كان الأمير محمد علي ولي عهد المملكة المصرية مولعًا بالسفر منذ حداثة سنه؛ ولذا جاب العديد من بلدان العالم من اليابان وإندونيسيا شرقاً إلى أمريكا الشمالية والجنوبية غربًا والأخيرة كانت من أطرف رحلاته التي سجلها، وكان قد اعتزم السياحة في أمريكا الجنوبية، ويقول عن هذه الرحلة أنه يدري أن شغفه بالجغرافيا والتاريخ الطبيعي هو ما دفعه لركوب البحار وتكبد الأسفار والأخطار واستطلاع الأحوال والأخبار لأنه يحب الوقوف على ما يبذله الإنسان من الهمة والذكاء والإعجاب بهما ومقارنة الأمم ببعضها ومعرفة الفرق بين بلاد الشرق والغرب والتعجب من صنع الله عز وجل.

تحرك الأمير من ميناء بوردو بفرنسا في 7 مايو عام 1926 مستقلاً باخرة إلى أمريكا الجنوبية، وقد انتقد الأمير الفرنسيين فذكر أنه إن كان للفرنسيين الكثير من الفضائل التي تذكر فتشكر إلا أنه مع الأسف فالنظام عندهم ينقصه الشيء الكثير.

ووصف الأمير الباخرة لوتتسيا التي استقلها بأنها ذات ثلاثة مداخن وحمولتها 18 ألف طن وبها ماكينة قوتها 26 ألف حصان وطولها 185 متراً، وعرضها 20 متراً، ومن أطرف ما ذكره الأمير عن هذة الباخرة أنه لم ير باخرة بها حركة غريبة كهذة بمعنى أنه إذا وقف شخص في وسطها خيل له أنه على ظهر جمل، فسأل الربان عن السبب فقال له أن الباخرة طويلة والماكينة قوية جدًا فانتزعت الطبقه الأولى والثانية من الوسط لتكون الباخرة مرنة لا يعتريها شق ولا كسر.

رحلته إلى ريو دي جانيرو 

ونرحل مع الأمير في رحلته هذه حتى يصل إلى ريو دي جانيرو، فيقول في مذكراته عن يوم 21 مايو من الساعة السابعة والنصف صباحاً: "وأنا على ظهر الباخرة أشاهد دخولها مرفأ ريو دي جانيرو، الذي كان منظره مع ضواحيه غاية في البهجة والجمال، وكان الساحل غير منتظم ما بين مرتفع ومنخفض ذاهي الاخضرار يانع الأشجار بخلاف السواحل الأخرى، ويظهر أن الرياح ليست شديدة هناك لوجود أشجار مرتفعة، على الساحل تخفف من شدتها والغابات كثيفه جداً  ولا غرابة في ذلك فإنها تنمو كثيراً  في المناطق الحارة.
وفي الساعة التاسعة والنصف صباحًا مررنا أمام مرتفع يسمى قمع السكر لمشابهته له، وإلى يمينه ويساره حصنان قديمان وبالمرور منهما دخلنا مرفأ "ريو" العظيم الذي يتعذر مقارنته بالمرافأ الأخرى لأنه من أبدع ما كونته يد الطبيعة، والمنازل المشيدة هناك كانت ذات منظر حسن للغاية، وتحركت بعد ذلك الباخرة الى مونتفيديو التي تشتهر شواطئها بهياج البحر، وفي الطريق من منتفيديو إلى بيونس أيرس مرت الباخرة بجزيرة صغيرة تسمى جزيرة الذئب تبعد ساعة عن مونتفيديو وبها يرى دائماً  الكثير من كلاب البحر".

رحلته إلى “بيونس أيرس” 
وصل الأمير إلى بيونس أيرس عاصمة الأرجنتين فيذكرعنها أنها أكبر العواصم كما أن مينائها عظيم جداً ويروي لنا: "وقد مررنا بنادي للبحرية وكانت راسية بجانبنا باخرة ﻹلمانية كبيرة بثلاث مداخن وكان أمامنا طردان لحكومة الأرجنتين" ولم يفت الأمير أن يقدم لنا معلومات وافية عن هذه المدينة فيقول عنها ان مسطح 18854 هكتار وطولها من الشمال الى الجنوب 18 كيلو متر ومن الشرق الى الغرب 25 كيلو متر، وهي من أكبر عواصم الدنيا أي أكبر من باريس وبرلين وروما وكان بها سنة 1909 ما يربو على مائة وأحد عشر ألف من البيوت منها مائه ألف مبنية بالطوب الأحمر و 4000 بالخشب و 600000 بالحديد والزنج وألف كوخ بمواد مختلفة أما البيوت المبنية بالحجر فهي قليلة لأن أغلب أراضي الأرجنتين مراعي لا حجارة فيها.

زيارته إلى النادي السوري اللبناني هناك وعند زيارته لهذا النادي يقول :"وجاء الدكتور صوايا رئيس النادي السوري اللبناني ومعه اثنان من السوريين فأخذوني في سيارتهم الى ذلك النادي الكائن بشارع البرجواي وبهذه المناسبة أحب أن أضيف كلمتين عن نظام هذه البلاد فأقول أنه ليس مرخصاً  بالأرجنتين أن يرفع أجنبي علم بلاده على داره أو محل تجارته إلا إذا كان من ممثلي الدول وكان السوريون قد أرادوا بمناسبة زيارتي لهم أن يطلبوا من الحكومة إذناً برفع العلم المصري على ناديهم لكنني أشرت عليهم بالعدول عن ذلك ولما دخلت النادي وجدت به كثيراً من السيدات والآنسات السوريات وبدأت الموسيقى بالسلام الأرجنتيني، ثم السلام المصري وبعد ذلك حظيت بأن قدم لي السيدات والرجال الذين لهم شأن في هذة البلاد فلاحظت أنهم فرحون لزيارة أمير شرقي لهم كما اني كنت فرحاً لوجودي بين أقوام يتكلمون بلغتنا وهم إخواننا السوريون الأعزاء، و بطبيعة الحال أخذت صور لنا كما هي العادة المتبعة في كل احتفال وبعد ذلك فتح مقصف فاخر ولما كان الدكتور صوايا رئيسا للنادي ألقى خطاب ترحيب ثم قام محامي سوري من بيونس أيرس فألقى خطاب باللغة الإسبانية فأجبت عليه بإلقاء خطاب شكر لأعضاء النادي وكانت الحفله بهيجه حضرها كثيرون من رجال الصحف بالأرجنتين".

لقائه رئيس جمهورية الأرجنتين ووزير خارجيتها الذين رحبوا به
ولولع الأمير بالتحف لم يفته أن يزور متحف الفنون الجميلة وهو كما يذكر متحف جديد لكنه بعيد كل البعد عن المقارنة بمتاحف أوروبا ويوجد من جملة ما احتواه من الصور العظيمة الشهيرة صورة من عمل "جويا" الإسباني الشهير وأخرى من عمل "لورانس" الانجليزي وكثير من صور المناظر الخلوية من رسم بعض مشاهير هذا الفن من الفرنسيين كما أنه توجد صور لا قيمة لها بالمرة كما هو الحال عند إنشاء متحف فترى القائمين بإدارته يتقبلون ما يرد إليهم من التحف والهدايا قيمة كانت أو غير قيمة ليملؤا بها جوانب المتحف. 

وقد حكي للأمير أمر غريب عن كيفية صيد الطيور في هذه البلاد وهو أن هذه الطيور تصطاد ليلاً  بإحراق الكبريت تحت الأشجار، التي تأوي إليها حتى إذا انبعثت رائحة الكبريت سقطت الطيور ولكن الصياد لا يقتلها لأنه يعلم مكسبه منها و هو ريشها الذي يأخذه ويتركها وبهذا كما يقول الأمير تعلم أن الرجال الذين يقال عنهم أنهم متوحشون لهم أفكار تسمى على أفكار المتدينين. 

تلك هي لمحات من رحلة الأمير محمد علي إلى أمريكا الجنوبية وهي من أندر الرحلات التي قام بها العرب في مطلع القرن الحالي الى هذه البلاد وسجلت تسجيلاً وافياً.

يذكر أن الأمير محمد علي باشا توفيق ثاني أبناء الخديوي محمد توفيق والشقيق الذكر الوحيد للخديوي عباس حلمي الثاني، وكان وصيا على العرش ما بين وفاة الملك فؤاد الأول وجلوس ابن عمه الملك فاروق على عرش مملكة مصر لحين إكماله السن القانونية بتاريخ 28 أبريل 1936م، ثم أصبح وليا للعهد إلى أن أنجب فاروق ابنه الأمير أحمد فؤاد الثاني، كان مولعاً بالسفر والترحال وتستعرض “البوابة نيوز” عدد من رحلاته وولد بالقاهرة عام 1875م وتوفى عام 1954م.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أمريكا الشمالية أمریکا الجنوبیة الأمیر محمد علی

إقرأ أيضاً:

فيلم رحلة 404 ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)--أعلنت نقابة المهن السينمائية المصرية، عن اختيار فيلم "رحلة 404"، رسميًا لتمثيل مصر بمنافسات جوائز الأوسكار المقبلة في 2025، وبـ "أغلبية الأصوات".

ونشرت النقابة بياناً بهذا الشأن، عبر صفحتها على فيسبوك، جاء فيه: "اجتمعت اليوم الإثنين الموافق 16/9/2024 لجنة اختيار الفيلم المرشح لتمثيل مصر في جائزة الأوسكار، والمُشكلة من مجموعة من السينمائيين والنقاد المستقلين، وتُعلن اللجنة عن اختيار فيلم (رحلة 404) من إخراج/ هاني خليفة بأغلبية الأصوات".

وأشارت النقابة إلى أن "مسألة الاختيار لم تكن سهلة لسيطرة الأفلام التجارية على الإنتاج السينمائي، وهو ما يتطلب وقفة جادة من الجهات السينمائية المسؤولة، للتصدي لهذه الأفلام التي باتت تسيئ لصناعة السينما المصرية العريقة".


وأعربت "Film Clinic" للمنتج المصري محمد حفظي في بيان، نشرته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، عن شعورها بالفخر لـ "اختيار فيلم (رحلة ٤٠٤) لهاني خليفة، لتمثيل مصر رسميا في سباق أوسكار أفضل فيلم دولي لعام 2025"، وشاركت بطلة الفيلم النجمة المصرية منى زكي البيان عبر حسابها الرسمي على إنستغرام.


وتدور أحداث فيلم "رحلة 404"، حول "غادة" التي "تتورط في مشكلة طارئة تتطلب دفع مبلغ طائل، وذلك قبل أيام من سفرها لأداء فريضة الحج، فتلجأ إلى أشخاص من ماض ملوث كانت قد تابت عنه".

والفيلم من انتاج محمد حفظي وشاهيناز العقاد، وتأليف محمد رجاء، وإخراج هاني خليفة، وبطولة: منى زكي، ومحمد ممدوح، ومحمد فراج، وخالد الصاوي وشيرين رضا، واسما إبراهيم، وعباس ابو الحسن، ومحمد علاء (جامايكا).

وتم إطلاق عروضه في دور السينما المصرية والعربية، بدءا من أواخر يناير/ كانون الثاني 2024، وحقق نجاحاً نقديًا وجماهيرياً، وذلك بعد رحلة ولادة متعثرة امتدت لسنوات، أخرت إنجاز الفيلم لأسباب منها ما هو إنتاجي، أو رقابي، لكنه وصل أخيراً لنهاية يمكن أن يقال عنها نهاية سعيدة.

مصرجوائز الأوسكارسينمانشر الاثنين، 16 سبتمبر / ايلول 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • فيلم رحلة 404 ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
  • فيلم رحله 404 لـ منى زكي يمثل مصر في جوائز الأوسكار 2024
  • فى ذكرى ميلاده.. أسرار في حياة شيخ الفنانين عبد الوارث عسر
  • الأمير محمد بن سلمان يؤكد أهمية دور مصر والسعودية في خدمة القضايا العربية
  • الأمير محمد بن سلمان يؤكد أهمية الربط الكهربائي بين مصر والسعودية
  • الأمير عبد العزيز بن سعود يتابع سير العمل في مركز الدعم الفني لحرس الحدود بمدينة الرياض
  • «يا زعيم يا صغير».. منة فضالي توجه رسالة لـ محمد إمام في عيد ميلاده
  • مدير شرطة بالم بيتش: المشتبه به كان مختبئا بين الشجيرات وكان ترامب على بعد 300 إلى 500 متر منه
  • العائلة الملكية البريطانية تهنئ الأمير هاري بعيد ميلاده الـ40 رغم العلاقات المتوترة بينهما
  • هكذا سيحتفل الأمير هاري بعيد ميلاده الـ40.. وهل من مصالحة مع العائلة الملكية؟