مذابح دموية تنعي ضمير العالم!
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
تتواصل حرب الإبادة الصهيوأمريكية الغربية على غزة لليوم الـ35 على التوالي، ليس هناك أفظع من حرب تستهدف الأطفال والنساء والرضع والمستشفيات وتلاحق الجرحى إلى المستشفيات وسيارات الإسعاف، ليس هناك أبشع من حرب الصهيونية الأمريكية الغربية التي تستبيح كل شيء في غزة، تقصف الناس حتى في المقابر والمستشفيات والمخيمات، تدمر البنى بشكل شامل، وتدك مقومات الحياة بلا هوادة بسلاح محرم ومُدمر، المشاهد التي تأتي من غزة تضع العالم أمام أبشع وأفظع المذابح في تاريخ الحياة كلها.
ومع كل مذبحة جديدة يرتكبها العدوان الصهيوأمريكي في غزة، ومع ارتقاء كل شهيد فلسطيني هناك، يرى العالم بأم عينيه إجراماً فاق كل ما عرفته وعهدته البشرية من إجرام المجرمين والعصابات الهمجية، وتثبت أمريكا الراعية للعدوان أنها أم الإجرام والإرهاب والإبادة، وتثبت الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية قدرة فائقة في القتل والتدمير وصناعة الموت، وتثبت أن ربيبتها إسرائيل ليست إلا مجموعات من عصابات القتل والإجرام المتأصل وحشية وفظاعات، وبكل تأكيد، لن توقف الإدارة الأمريكية ربيبتها إسرائيل عن الاستمرار في عدوانها على الأطفال والمستشفيات والنازحين والمدنيين في قطاع غزة، فمنذ اليوم الأول وضعت أمريكا كل حشودها وترسانتها العسكرية وملياراتها رهن هذه الحرب، وأعطت الضوء الأخضر لاستباحة كل شيء، القصف على الأطفال والمستشفيات والمدنيين يجري اليوم برعاية أمريكا وبدعمها المطلق.
في بداية العدوان فرضت أمريكا وربيبتها حصارا خانقا على غزة وحولتها إلى أكبر سجن مغلق في العالم، وخلال أسابيع العدوان قصفت بأطنان المتفجرات – تزن 5 – أضعاف ما تعرضت له ناجازاكي وهورشيما اليابانيتان، يقول خبراء إن أمريكا حولت غزة إلى حقل تجارب تختبر فيه مع ربيبتها إسرائيل الأسلحة والتكنولوجيات العسكرية الحديثة، والحقيقة أن غزة أصبحت بمثابة اختبار للإنسانية وللضمير العالمي وللقيم الإنسانية، وامتحان يعري النفاق الغربي ويسقط العناوين التي يتشدق بها.
ما يجري من عدوان وحشي على قطاع غزة هو استمرار لنكبة 1948، لكن ما يحدث اليوم هو الأفظع على الإطلاق، ولا يمكن لأحد أن يتخيل ما يتعرض له أبناء غزة إلا أبناء غزة، ورغم أن الأهوال والمذابح والإبادة يرتكبها العدو الصهيوأمريكي اليوم على مرأى ومسمع العالم، ويشاهدها الجميع على قنوات البث التلفزيوني ووسائل التواصل الاجتماعي، غير أن الضمير العالمي يبدو أنه قد مات ودفن تحت التراب.
في الوقت نفسه فإن كل متابع للقتل والإبادة التي يمارسها العدوان الصهيوأمريكي في غزة يدرك الجذور التاريخية لما يجري وسيعلم أن هذه الوحشية متأصلة في نفسيات إجرامية يهودية تربت ونشأت ورضعت الإجرام جيلا بعد جيل حتى وصلت إلى هذا المستوى، وسيدرك أن الدعم الأمريكي لهذا الكيان اللقيط وراء كل هذه الدماء والمجازر، وبالتالي سيكون موقفه إزاء ما يجري واضحاً تجاه أمريكا وتجاه الكيان المجرم وتجاه الغرب المنافق، فما يحدث هو بمثابة اختبار للإنسانية وقيمها.
يكفي أن يتابع المرء المذابح والفظائع اليومية في غزة ليدرك إجرام أمريكا وتوحش الصهاينة، وأن يدرك نفاق الغرب، وفي الحال يشهد موت الضمير العالمي الذي يشاهد ولا يحرك ساكنا، وأقصد بالضمير العالمي، ضمير الأنظمة والحكومات، والمؤسسات الدولية والأممية.. أما الشعوب فموقفها واضح ضد المذبحة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الأمن السيبراني وكأس العالم 2030: درع رقمي لحماية الحدث العالمي
بقلم : كمال المهدي الحجام
مع تصاعد الاهتمام بتأمين الفعاليات الرياضية الكبرى، لم يعد الأمن مقتصرًا على التدابير التقليدية، بل أصبح يشمل أبعادًا جديدة تتماشى مع التطورات التكنولوجية المتسارعة. وفي هذا الإطار، واستنادا إلى ما تم الإشارة إليه سابقا في مقال متعلق بالأمن الرياضي، لا يمكن الحديث عن هذه المنظومة دون التطرق إلى أحد أهم أسسها الحديثة، وهو الأمن السيبراني. فمع اقتراب المغرب من استضافة كأس العالم 2030، يفرض هذا التحول الرقمي تحديات تستدعي مقاربة شاملة تضمن حماية البنية التحتية الرقمية وتأمين العمليات المرتبطة بتنظيم الحدث. من هذا المنطلق، يسلط هذا المقال الضوء على أهمية تعزيز الأمن السيبراني كجزء لا يتجزأ من المنظومة الأمنية، متناولًا أبرز التحديات والحلول الممكنة لضمان تجربة رياضية آمنة على جميع المستويات.
مع استعداد المغرب لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030، أصبح تنفيذ تدابير الأمن السيبراني الشاملة عنصرًا حيويًا في المنظومة الأمنية العامة للدولة في ظلعصر تتغلغل فيه التقنيات الرقمية في جميع جوانب الحياة، وتزايدت التهديدات السيبرانية بشكل مكثف، مستهدفة البنى التحتية الحيوية، والمؤسسات الحكومية، والفعاليات الدولية الكبرى. فتطور الهجمات السيبرانية تنتقل من مجرد تهديد نظري، إلى تحدٍ حقيقي يمكن أن يقوض نزاهة الأحداث الرياضية الكبرى. فالاعتماد المتزايد على البنية التحتية الرقمية في التخطيط لهذه الفعاليات وتنزيلها يخلق نقاط ضعف غالبًا ما يستغلها المهاجمون. من أنظمة التذاكر والمعاملات المالية إلى أنظمة المراقبة والبث الإلكتروني، ما يجعل الأمر في جميع جوانبه يحتاج إلى حماية قصوى من التهديدات السيبرانية. هذا المؤشرات تجعل القارئ وهو يطلع على تطور المنظومة الأمنية بالمملكة يحس بالأمن والأمان خصوصا أن الملاحظ البسيط يستشعر قدرة المؤسسات الأمنية على دمج الأمن الرقمي ضمن الإطار العام للأمن الوطني والسلامة العامة.
وإذا أردنا أن نفهم محددات هذا المجال، يجب العودة إلى التجارب السابقة، التي أكدت أن الفعاليات الرياضية العالمية الكبرى تشكل أهدافًا جذابة للهجمات السيبرانية. على سبيل المثال، تعرضت دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 2021 لسلسلة من الهجمات السيبرانية التي استهدفت تعطيل العمليات، واختراق قواعد البيانات السرية، والتشويش على البث الرقمي. وبالمثل، تعرضت بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018 في روسيا لمحاولات اختراق الأنظمة الرقمية، مما استدعى استثمارات هائلة في الأمن السيبراني. وبالتالي تسلط هذه الأحداث الضوء على أهمية اتخاذ تدابير استباقية مثل المراقبة القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتحليلات التنبؤية، وأنظمة الاستجابة الفورية.
واستجابةً للتطورات المتسارعة في البيئة الرقمية، أطلق المغرب “الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2030″، وهي خطة متكاملة تهدف إلى تعزيز قدرة الدولة على مواجهة الهجمات السيبرانية. ترتكز هذه الاستراتيجية على عدة محاور رئيسية، من بينها تعزيز حكامة الأمن السيبراني على المستوى الوطني، ووضع إطار قانوني ومؤسسي متطور الذي يرتبط أساسا بالقانون رقم 20-05 المتعلق بالأمن السيبراني الذي يسعى إلى وضع مجموعةمن القواعد والتدابير الأمنية الرامية إلى تعزيز أمن وصمودنظم معلومات إدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسساتوالمقاولات العمومية وكل شخص اعتباري آخر خاضعللقانون العام وكذا البنيات التحتية ذات الأهمية الحيويةالتي تتوفر على نظم معلومات حساسة، خصوصا وأنحماية البنى التحتية الرقمية أولوية استراتيجية للمغرب في ظل تصاعد التهديدات السيبرانية. فقد رصدت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات (DGSSI)، التي تعمل تحت إشراف القوات المسلحة الملكية (FAR)، ما مجموعه 644 هجومًا سيبرانيًا خلال العام الماضي.
وتعكس هذه الأرقام تزايد المخاطر الرقمية التي تستهدف المؤسسات العامة والقطاعات الخاصة على حد سواء. وفي مواجهة هذا الوضع، كثّف المغرب جهوده لتعزيز أنظمته الدفاعية من خلال اعتماد حلول تكنولوجية متقدمة وتنظيم حملات توعية موجهة للمستخدمين.
ومن زاوية أخرى، وفي سياق تنزيل الإستراتيجية المعنية، نجد من جملة أساسياتها تطوير القدرات الدفاعية ضد الهجمات السيبرانية، وتعزيز التعاون الدولي. هذه الإجراءات، يسعى من خلالها المغرب إلى تأمين بنيته التحتية الرقمية الحيوية، وفي الوقت ذاته، ترسيخ مكانته كمركز إقليمي في مجال الأمن السيبراني. الأمر الذي جعل الجهات الأمنية الوطنية تدمج أنظمة مراقبة متطورة مثل برامج التعرف على الوجه والشبكات القائمة على الذكاء الاصطناعي، لتقليل المخاطر في الأماكن العامة والمنشآت الرياضية. ويجعلها قادرة على استخدام التحليلات البيانية المتقدمة للتنبؤ بالهجمات السيبرانية وإحباطها قبل وقوعها قصد ضمان بيئة آمنة للرياضيين والجماهير والمنظمين.
إن دمج الأمن السيبراني ضمن الاستراتيجية الأمنية العامة أصبح ضرورة حيوية، لا سيما فيما يتعلق بالأمن الرياضي، خصوصا عند الحديث عن التنسيق بين الإجراءات الأمنية التقليدية، مثل المراقبة الميدانية، وتدابير تأمين الملاعب، وانتشار قوات الأمن، وبين تدابير الأمن الإلكتروني، كما أن الأمر لا يقل أهمية عن ذلك تأمين الأصول الرقمية، مثل منصات بيع التذاكر، وشبكات الدفع الإلكتروني، وأنظمة تخزين البيانات.
لقد أثبتت تجارب العديد من الدول أن النهج المزدوج، الذي يجمع بين الأمن الرقمي والتقليدي، هو الوسيلة الأكثر فاعلية لضمان الحماية الشاملة للفعاليات الرياضية الدولية. وقد خطا المغرب خطوات مهمة في هذا الاتجاه من خلال تعزيز تعاونه مع المنظمات الدولية المتخصصة في الأمن السيبراني، مثل الإنتربول والاتحاد الدولي للاتصالات..
ومن جهة أخرى، لا يمكن تجاوز الحديث عن شركات التكنولوجيا التي تلعب دورًا محوريًا في تطوير حلول أمنية متقدمة تتناسب مع التهديدات الفريدة التي ترافق استضافة الفعاليات الكبرى، والتي يجب أن تكون ذات بعد وطني بغض النظر عن كونها تنتمي إلى القطاع الخاص، فهذه الجوانب، تأخذ في غالب الأحيان مسارا سياديا مربط بالأمن القومي.
إن المغرب اليوم، إذ ينجح في التصدي لهذه التحديات، فهذا بسبب قدرته على الاستفادة من أحدث التقنيات الأمنية، بما في ذلك منصات تحليل التهديدات، وأنظمة الاستجابة الفورية للهجمات السيبرانية، وبروتوكولات الأمان المستندة إلى تقنية “البلوك تشين”.
إذن، في إطار استراتيجيته المتكاملة للأمن الرقمي، يبرهن المغرب على نهج استباقي وشامل في مواجهة التحديات السيبرانية، حيث استثمر البلد بشكل مكثف في بناء القدرات الوطنية من خلال إنشاء مراكز متخصصة للتدريب وتأهيل الكوادر في مجال الأمن المعلوماتي، وسن تشريعات متقدمة لحماية البنية التحتية الرقمية. وقد تجلت جهوده في إعداد منظومة أمنية متطورة تجمع بين الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة والتدريب المستمر للكوادر الوطنية، عبر تطوير القدرات الاستخباراتية الرقمية وبناء شبكات دفاع إلكتروني قادرة على التصدي للتهديدات المعقدة، مع التركيز على حماية المنشآت الحيوية والفعاليات الوطنية والدولية. كما نجح المغرب في توظيف أدوات الأمن السيبراني كأداة فعالة لمكافحة الإرهاب والاتجار الدولي في المخدرات، من خلال تعزيز آليات الرصد والتتبع الإلكتروني للشبكات الإجرامية وقنوات التمويل غير المشروعة. ويمكن اعتبار النموذج المغربي في الأمن السيبراني تجربة رائدة على المستوى الإقليمي والعالمي، إذ نجح في بناء منظومة متكاملة تجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والكفاءات البشرية المؤهلة، مما يعزز قدرة الدولة على مواجهة التحديات الرقمية المعاصرة وحماية مصالحهاالقومية والاستراتيجية بكفاءة واقتدار.