اعتبرت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط جنيف عبده، أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول قد يغير الديناميكيات السياسية ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن أيضا في الولايات المتحدة الأمريكية على حد سواء.

وأضافت عبده، في تحليل نشره معهد دول الخليج العربية في واشنطن، وترجمه الخليج الجديد أن لأول مرة منذ عقد من الزمان توافقت الحكومات العربية وشعوبها إذ رفض كليهما نهج العنف العشوائي من قبل إسرائيل ضد ملايين المدنيين الذين يعيشون في غزة.

فعلي الصعيد الشعبي، شهدت العواصم العربية مظاهرات حاشدة ضد إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول، كما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالغضب الغربي ضد جيش الاحتلال.

وأظهر التصويت الأخير في الأمم المتحدة تضامن الدول العربية مع مواطنيها، حيث صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لصالح قرار يدعو إلى هدنة إنسانية فورية بين إسرائيل وحركة حماس.

ووافق المجلس المؤلف من 193 عضوا على القرار الذي صاغته مجموعة من 22 دولة عربية بهامش 120 صوتا مقابل 14 صوتا وامتناع 45 دولة عن التصويت. وصوتت الولايات المتحدة وإسرائيل بالرفض.

وذكرت عبده أن التوافق بين آراء الحكومات العربية وشعوبها مهم لعدة أسباب:

الأول: تداعيات على التطبيع

وقالت عبده إنه من المرجح أن تتأثر عملية التطبيع المستمرة بين بعض الدول العربية وإسرائيل منذ 3 سنوات، ومن المرجح أن يكون يعتمد التأثير النهائي سواء بالنسبة للدول المطبعة أو المحتملة على مدة استمرار العنف وحجم عدد الشهداء المدنيين في غزة.

ولفتت إلى أن الجماهير العربية لم تعرب قط عن أي شيء قريب من دعم الأغلبية لاتفاقيات التطبيع.

وأظهر البارومتر العربي، الذي تديره جامعة برينستون، أن الرأي العام في الشرق الأوسط العربي وشمال أفريقيا كان يتجه على نحو ساحق ضد التطبيع مع إسرائيل.

ووفق استطلاع أجرى في 2022، قال أقل من 15% ممن شملهم الاستطلاع في العراق وتونس وليبيا وفلسطين والأردن ومصر والجزائر إنهم يؤيدون التطبيع مع إسرائيل.

والآن، تم رفع واجهة الدعم الشعبي القوي، حيث لفتت الاحتجاجات واسعة النطاق الانتباه ضد إسرائيل إلى المواقف العامة الأساسية التي انعكست في استطلاعات الرأي.

 أدى القصف الجوي والبري الإسرائيلي لغزة إلى استشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني، ما يجعل من الصعب على دول الخليج مواصلة سياسات التطبيع على افتراض أن الشعوب العربية لم تعد تهتم باحتلال إسرائيل لغزة والضفة الغربية، وأن سياسات التطبيع هذه تتمتع بقاعدة واسعة من الدعم السلبي على الأقل.

ووفق عبده فإن هذا لا يعني بالضرورة أن دول الخليج لن تستمر في اتباع مثل هذه السياسات عندما تنتهي الحرب، لكنه يعني أن هذه الاتفاقيات تفتقر إلى قاعدة واسعة من الدعم الشعبي العربي.

كما أن الافتراضات حول بناء هذا الدعم تدريجياً تبدو أقل إقناعاً في أعقاب أعمال العنف التي مارستها إسرائيل على غزة.

وذكرت عبده أن حكومات المنطقة تقوم حاليا بتقييم التطورات في غزة وتأثيرها على بلدانها بعناية، حتى في حين تعرب عن انتقاداتها وغضبها إزاء التصرفات الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً

جو بايدن عن أحداث غزة: إسرائيل تدافع عن نفسها

لكن حتى الآن، فإن التصريحات الرسمية، بالرغم أنها تتطور نحو انتقادات أقوى لإسرائيل، إلا أنها التزمت إلى حد كبير بالدعوات لوقف إطلاق النار، والحاجة الملحة لحماية أرواح المدنيين، والتحذيرات بشأن مخاطر التصعيد وامتداده الإقليمي، ورفض أي تهجير قسري للسكان. الفلسطينيين.

الثاني صعوبة تحويل حماس لمليشيا إرهابية

وقالت عبده أن النتيجة الثانية للتوافق بين العربي الحكومي والشعبي إنها سوف تجعل من الصعب على وسائل الإعلام الأمريكية والرئيس بايدن -الذي منح إسرائيل دعما علنيا مطلقا- تحويل حماس إلى مجرد ميليشيا إرهابية لا تحظى بدعم السكان العرب.

أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا ارتفاعا كبيرا في الدعم الفلسطيني لحماس في أعقاب حرب غزة، حيث يرى حوالي ثلاثة أرباع المشاركين في الاستطلاع أن حماس منتصرة في المعركة ضد إسرائيل للدفاع عن القدس والأماكن المقدسة فيها.

وأظهر الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، والذي يجري مسوحات على مدى أكثر من 25 عاما، تراجعا في التأييد للرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي بدا أكثر تهميشا بسبب الحرب لكن الولايات المتحدة تعتبره شريكا رئيسيا في إحياء عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة.

ووجد الاستطلاع أن 53% من الفلسطينيين يعتقدون أن حماس هي "الأكثر أحقية لتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني"، في حين أن 14% فقط يؤيدون حركة فتح التي يتزعمها عباس.

الثالث: نفوذ عربي في واشنطن

ووفق عبده أن المسلمين والعربي الأمريكيون أصبحوا الآن أكثر جراءة من أي وقت مضى لرفع أصواتهم ضد سياسات الولايات المتحدة السياسة والرئيس بايدن شخصيا.

وهناك الآن دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للمجموعات لعدم التصويت في الانتخابات الرئاسية عام 2024 أو تقديم أي دعم لمرشح يؤيد استمرار العنف الإسرائيلي في غزة، وهو الأمر الذي قد يكون مدمرًا لبايدن.

ويصوت المسلمون والعرب لصالح الديمقراطيين بهامش كبير، وفي ولايات مثل ميشيجان، التي فاز بها بايدن بفارق ضئيل في عام 2020 ويحتاج إلى الفوز في عام 2024، قد تكلفه المقاطعة خسارة الانتخابات.

ترى عبده أن الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل في غزة، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين وجعلت ما يقرب من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة بلا مأوى، قد تغير الديناميكيات السياسية ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في الولايات المتحدة أيضا.

وذكرت إنه إذا استمرت الأعمال العسكرية الإسرائيلية لفترة طويلة، فمن المرجح أن ينخفض ​​الدعم للولايات المتحدة بشكل كبير ومن المرجح أن يزداد دعم التطرف العنيف.

إذا قاطع العرب والمسلمون في الولايات المتحدة الانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد يساعد ذلك في تعريض فرص إعادة انتخاب بايدن الضعيف بالفعل للخطر.

من المرجح أن يؤدي استمرار العنف في غزة لفترة طويلة ـ وارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين ـ إلى تسليط الضوء بشكل أكثر دراماتيكية على هذه التيارات المتصاعدة في الرأي العام العربي والطرق التي يمكن أن تؤثر بها على عملية صنع القرار، في المنطقة والولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً

بايدن: اتصالات مع مصر والسعودية لخفض التصعيد في غزة

المصدر | جنيف عبده/معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العداون الإسرائيلي على غزة قطاع غزة الحكومات العربية الشعوب العربية الانتخابات الأمريكية الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط من المرجح أن دول الخلیج فی غزة

إقرأ أيضاً:

عطوان: ما هي خِيارات إسرائيل وأمريكا في مُواجهة المُسيّرات وصواريخ الفرط صوت اليمنيّة؟

عبد الباري عطوان

تعيش دولة الاحتلال الإسرائيلي، حكومةً ومُستوطنون، حالةً من الذّعر الهستيري هذه الأيّام بسبب الهجمات الصاروخيّة الباليستيّة من نوع “فِلسطين 2” الفرط صوتيّة، جنبًا إلى جنب مع قصفٍ بالمُسيّرات المُتقدّمة، لقلب يافا المحتلة المسماة “تل أبيب”، وإيقاعها إصابات بشريّة خطيرة، وحرائق ضخمة.

حالة الهستيريا هذا انعكست في أربع علامات فارقة:

الأولى: تهديدات أكثر من مسؤول إسرائيلي بشن عدوان ضخم على اليمن على غرار ما حدث في لبنان وقطاع غزة، وحملات اغتيال تستهدف قادة “أنصار الله” السياسيين والعسكريين خاصَّةً السيّد عبد الملك الحوثي.

الثانية: لُجوء أكثر من مِليونيّ مُستوطن إسرائيلي إلى الملاجئ، وانطلاق صافرات الإنذار في أكثر من 80 موقعًا في فِلسطين المُحتلّة طِوال الأيّام الأربعة الماضية.

الثالثة: إغلاق أجواء مطار اللد (بن غوريون) في وجه الملاحة الجويّة، الأمر الذي أحدث حالةً من الإرباك، والفوضى، والعُزلة، والانهيار المعنوي.

الرابعة: إفشال الاحتفالات الإسرائيليّة بإنجازين كبيرين جرى تحقيقهما وفقًا للصّحف العبريّة، وهُما: فرض وقف إطلاق النّار في لبنان، ووقف الهجمات بالتّالي من الحُدود اللبنانيّة الجنوبيّة، والثّاني بإسقاط النظام السوري الذي كان يُجسّد “سُرّة” محور المُقاومة ودُرّته، وتباهى نتنياهو بأنّه هو الذي لعب الدّور الأكبر في تحقيق هذا النّصر.

يسرائيل كاتس وزير الحرب الصهيوني خرج عن كُل الأعراف الإسرائيليّة المُتّبعة بإقراره رسميًّا وللمرّة الأولى، بالمسؤوليّة عن اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران، والسيّد الشّهيد حسن نصر الله في لبنان، وأخيرًا الشّهيد يحيى السنوار في مدينة رفح بالقطاع، وتوعّد بأنّ قادة حركة “أنصار الله” سيُواجهون المصير نفسه، وما حدث في غزة وبيروت من دمارٍ سيتكرّر في صنعاء والحديدة.

أكثر ما يُرعب الإسرائيليين، ويُثير قلق قيادتهم بشقّيها السياسيّ والعسكريّ، وصول الصّواريخ، والمُسيّرات اليمنيّة إلى قلب المُدُن الكُبرى خاصَّةً يافا وحيفا وعسقلان وأم الرشراش (إيلات) ونُزول ملايين المُستوطنين إلى الملاجئ، لأنّ هذا يعني فشل منظومات الدّفاع الجوّي المُتطوّرة جدًّا في اعتراض هذه الصّواريخ، ومنعها من الوصول إلى أهدافها، وعجزها عن توفير الأمن والحماية للمُستوطنين في هذه المُدُن الرئيسيّة ولعلّ تهديدات المسؤولين الإسرائيليين بشنّ هجمات على المُدُن اليمنيّة، يعكس حجم الألم الذي لَحِقَ بهم جرّاء هذه الهجمات.

اللّافت أنّ هذه التّهديدات، ومن قبلها الغارات الجويّة الإسرائيليّة والأمريكيّة والبريطانيّة على صنعاء والحديدة لم تُحقّق أغراضها في ردع الهجمات الصاروخيّة اليمنيّة، ووقف قصفها للعُمُق الإسرائيلي، بل أعطت نتائج عكسيّة تمامًا تجسّدت في مُواصلة إطلاق صواريخ الفرط صوت، والمُسيّرات الانغماسيّة، والأخطر من ذلك إسقاط طائرة أمريكيّة من نوع “إف 18” المُتطوّرة، وإصابة حاملة الطّائرات الأمريكيّة “هاري ترومان” في البحر الأحمر وهُروبها إلى شّماله تمهيدًا للانسِحاب من المِنطقة أُسوةً بسابقاتها آيزنهاور، ولينكولن، والعديد من المُدمّرات البحريّة الأُخرى.

البيانات العسكريّة اليمنيّة التي وردت على لسان العميد يحيى سريع في الأيّام الثّلاثة الماضية أكّدت أنّ قصف يافا وأسدود وعسقلان في العُمُق الإسرائيلي المُحتل ستتواصل طالما استمرّت حرب الإبادة في قطاع غزة، وجرى دعم هذه البيانات بإطلاق المزيد من صواريخ الفرط صوت والمُسيّرات برُدودٍ سريعة ومُباشرة على التّهديدات الإسرائيليّة، ممّا يعني أنّ اليمن لا يخاف وردّ على الصّاع بعدّة صاعات، ويملك نفسًا طويلًا في الصّمود، ومُسْتَعِدٌّ للتّضحية.

اليمن أصبح رأس حربة محور المُقاومة، وجبهته الرئيسيّة بعد أنْ هدأت الأوضاع في لبنان بعد اتّفاق وقف إطلاق النّار، والتزام المُقاومة الإسلاميّة رُغم الخُروقات، ومن غير المُستبعد أن تُقدّم دولة الاحتلال بدعمٍ أمريكيّ، وربّما عربيّ أيضًا، على خِيارين عسكريين رئيسيين في الأيّام القليلة القادمة:

الأوّل: الذّهاب إلى رأس الأخطبوط، أي إيران، حسب التّوصيف الإسرائيلي، بشن هُجوم ثُلاثي مُوسّع إسرائيلي أمريكي بريطاني لتدميره، حسب توصية ديفيد برنيع رئيس الموساد، لأنّ استهداف صنعاء والحديدة مُجدّدًا لن يُوقف الهجمات اليمنيّة بالصّواريخ والمُسيّرات على العُمُق الفِلسطيني المُحتل.

الثاني: تِكرار السّيناريو السوري في صنعاء، أي مُحاولة تقويض واستنزاف حركة “أنصار الله” الحاكمة، من خلال دعم الجماعات والحركات العسكريّة اليمنيّة المُعادية لها بتزويدها بالأسلحة الحديثة، وتوفير غطاء جوّي لقوّاتها المُهاجمة، وتحشيد دعم إقليمي لهذه الخطوة.

شن عدوان ثُلاثي مُوسّع على اليمن قد يفشل، ويُعطي نتائج عكسيّة، والشّيء نفسه يُقال عن الهُجوم المُتوقّع على إيران، وستكون دولة الاحتلال والقواعد التي قد تتعرّض لقصف بآلاف الصّواريخ الباليستيّة والأسرع من الصّوت، لأنّ خسارة محور المُقاومة لآخر ساحاته، وأكثرها قوّةً وفعاليّة، (اليمن) يعني نهاية هذا المحور وقيادته الإيرانيّة، وخلق شرق أوسط جديد بزعامة “إسرائيل الكُبرى”.

اليمن العظيم لن يستسلم، ولن يُهزَم، مثلما يُنبئنا التّاريخ بانتِصاره على كُلّ الغُزاة السّابقة، ولعلّ صُموده أكثر من ثماني سنوات في الحرب الخليجيّة المدعومة أمريكيًّا ضدّه، يُؤكّد أنّه سيصمد في وجه أيّ حربٍ إسرائيليّة- أمريكيّة- بريطانيّة جديدة تستهدفه، فحاضنته الداخليّة قويّة وصلبة وتستعصى على الكسْر بسبب التِفافها حول قيادتها التي تتجسّد في المُظاهرات المِليونيّة الضّخمة كُل يوم جمعة ولعدّة أشهر تضامنًا مع أهلنا في قطاع غزة.. والأيّام بيننا.

مقالات مشابهة

  • عطوان: ما هي خِيارات إسرائيل وأمريكا في مُواجهة المُسيّرات وصواريخ الفرط صوت اليمنيّة؟
  • مفاجأة في اختيار موقع إسرائيل بمنطقة الشرق الأوسط.. السر في البحر الميت
  • «إكسترا نيوز» تبرز تقرير «الوطن» عن أزمات الشرق الأوسط وانتهاكات إسرائيل
  • خبير: إسرائيل تحولت إلى مصدر خطر كبير على دول الشرق الأوسط
  • أستاذ علوم سياسية: توسيع الصراع بالشرق الأوسط يؤدي لانتشار الفوضى وعدم الاستقرار وتقويض الأنظمة السياسية
  • ترامب يتعهد بوقف الفوضى في الشرق الأوسط.. تحدث عن العدوان على غزة
  • ترامب: سأنهي الفوضى في الشرق الأوسط وحرب أوكرانيا وأمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة
  • ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط وسأمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة
  • ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب بأوكرانيا
  • نظام إسرائيلي في الشرق الأوسط