في ذكرى ميلاده.. رحلة الأمير محمد علي توفيق لأمريكا الجنوبية
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
كان الأمير محمد علي ولي عهد المملكة المصرية مولعًا بالسفر منذ حداثة سنه؛ ولذا جاب العديد من بلدان العالم من اليابان وإندونيسيا شرقاً إلى أمريكا الشمالية والجنوبية غربًا والأخيرة كانت من أطرف رحلاته التي سجلها، وكان قد اعتزم السياحة في أمريكا الجنوبية، ويقول عن هذه الرحلة أنه يدري أن شغفه بالجغرافيا والتاريخ الطبيعي هو ما دفعه لركوب البحار وتكبد الأسفار والأخطار واستطلاع الأحوال والأخبار لأنه يحب الوقوف على ما يبذله الإنسان من الهمة والذكاء والإعجاب بهما ومقارنة الأمم ببعضها ومعرفة الفرق بين بلاد الشرق والغرب والتعجب من صنع الله عز وجل.
تحرك الأمير من ميناء بوردو بفرنسا في 7 مايو عام 1926 مستقلاً باخرة إلى أمريكا الجنوبية، وقد انتقد الأمير الفرنسيين فذكر أنه إن كان للفرنسيين الكثير من الفضائل التي تذكر فتشكر إلا أنه مع الأسف فالنظام عندهم ينقصه الشيء الكثير.
ووصف الأمير الباخرة لوتتسيا التي استقلها بأنها ذات ثلاثة مداخن وحمولتها 18 ألف طن وبها ماكينة قوتها 26 ألف حصان وطولها 185 متراً، وعرضها 20 متراً، ومن أطرف ما ذكره الأمير عن هذة الباخرة أنه لم ير باخرة بها حركة غريبة كهذة بمعنى أنه إذا وقف شخص في وسطها خيل له أنه على ظهر جمل، فسأل الربان عن السبب فقال له أن الباخرة طويلة والماكينة قوية جدًا فانتزعت الطبقه الأولى والثانية من الوسط لتكون الباخرة مرنة لا يعتريها شق ولا كسر.
رحلته إلى ريو دي جانيروونرحل مع الأمير في رحلته هذه حتى يصل إلى ريو دي جانيرو، فيقول في مذكراته عن يوم 21 مايو من الساعة السابعة والنصف صباحاً: "وأنا على ظهر الباخرة أشاهد دخولها مرفأ ريو دي جانيرو، الذي كان منظره مع ضواحيه غاية في البهجة والجمال، وكان الساحل غير منتظم ما بين مرتفع ومنخفض ذاهي الاخضرار يانع الأشجار بخلاف السواحل الأخرى، ويظهر أن الرياح ليست شديدة هناك لوجود أشجار مرتفعة، على الساحل تخفف من شدتها والغابات كثيفه جداً ولا غرابة في ذلك فإنها تنمو كثيراً في المناطق الحارة.
وفي الساعة التاسعة والنصف صباحًا مررنا أمام مرتفع يسمى قمع السكر لمشابهته له، وإلى يمينه ويساره حصنان قديمان وبالمرور منهما دخلنا مرفأ "ريو" العظيم الذي يتعذر مقارنته بالمرافأ الأخرى لأنه من أبدع ما كونته يد الطبيعة، والمنازل المشيدة هناك كانت ذات منظر حسن للغاية، وتحركت بعد ذلك الباخرة الى مونتفيديو التي تشتهر شواطئها بهياج البحر، وفي الطريق من منتفيديو إلى بيونس أيرس مرت الباخرة بجزيرة صغيرة تسمى جزيرة الذئب تبعد ساعة عن مونتفيديو وبها يرى دائماً الكثير من كلاب البحر".
رحلته إلى “بيونس أيرس”
وصل الأمير إلى بيونس أيرس عاصمة الأرجنتين فيذكرعنها أنها أكبر العواصم كما أن مينائها عظيم جداً ويروي لنا: "وقد مررنا بنادي للبحرية وكانت راسية بجانبنا باخرة ﻹلمانية كبيرة بثلاث مداخن وكان أمامنا طردان لحكومة الأرجنتين" ولم يفت الأمير أن يقدم لنا معلومات وافية عن هذه المدينة فيقول عنها ان مسطح 18854 هكتار وطولها من الشمال الى الجنوب 18 كيلو متر ومن الشرق الى الغرب 25 كيلو متر، وهي من أكبر عواصم الدنيا أي أكبر من باريس وبرلين وروما وكان بها سنة 1909 ما يربو على مائة وأحد عشر ألف من البيوت منها مائه ألف مبنية بالطوب الأحمر و 4000 بالخشب و 600000 بالحديد والزنج وألف كوخ بمواد مختلفة أما البيوت المبنية بالحجر فهي قليلة لأن أغلب أراضي الأرجنتين مراعي لا حجارة فيها.
زيارته إلى النادي السوري اللبناني هناك وعند زيارته لهذا النادي يقول :"وجاء الدكتور صوايا رئيس النادي السوري اللبناني ومعه اثنان من السوريين فأخذوني في سيارتهم الى ذلك النادي الكائن بشارع البرجواي وبهذه المناسبة أحب أن أضيف كلمتين عن نظام هذه البلاد فأقول أنه ليس مرخصاً بالأرجنتين أن يرفع أجنبي علم بلاده على داره أو محل تجارته إلا إذا كان من ممثلي الدول وكان السوريون قد أرادوا بمناسبة زيارتي لهم أن يطلبوا من الحكومة إذناً برفع العلم المصري على ناديهم لكنني أشرت عليهم بالعدول عن ذلك ولما دخلت النادي وجدت به كثيراً من السيدات والآنسات السوريات وبدأت الموسيقى بالسلام الأرجنتيني، ثم السلام المصري وبعد ذلك حظيت بأن قدم لي السيدات والرجال الذين لهم شأن في هذة البلاد فلاحظت أنهم فرحون لزيارة أمير شرقي لهم كما اني كنت فرحاً لوجودي بين أقوام يتكلمون بلغتنا وهم إخواننا السوريون الأعزاء، و بطبيعة الحال أخذت صور لنا كما هي العادة المتبعة في كل احتفال وبعد ذلك فتح مقصف فاخر ولما كان الدكتور صوايا رئيسا للنادي ألقى خطاب ترحيب ثم قام محامي سوري من بيونس أيرس فألقى خطاب باللغة الإسبانية فأجبت عليه بإلقاء خطاب شكر لأعضاء النادي وكانت الحفله بهيجه حضرها كثيرون من رجال الصحف بالأرجنتين".
لقائه رئيس جمهورية الأرجنتين ووزير خارجيتها الذين رحبوا به
ولولع الأمير بالتحف لم يفته أن يزور متحف الفنون الجميلة وهو كما يذكر متحف جديد لكنه بعيد كل البعد عن المقارنة بمتاحف أوروبا ويوجد من جملة ما احتواه من الصور العظيمة الشهيرة صورة من عمل "جويا" الإسباني الشهير وأخرى من عمل "لورانس" الانجليزي وكثير من صور المناظر الخلوية من رسم بعض مشاهير هذا الفن من الفرنسيين كما أنه توجد صور لا قيمة لها بالمرة كما هو الحال عند إنشاء متحف فترى القائمين بإدارته يتقبلون ما يرد إليهم من التحف والهدايا قيمة كانت أو غير قيمة ليملؤا بها جوانب المتحف.
وقد حكي للأمير أمر غريب عن كيفية صيد الطيور في هذه البلاد وهو أن هذه الطيور تصطاد ليلاً بإحراق الكبريت تحت الأشجار، التي تأوي إليها حتى إذا انبعثت رائحة الكبريت سقطت الطيور ولكن الصياد لا يقتلها لأنه يعلم مكسبه منها و هو ريشها الذي يأخذه ويتركها وبهذا كما يقول الأمير تعلم أن الرجال الذين يقال عنهم أنهم متوحشون لهم أفكار تسمى على أفكار المتدينين.
تلك هي لمحات من رحلة الأمير محمد علي إلى أمريكا الجنوبية وهي من أندر الرحلات التي قام بها العرب في مطلع القرن الحالي الى هذه البلاد وسجلت تسجيلاً وافياً.
يذكر أن الأمير محمد علي باشا توفيق ثاني أبناء الخديوي محمد توفيق والشقيق الذكر الوحيد للخديوي عباس حلمي الثاني، وكان وصيا على العرش ما بين وفاة الملك فؤاد الأول وجلوس ابن عمه الملك فاروق على عرش مملكة مصر لحين إكماله السن القانونية بتاريخ 28 أبريل 1936م، ثم أصبح وليا للعهد إلى أن أنجب فاروق ابنه الأمير أحمد فؤاد الثاني، كان مولعاً بالسفر والترحال وتستعرض “البوابة نيوز” عدد من رحلاته وولد بالقاهرة عام 1875م وتوفى عام 1954م.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أمريكا الشمالية أمریکا الجنوبیة الأمیر محمد علی
إقرأ أيضاً:
متحف قصر الأمير محمد علي بالمنيل يحتفل بذكرى مرور 121 عام على إنشائه
بمناسبة الاحتفال بذكرى مرور 121 عاما على انشائه، أقام متحف قصر الأمير محمد علي بالمنيل احتفالية تضمنت مجموعة من الفعاليات الثقافية، والتراثية، والفنية، والأثرية، والجولات الإرشادية، ما يأتي في إطار الدور المجتمعي والتوعوي والتثقيفي للمتاحف المصرية.
جمعية خبراء الضرائب تحذر من مافيا شركات الفواتير الإلكترونية الوهميةو أوضح
مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف، أن الاحتفالية تضمنت تنظيم معرضاً أثرياً مؤقتا بعنوان "كنوز المرأة" يضم 20 قطعة أثرية من مقتنيات الأمير محمد على توفيق صاحب القصر، من بينها مجموعة من الأحزمة ودبابيس الشعر والمرايات، والأحذية، والقباقيب، ومنشة ومروحة، والمكاحل، وقناني العطور وغيرها من أدوات الزينة للمرأة، بالإضافة إلى استمتاع الزائرين المصريين بجولات ارشادية مجانية لتعريفهم بالمتحف وقاعاته المختلفة وأهم مفتنياته، و زيارة معرض آخر تم تنظيمه يضم مجموعة من أجمل الزهور والنباتات الموجودة بالمتحف.
وأشارت آمال صديق مدير عام المتاحف التاريخية ومتحف قصر المنيل، إنه جاء من بين الفعاليات تقديم عروض غنائية ومسرحية عن الأمير محمد على وورش فنية بالإشتراك مع أطفال جمعية نهضة بولاق، وتقديم مجموعة من الندوات والورش التعليمية والفنية عن الزراعة والرسم والتلوين.
كما شهد الحفل عرض بعض الأفلام التسجيلية والفقرات الفنية من المركز الثقافي التركي والهندى ومعهد سينا العالى للسياحة والفنادق، وفي ختام الحفل تم تكريم عدد من العاملين بالمتحف والذين قدموا الجهد والدعم للمتحف خلال العام الماضي
حضر الاحتفالية والدكتور أسامة عبد الوارث رئيس المجلس الدولى للمتاحف، والسفير التركي بالقاهرة، والسيدة رئيس حى مصر القديمة، والدكتور وائل سليمان عميد معهد سينا العالى للسياحة والفنادق، والدكتورإبراهيم العسال وكيل معهد سينا العالى للسياحة والفنادق ، وعدد من رؤساء المراكز الثقافية التركية والهندية، و مديري عموم متاحف بالقاهرة.
يُعد المتحف أحد أجمل وأهم القصور التاريخية في مصر، بدأت فكرة تحويله إلى متحف بعد وفاة الأمير تحقيقاً لوصيته.
تم إغلاق القصر عام 2005، وأعيد افتتاحه بعد الانتهاء من مشروع ترميمه عام 2015، كما أعيد افتتاح متحف الصيد بالقصر عام 2017.
بدأ الأمير محمد على توفيق في بناء القصر عام 1903، ويتكون من سراي الإقامة، سراي الاستقبال، سراي العرش، المسجد، المتحف الخاص، متحف الصيد، برج الساعة، والقاعة الذهبية، جميعها بداخل سور ضخم شُيد على طراز حصون القرون الوسطي. أما باقي مساحة القصر فقد تم تخصيصها لتكون حديقة تضم عدد من الأشجار النادرة والنباتات التي جمعها الأمير من مختلف دول العالم.