مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة أسبوعها السادس، يتزايد الاهتمام والنقاش حول دور المصورين الصحفيين -لا سيما في زمن الحرب- في توثيق وكتابة حياة الناس بالصورة التي تقتنص تفاصيل اللحظة وتكوّن المشهد من زوايا مختلفة لتكون أشبه بقصيدة مصورة.

يحفظ المصور الأحداث المهمة في سجل تاريخي فوتوغرافي، وينقل وقائع الحرب الأكثر صعوبة وقسوة لجمهور واسع، ويرفع الحساسية الإنسانية للأحداث، مما يشجع على الدعم الإنساني، ويسهم في توجيه الرأي العام والتأثير على صناع القرار وتحقيق العدالة، لا سيما أن الصور قد تستخدم في محاكم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لتساعد على محاسبة المتورطين ولو بعد حين.

تهديدات لمصوري غزة

لكن هذه "المهمة المقدسة" لا تأتي دون ثمن باهظ، سواء على مستوى السلامة الشخصية للمصور الصحفي الذي يتعرض للتهديدات، أو السلامة النفسية، ويتبوأ المصورون صدارة القائمة التي تعدها منظمة "مراسلون بلا حدود" سنويا للصحفيين الذين يقتلون خلال أداء مهامهم، نظرا لطبيعة عملهم التي تجبرهم على الاقتراب قدر الإمكان من مكان الحدث لأخذ الصورة بأدق تفاصيلها الممكنة.

وفي الحرب الإسرائيلية على غزة يضاف لمعاناة المصور فصل جديد من المخاطر يتمثل في التهديدات التي تستهدفهم، إذ نشر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منشورا تحريضيا -على منصة "إكس" أول أمس الخميس- على المصورين الصحفيين الذين وثقوا هجوم يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكتب داني دانون السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة والنائب البارز حاليا عن حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء نتنياهو، على صفحته بمنصة "إكس" أن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي أعلن أنه سيقضي على كل المشاركين في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأضاف أن "المصوّرين الصحافيين الذين شاركوا في تسجيل الهجوم ستتم إضافتهم إلى القائمة".

وبالمقابل نفت وسائل إعلام دولية كبرى بشدة الاتهامات الموجّهة إلى مصورين صحافيين تابعين لها في قطاع غزة بأنهم كانوا على علم مسبق بهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجاء النفي في بيانات منفصلة أصدرتها كل من صحيفة نيويورك تايمز ومحطة "سي إن إن" الأميركيتين، إضافة إلى وكالات أسوشيتد برس ورويترز وفرانس برس.

واعتبرت نيويورك تايمز أن الاتهامات في حق أحد المصورين الصحافيين المتعاونين معها "غير صحيحة ومشينة"، واتهمت الموقع الموالي لإسرائيل الذي يقف وراءها بأنه يقوم بتهوّر "بتعريض حياة صحافيينا على الأرض في إسرائيل وغزة للخطر".

تغطية الحرب واجب مقدس

وفي أوروبا، وبالتزامن مع تلك التهديدات، قال المصور المخضرم ستيف ماكوري إن تغطية الحرب صارت خطيرة بشكل متزايد على الصحافيين، لكنها تظل "واجبا مقدسا".

ويشارك المصور الذي التقط واحدة من أشهر الصور الفوتوغرافية على الإطلاق للفتاة الأفغانية ذات العيون الخضراء التي ظهرت على غلاف مجلة ناشيونال جيوغرافيك عام 1984، بمجموعة جديدة في معرض باريس للصور هذا الأسبوع.

المصور المخضرم ستيف ماكوري (يسار) متحدثا في إسطنبول وخلفه الصورة الفوتوغرافية الشهيرة للفتاة الأفغانية (الأناضول)

وقال المصور البالغ 73 عاما والذي عمل في أنحاء آسيا وخارجها وكان مؤخرا في مهمة في أوكرانيا، "لقد تغيرت مهنة المصور خلال الحرب بشكل كبير.. أصبحت أكثر خطورة بكثير".

وتابع ماكوري "في الماضي كانوا يحظون باحترام وبحماية أكبر".

وأضاف "الآن قد يستهدفونك فعليا لأنهم يعلمون أنهم سيحصلون على نوع من الدعاية لاعتقال أو قتل صحافي".

وإنجاز التقارير عن الحرب يمكن أن يكون له أيضا أثر شخصي، كما يقول ماكوري لوكالة الصحافة الفرنسية، إذ "قد تطاردك صور معينة لسنوات".

وأضاف "عليك أن تكون حريصا على عدم السماح لذلك بأن يصبح منهكا والهوس به لأنه نوع من الطاقة السلبية".

وأردف ماكوري "عليك أن تذكر نفسك بأن هذا هو العمل الذي اخترته. ومن غيرك سيخبرنا بقصة ما يحدث في عالمنا؟ إنه واجب مقدس، وهو ليس مناسبًا للجميع".

يواجه الصحافيون اليوم منافسة أكبر بكثير مما كانت عليه عندما بدأ ستيف ماكوري عمله في السبعينيات من الأشخاص العاديين الذين يصورون بهواتفهم.

وقال في هذا الصدد "لا يقتصر الأمر على نقل الأخبار فحسب، بل يصنع آلاف الأشخاص أيضا الأفلام ومقاطع الفيديو".

لكن التحديات الأخلاقية ما زالت على حالها، إذ "عليك أن تحافظ على مسافة، بقدر حرصك على ألا تحمل السلاح أبدا".

وأوضح "عليك أن تكون حذرا للغاية لتكون محايدا، لدينا دائما آراء بشأن أي موضوع، ولكن علينا أن نحافظ على مصداقيتنا، وأن نكون مراسلين صادقين وألا نتورط في أي شيء يمكن أن يعرض مصداقيتنا للخطر".

ويقدم كتاب ماكوري الأخير "ديفوشن" (تفانٍ) نوعا من الترياق لصور الحرب، ويقول إن وجود هدف أسمى في الحياة، مثل خدمة المجتمع، "هو شيء كنت أكنّ له إعجابًا شديدًا على الدوام".

وأضاف "حتى عندما يتعلق الأمر بأشخاص يتفانون في رعاية شريك حياتهم، نكران الذات والرأفة تجاه الآخرين أمر جميل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: علیک أن

إقرأ أيضاً:

فرص وخسائر.. ما الذي تحمله الحرب التجارية بين الصين وأمريكا؟

(CNN)-- ستؤثر الحرب التجارية العالمية التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلبًا على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم هذا العام، بما في ذلك الولايات المتحدة، وفقاً لتقرير جديد صادر عن منظمة التجارة العالمية.

وتتوقع منظمة التجارة العالمية أن تنمو الاقتصادات العالمية بشكل أبطأ مما كانت ستنمو به بدون التعريفات الجمركية. وسوف يكون هذا هو الحال بشكل خاص في أمريكا الشمالية، وهي المنطقة التي تهيمن عليها الولايات المتحدة، والتي ستشهد تباطؤًا أكبر من المناطق الأخرى.

أفاد تقرير منظمة التجارة العالمية أن سلسلة الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب، والتي ردت عليها دول أخرى، تعني أن آفاق التجارة العالمية قد "تدهورت بشكل حاد". وتتوقع المنظمة أن ينكمش إجمالي التجارة العالمية بنسبة 0.2%، مقارنةً بتوقعات نمو بنسبة 2.7% بدون رسوم جمركية.

يرتبط الاقتصاد العالمي، وبالتالي جيوب الناس، ارتباطًا وثيقًا بتجارة السلع والخدمات بين الدول. وعادةً ما يعني انكماش الاقتصاد قلة الوظائف (وانخفاض الأجور)، وصعوبات مالية للمواطنين، وقرارات صعبة بشأن الإنفاق من جانب الشركات والحكومات.

وأعلنت منظمة التجارة العالمية أنها تتوقع نمو الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 2.2% هذا العام. وستكون هذه الزيادة أقل بمقدار 0.6 نقطة مئوية عن المعدل الذي تتوقعه المنظمة في حالة عدم فرض رسوم جمركية إضافية.

في أمريكا الشمالية، من المتوقع أن يكون الناتج الاقتصادي أقل بمقدار 1.6 نقطة مئوية عما كان عليه في حالة عدم فرض رسوم جمركية إضافية.

من المتوقع أن تشهد معظم المناطق انخفاضًا في الصادرات إلى الولايات المتحدة مع أكبر انخفاض للصين (77٪(.

وقد ترتفع صادرات السلع الصينية بنسبة تتراوح بين 4% و9% في جميع المناطق خارج أمريكا الشمالية مع إعادة توجيه التجارة حسب التقديرات. في الوقت نفسه، من المتوقع أن تنخفض واردات الولايات المتحدة من الصين بشكل حاد في قطاعات مثل المنسوجات والملابس والمعدات الكهربائية، مما يُتيح فرصًا تصديرية جديدة لموردين آخرين قادرين على سدّ الفجوة. وقد يفتح هذا الباب أمام بعض الدول الأقل نموًا لزيادة صادراتها إلى السوق الأمريكية.

من المتوقع أن تستحوذ آسيا (باستثناء الصين) وخاصة البلدان الأقل نموًا على بعض حصة السوق المفقودة للصين التي تواجه رسومًا جمركية أعلى. وبالتالي، فإن انخفاض وجود الصين في السوق الأمريكية يولد فرصًا تصديرية إضافية لبعض الاقتصادات الأخرى.

يحدث هذا على وجه الخصوص في القطاعات التي تتمتع فيها الصين حاليًا بحصة سوقية كبيرة في الولايات المتحدة، مثل المنسوجات و(أجزاء) المعدات الإلكترونية.

أمريكاالصينانفوجرافيكنشر الأربعاء، 23 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • إيريك غارسيا..جوكر برشلونة الذي لا يرفض مهمة
  • فرص وخسائر.. ما الذي تحمله الحرب التجارية بين الصين وأمريكا؟
  • التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
  • شاهد.. الجزيرة نت ترافق امرأة غزية في مهمة إعداد وجبة طعام
  • مناظرة العيدروس للوليد مادبو التي ارجات احمد طه الى مقاعد المشاهدين
  • النائب العام يصل الخرطوم ويتّخذ قرارات مهمة حول التعامل مع المسروقات والأجانب وتصدير النحاس
  • ظاهرة الكرم المصور
  • البابا فرنسيس.. الكاردينال الذي باع ثروته واشترى قلوب الفقراء
  • رفع أنقاض الماضي
  • الأب بطرس دانيال ناعيا البابا فرنسيس: رحل من أعلن أن السلام مقدس