محمد سويد يكتب.. وطن يصارع من أجل النجاة
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
من اليمن الذى كان سعيدًا، فى جنوب البحر الأحمر، إلى السودان الممزق، وشرقًا إلى ليبيا الحبيبة، لا يختلف الأمر كثيرًا عن الشمال فى سيناء المشتعلة حدودها على خط المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلى.. حقا إنه وطن يصارع من أجل النجاة.
ليس خفيًا على أحد أن مصر هي الجائزة الكبرى، بعد تفكيك العراق، وتخريب سوريا، هكذا تحدثت كوندليزا رايس وزير الخارجية الأمريكية السابقة، عن مسلسل الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد، الذى كان من المخطط أن يفرزه الربيع العربى، لولا عناية الله، وتصدرى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لهذه المؤامرة لتنجو مصر، وتنطلق نحو تصحيح المسار بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي بعد 30 يونيو2013
على مدار عقد من الزمان خاضت مصر، معركة شرسة ضد الإرهاب الذى تم زرعه فى أرض سيناء لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية، وتأمين الفوضى التى أرادوها.
لم نستسلم.. ودفعت الدولة المصرية ثمنًا غاليًا من دماء شهداء القوات المسلحة والشرطة البواسل للقضاء على هذا الإرهاب الأسود لننعم بأمن وأمان.
ولم تتوقف آلة الإصلاح والتنمية طوال ذلك العقد الأصعب فى تاريخ الوطن، فشرعت فى إعادة تأهيل البنية التحتية المهلكة وفتح أفق جديدة للحياة، على مختلف الأصعدة وفى كل المجالات
وكادت مصر أن تحقق معدلات نمو قياسية لولا جائحة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية التى أصابتنا وأصابت جسد الاقتصاد العالمى بالركود
اشتغلت الأوضاع فى السودان، فغاب الأمن، وحلت الفوضى وتحولت الحدود المصرية السودانية إلى بؤرة صراع، وقد سبقتها ليبيا إلى ذات المصير العبثى
واليوم تفصح الصهيونية العالمية بكل وقاحة عن مخططها لتهجير أهل غزة إلى سيناء، زاعمة بأنه وطن بديل، لتفسح المجال لتحقيق أحلام الاحتلال اسرائيل فى الاستيلاء كامل الأراضى الفلسطينية وتصفية القضية.
واليوم يقف ذلك الوطن الذى يصارع من أجل النجاة، صلبًا عزيزًا، فى وجه مخطط التهجير الصهيونى، رافضًا المساومة على أراضيه، وعلى حقوق الشعب الفلسطيني، بينما كثير من الأشقاء لا يزالون فى مقاعد المتفرجين، فليكن الله فى عون أهل غزة الصامدون وليكن في عون أهل مصر.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
الشيخ ياسر مدين يكتب: في الصوم
قال سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدِنا جبريلَ عليه السلام حين سأله عن الإسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيمَ الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا». سبقت الإشارة إلى أن قَصْر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فى هذه الخمس ليس معناه أنّ الإسلام عبادات فقط، فقد سبق أن أشرنا إلى أثر الشهادة والصلاة والزكاة في حياة المسلم، وما تستلزمه منه.
وسوف نشير -إن شاء الله تعالى- إلى أثر الصيام والحج، فالحديث إذن لا يدل على انحصار الإسلام في العبادات فقط، وإنما هو ذِكرٌ للأركان الكبرى التي تُؤصّل لحياة مستقيمة في العبادات والمعاملات. وبدَيهيٌّ أن يبدأ الحديث بشهادة «أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم» لأنها إعلان الإسلام والالتزام به عقيدة وسلوكا.
وقد سبقت الإشارة إلى أنّ الواو العاطفة بين الصلاة والزكاة والصيام والحج تقتضي الجمع بدون ترتيب؛ أي: صار المرء بمجرد إسلامه مطالبا بهذه العبادات كلها، إلا إذا سقطت عنه لعدم القدرة. فالواو إذن لا تقتضي ترتيبا، لكن هذا لا ينفي أن يكون لترتيب هذه الأركان حِكمةٌ، وذلك ليس من حيثُ اقتضاء الواو ترتيبا معينا، ولكن من حيث إن المتكلم بها قدَّم بعضها على بعض وأخّر بعضها عن بعض.
وإذا نظرنا سنجد أنّ الزكاة والصيام لا يفرضان كل عام، بخلاف الصلاة التي تتكرر خمس مرات في اليوم والليلة، فتقديم الصلاة تقديم لما يكثر تكراره، والزكاة والصيام يسقطان عن غير القادر، فالذي لا يملك النِصاب يسقط عنه أداء الزكاة، وغير القادر على الصيام لا يصوم، هذا بخلاف الصلاة التي يؤديها المسلم ولو بالإشارة إن لم يقدر على الركوع والسجود، وهذا داعٍ ثانٍ لتقديمها عليهما.
ثم تأتي الزكاة بعد الصلاة، وهي كذلك في كتاب الله جاءت تالية للصلاة في ستة وعشرين موضعا، ومن الجهة الاجتماعية نجد أن الصلاة شأنها أن تجمع المسلمين خمس مرات فى اليوم والليلة فيقترب بعضُهم من بعض، ويعرف بعضهم بعضا، وهذا يُوقفهم على أصناف مستحقي الزكاة بينَهم، وهنا يأتي دور الزكاة لمساعدة أولئك المحتاجين، وهذا يقتضي أن تأتي الزكاة بعد الصلاة.
ثم إن الزكاة رِفْدٌ بالمال [أي عطاء وصِلة]، وهذا العطاء هو الذي يعين المحتاج على ضروريات حياته، فيقدرُ على شراء الطعام الذي يتسحر به ويُفطر عليه إذا صام، وبعض مصارفه قد يُجعل لحج بعض المحتاجين، فسبق الزكاة للصيام والحج أمر منطقى.
وإذا كانت الزكاة قد عوّدت المسلم الواجد أن يُخرج قدرا من ماله للمحتاجين، فإنّ ما يذوقه في الصيام من سَغَبٍ [أي: جوعٍ] يحمله على مزيد من الجود والإطعام، وكما طهّرته الزكاة من البخل وحب المال والاستئثار به، يأتي الصيام ليرقى به مرتبة أعلى فيجعله يستغني في يومه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس عن الطعام والشراب والشهوة، وهذه الأمور هي أسباب استمرار الحياة، وطغيان شهوتي البطن والفرج سبب لارتكاب الموبقات والاعتداء على الحرمات، فالصيام يجعل الإنسان يستعلى عن أن تسوقه الشهوات، فهو قادر على قمعها وتوجيهها وفق ما أمر الله تعالى به، وباستقامة هذا الشأن يستقيم أمر الإنسان في سائر حياته في العبادات والتعاملات.
والصيام إذن عبادة تؤصّل لاستقامة شأن الحياة في جميع مناحيها، حيثه إنه يرجى من وراءه تحقيق التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، والتقوى هى أن يقي الإنسان نفسه من الوقوع فيما حظره الشرع الشريف، فبها يستقيم شأن الحياة وفق مراد الله تعالى.
ثم بعد ذلك يأتي الحج، فهو عبادة مالية بدنية، يحتاج فيها المرءُ إلى مالٍ كافٍ للذهاب والعودة وترك ما يكفي لأهله حتى عودته، كما يحتاج إلى قوة بدنية يستطيع بها أداء مناسك الحج المختلفة، وهو بهذا لا يتهيأ لكل مسلم، ولذا قيده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستطاعة فقال: «وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا»، وهذا يقتضي تأخره عما قبله.
ثم إنه عبادة تجب مرةً في العمر، وهذا الوجه أيضا يقتضي تأخره عما قبله.