أغاليط الوعي الزائف حول الدولة
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
بقلم : ذ. امحمد لقماني
ثمة نقاش صاخب و جريء يحتل بعض مواقع التواصل الإعلامي و الاجتماعي، مضمونه وجود تهديدات و مخاطر وشيكة و مؤكدة تتربص بالبلاد ، بعضها ( أي التهديدات) يقال أن مصدرها خارجي فيما البعض الآخر يتزعمه الطابور الخامس .
رواد هذا النقاش، حتى وإن افترضنا فيهم حسن النوايا و الغيرة الوطنية، إلا أن نتيجته تكاد تكون عكسية، إذ لا يقف في حدود البناء الخطابي، بل يقـود إلى تغذية الرأي العام بأفكار و هواجس ليس لها ما يبررها، و أكثر من ذلك تذهب في اتجاه تبخيس الدولة و التشكيك في قدرة مؤسساتها على مواجهة مختلف المخاطر، بغير قليل من الخفة ومن الفقر الفكري والنظري بمفهوم الدولة و تطورها.
المغاربة، مهما اختلفوا وتجاذبوا فيما بينهم، فإن فكرة الانتماء للوطن تجمهعم و الولاء للدولة يُوحدُ كيانهم. فالمغاربة عاشوا و منذ زمن بعيد في كنف هذا الوجدان الأصيل الذي أبقاهم أحراراً وعصاةً عن التطويع و الاحتواء رغم عنف الإيديولوجيات و قسوة الغزوات ووطأة المؤامرات والتواطئات.
نعم، المغاربة، لديهم كل المقومات الأصيلة في الثقافة والانتماء و التدين و السياسة ، التي تسمح بتوطين فكرة الدولة الحديثة في البيئة المغربية بدون إكراه أو إسقاط أو استنساخ. ولعل هذا الرسوخ للدولة يعود، في جزء كبير منه، إلى تلازمها ( أي الدولة) للملكية في تجسيدهما معا للكيان الجامع.
هذا التلازم إلى حد التماهي يسبغ على النظام السياسي المغربي طابعا خاصا يميزه عن انظمة سياسية أخرى حيث تتماهي الدولة مع الحزب ( الصين) أو القبيلة( افريقيا) أو العائلة( امارات الخليج) أو الإمام( ايران) أو العسكر ( الجزائر).
والملاحظ في التجربة المغربية أن مختلف التحولات و النقلات النوعية في التاريخ السياسي الحديث والمعاصر للبلاد، لم تُبْنَ قط على القطائع الكبرى بقدر ما تأسست على نهج الاستيعاب تارة والتوافق البناء تارة أخرى. وهذا النهج شكل دوماً مخرجاً هادئاً من الأزمات والتوترات، وإسمنتاً للبناءات و التراكمات.
وكل من لم يستفد من هذه الدروس المستقاة من صميم تاريخ الدولة بالمغرب، فإنه يحكم على نفسه بالاغتراب حتى وإن كانت تحليلاته وأطروحاته تمتلك بعض عناصر الجاذبية والتماسك النظري. وهذا عين ما أصاب بعض نخب اليوتوبيا التي وجدت نفسها قليلة الحيلة أمام مغرب أبان عن ممانعة عجيبة أمام هول الصدمات السياسية و الهزات الامنية ، بما فيها تلك الآتية رياحها من خارج الديار؛ فلا مشروع الحزب الوحيد نجح، و لا انقلاب عسكري نجح، و لا ثورة اشتراكية نجحت، و لا الفكرة الجهادية الاسلاموية نجحت، بل وحتى موجة ما سمي بالربيع العربي المحمول على فكرة الفوضى الخلاقة في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد، أبانت من خلالها الدولة بالمغرب على قدرة هائلة على الاستيعاب و التكيف الإيجابي و امتصاص الصدمات، عكس أغلب المجتمعات العربية التي سقطت فيها الدولة كقصر من رمال و دخل أهلها في أتون حروب أهلية أتت على الاجتماع الوطني بالخراب و الدمار.
فما الذي جعل الدولة تسقط هناك و تصمد هنا ؟ هي أربعة عوامل سوسيوسياسية تقف وراء متانة الدولة و فاعليتها الاجتماعية، تنبه لها المغرب مبكرا غداة الاستقلال لكن أهملتها باقي الدول العربية و الافريقية، و هي عينها العوامل التي ميزت الذكاء الاستباقي للمغرب في توقع المخاطر و تدبير الأزمات :
1- منع الحزب الوحيد و اعتماد التعددية الحزبية و النقابية ؛
2- إبعاد الجيش عن السياسة ؛
3- إبعاد الدين عن السياسة و تحصين المجال الديني داخل حقل إمارة المؤمنين ؛
4- اعتماد نهج اقتصادي منفتح.
لذلك على دعاة التخوين و المهووسين بنظرية المؤامرة ، أن يتملَّكوا وعيا بمفهوم الدولة في النسق السياسي المغربي في تطوره التاريخي و ليس انطلاقا من شبكة قراءة مؤدلجة لا صلة تَشُدّها إلى الواقع الموضوعي للمغرب.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
البيع الجماعي.. فكرة جديدة للاعتراض على مخالفات الشركات العقارية
البيع الجماعي، وتعليق بانرات بيع الشقق فكرة جديدة لملاك الوحدات السكانية للاعتراض على مخالفات الشركات والمماطلة في ادخال الخدمات، وتسليم الوحدات، وعدم عدم الالتزام ببنود التعاقد.
قام ملاك الوحدات السكنية بسرايات القطامية بشركة كايروكونسلت للتنمية العقارية، بتعليق بانرات بيع جماعية للوحدات السكنية الخاصة بهم كنوع من الاعتراض على مماطلة الشركة في إدخال الخدمات وقالت الشركة أنه جارى إدخال واطلاق الكهرباء خلال الشهر الحالي. إلا أن ملاك الوحدات اكدوا أن الشركة غير ملتزمة بأى وعود، وأنهم في معاناة دائمة منذ عام 2016 مؤكدين أن هناك وحدات سكنية منذ هذا العام لم يتم تسليمها وأن أصحاب الشركة على خلاف دائم، وتم تقسيم الأراضي والوحدات بينهم مما خلق المزيد من المشاكل والمخالفات داخل الكومباوند.
أكد ملاك الوحدات أن الشركة لا تلتزم ببنود التعاقد، وهناك وحدات لم يتم تسليمها منذ 2017 وحتي الوحدات التي تم تسليمها لا يوجد بها أي خدمات وتماطل الشركة في إدخال الخدمات وخاصة الكهرباء
وقال مصدر بشركة الكهرباء جنوب القاهرة، أن شركة كايرو كونسلت هي التي تماطل في إطلاق الكهرباء وأنه تم مخاطب الشركة لاستكمال باقي متطلبات اطلاق الكهرباء منذ 2021
واشتكى ملاك الوحدات للوفد من مساندة بعض القيادات في أجهزى الدولة لأصحاب الشركة مما جعل الشركة تماطل في أدخار الخدمات وتسليم الوحدات للملاك، كما أن الشركة رغم مخالفتها لقرار التخصيص تحصل على رخص البناء بكل سهولة، ودون أن يحاسبها أحد
واشتكى الملاك من تكبد خسائر كبيرة بسبب اهمال الشركة وعدم الالتزام بادخال الخدمات أو تسليم الوحدات، فمنهم من يدفع مبالغ كبيرة للكهرباء (بالممارسة) والتي تعرضهم رغم مركزهم ووضعهم الاجتماع لقضايا سرقة التيار الكهرباء، وبعضهم يتكبد خسائر بسبب دفع الايجارات لسنوات طويلة والتي ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وكان يفترض حصولهم على الوحدات وفقا للتعاقد في عام 2018، والبعض الأخر يعاني جراء عدم الالتزام ببنود التعاقد وموصفات الوجدة عند التسليم، مؤكدين أن هناك وحدات سكنية جاء موعد تسليمها ولم يتم إنشاء العمارات السكنية حتى الآن
وأكد السكان أنهم اتخذوا كافة السبل من أجل الحصول على حقوقهم منها رفع قضايا وحصلوا على أحكام، ومناشدة رئيس الجمهورية في جريدة الوفد، ونشر مشاكلهم على منصات التواصل الاجتماعي، وتقديم شكوى لرئيس الوزراء وغيرها
مؤكدين أنهم مستمرون في الضغط على الشركة من أجل حياة كريمة وأنهم اتجهوا للبيع الوحدات بشكل جماعي من أجل الضغط على الشركة للانتهاء من ادخار الكهرباء والخدمات إلي الكومباوند، وتوفير كافة الخدمات وتسليم باقي الوحدات، وبناء الوحدات التي جاء موعد تسليمها ولم تسلم للملاك.