كيف يؤثر الأصدقاء على نفسية المراهق؟ وما دور الوالدين؟
تاريخ النشر: 5th, July 2023 GMT
بيروت – يصبح الأصدقاء أكثر أهمية من الأهل بالنسبة إلى المراهقين الذين يتأثرون ببعضهم لدى بلوغهم هذه المرحلة العمرية، ما يشغل بال الآباء والأمهات. وغالبا ما يتشبّه المراهق بأصدقائه، وهذا أمر طبيعي، لكن هل سيكون ذلك أمرا إيجابيا أم سلبيا؟
مما لا شك فيه أن الصداقة مسألة مهمة خلال سنوات المراهقة، لأن الأصدقاء مصدر دعم في هذه المرحلة الصعبة، خصوصا إذا كانوا صحبة جيدة، فيساعدون بعضهم في تطوير مهاراتهم الاجتماعية، وعدم الانخراط في أي سلوكيات سيئة، التي يميل إليها المراهق عادة، كنوع من التمرّد.
تقول المستشارة في العلاقات الأسرية سيرين مدلج، إنه لا بد من حرص الوالدين على معرفة طبيعة أصدقاء أبنائهم، ومَن الصديق الجدير بالصداقة، ومن رفيق السوء، وتعليمهم كيفية اختيار الأصدقاء والحقوق المتبادلة بينهم. والصراحة بين الآباء والأبناء ضرورية في هذا الشأن، لأن أخذ رأي الأصدقاء من دون الأهل يعد أحد أخطر مشكلات الصداقة، وهذا خطر جسيم بسبب ضعف خبرتهم، لأنهم في المرحلة العمرية ذاتها.
يشعر المراهق بالحرية والثقة وسط "شلة الأصدقاء" خلافا للحال وسط أفراد عائلته (شترستوك) "شلة" الأصدقاء.. الشعور بالثقة والحريةلا يشعر المراهق بالوحدة أو العزلة مع أصدقائه، وفقا لمدلج في حديثها إلى "الجزيرة نت"، فهم يشاركونه أفراحه وتمرّده وهمومه. وهو مقتنع بأن لا أحد في عائلته يفهمه كما يفهمونه. ووسط "شلة الأصدقاء" هذه، يشعر المراهق -خلافا للحال وسط أفراد عائلته- بالحرية والثقة، كما يحس بأن لكلماته وتصرفاته صدى. ومن المعروف أن المراهقين يتفاهمون في ما بينهم، وقد يتوحّدون في مثلهم الأعلى، وفي اللغة والتصرّفات.
لا يشعر المراهق بالوحدة أو العزلة مع أصدقائه كونهم يشاركونه أفراحه وتمرّده وهمومه وربما مثله الأعلى في بعض الأحيان (شترستوك) تقليد الأصدقاءتشير مدلج إلى أن المراهقين الذين لا يتمتعون بثقة كبيرة في النفس أكثر عرضة لضغط تأثير الأصدقاء بصورة سلبية، وذلك بسبب افتقادهم مهارة تكوين الصداقات، وشعورهم بأنهم غير محبوبين، فيلجؤون إلى تقليد أقرانهم بشكل مضاعف لاعتقادهم بأن ذلك السبيل الوحيد لتكوين الصداقات.
وتوضح أن من التأثيرات السلبية التي يمكن أن يتركها الأصدقاء على المراهقين هي رغبة هؤلاء الأخيرين في تقليد رفاقهم في كل ما يريدون القيام أو التصرّف به، فيصبحون نسخة طبق الأصل عنهم. وفي هذه الحال، تغيب عن المراهق هويته الشخصية الفردية، ويصبح مقلدا للأصدقاء الذين يرتبط بهم، سواء في طريقة كلامه أو حركته أو حتى في اختيار ملابسه، وغيرها من الأمور التي يلحظها الأهل بوضوح.
وفي حال لاحظ الأهل أن أصدقاء أبنائهم منخرطون في سلوك لا يتماشى مع القيم، يجب العمل على تقليص الوقت الذي يمضونه معا، وعدم منع رؤيتهم تماما، لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من العناد والتمسّك بالأصدقاء. فمثلا، عندما ينضم المراهق إلى مجموعة جديدة من أقرانه، تبدأ عنده مرحلة الضغط لاكتساب أي سلوك جديد منهم، كالتدخين، وجوهر هذا الضغط هو التشجيع على التجربة من الأصدقاء.
سيرين مدلج: على الوالدين معرفة طبيعة أصدقاء أبنائهم ودعوتهم لزيارة بيتهم حتى يتعرّفوا إليهم (الجزيرة)وعلى صعيد آخر، تجد الشخص الذي تربى واعتاد الالتزام بالعبادات، لا يخضع بسهولة عندما يتعرض للضغط من الأصدقاء عن طريق السخرية والتعامل معه كأنه شخص معقَّد وغير طبيعي لأنه يفهم ويدرك ما قد يؤدي إليه التدخين -على سبيل المثال- أو غيره من العادات السيئة.
وتشدد مدلج على ضرورة التحدث إلى الابن بصراحة وبهدوء، وعدم انتقاد إجاباته أو مقاطعته، فربما يكون سبب خروجه مع أصدقائه هو فقدان الثقة بنفسه أو عدم الاستماع إليه بالقدر الكافي، أو لوجود خلافات في المنزل، ومعرفة السبب قد يساعد كثيرا في إبعاده عنهم.
وتنصح المستشارة في العلاقات الأسرية الأهل بأن يتعرّفوا إلى أصدقاء ابنهم، ليعرف الأخير أنهم يدركون أهمية هذه الصداقات. وتضيف، "شجّعوا ابنكم على أن يدعو أصدقاءه إلى زيارتكم، واسمحوا لهم بأن يشعروا بارتياح في بيتكم، أو خذوه إلى بيوت أصدقائه".
تساعد الصداقة المراهق على اكتشاف نفسه، وهذا يساهم في تكوين شخصيته (شترستوك) ما أهمية الصداقة لدى المراهقين؟وفق موقع "نيو بورت أكاديمي" (New Port Academy)، فإن الصداقات مهمة جدا خلال فترة المراهقة، لِما لها من تأثير إيجابي على صعيد الانتماء وتكوين الشعور بالهوية خارج نطاق الأسرة. كما أن صداقات المراهقين تساعد بشكل أساسي في تخطي الكثير من الأزمات النفسية والفترات الصعبة والدعم العاطفي.
وقد أجريت في أستراليا دراسة عام 2021 على 108 طلاب مراهقين في المدارس الثانوية كوّنوا صداقات وثيقة ساعدتهم في تخطي الكثير من المشكلات النفسية والعاطفية، كالغيرة والإخفاق والإحباط والقلق، وكانوا لهم شبكة دعم هائلة وشعروا بالسعادة والثقة والراحة.
ويرى البروفيسور في علم النفس العيادي الدكتور دانيال سيغل، أن غالبية المراهقين يبحثون عن الصداقات بسبب النمو البدني والبيولوجي المصحوب بالتغييرات النفسية والاجتماعية بعيدة المدى. لذا، يكون التأثير بين المجموعات كليا، وتتحول العلاقة بين أفرادها إلى علاقة صداقة فردية.
كما تساعد الصداقة المراهق في اكتشاف نفسه، ففي البيت يكون احتكاكه بالآخرين محدودا، على عكس مجموعة الرفاق الذين يطلبون رأيه، كما أنه يشاركهم في أمورهم ونشاطاتهم، وهذا يساهم في تكوين شخصيته.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
استطلاع: 37 بالمئة من المراهقين اليهود في أمريكا يتعاطفون مع حماس
أظهر استطلاع رأي رسمي، أن 42 بالمئة من المراهقين اليهود في الولايات المتحدة، يعتقدون أن جيش الاحتلال ارتكب إبادة جماعية في قطاع غزة.
ونشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" نتائج استطلاع رأي أجرته "وزارة الشتات" الإسرائيلية، أظهرت أيضا أن 42 بالمئة من اليهود ينتقدون إسرائيل، مقارنة بـ7٪ فقط من نظرائهم حول العالم.
وذكر الاستطلاع أن هذه الأرقام تعد "تحولاً خطيراً" و"تراجعاً لتأثير التربية اليهودية".
واللافت في الاستطلاع، أن 37 بالمئة من المراهقين اليهود الأمريكيين يتعاطفون مع حماس، حسبما ذكرت "جيروزاليم بوست".
وبحسب الاستطلاع، فإن هذا الرقم يزيد عند حصر الفئة في سن 14 عاما، حيث أن 60 بالمئة من هذه الفئة العمرية في أمريكا تتعاطف مع "حماس".
وقال تقرير "جيروزاليم بوست" إن ارتفاع المعارضة لإسرائيل بين المراهقين اليهود الأمريكيين هو أمر متأثر بالظروف الثقافية والاجتماعية والتعليمية المختلفة، وذلك مقلق.
وحتى بين أولئك الذين لديهم خلفية تعليمية يهودية قوية، فإن 6 بالمئة يتعاطفون معها حماس.
وفي الوقت نفسه، يقول التقرير إن المراهقين اليهود في الخارج الذين يحضرون اليهودية المعسكرات أو المدارس النهارية أو المدارس التكميلية ويكون لها اتصال شخصي بها من غير المرجح نسبياً أن يكون لدى الإسرائيليين آراء مناهضة لإسرائيل.
هذه النتائج أثارت حفيظة وزير شؤون الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، والذي دعا إلى مزيد من التركيز على الشباب اليهودي في الولايات المتحدة.