*بالرغم من أنني متيقن أن شهادتي مجروحة في الرفيق والصديق/عزيز بن حبتور، إلٱ أنني مصر إصراراً لا يعرف النكوص أو التراجع عن الإدلاء بهذه الشهادة التي مفادها ان الرجل هذا قد جمع بين اطراف المجد بجدارة لا يرقى لمصافها سوى قلة من الرجال الذين رحمهم ربي، وفوق كل ذلك نراه مثابرا على البقاء متموضعا في ذلك المربع كجندي وحارس أمين بمربع القيم والمبادئ الثورية، مؤكدا أن معادن الرجال تتفولذ في معامع الصهر للإرادات والمواقف الملحمية – – – معذرة على إقحامك عزيزي القارئ على الوقوف أمام قناعات ذاتية أفصحت بها لأسباب سيرد جلها في سياق هذه القراءة لمقال بن حبتور الجديد الذي بين أيدينا.

*
*وبالعودة لمضمون المقال الذي ضم عنوانه مفردات عصية على فهم واستيعاب من انبطحوا في التطبيع أو تواروا خلف صمت غير إيجابي، ليواروا سوءاتهم خلف سياجات من ظلمة الجهالة أو الشعور بجسامة الدور المقاوم، ورهابة الفعل الإجرامي ضد مدنيين عزل جلهم من النساء والأطفال والشيوخ بعد هزيمة نكراء وفضيحة مخزية، أدخلهم فيها فيلق الطوفان الجارف (لأسطورة الجيش الذي لا يقهر)، لكنه ليس قهراً فحسب بل تم تمريغ جباه قادته في وحل غزة العزة والكرمة وغيرها من المفردات التي أوردها الكاتب في ثنايا مقاله هذا.*
*لقد دشن الكاتب دخوله في المقال على صيغة التدوين التوثيقي ليوميات (طوفان – الأقصى) بالنص «للأسبوع الثالث على التوالي منذ اطلاق بشائر النصر…. إلى آخر التدشين»، وهو تدشين لم نعتده من الكاتب لكنها ضرورة يفترضها مضمون المقال، وجلل دلالاته الحاكمة وكذلك نتائج تداعياته والتي لم يرغب أن يدخل في تفاصيلها عامة، لكنني سأحاول ملامستها ولو بشيء من التكثيف الإيجابي فقط، نتيجة لأهمية أبعادها الإقليمية والدولية كذلك، ولكن بالطبع لاحقاً وأينما أتاح السياق لي بذلك.*
*يسترسل الكاتب في تسطير تشع من ثناياه أساريره المبتهجة، عكستها المفردات الواصفة لكينونة (الطوفان) ببشائر نصر انتظرته الأمتان العربية والإسلامية منذ ما يقارب ثلاثة أرباع القرن من الزمان، هي بالفعل عمر الكيان الصهيوني الغاصب للأرض الفلسطينية التي عاش فيها شعبنا الفلسطيني في ظل مجازر وويلات لا عد ولا حصر لها، منذ النكبة التي نزلت عليه بسبب التآمر الاستعماري الغربي وزادتها ممارسات الغاصب وعنجهيته قهراً وألماً لا تطيق الجبال تحمل شدة قساوته وجوره الذي فاق كل الأوصاف، في ظل سكوت مخجل من الحكام العرب خوفا على كراسي السلطة التي قدم المستعمر بعضها لهم، وبعضها الآخر ظل محل تنازع بيني أشغلهم عن المواجهة، حالة القهر والعسف وكل أنواع الاضطهاد التي عاشها شعبنا الفلسطيني الأبي صنعت منه (شعب جبارين) لم ينكسر ولم يخضع متمسكا بحقوقه المشروعة بالرغم من كل ذلك وبالرغم من وقف الغرب الاستعماري الذي بقي مساندا للكيان الذي زرعه لخدمة مصالحه في تمزيق شعوب أمتينا العربية والإسلامية.*
*في مدخل قصير لمتن المقال نجد الكاتب يوضح بعجالة موقف بلاده الداعم والمؤيد للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وكذلك موقف اليمن المؤيد والداعم للمقاومة الوطنية والإسلامية في لبنان الشقيق، مؤكدا أن هذا التأييد والتضامن ممتد إلى كافة شعوبنا العربية المقاومة بدون تفريط أو مَنّ بالفضل، ثم نرى الكاتب وقد عاد إلى سرده التوثيقي مستعينا بالأرقام وكذلك بشرح تصويري للمشاهد والحالات التي يعيشها قطاع غزة، مبينا ان 40% من مباني ومساكن القطاع تم تدميرها انتقاما متغطرسا حيث امتد إلى البنى التحتية فلم يترك أي منشأة مدنية أو دار خدمة أهلية أو سقف ورشة إنتاجية بما فيها أفران الخبز إلَّا ومسحها ومن فيها من بشر من خارطة العمران بالقطاع ومن السجل المدني للمواليد والأنفس، ولعل القاصمة للظهر هي ضربة مستشفى المعمداني الذي قتل وجرح كل من فيه من مرضى وجرحى ونازحين احتموا بين جدرانه، حيث سقط اكثر من 500 شهيد وبضع مئات من الجرحى في غمضة عين وبدم بارد لا يشوبه خجل أو يردعه قانون دولي ولا عُرف إنساني، ممعنا بالقصف على مدار الساعة ممطرا القطاع بآخر واحدث أنواع الصواريخ والقنابل حتى المحرمة دوليا، كل ذلك مصحوب بحصار شديد قاطعا للكهرباء والمياه والأدوية والوقود وحتى رغيف الخبز بما يعنيه ذلك من سياسة تركيع وإبادة جماعية ممنهجة أمام مراء ومسمع العالم قاطبة، حاصدا أرواح 7600 شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى مرأى 70% منهم من النساء والأطفال حتى تاريخ كتابة مقال بن حبتور بيوم الجمعة 29 أكتوبر 2023م.*
*وتحت تأثير من حرقة الدم والشعور الإنساني بهول ما يرتكبه العدو الصهيوني نجد الكاتب، وقد ذهب مسهبا بالوصف والتحليل لكل رذائل الكيان ومعه مؤسسوه وداعموه الرئيسيون بسخاء (تحالف الانجلوسكسون ودول الناتو رئيسة)، الذين هبوا مستنفرين لكافة برلماناتهم ومؤسساتهم السياسية والإعلامية والثقافية والاقتصادية وحتى الدوائر والمنظمات الأممية، تم تجييرها وتوظيفها لتأكيد ودعم الرواية الصهيونية وإظهار ما حدث كاعتداءات وجرائم (ضد السامية)، كأنما الفلسطينيون لا يكفيهم ما حل بهم من جرائم الصهاينة ولا بد من إبادتهم مضاف لذلك تحميلهم مسؤولية تلك الجرائم، فقط لم يطالبونهم بدفع تعويض للكيان الصهيوني على ثمن القنابل والصواريخ وكلفة وقود الطائرات المغيرة وكلفة التشغيل والإهلاك للأصول (الطائرات والدبابات والمدافع)، هذا يعتبر كرماً من الانجلوسكسون ودول الناتو.*
*وفي عودة إلى الوراء قليلا نجد الكاتب وقد ذهب بالحديث عن فزعة العجوز الخرف (جو بايدن) في زيارته الى تل أبيب ومعه وزراء الحرب والسياسة، لكن مع الفارق انه ذهب مدججا بأسطولين مُدعمين بحاملتي طائرات وألفين اضافيين من جنود المارينز وثلة من الجنرالات واسعي الخبرة بحرب المدن، تصوروا كل ذلك لتلحق بهم فرنسا ???????? وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا و و و، كل ذلك لمواجهة مقاومة بلواءين من البواسل وسط رقعة من الارض مساحتها 360 كم.مربعاً فوق جيش الصهاينة الذي قوامه ستمائة ألف جندي وضابط، بالحساب الاستراتيجي العسكري يعتبر ذلك سلوكاً فاقداً للصواب وجهالة بالاستراتيجية/العسكرية، (لكنني هنا سأتدخل) موضحا للبعد الجيواستراتيجي الذي دشن ٱفاقه انتصار( طوفان-الأقصى) والذي من وجهة نظري يعتبر تدشيناً لولادة (عالم متعدد الأقطاب)، حيث اضاع فرصة التطبيع (السعودي-الاسرائيلي) أولا، ثانيا عطل تنفيذ الخط التجاري البحري والبري (الهند-الإمارات-السعودية-إسرائيل-اروبا) مانعا على الأمريكان ضم الهند الى ترسانتها (الجغرافية والديمغرافية) في المواجهة مع الصين وروسيا وايران كقوة اقليمية، مبقيا على فوز الصين حصريا بمشروع الحزام والطريق (طريق الحرير) لتزداد قوة اقتصاديا وتجاريا وتمددا جيوسياسيا على مستوى كوكبنا برمته، وثالثا خفف من الضغط الغربي على روسيا بإنحسار الدعم العسكري والمالي المقدم لأوكرانيا، لا بل جذب انتباه العالم قاطبة نحو فلسطين ولم يعد احدا مهتم بمتابعة أخبار العملية الخاصة لروسيا بأوكرانيا وذلك ما كان ينبغي على روسيا الاستفادة منه لتضرب تحت الحزام لإسقاط نظام زيلينسكي النازي، لكن لا نعرف لماذا تأخر الروس بذلك.*
*بالعودة لمضمون متن مقال بن حبتور والذي وجدناه مسترسلا في الشرح والتوضيح، وتذكيرا للجميع بزيارات الرؤساء الأمريكان إلى بغداد أو كابل وتدخلاتهم العسكرية فيهما وكذلك في ليبيا وكيف خرجت جيوشهم مهزومة منها بما فيها فضيحتهم (بمقديشو) وهذه الأخيرة بمشيئة الله بغزة، ثم نجد الكاتب وقد (انعطف مستديرا) نحو الرئيس الفرنسي ماكرون مباشرة، عارضا على القارئ الكريم تأصيل تاريخي للبدايات الأولى لانطلاق الحروب الصليبية من فرنسا (موثقا الزمان والمكان ومصدر سلطة قرار تلك الحرب)، مؤكدا أن معاني مفردات الخطابين لم تتغير فهي هي رغم مرور اكثر من ألف سنة بينهما، وواصل استدارته ليتناول بقية (زعماء ورق السوليفان) واحدا واحد عارضا تفاصيل في غاية الأهمية (أنصح القارئ بالعودة إلى نص المقال) للوقوف عليها من مصدرها فهي بقلم كاتبها ابلغ (من قرائتي تعقيبي المتواضع).*
*ولنذهب معاً إلى المرتكزات السبعة وخلاصتها، التي عودنا عليها صديقي الماجد الشهم، والتي عنونها بـ(دروس ودلالات انتصارات يوم السابع من أكتوبر 2023م) التي عرفت «طوفان- الأقصى» وهي حسب ما قام الكاتب بترتيبها اليكموها بتفاصيلها التالية:-*
1 – يحدثنا الكاتب بفخر عن ما اسفر عنه انقشاع دخان المعارك، ليكتشف العالم ان الذي يقود وينفذ المعارك هم الأمريكان ومعهم قوات الناتو بدرجة رئيسة أما قوات الجيش الصهيوني فليسو سوى رديف تابع لتلك القوات وما (غرفة العمليات المشتركة) إلٱ دليل واضح على صوابية سرد الكاتب، الذي نضيف عليه ان معارك العراق أو أفغانستان تعتبر لا شيء أمام تراجيديا ملاحم (غزة الكرامة) التي يستبسل فيها شهداء أحياء باعوا أرواحهم لله الواحد القهار.*
*2 – وفي هذا المرتكز يشير الكاتب إلى ملامح أشرنا اليها بعاليه، وهي بروز (المحور الشرقي) روسيا-الصين + دول العالم الثالث في أسيا – أفريقيا – أمريكا اللاتينية، يتصاعد دوره في المواجهة ولا نستغرب من وقوع انخراط مباشر لربما في معارك غزة وليس بعدها، خاصة بعد استخدام (الفيتو المشترك ر.ص).*
*3 – الكاتب هنا يصور لنا حقيقة ما أظهرته سخونة المعارك وبسالة المقاومة الفلسطينية، من حجم شراسة التقتيل البربري المتوحش بحق المدنيين أطفالاً ونساء وشيوخاً وهدماً لمساكنهم، ويظهر حقيقة الانجلوسكسون والناتو على حقيقتهم الداعمة للصهاينة كم نفاقهم وزيف ادعاءاتهم التي تتلطى بالقيم والمبادئ الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان ليست سوى مسرحيات هزلية وفقاعات صوتية تشوش على مشاهد مجازر ذبح النساء والاطفال ليس إلٱ، في حرصهم الشديد بالحفاظ على تراثهم الدموي كدراكولات في الألفية الثالثة دون خوف او خجل.*
*4 – يوضح الكاتب في هذا المرتكز السردي، كيف أن التحالف الانجلوسكسوني ومعه دول الناتو دفعوا بقوات النخبة لديهم لإرعاب محور المقاومة كي لا يوسع مدى المواجهة من ناحية، ومن الناحية الأخرى يدعم جيش الصهاينة ويعيد اليه رباطة الجأش التي فقدها بصدمة اليوم الأول من ذلك الطوفان المقدسي، ومن النحية الثالثة ينغمس بقواته تلك بلباس عسكري صهيوني في قتال المقاومة الفلسطينية كما فعلوا بحرب أكتوبر 1973م، معولين على عرض القوات التي جلبوها إلى شرق المتوسط، ونفوسهم تدعو وتتضرع (يا رب لايوسع محور المقاومة مدى المعركة).*
*5 – في المتكأ السردي الخامس يقدم صديقنا دولة رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال بصنعاء/أ.د.عبدالعزيز صالح بن حبتور حكماً عاماً، بأن ما أنجزته وتنجزه عملية طوفان الأقصى من انتصار تاريخي عظيم هو نصر للمقاومة الفلسطينية والعربية وكافة قوى التحرر في العالم، مستندا في ذلك على ثبات أطفال ونساء وشيوخ غزة المدنيين، رغم ما شاهده العالم من مذابح ومجازر بربرية في حقهم وكاميرات كل الفضائيات تنقل قولاً واحداً من الضحايا (نحن مع المقاومة) ولو تمت أبادتنا فهذا الثبات والإصرار هو من يرفع معنويات بواسل المقاومة، كما انه يرعب قلوب الجنود الصهاينة وشركاءهم من ضباط وجنود الناتو ومارينز هوليوود.*
*6 – أما في سادس المرتكزات يعلنها الكاتب في زئير كالأسد انه فصل الخطاب بشأن سقوط كل مشاريع التطبيع الأمريكي/الصهيوني مع الحكام المتصهينين من عرب وفلسطينيين، حيث نزع طوفان-الأقصى ورقة التوت عن جيش الصهاينة وانكشفت عورة فقاعة الجيش الذي لا يقهر، بل انه اصبح بحاجة ساتر ليخفي سوءته التي هتك سترها، ومعه خابت أوهام الحكام الذين توهم حماية من يحتاج الحماية لذاته.*
*7 – وسابعا قدم الكاتب استخلاصا يسبق خلاصة المقال مفاده، ان محور المقاومة بكافة أطرافه التي عددها بلداً بلداً مستهلها بإيران ومختتمها باليمن الميمون، وكيف اظهروا صلابة منقطعة النظير وقدرات تكتيكية عسكرية متميزة وتنسقي امني واستخباري عالي المستوى، بالرغم من تهديد أساطيل الانجلوسكسون ودول الناتو ووعيد عجوزهم الخرف بشن حرب لا تبق ولا تذر ضد دولهم، وناولوه الأذن الطرشى غير عابئين بشيء، مصممين على ان يكون محورهم هو من يصنع التغير ويرسم ملامح (عالم متعدد الأقطاب) من خلال إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها الفدس وفق حدود 4يونيو 1967م، بمشيئة رب العزة والجلال وتوفيق رضوانه.*
*الخلاصة: -*
*يرسخ في خلاصته الكاتب أن ختامها مسك ورياحين جنان الرحمن، من خلال نفيه لمقولة (سبت اليهود) بدليل قوله السابع من أكتوبر 2023م يوم (السبت المبارك) يوم النصر العظيم كعظمة يوم (فتح مكة) على يد اشرف وأنبل خلق الله وأقربهم (للباري جل شأنه)، الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ٱله الطيبين والاطهار الميامين، فهو يوم سيتم بنتائجه بإذن الله وتوفيقه فتح باب (بيت المقدس) للعرب والمسلمين على مصراعيه، بموجب الخارطة الجديدة التي رسمت بدماء الفلسطينيين والأحرار من العرب عامة والغزاويين خاصة لتعود ملايين اللاجئين لأراضيهم فهم من (عاهدوا الوطن السليب بأن يعود الى البنين) – – – تلك هي مفردات النار التي سطرها كاتب بلسان رجل دولة مناضل، و بعقل بروفيسور أكاديمي وبقلب رجل مؤمن استشرف قادمات الأيام بفراسة الإيمان اليقيني بنصر الله عز وجل، وتلك حقيقة أفصحت بها في فاتحة هذه القراءة المتأنية كشهادة حق لا مداهنة أو تدليس يعتريها والله على ما أقول شهيد.*
*جامعة عد

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الدرس الذي أرعب الصهاينة!

دارت القصة في هولندا وبدايتها كانت خسارة الفريق الصهيوني، ولأن الصهاينة اعتادوا أن يدللهم العالم ولو بادعاء فوزهم، ارتفع مستوى ضغط الدم عند المشجعين الصهاينة فقاموا بتنظيم وقفة عبثية مناصرة لكيانهم الغاشم، ثم قاموا بالاعتداء على بعض المنازل وإنزال الأعلام الفلسطينية وتمزيقها.. أحد مالكي هذه المنازل، وهو مواطن مغربي، كتب «الصهاينة بعتدوا ع بيتي»، حينها هبّ أبناء الجاليات العربية وعدد كبير من مناصري فلسطين في هولندا، وسيطروا على الموقف، وقاموا بتأديب الصهاينة، دهس ولطم وركل وطعن ومحاولات خطف.

هذه الرواية هي التي تداولها الناشطون في هولندا، والتي تكشف عن النزعة العدوانية للصهيوني إينما كان، وتعامله بهذه الاستعلائية التي يَفترِض فيها أن على الجميع أن يراعوا مشاعره وأن يعطوه الميزة لكونه صهيونياً، لكن ما حدث في أمستردام كشف له حجمه ونظرة العالم تجاهه.

طبعاً عقب الحادثة التي أهانت الكيان، أصدر رئيس حكومة الاحتلال الإرهابي تعليمات بإرسال طائرتين لنقل المشجعين فوراً وإعادتهم للأراضي المحتلة، وعلى متنها فرق طبية في مقدمتها فريق علاج الآثار النفسية وأخرى للإنقاذ، فيما منع جيش الاحتلال جميع العسكريين من السفر إلى هولندا حتى إشعار آخر، بل ووجّه بعودة الجنود الموجودين حاليا هناك فوراً، وهي ردود أفعال مثيرة للسخرية، ولا تنُم إلا عن سيطرة العقلية العنصرية على الكيان، واستفحال الغباء الذي لم يمكّن قادته من قراءة دلالة ما حدث.

المسألة ليست مستوطنين، وليست ساميّة، وإنما هي رفض عالمي للفكرة الصهيونية القائمة على الإجرام والبطش، ورفض للممارسات العدوانية بحق الأبرياء المدنيين في غزة ولبنان، ورفض للتعامل فوق القانون، كما هي ضد انحياز الأنظمة الدولية الأعمى للرواية «الإسرائيلية».

أحداث هولندا أظهرت بوضوح أن الكيان الإسرائيلي لا يزال منبوذاً في الأوساط الشعبية، وبعيدا حتى عن تطبيع وجوده مع العالم، إنه حالة منبوذة، وحالة لا تزال تخضع لكثير من الجدل لأنه كيان غير طبيعي، حتى مع وجود من يؤيده ومن يتعصّب معه وله، فإن هذا لا يخفي حقيقة أنه إنما يختبئ طوال الوقت خلف الظل الأمريكي، وسيظل باقي «الثمانين» من عمره خلف الظل الأمريكي، لأنه غير شرعي، ومهدد طوال الوقت بالزوال، وجبهته الداخلية تؤكد ذلك بتآكلها ورحيلها من الأراضي المحتلة، ما ينسف فكرة الدولة.

قام الكيان على نوايا إخضاع العالم للإرادة الصهيونية، وكانت المنطقة العربية الأكثر ملاءمة لزرع بذرة هذه الحركة الخارجة عن القانون، لكون هذه الجغرافيا تتمتع بالكثير من المميزات والخصائص، على صعيد المكان وعلى صعيد الثروات، فضلا عن كونها جغرافيا المسلمين والعرب، الذين يرى اليهود فيهم أعداء أزليين، ومن امتلاك مقادير هذه الخصائص يمكنه السيطرة على العالم، وذهب الصهاينة للعمل بما خلصت إليه المؤتمرات الصهيونية لإنشاء التواجد في المنطقة، وصولا إلى فرصة الوعد البريطاني المشؤوم وعد (من لا يملك لمن لا يستحق).

ثم بدأ أساطين المال والجريمة في صنع طبقات حماية للكيان غير الشرعي، لعلمهم بأنه قابل للكسر، فصادر اللوبي الصهيوني قرار الولايات المتحدة وبالتبعية قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وصنع مدعاة (الساميّة)، وفرض محاذيرها على الدول الأوروبية والغربية كأذرع حماية من أي توجه يرفض مصادرة الحقوق لأجل كيان لقيط يقوم على الجريمة وسفك دماء الأطفال والنساء وتجويعهم.

ما حدث في أمستردام، ناتج عفوي لهذه المحرقة والإبادة التي تمارس ضد الأبرياء في فلسطين دون أي رادع أو موقف حازم من المجتمع الدولي، وهذا ما لا يريد العدو الصهيوني ومعه الشيطان الأمريكي أن يرياه، لأنه يكشف أصولهما الحيوانية التي تقتل بلا أدنى خوف، وتتمرد على الأعراف والقيم والأخلاق بلا أدنى مستوى من الخجل.

وهذا التعبير العنيف الرافض للغطرسة الصهيونية، حدث من قبل ويحدث دائماً وبأشكال مختلفة، في كثير من الدول وخاصة أثناء وعقب المباريات، وهو مرشح للتصاعد، فهناك نفوس لا تزال تنبض بالإنسانية، وإن لم يكونوا مع فلسطين فهم على الأقل مع الإنسانية التي ترفض هذه الممارسات الحيوانية من قبل أمريكا و”إسرائيل”».

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • عن مستقبل حماس في الدوحة.. قراءة في وساطة قطر في المفاوضات وموقفها من المقاومة
  • متى لا يجوز تلاوة القرآن؟ الحالات التي يمنع فيها القراءة
  • أهمية إنشاء تكتل اقتصادي موحد يضم دول محور المقاومة
  • قرار نهائي.. شعبة المحمول تحدد نوعية الهواتف التي لن تعمل بدءا من 2025
  • وكيل الأزهر: العالم غض الطَّرف عما يحدث في غزة ولبنان من جرائم الصهاينة
  • هذه هي الأوهام التي نحيا فيها ويكشفها لنا فوز ترامب
  • وكيل الأزهر: العالم غض الطَّرف عن ما يحدث في غزة ولبنان من جرائم الصهاينة
  • رئيس وزراء ماليزيا: شيخ الأزهر أظهر شجاعة حقيقية في الدفاع عن أهل فلسطين
  • الدرس الذي أرعب الصهاينة!
  • بن حبتور يشارك في الندوة الثقافية والتوعوية بذكرى “وعد بلفور” المشؤوم