تحليل: العدوان الإسرائيلي على غزة يغير الديناميكيات السياسية في الشرق الأوسط وأمريكا
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
اعتبرت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط جنيف عبده، أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول قد يغير الديناميكيات السياسية ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن أيضا في الولايات المتحدة الأمريكية على حد سواء.
وأضافت عبده، في تحليل نشره معهد دول الخليج العربية في واشنطن، وترجمه الخليج الجديد أن لأول مرة منذ عقد من الزمان توافقت الحكومات العربية وشعوبها إذ رفض كليهما نهج العنف العشوائي من قبل إسرائيل ضد ملايين المدنيين الذين يعيشون في غزة.
فعلي الصعيد الشعبي، شهدت العواصم العربية مظاهرات حاشدة ضد إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول، كما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالغضب الغربي ضد جيش الاحتلال.
وأظهر التصويت الأخير في الأمم المتحدة تضامن الدول العربية مع مواطنيها، حيث صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لصالح قرار يدعو إلى هدنة إنسانية فورية بين إسرائيل وحركة حماس.
ووافق المجلس المؤلف من 193 عضوا على القرار الذي صاغته مجموعة من 22 دولة عربية بهامش 120 صوتا مقابل 14 صوتا وامتناع 45 دولة عن التصويت. وصوتت الولايات المتحدة وإسرائيل بالرفض.
وذكرت عبده أن التوافق بين آراء الحكومات العربية وشعوبها مهم لعدة أسباب:
الأول: تداعيات على التطبيع
وقالت عبده إنه من المرجح أن تتأثر عملية التطبيع المستمرة بين بعض الدول العربية وإسرائيل منذ 3 سنوات، ومن المرجح أن يكون يعتمد التأثير النهائي سواء بالنسبة للدول المطبعة أو المحتملة على مدة استمرار العنف وحجم عدد الشهداء المدنيين في غزة.
ولفتت إلى أن الجماهير العربية لم تعرب قط عن أي شيء قريب من دعم الأغلبية لاتفاقيات التطبيع.
وأظهر البارومتر العربي، الذي تديره جامعة برينستون، أن الرأي العام في الشرق الأوسط العربي وشمال أفريقيا كان يتجه على نحو ساحق ضد التطبيع مع إسرائيل.
ووفق استطلاع أجرى في 2022، قال أقل من 15% ممن شملهم الاستطلاع في العراق وتونس وليبيا وفلسطين والأردن ومصر والجزائر إنهم يؤيدون التطبيع مع إسرائيل.
والآن، تم رفع واجهة الدعم الشعبي القوي، حيث لفتت الاحتجاجات واسعة النطاق الانتباه ضد إسرائيل إلى المواقف العامة الأساسية التي انعكست في استطلاعات الرأي.
أدى القصف الجوي والبري الإسرائيلي لغزة إلى استشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني، ما يجعل من الصعب على دول الخليج مواصلة سياسات التطبيع على افتراض أن الشعوب العربية لم تعد تهتم باحتلال إسرائيل لغزة والضفة الغربية، وأن سياسات التطبيع هذه تتمتع بقاعدة واسعة من الدعم السلبي على الأقل.
ووفق عبده فإن هذا لا يعني بالضرورة أن دول الخليج لن تستمر في اتباع مثل هذه السياسات عندما تنتهي الحرب، لكنه يعني أن هذه الاتفاقيات تفتقر إلى قاعدة واسعة من الدعم الشعبي العربي.
كما أن الافتراضات حول بناء هذا الدعم تدريجياً تبدو أقل إقناعاً في أعقاب أعمال العنف التي مارستها إسرائيل على غزة.
وذكرت عبده أن حكومات المنطقة تقوم حاليا بتقييم التطورات في غزة وتأثيرها على بلدانها بعناية، حتى في حين تعرب عن انتقاداتها وغضبها إزاء التصرفات الإسرائيلية.
اقرأ أيضاً
جو بايدن عن أحداث غزة: إسرائيل تدافع عن نفسها
لكن حتى الآن، فإن التصريحات الرسمية، بالرغم أنها تتطور نحو انتقادات أقوى لإسرائيل، إلا أنها التزمت إلى حد كبير بالدعوات لوقف إطلاق النار، والحاجة الملحة لحماية أرواح المدنيين، والتحذيرات بشأن مخاطر التصعيد وامتداده الإقليمي، ورفض أي تهجير قسري للسكان. الفلسطينيين.
الثاني صعوبة تحويل حماس لمليشيا إرهابية
وقالت عبده أن النتيجة الثانية للتوافق بين العربي الحكومي والشعبي إنها سوف تجعل من الصعب على وسائل الإعلام الأمريكية والرئيس بايدن -الذي منح إسرائيل دعما علنيا مطلقا- تحويل حماس إلى مجرد ميليشيا إرهابية لا تحظى بدعم السكان العرب.
أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا ارتفاعا كبيرا في الدعم الفلسطيني لحماس في أعقاب حرب غزة، حيث يرى حوالي ثلاثة أرباع المشاركين في الاستطلاع أن حماس منتصرة في المعركة ضد إسرائيل للدفاع عن القدس والأماكن المقدسة فيها.
وأظهر الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، والذي يجري مسوحات على مدى أكثر من 25 عاما، تراجعا في التأييد للرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي بدا أكثر تهميشا بسبب الحرب لكن الولايات المتحدة تعتبره شريكا رئيسيا في إحياء عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة.
ووجد الاستطلاع أن 53% من الفلسطينيين يعتقدون أن حماس هي "الأكثر أحقية لتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني"، في حين أن 14% فقط يؤيدون حركة فتح التي يتزعمها عباس.
الثالث: نفوذ عربي في واشنطن
ووفق عبده أن المسلمين والعربي الأمريكيون أصبحوا الآن أكثر جراءة من أي وقت مضى لرفع أصواتهم ضد سياسات الولايات المتحدة السياسة والرئيس بايدن شخصيا.
وهناك الآن دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للمجموعات لعدم التصويت في الانتخابات الرئاسية عام 2024 أو تقديم أي دعم لمرشح يؤيد استمرار العنف الإسرائيلي في غزة، وهو الأمر الذي قد يكون مدمرًا لبايدن.
ويصوت المسلمون والعرب لصالح الديمقراطيين بهامش كبير، وفي ولايات مثل ميشيجان، التي فاز بها بايدن بفارق ضئيل في عام 2020 ويحتاج إلى الفوز في عام 2024، قد تكلفه المقاطعة خسارة الانتخابات.
ترى عبده أن الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل في غزة، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين وجعلت ما يقرب من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة بلا مأوى، قد تغير الديناميكيات السياسية ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في الولايات المتحدة أيضا.
وذكرت إنه إذا استمرت الأعمال العسكرية الإسرائيلية لفترة طويلة، فمن المرجح أن ينخفض الدعم للولايات المتحدة بشكل كبير ومن المرجح أن يزداد دعم التطرف العنيف.
إذا قاطع العرب والمسلمون في الولايات المتحدة الانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد يساعد ذلك في تعريض فرص إعادة انتخاب بايدن الضعيف بالفعل للخطر.
من المرجح أن يؤدي استمرار العنف في غزة لفترة طويلة ـ وارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين ـ إلى تسليط الضوء بشكل أكثر دراماتيكية على هذه التيارات المتصاعدة في الرأي العام العربي والطرق التي يمكن أن تؤثر بها على عملية صنع القرار، في المنطقة والولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
بايدن: اتصالات مع مصر والسعودية لخفض التصعيد في غزة
المصدر | جنيف عبده/معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العداون الإسرائيلي على غزة قطاع غزة الحكومات العربية الشعوب العربية الانتخابات الأمريكية الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط من المرجح أن دول الخلیج فی غزة
إقرأ أيضاً:
قيومجيان من بودابست: ساعدونا في حماية وجود المسيحيين في الشرق الأوسط
أكد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في "القوات اللبنانية" الوزير السابق ريشار قيومجيان أن "لبنان هو آخر معقل للإيمان والحرية والوجود الكريم للمسيحيين في شرق البحر الأبيض المتوسط والمشرق والشرق الأوسط، ومن الملحّ المساعدة في إنقاذه وحمايته والحفاظ عليه والدفاع عنه".كلامه جاء خلال تمثيله حزب "القوات اللبنانية" ورئيسه سمير جعجع في مؤتمر في العاصمة الهنغارية بودابست تحت عنوان "مستقبل لبنان- رؤى مسيحية"، على رأس وفد ضم رئيس جهاز التنمية في الحزب جان خشان، وذلك بدعوة من وزارة الخارجية الهنغارية.
يهدف المؤتمر الى تأسيس صندوق مدعوم من الجاليات اللبنانية المنتشرة في العالم من اجل تمويل مشاريع من شأنها مساعدة المسيحيين في لبنان على الصمود في أرضهم.
وكان قيومجيان استهلّ كلمته في المؤتمر بشكر حكومة هنغاريا ممثلةً بسكرتير الدولة لشؤون مساعدة المسيحيين المضطهدين الوزير تريستان أزبيج ووزير الخارجية والتجارة بيتر سيارتو على حسن الاستضافة وتنظيم المؤتمر، وقال: "جئت هنا ممثلاً الدكتور سمير جعجع، رئيس حزبنا، حزب القوات اللبنانية الذي يمثل أكبر قاعدة مسيحية ولديه أكبر تمثيل نيابي في البرلمان أيضاً. نحن هنا برسالة بسيطة لكنها قوية: لبنان هو آخر معقل للإيمان، والحرية، والوجود الكريم للمسيحيين في شرق البحر الأبيض المتوسط، والمشرق، والشرق الأوسط. ساعدونا في إنقاذه، وحمايته، والحفاظ عليه، والدفاع عنه".
أضاف: "المسيحيون في لبنان، أبناء تاريخ طويل من النضال والمقاومة، حيث شهد الاجداد كل أنواع الصراعات، الحروب، الاضطهادات، الترهيب، الظلم، المجازر والإبادات الجماعية. ومع ذلك، ورثوا حياة مليئة بالكرامة، وإيماناً مزيناً بالتقاليد والقيم، وبلداً جميلاً لقب بسويسرا أو باريس الشرق الأوسط، بالرغم من أنه لم يشهد فترات ثابتة من الـسلام والأمن والاستقرار".
تابع: "إلى أي طائفة انتمينا: الكاثوليك، الأرثوذكس، الموارنة، الأرمن، الأقباط، اللاتين، الملكيين، السريان، الآشوريين، الكلدان، البروتستانت، كلنا ننتمي إلى وحدة في الإيمان والمصير. نحن أبناء تلك الكنيسة نفسها، الكنيسة المناضلة والمقاومة، l'église combattante كما نقول باللغة الفرنسية وكما هو وارد في كتب تعليمنا المسيحي القديمة. لذا فلنتحد معاً حول نفس الأهداف والغايات، وهي الحفاظ على لبنان دولة يعيش فيها المسيحيون بكرامة ويزدهروا في تناغم، عدالة ومساواة مع المجموعات الدينية الأخرى تحت سقف دستور واحد وسلطة القانون في دولة ديمقراطية غير فاسدة وذات سيادة".
وأكد أنه "بالنسبة للقوات اللبنانية لا يمكن بناء مستقبل لبنان دون رؤية مسيحية، سواء كانت سياسية، اجتماعية أو مالية. باختصار، يجب أن يركز هذا المؤتمر ويساعد في خمس ركائز أساسية:
1. استعادة السيادة الكاملة للبنان وتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة 1559، 1701 و1680 بالإضافة إلى حتمية وضرورة عودة كافة النازحين السوريين إلى بلادهم.
2. تطبيق اللامركزية، كما هو منصوص عليها بوضوح في اتفاق الطائف.
3. تشجيع الشباب والشابات المسيحيين الخريجين حديثاً على الانضمام إلى القطاع العام.
4. إشراك أصدقائنا في الغرب، سواء الحكومات أو الأفراد أو أبناء الانتشار اللبناني للاستثمار ودعم مشاريع التنمية الريفية أو الحضرية. زميلي جان خشان، رئيس CDDG، وهي منظمة غير حكومية تركز على التنمية وإعادة التأهيل، سيشارككم بعض الخطط والدراسات في الجلسات التالية.
5. رفض بيع أراضي المسيحيين كما التنازل عن الأراضي المتنازع عليها وبخاصة في المناطق الحدودية والأطراف".
وختم قيومجيان: "نحن نقدّر بشكل كبير جهود هنغاريا والتزاماتها تجاه المجتمعات المسيحية في لبنان والشرق الأوسط، ونشكر الأمة الهنغارية، وهي واحدة من آخر معاقل المسيحية في أوروبا، ونعيد التأكيد على إيماننا المسيحي المشترك، وقيمنا، ومبادئنا. شكراً لكم على تنظيم هذا المؤتمر الاساسي والمهم في هذه اللحظة المفصلية من تاريخنا. نتطلع إلى رؤيته ناجحاً ومنتجاً".