياته في أقل من كيلومتر مربع  جنوب غرب المخيم، بل إن كتيبة جنين استعادت زمام المبادرة وواصلت شنّ الهجمات".

وأشار إلى تسريبات استبقت الانسحاب، تتحدث عن توصيات من المستوى العسكري بضرورة إنهاء العملية لعدم تحقيق أهدافها، وأن "الجيش ذهب لاستعادة الردع فخرج بطريقة مهينة، وتضرر أكبر في الردع".

جنازة مهيبة حاشدة لوداع شهداء عدوان الاحتلال في مخيم جنين pic.twitter.com/WwDDQlscx1

— شجاعية (@shejae3a) July 5, 2023

دلالة صواريخ غزة

وفي قراءته لإطلاق 5 صواريخ من قطاع غزة بالتزامن مع إنهاء العملية، يقول شاهين إن ذلك شكل ضربة لنتنياهو الذي صرّح بأن حماس والجهاد رُدعتا وتلقتا ضربة قاصمة.

وتابع "ذكّرته المقاومة في غزة أنها حاضرة، وأنه كان يمكن لها أن تتدخل من البداية، لكنها انتظرت حتى يتم صدهم ببسالة في جنين".

ويرى شاهين أن "ما تحقق عكس ما أرادته المؤسسات السياسية والعسكرية في إسرائيل، فالمقاومة لم تنته وظل المقاومون يطلقون النار طوال فترة الاقتحام، ثم جاءت عملية الدعس والطعن في تل أبيب كنتيجة لتلك العملية"، لافتا إلى أنه في الوقت الذي ذهبت فيه النخبة العسكرية إلى مخيم جنين، تمكن فلسطيني واحد من إيقاع أكبر عدد من الخسائر بين الإسرائيليين في تل أبيب.

"الجيش الإسرائيلي يبدأ الانسحاب من منطقة جنين بعد 48 ساعة على العملية"

فشل في تحقيق الاهداف pic.twitter.com/YgZBgCApwy

— Hanzala (@Hanzpal2) July 4, 2023

هل يتجرع الجيش مرارة الهزيمة؟

وعن شكل التعامل الإسرائيلي مستقبلا مع مخيم جنين، يرى شاهين أنّ من الصعب عليه تجرُّع مرارة هذه الهزيمة، وسيحاول استعادة صورة الردع ولو بشكل شكلي من خلال محاولة المس بالمقاومين أو تحقيق "صيد ثمين" من خلال الجو أو الوحدات الخاصة، لأن التقدم البري بات مكلفا جدا ونتائجه عكسية.

مع ذلك لا يستبعد استمرار الاجتياحات ومحاولة دخول جنين أو أجزاء منها بطريقة تشكل حالة ضغط على المخيم من أطرافه، وهنا يشير إلى محاذير تتعلق بالعبوات "التي باتت تخلق حالة من الردع للقوات، والقلق والخوف لدى الجنود الذين اختبؤوا في البيوت ولم يتجرؤوا على النزول إلى الشوارع".

وعلى صعيد الفصائل الفلسطينية، يقول شاهين إن المعركة أظهرت مدى تطور قدرات كتيبة جنين والمقاومين بشكل عام، من حيث التخطيط والتنظيم والأدوات وخاصة البنادق الرشاشة واستخدام العبوات الناسفة، مشيرا إلى أن الجيش فشل في العثور على مخازن أسلحة أو عبوات كبيرة، وما عرضه يسمى محليا "أكواع"، ويمكن تصنيعها من أصغر الفتية وفي ساعات.

ويسألونك عن #مخيم_جنين فقل:وجد المقاومون هذه الرسالة في بيت من بيوته⬇️ pic.twitter.com/69b5fd4NQp

— سَري سمور (@SariSammour) July 4, 2023

رسالة للحواضن الشعبية

من جهته، يقول الكاتب والمدوّن الفلسطيني سَري سمور، وهو من مخيم جنين وعايش عن قرب الاقتحام الإسرائيلي، إن جيش الاحتلال استخدم مصطلح "الردع" دون أن يحدد مفهومه أو معياره.

وأضاف سمور في حديثه للجزيرة نت أن "الاحتلال توعد بعدم جعل المخيم بؤرة للإرهاب، بحسب وصفه، لكنه لم يصل للمطلوبين والمسلحين وهذا مؤكد، وانسحب تحت الرصاص، وكانت ساعاته الأخيرة هي الأشد في المواجهة، وتخللها مقتل أحد جنوده".

ويرى الكاتب أن الجيش الإسرائيلي حاول البحث عن "صورة نصر" بنشر صور نفق أو أكواع (قنابل محلية) تارة، وتارة أخرى بنشر صورة جماعية للجنود على مدخل المخيم.

سرايا #القدس: أداء المقاومين خلال العدوان على #جنين يعكس تطور أداء المقاومة والاستفادة من التجارب الماضية، ودماء الشهداء ستكون دافعا لاستمرار قتال الاحتلال#الأخبار pic.twitter.com/rdo0M8Cdhf

— قناة الجزيرة (@AJArabic) July 5, 2023

وشدد المتحدث على أن تدمير البنية التحتية وطرد وملاحقة الحاضنة الشعبية للمقاومة يحمل رسالة لأهل المخيم وسكانه، مفادها أن من يسير في طريق المقاومة أو يوفّر بيئة عمل وحماية للمقاومين سيكون مشرّدا وبلا مقومات حياة من ماء وكهرباء، وستدمر منازلهم وشوارعهم.

وتابع أن الاحتلال أراد أيضا إيصال رسالة مبطنة لباقي الحواضن الشعبية في الضفة بهدف ردعها عن التحول إلى حواضن للمقاومين، فجاء الرد على شكل حملات دعم وإسناد لمخيم جنين، موضحا أن ما يميّز مخيم جنين عن غيره أنه "يوفر للمقاومة حرية في الحركة بالسلاح وحرية اتصال وإقامة الحواجز، وكان ملاذا لكثير من منفذي العلميات في الآونة الأخيرة، وهذا لا يتوفر في أماكن أخرى".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مخیم جنین pic twitter com

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن تحقيق تقدم كبير في «النيل الأبيض»

كمبالا: أحمد يونس/ الشرق الاوسط: قُتل عدد من الأشخاص وجُرح آخرون جراء قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع» على مدينة «الأبيض» حاضرة ولاية شمال كردفان، في حين أعلن الجيش السوداني خلو ولاية النيل الأبيض من القوات «المتمردة» باستثناء منطقة واحدة توعد باستردادها «وتطهيرها قريباً»، وذلك مع مواصلة الطيران الحربي استهداف تجمعات لـ«قوات الدعم» شمال غربي مدينة الفاشر.

وواصلت «قوات الدعم السريع» قصف مدينة «الأبيض» بالمدفعية الثقيلة من دون توقف منذ أيام عدّة، مستهدفة قيادة «الفرقة الخامسة مشاة»؛ ما أدى إلى مقتل نحو 6 أشخاص، وجرح أكثر من عشرين، وفقاً لشهود عيان، في حين لم تصدر معلومات رسمية عن حصيلة القتلى والجرحى في المدينة.

واستطاع الجيش فك الحصار على مدينة «الأبيض» والسيطرة على الطريق الرابط بين المدينة التجارية المهمة ووسط البلاد والعاصمة الخرطوم، بعد معارك شرسة في الأسبوع الأخير من فبراير (شباط) الماضي... وتمكنت القوات القادمة من الشرق من الارتباط بقوات «الهجانة» التابعة للجيش والمحاصرة منذ الأيام الأولى للحرب.

وقال قائد «الفرقة 18 مشاة» التابعة للجيش السوداني اللواء الركن جمال جمعة، عبر الصفحة الرسمية للقوات المسلحة على منصة «فيسبوك»، إن قواته خاضت معارك متزامنة في ثلاثة محاور هي: سنار، والنيل الأزرق، والنيل الأبيض، وحققت انتصارات مكنتها من الوصول للمناطق المستهدفة و«تطهيرها».

وتفقد قائد الفرقة قواته في الخطوط الأمامية عند بلدة «التبون»، بعد استردادها من «قوات الدعم السريع»، وقال: «(الفرقة 18 مشاة) رفعت في شهر رمضان شعاراً بتطهير كل الحدود من الميليشيا المتمردة».

ووفقاً للواء جمعة، فإن «منطقة واحدة» بولاية النيل الأبيض لا تزال تحت قبضة «قوات الدعم السريع»... ومن دون أن يحددها قال: «تبقت لنا منطقة واحدة في الولاية، خططنا لها وسنفاجئهم فيها».

وشدد على «أهمية تأمين المواطنين وممتلكاتهم وتأمين المناطق الزراعية، لحصاد ما تبقّى من الموسم الزراعي، والاستعداد للموسم الزراعي القادم».

وكانت «قوات الدعم السريع» تسيطر على عدة مناطق متاخمة للحدود مع دولة جنوب السودان بمحلية «الجبلين» بولاية النيل الأبيض، وعدة مناطق بولايتَي سنار والنيل الأزرق القريبتين من المكان، وبخاصة بلدتا المزموم والدالي وغيرهما، لكن الجيش أعلن استرداد تلك المناطق، وقال إن أعداداً من القوات «المتمردة» تنشط قرب الحدود مع دولة جنوب السودان.

من جهتها، فإن «قوات الدعم السريع» تؤكد سيطرتها على عدد من المناطق في تلك الولايات الجنوبية والجنوبية الشرقية، لا سيما ولاية النيل الأزرق. ونقلت تقارير أنها «سحقت بشكل كامل قوات حليفة للجيش تابعة لنائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، بالتعاون مع الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو».

وفي الفاشر، قال الجيش إنه استهدف بالطيران الحربي والمدفعية تجمعات «قوات الدعم السريع» في المحور «الشمالي الغربي»، وكبدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.

وحسب منصة الناطق الرسمي، فإن الجيش والقوات المشتركة قاموا بعمليات «تمشيط» في عدد من المحاور حول المدينة، وطاردوا من أسمتهم «فلول العدو»، وأمّنوا الأحياء الطرفية، وضبطوا مجموعات حاولت التسلل إلى داخل المدينة.

وتحاصر «قوات الدعم» مدينة الفاشر منذ أكثر من عام ونصف العام، وهي المنطقة الوحيدة بإقليم دارفور التي لا تزال في قبضة الجيش وحلفائه من القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح.

وأدى الحصار إلى نزوح معظم سكان المدينة البالغ عددهم نحو مليونَي نسمة، علماً أن مخيمات النزوح تحيط بالمدينة، ويقارب عدد من فيها نحو مليون شخص معظمهم من النساء والأطفال والعجائز؛ ما فاقم الأزمة الإنسانية الخانقة، وندرة المواد والسلع الرئيسة... وعادة يضطر الجيش إلى نقل الإمداد إلى قواته المحاصرة عن طريق «الإسقاط الجوي».  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن تحقيق تقدم كبير في «النيل الأبيض»
  • قوات الاحتلال تقتحم مخيم الفارعة جنوب طوباس
  • الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين ويحتجز صحفيين قرب مستشفى جنين
  • عاجل | مصادر للجزيرة: قوات الاحتلال تغلق حواجز عسكرية جنوبي الضفة الغربية وتمنع آلاف الفلسطينيين من الوصول لمنازلهم
  • المركز الفلسطيني للمخفيين قسرا للجزيرة نت: الاحتلال يعيق البحث عن آلاف المفقودين
  • الاحتلال الإسرائيلي يحتجر صحفيين قرب مستشفى جنين الحكومي ويعرقل عملهم
  • جنين: 31 شهيداً و20 ألف نازح نتيجة العدوان الإسرائيلي
  • الاحتلال الاسرائيلي يحتجر صحفيين قرب مستشفى جنين الحكومي ويعرقل عملهم
  • بنك الأهداف.. فيلم للجزيرة يوثق إستراتيجيات حرب الاحتلال بغزة
  • الاحتلال يهدم 17 مبنى في نور شمس ويرسل تعزيزات عسكرية إلى جنين