الجزائر/ حسان جبريل/ الأناضول أحيت الجزائر، الأربعاء، بتظاهرات رسمية وشعبية، الذكرى 61 لاستقلالها عن الاستعمار الفرنسي الذي دام من 5 يوليو/تموز 1830 إلى 5 يوليو/تموز 1962. وبحسب مراسل الأناضول، تتواصل منذ الثلاثاء، كما جرت العادة، احتفالات شعبية ورسمية عبر مختلف الولايات، في شكل عروض فولكلورية عبر الشوارع ومحاضرات احتفاء بذكرى الاستقلال.

وفي ولاية باتنة (شرق) التي انطلقت منها الثورة التحريرية عام 1954، نظم استعراض شعبي كبير بحضور السلطات المدنية والعسكرية وجموع من المواطنين. أما في العاصمة الجزائر، فقد نظمت السلطات مهرجانًا شعبيا للباس التقليدي الجزائري، خصوصا ما يعرف بـ”الحايك”، وهو زي كانت النسوة ترتدينه إبان الثورة التحريرية للإفلات مع القوات الفرنسية، وهو عبارة عن عباءة بيضاء تغطي كامل الجسم وتترك فتحة صغيرة فقط على مستوى العينين. ومساء الثلاثاء، بعث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون برسالة لمواطنيه بالمناسبة التي قال إنها تشكل “محطة متجددة (…) تدعونا إلى المزيد من اليقظة والعمل، لكسب رهان التحول نحو أنماط جديدة مسايرة للعصر في التفكير والتدبير والتسيير”. من جهته، وجّه قائد أركان الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة، رسالة للقوات العسكرية قال فيها إن الاستقلال “أمانة غالية لا تقبل المساومة، ولا يمكن الحفاظ عليه وصونه إلا بالعمل المخلص بوحدة الصف والتحلي بالروح الوطنية الخالصة”. أما حزب “جبهة التحرير الوطني”، الذي يعد وريث المنظمة التي قادت الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي، فقد أكد على حرص الجزائر على “حماية رموزها السيادية، فلا تفريط ولا تنازل في ملف التاريخ والذاكرة”، في إشارة إلى رفض مطالب فرنسا طي صفحة الماضي لإقامة علاقات هادئة. وأشار الحزب الحاكم سابقا والعضو في الائتلاف الحاكم حاليا، إلى الأحداث الجارية في فرنسا بعد مقتل شاب من أصل جزائري قبل أسبوع على يد الشرطة والذي خلف غضبا في البلاد، مؤكدا “حرص الجزائر على الدفاع عن مواطنيها أينما كانوا”. فقد تزامنت احتفالات الجزائر مع ما يشبه “أزمة صامتة” بين الجانبين الجزائري والفرنسي دامت أشهرًا، وكانت وراء تأجيل زيارة كانت مرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس، لمرتين الأولى في مايو/ أيار والثانية في يونيو/ حزيران 2023. وجاء ذلك رغم محاولات من الرئيسين عبد المجيد تبون ونظيره إيمانويل ماكرون منذ العام 2022، لوضع أسس علاقة “هادئة” بين البلدين وتكليف لجنة مؤرخين بمعالجة ملفات التاريخ الاستعماري بعيدا عن الاستغلال السياسي.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

ما هي العقبات التي تمنع تنظيم الإسلام في فرنسا مُنذ ربع قرن؟

تُحاول الدولة الفرنسية منذ ربع قرن دون جدوى إعادة تشكيل تمثيل الإسلام بشكل صحيح في البلاد، لكنّ النكسات وخيبات الأمل كانت دائماً من نصيبها، فما إن تعتقد السلطات أنّها حققت هدفها حتى تبدأ جهودها بالتراجع.

في بداية عام 2000، أطلق جان بيير شيفينمان، وزير الداخلية آنذاك، أولى الحوارات الرسمية التي أدّت في عام 2003 إلى ولادة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، تحت رعاية الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.

Influences étrangères, attentats, argent du halal... Les six failles qui empêchent l’organisation de l’islam en France

L’État français tente en vain, depuis un quart de siècle, de façonner sa représentation dans le pays.https://t.co/d9WAQ66YHE

— Le Figaro (@Le_Figaro) February 4, 2025

ومع تزايد سيطرة تنظيم الإخوان الإرهابي على المجلس المذكور على مدى 20 عاماً، رفض الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون الاعتراف به، فاستبدله في فبراير (شباط) عام 2022 بمنتدى  الإسلام في فرنسا (Forif) تحت إشراف وزير الداخلية الأسبق جيرالد دارمانين، الذي كان مسؤولاً عن تنظيم عمل الأديان في فرنسا.

وعلى الرغم من أنّ من يُدير المُنتدى ممثلون دينيون أقل انخراطاً في السياسة وأكثر تكنوقراطية من المجلس الإخواني المُنحل، إلا أنّه لم ينتج بعد أيّ شيء ملموس عن الهيكل الديني الحديث خلال 3 سنوات من وجوده. ويرى عالم الاجتماع فرانك فريغوسي، الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، أنّ "الرجال والنساء الذين هم في صدد اختراع إسلام الغد، هم أكثر براغماتية بكثير مما يريد أتباع التطرّف الديني أو السلفيين أو الإخوان".

ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي جان ماري غينوا، أنّه، ورغم الفشل المتكرر، هناك حلول موجودة، حتى لو لم يكن أيّ منها حلاً سحرياً. لكنّ هناك العديد من العقبات التي تحول دون تشكيل مُستقر لـِ "إسلام فرنسا"، سواء على الجانب الإسلامي الداخلي أو على الجانب الجمهوري العلماني، كما أنّ بعضها يتعلّق بالسياق الدولي.

La loi confortant le respect des principes de la République que le Gouvernement a fait voter est un texte important qui donne les moyens à l’Etat de se défendre face au séparatisme islamiste et à ceux qui veulent renverser les valeurs de la République. #ZoneInterdite pic.twitter.com/TWpEDlvy25

— Gérald DARMANIN (@GDarmanin) January 23, 2022 تنافس لا ينتهي

من الخارج، لا يبدو الانقسام واضحاً، لكنّه حقيقي جداً. إذ هناك 3 مُجتمعات مُتنافسة تُهيمن على المشهد الإسلامي الفرنسي "الجزائريون، والمغاربة، والأتراك". وبحسب مسؤول كبير في الجالية المسلمة، يعتقد الجزائريون أنّهم الممثلون التاريخيون للإسلام في فرنسا. والمُفارقة أنّ إنشاء مُنتدى "فوريف"، الذي كان له هدف مُعلن هو الحدّ من التأثيرات الأجنبية، لم يتمكن من منع السياسيين من استغلال هذه التنافسات التاريخية.

ومنذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عملت وزارة الداخلية، المسؤولة عن الأديان، على دفع الجاليات الإسلامية المختلفة الموجودة في فرنسا إلى تنظيم أنفسها، لكنّ التنافس الداخلي والخارجي أدّى إلى متاهة أضعفت الهياكل الإسلامية كافة.

وحاول المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي تتجاهله الدولة الآن بسبب تبعيته للإخوان، ويُمثّل نحو نصف مساجد فرنسا، إصلاح نفسه، لكنّ السلطات الرسمية ترفض الحوار معه.

"Les frères musulmans ont de grosses difficultés à s'implanter dans le monde musulman car souvent listés comme terroristes. En occident ils se développent sans entrave car considérés comme modérés, de gauche, surtout en Belgique et en France." [Florence Bergeaud-Blackler] pic.twitter.com/PKkfy7ujLK

— ⛓️???? #LiberezBoualemSansal ✍️ (@IslamismeFrance) February 3, 2025 جروح الهجمات القاتلة

خلال 25 عاماً، تعرّض السياق المُجتمعي لتنظيم الإسلام في فرنسا لاضطرابات عميقة بسبب سلسلة من الهجمات، التي غالباً ما ارتُكبت باسم الإسلام، مما أدّى إلى تصلّب الرأي العام الفرنسي تجاه الدين. وقد وثّقت أجهزة الأمن الفرنسي وقوع حوالي 50 هجوماً إسلامياً قاتلاً، مما ولّد مآسٍ تركت بصمتها على البلاد.

ورغم أنّ كل هذه الأعمال الإرهابية كانت دائماً موضع إدانة واضحة من قبل الهياكل الممثلة للإسلام في فرنسا، إلا أنّها مع ذلك غيرت مناخ التسامح والتعايش تماماً.

كما شهدت الجمهورية الفرنسية تحوّلاً سياسياً وإدارياً بإقرارها في أغسطس (آب) 2021 قانون "تعزيز مبادئ الجمهورية"، المعروف بقانون مكافحة "الانفصالية" الإسلاموية، بهدف تعزيز العلمانية والحياد، وخاصة في الخدمات العامة.

ومن أهم ما تمّ إقراره هو مراقبة الجمعيات الدينية من خلال فرض توقيع "عقد التزام جمهوري"، وهو ما فرض قيوداً إدارية ودقيقة عليها، منها عدم قُدرتها على فتح حسابات مصرفية لمُحاربة التمويل الخارجي، مما أعاق عملها بشكل كبير.

Les enjeux du marché halal sont bien plus préoccupants que les seuls problèmes de compétition économique, le halal est l’instrument d’un djihâd économique.
À lire dans @LeFigaroTV ????https://t.co/VDI7dRtQYZ

— Florence Bergeaud-Blackler ???? (@FBBlackler) February 3, 2025 الفكر الإخواني

استهدف كتاب عالمة الاجتماع الفرنسية البلجيكية فلورنس بيرغود بلاكلر، "الإخوان وشبكاتهم" في عام 2023 فكر التنظيم الإرهابي بشكل مُعمّق.

وهو عمل قدّمه عالم السياسة والمتخصص في الإسلام الراديكالي جيل كيبيل. وقد تجرّأت الباحثة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي على كسر أحد المحرمات بشأن حقيقة نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا من خلال اتحاد المنظمات الإسلامية، الذي أعيدت تسميته إلى "مسلمي فرنسا"، حيث كان مُستهدفاً بشكل خاص في هذا السياق، وهو ما عرّض الباحثة لموجة من التهديدات بالقتل.

ولم يتنازل اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية السابق عن إمكانية ممارسة دوره بشكل كامل في المجتمعات الغربية، مع دعوته لتطبيق مبادئ الشريعة والقانون الإسلامي في الحياة اليومية العادية، وفقاً لعقيدة صارمة. لتظلّ بذلك المشكلة قائمة في تمثيل الإسلام بشكل صحيح، حيث من غير الممكن تطبيق تعاليم الدين بشكل خاطئ لا يقبل المساومة عبر فرض ممارسات دقيقة للإسلام في السياق الغربي دون أن يُؤدّي ذلك إلى الانفصالية عن المُجتمع الفرنسي.

Influences étrangères, attentats, argent du halal... Les six failles qui empêchent l’organisation de l’islam en France

L’État français tente en vain, depuis un quart de siècle, de façonner sa représentation dans le pays.https://t.co/d9WAQ66YHE

— Le Figaro (@Le_Figaro) February 4, 2025 المال الحلال

اقترح حكيم القروي، أحد أبرز الشخصيات الإسلامية المُعتدلة والإيجابية في فرنسا، مراراً وتكراراً أن تذهب عوائد الطعام الحلال بشكل مباشر لدعم جهود تنظيم الدين الإسلامي في فرنسا.

وذكر أنّ "الأموال المُتداولة لا تذهب إلى حيث ينبغي أن تذهب، أي في مشاريع تدريب الأئمة، وفي دفع رواتب ممثلي الدين، وفي بناء أماكن العبادة (بهدف منع التمويل الخارجي)".

ولكن في الواقع فإنّ الغالبية العظمى من تلك الأموال تذهب إلى مُستثمرين يتحكمون بها وفقاً لأجندات مشبوهة. وأظهر عُمق هذا الخلاف الإضافي مدى الانقسام العميق الذي يسود المُجتمع الإسلامي نفسه في فرنسا بسبب المال الحلال.

مقالات مشابهة

  • ما هي العقبات التي تمنع تنظيم الإسلام في فرنسا مُنذ ربع قرن؟
  • نظام الذل يعترف بإفلاس الدولة الجزائرية…تبون يثير السخرية : لن نرسل مرضانا إلى المستشفيات الفرنسية
  •  الرئيس الجزائري: تنظيف النفايات النووية في الجزائر إلزامي على فرنسا
  • الرئيس الجزائري يعلن شروط «التطبيع» مع إسرائيل ويردّ على تصريحات فرنسا المسيئة!
  • ماكرون: على الاتحاد الأوروبي فرض احترامه في حال تعرضه لهجوم تجاري
  • رئيس الجزائر: نحن نضيع الوقت مع ماكرون
  • عبد المجيد تبون يضع شرطا لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال.. هذا هو
  • الرئيس تبون: تنظيف النفايات النووية بالجزائر إلزامي على فرنسا
  • نص كلمة قائد الثورة بالذكرى السنوية للشهيد الرئيس صالح الصماد 1446هـ
  • “الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة بالذكرى السنوية للشهيد الرئيس صالح الصماد