اتفاق جوبا في مهب الريح
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
اتفاق جوبا في مهب الريح
تاج السر عثمان بابو
1بإقالة الفريق البرهان الهادي إدريس من مجلس السيادة وقبله حافظ عبد النبي من وزارة الثروة الحيوانية، وطلب تحديد بديل لهما من موقعي الاتفاق، يكون اتفاق جوبا قد أصبح في مهب الريح ومعرضاً للخطر وللانهيار، كما جاء في المذكرة إلى الوساطة التي رفعتها حركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي التي يرأسها الهادي إدريس التي رفضت القرار باعتباره خرقاً لاتفاق جوبا، وتخوفت فيها من تكرار سياسة نقض العهود والمواثيق التي اتسمت بها معظم الأنظمة التي حكمت السودان.
سبق أن أشرنا عند توقيع اتفاق جوبا في أكتوبر 2020 إلى أنه لن يحقق السلام المستدام، وجاءت تطورات الأحداث لتؤكد ما ذهبنا إليه، كما في الآتي:
– سار اتفاق جوبا على نهج نظام الإنقاذ في الاتفاقات الجزئية التي فشلت في تحقيق السلام العادل والشامل، وأعادت إنتاج الأزمة والحرب وتمزيق وحدة البلاد مثل: نيفاشا التي أدت لفصل الجنوب، اتفاقات أبوجا، الدوحة، ونافع عقار. إلخ.
– تحول لمحاصصات ومناصب ومسارات فجرت مشاكل وصراعات قبلية وعنصرية في شرق وشمال ووسط السودان.
– تنكر موقعوه لشعارات إزالة التهميش، وحل مشاكل جماهيرهم، وتوفير أبسط الخدمات لهم وعودتهم لقراهم وحواكيرهم وتعويضهم وتعمير مناطقهم ومحاسبة المسؤولين عن الحرب والإبادة الجماعية. إلخ.
– جاء اتفاق جوبا بعد اختطاف المكون العسكري لملف السلام من مجلس الوزراء، وكان الهدف منه إجهاض ثورة ديسمبر والانقلاب عليها، وعدم تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية، بل كان من ضمن البنود تحت الطاولة التي كشف عنها مني أركو مناوي وهي:
*عدم تسليم البشير للجنائية.
*تجاهل التحقيق في مجزرة فض الاعتصام.
*عدم قيام المجلس التشريعي، إلخ.
أصبحت بنود الاتفاق تعلو على “الوثيقة الدستورية” في غياب المجلس اتشريعي الذي يحق له تعديلها، حتى تكوين مجلس الشركاء.
– مشاركة قادة حركات جوبا في جريمة انقلاب 25 اكتوبر الدموي، الذي أعاد التمكين، وأفضى للحرب اللعينة الجارية حالياً، وكانت تلك الجريمة عملياً تجاوزاً للاتفاق بخرق “الوثيقة الدستورية”.
وبعد الانقلاب استمروا في السلطة الانقلابية، وتحملوا كل أوزارها رغم الانقلاب على الثورة!!، بل ساهمت قواتهم في قمع المواكب السلمية والمجازر ضد الثوار، وفي مناطق الحروب.
– تدهورت الأوضاع الأمنية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان بعد اتفاق جوبا، وبمشاركة قادة جوبا في تلك المجازر، ونهب الأراضي والمعادن والذهب والحواكير بالإبادة الجماعية، وفشل الاتفاق في تحقيق السلام العادل والشامل، بل ساهمت مكوناته في الفوضى ونهب ممتلكات اليوناميد، والفساد الذي أزكم الأنوف والمنشور في الصحف، وتحول لمحاصصات وجبايات لمصلحة أفراد محددين، أرهقت كاهل المواطنين، ولم تعد تلك الأموال لمناطق الحروب في التنمية وعودة النازحين لقراهم وإعمار مناطقهم.
إضافة لعدم المحاسبة وتسليم المطلوبين للجنائية، والمطالبة بحل المليشيات والجنجويد، بل شاركوا في نهب الأراضي والموارد، كما في مخطط جبريل ابراهيم لتحويل مشروع الجزيرة إلى هيئة، ومشاركته في صفقة الميناء على البحر الأحمر في غياب المؤسسات التشريعية القومية والولائية بالشرق وفي ظل حكومة انقلابية غير شرعية.
3كل ذلك يتطلب درء آثار كارثة اتفاق جوبا وفساد قادته الذي أزكم الأنوف، بتقوية وتوسيع المقاومة في أوسع تحالف قاعدي جماهيري لوقف الحرب، وإسقاط الانقلاب، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وتحقيق:
– الحل الشامل والعادل في السلام الذي يخاطب جذور المشكلة.
– حل المليشيات ونزع السلاح.
– المحاسبة وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
– عودة النازحين لقراهم ومنازلهم وتعمير مناطقهم والتعويض العادل لهم.
– قيام المؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم ويتم فيه التوافق على دستور ديمقراطي، يؤكد قيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن العرق أو النوع أو الثقافة أو الدين، وتحقيق التنمية المتوازنة بين أقاليم السودان المختلفة.
الوسومالبرهان السودان المكون العسكري الهادي إدريس انقلاب 25 اكتوبر تاج السر عثمان بابو جنوب السودان حافظ عبد النبي حركة تحرير السودان فض الاعتصامالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: البرهان السودان المكون العسكري الهادي إدريس انقلاب 25 اكتوبر جنوب السودان حركة تحرير السودان فض الاعتصام اتفاق جوبا جوبا فی
إقرأ أيضاً:
كيف كافحت لاجئة سودانية على أمل انتهاء الحرب في بلادها وعودة السلام؟
منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير: صحيفة التغيير
تقرير: فتح الرحمن حمودة
كمبالا 25 نوفمبر 2024 – في صباح الخامس عشر من أبريل 2023، استيقظ السودانيون على أصوات لم يعهدوها في مدينة أمدرمان، وكانت “مرام” وأسرتها بين جدران منزلهم يشاهدون بداية قصة لم يتوقعوا أن تسيطر على حياتهم، وتغرقهم في فصول من الخوف والترقب.
ومع دوي الأسلحة الثقيلة وأصوات الطائرات الحربية دخلت الفتاة وأسرتها في حالة من الذعر مثل آلاف العائلات في المنطقة التي وجدت نفسها فجأة وسط حرب غير متوقعة.
ومنذ اندلاع الحرب شهدت العاصمة الخرطوم بمناطقها الثلاث معارك عسكرية دامية أودت بحياة مئات المدنيين، وخلفت العديد من الجرحى إلى جانب آلاف الأسر التي اضطرت للنزوح هربا من الأوضاع المأساوية كما أسفرت هذه العمليات عن تدمير واسع في البنية التحتية.
قصة “مرام” التي ولدت وترعرعت في أمدرمان، وتخرجت في كلية الآداب بجامعة النيلين مثل قصص آلاف الأسر الناجين من الموت.
تحدثت إلى “التغيير” عن تجربتها قائلة إن حياتها بدأت تتغير مع اشتداد المواجهات العسكرية وتفاقم الأوضاع الإنسانية ومع توسع النزاع في أنحاء السودان، إذ وجدت نفسها تواجه واقعا جديدا لم يخطر ببالها.
وتقول إنها في الساعات الأولى من الحرب كانت نائمة، واستيقظت فزعة على أصوات الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية، وكانت تلك الأصوات بداية لكابوس طويل لم تكن تتوقع استمراره.
ومع تصاعد القتال قضت أسابيع في المنزل مع والدتها وأخواتها. وبعد مرور شهر على الحرب اتخذت قرارا صعبا بالرحيل بعدما أصبح البحث عن مكان آمن ضرورة لحماية أسرتها.
غادرت مرام مدينتها إلى ولاية النيل الأبيض، وروت لـ”التغيير” كيف عاشت أياما كانت تتأرجح فيها بين ألم الغربة والحزن على وطنها، ثم بعد معاناة طويلة بدأت تفكر في خطوة جلبت لها الأمان، إذ قررت الهجرة إلى بلد آخر رغم الصعوبات الكبيرة.
وتقول بعد مشاورات عائلية حصلت على دعم من منظمة إنسانية تساعد المدافعين عن حقوق الإنسان، وبدأت رحلتها عبر طرق وعرة وصول إلى منطقة “جودا” الحدودية، ومنها إلى “الرنك” ثم إلى منطقة “السلك” حيث قضت أياما طويلة وسط الخوف مشدودة بين الخوف من المجهول والأمل في الوصول بسلام.
وتواصل “مرام” روايتها مشيرة إلى لحظة مغادرتها إلى “المبان” حيث اضطرت للبقاء هناك فترة بسبب مشاكل الطيران، حتى تمكنت من الوصول إلى “جوبا” في جنوب السودان بمساعدة إحدى صديقاتها، ولكن جوبا لم تكن كما توقعت، فقد كانت الحياة باهظة التكاليف؛ مما دفعها لاتخاذ قرار بالسفر إلى أوغندا.
محطات شاقةوتحت وطأة الحرب المستعرة اختار العديد من الفارين من ويلات النزاع دولتي جنوب السودان وأوغندا كوجهتين رئيسيتين للنجاة، إلا أن الرحلة إلى هاتين الوجهتين لم تكن سهلة، فقد مر الفارون بمحطات شاقة مليئة بالتحديات والصعوبات حتى وصولهم إلى بر الأمان حيث واجهوا عقبات جسيمة على طول الطريق قبل بلوغهم الملاذ الأخير.
ووصفت “مرام” رحلة دخول أوغندا بالمغامرة حيث عبرت الحدود دون أي أوراق رسمية تاركة كل ما تملك خلفها في أمدرمان، إلا أنها اصطدمت بواقع صعب وجدت فيه تحديات جديدة، لكنها أصرت على مواجهة هذه الصعوبات على أمل توفير حياة أفضل لعائلتها.
في منطقة ديالى قالت إنها بدأت في تنفيذ فكرة مشروع صغير يجمعها بأبناء بلدها. فتحت مقهى متواضعا ومع مرور الوقت أصبح مكانا للقاء السودانيين اللاجئين، حيث يتبادلون الأحاديث، ويعبرون عن أحزانهم وآمالهم كما أصبح هذا المكان مساحة للفرح البسيط وملاذا نفسيا وملتقى للذكريات.
وتمضي في حديثها بأنه لم يكن نجاح المشروع سهلا بالنسبة لها، فقد واجهت تحديات عديدة أهمها صعوبة التواصل مع أهل البلد، لكنها واجهت كل خطوة بإصرار أكبر، وشعرت بألفة وسط اللاجئين السودانيين الذين احتضنوها.
وبالرغم من ضيق الحال كان المقهى يوفر لها ولأسرتها دخلا بسيطا، إلا أن الشعور الدائم بالأسى لم يفارقها وكأنها تخوض معركة جديدة كل يوم، وتصف كيف تستيقظ كل صباح محملة بالهموم تفكر في مستقبل غامض وقلق دائم على عائلتها في السودان.
وأحيانا – تقول “مرام” – تجد نفسها تحلم بالعودة إلى السودان، رغم معرفتها بأن العودة تعني مزيدا من المخاطر، لكنها تستمر في الأمل، وتتساءل في كل يوم: هل سيأتي يوم نعود فيه؟ هل سنعيش مرة أخرى تلك الحياة التي افتقدناها؟
وتسترجع “مرام” بذاكرتها الأيام الأولى للحرب، وكيف كانت تبكي عند سماع أخبار الفقدان، حتى تبلد الحزن بداخلها، وتختتم قصتها بأنها اليوم تعيش على أمل انتهاء الحرب وشيوع السلام، متمنية أن ترجع يوما إلى شوارع أمدرمان، وتستعيد ذكرياتها العزيزة، إذ أصبحت حياتها في المنفى رمزا للصمود واستعدادا ليوم العودة.
في منطقة بيالي يعيش الآلاف من اللاجئين السودانيين في ظروف إنسانية بالغة السوء نتيجة لضعف الخدمات داخل المعسكرات؛ مما دفعهم إلى تأسيس مشاريع صغيرة في محاولة لتسيير حياتهم وتلبية احتياجات أسرهم الأساسية.
منتدى الإعلام السودانيينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
الوسوماللاجئات السودانيات حرب الجيش والدعم السريع حرب السودان