بيروت – يصبح الأصدقاء أكثر أهمية من الأهل بالنسبة إلى المراهقين الذين يتأثرون ببعضهم لدى بلوغهم هذه المرحلة العمرية، ما يشغل بال الآباء والأمهات. وغالبا ما يتشبّه المراهق بأصدقائه، وهذا أمر طبيعي، لكن هل سيكون ذلك أمرا إيجابيا أم سلبيا؟

مما لا شك فيه أن الصداقة مسألة مهمة خلال سنوات المراهقة، لأن الأصدقاء مصدر دعم في هذه المرحلة الصعبة، خصوصا إذا كانوا صحبة جيدة، فيساعدون بعضهم في تطوير مهاراتهم الاجتماعية، وعدم الانخراط في أي سلوكيات سيئة، التي يميل إليها المراهق عادة، كنوع من التمرّد.

تقول المستشارة في العلاقات الأسرية سيرين مدلج، إنه لا بد من حرص الوالدين على معرفة طبيعة أصدقاء أبنائهم، ومَن الصديق الجدير بالصداقة، ومن رفيق السوء، وتعليمهم كيفية اختيار الأصدقاء والحقوق المتبادلة بينهم. والصراحة بين الآباء والأبناء ضرورية في هذا الشأن، لأن أخذ رأي الأصدقاء من دون الأهل يعد أحد أخطر مشكلات الصداقة، وهذا خطر جسيم بسبب ضعف خبرتهم، لأنهم في المرحلة العمرية ذاتها.

يشعر المراهق بالحرية والثقة وسط "شلة الأصدقاء" خلافا للحال وسط أفراد عائلته (شترستوك) "شلة" الأصدقاء.. الشعور بالثقة والحرية

لا يشعر المراهق بالوحدة أو العزلة مع أصدقائه، وفقا لمدلج في حديثها إلى "الجزيرة نت"، فهم يشاركونه أفراحه وتمرّده وهمومه. وهو مقتنع بأن لا أحد في عائلته يفهمه كما يفهمونه. ووسط "شلة الأصدقاء" هذه، يشعر المراهق -خلافا للحال وسط أفراد عائلته- بالحرية والثقة، كما يحس بأن لكلماته وتصرفاته صدى. ومن المعروف أن المراهقين يتفاهمون في ما بينهم، وقد يتوحّدون في مثلهم الأعلى، وفي اللغة والتصرّفات.

لا يشعر المراهق بالوحدة أو العزلة مع أصدقائه كونهم يشاركونه أفراحه وتمرّده وهمومه وربما مثله الأعلى في بعض الأحيان (شترستوك) تقليد الأصدقاء

تشير مدلج إلى أن المراهقين الذين لا يتمتعون بثقة كبيرة في النفس أكثر عرضة لضغط تأثير الأصدقاء بصورة سلبية، وذلك بسبب افتقادهم مهارة تكوين الصداقات، وشعورهم بأنهم غير محبوبين، فيلجؤون إلى تقليد أقرانهم بشكل مضاعف لاعتقادهم بأن ذلك السبيل الوحيد لتكوين الصداقات.

وتوضح أن من التأثيرات السلبية التي يمكن أن يتركها الأصدقاء على المراهقين هي رغبة هؤلاء الأخيرين في تقليد رفاقهم في كل ما يريدون القيام أو التصرّف به، فيصبحون نسخة طبق الأصل عنهم. وفي هذه الحال، تغيب عن المراهق هويته الشخصية الفردية، ويصبح مقلدا للأصدقاء الذين يرتبط بهم، سواء في طريقة كلامه أو حركته أو حتى في اختيار ملابسه، وغيرها من الأمور التي يلحظها الأهل بوضوح.

وفي حال لاحظ الأهل أن أصدقاء أبنائهم منخرطون في سلوك لا يتماشى مع القيم، يجب العمل على تقليص الوقت الذي يمضونه معا، وعدم منع رؤيتهم تماما، لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من العناد والتمسّك بالأصدقاء. فمثلا، عندما ينضم المراهق إلى مجموعة جديدة من أقرانه، تبدأ عنده مرحلة الضغط لاكتساب أي سلوك جديد منهم، كالتدخين، وجوهر هذا الضغط هو التشجيع على التجربة من الأصدقاء.

سيرين مدلج: على الوالدين معرفة طبيعة أصدقاء أبنائهم ودعوتهم لزيارة بيتهم حتى يتعرّفوا إليهم (الجزيرة)

وعلى صعيد آخر، تجد الشخص الذي تربى واعتاد الالتزام بالعبادات، لا يخضع بسهولة عندما يتعرض للضغط من الأصدقاء عن طريق السخرية والتعامل معه كأنه شخص معقَّد وغير طبيعي لأنه يفهم ويدرك ما قد يؤدي إليه التدخين -على سبيل المثال- أو غيره من العادات السيئة.

وتشدد مدلج على ضرورة التحدث إلى الابن بصراحة وبهدوء، وعدم انتقاد إجاباته أو مقاطعته، فربما يكون سبب خروجه مع أصدقائه هو فقدان الثقة بنفسه أو عدم الاستماع إليه بالقدر الكافي، أو لوجود خلافات في المنزل، ومعرفة السبب قد يساعد كثيرا في إبعاده عنهم.

وتنصح المستشارة في العلاقات الأسرية الأهل بأن يتعرّفوا إلى أصدقاء ابنهم، ليعرف الأخير أنهم يدركون أهمية هذه الصداقات. وتضيف، "شجّعوا ابنكم على أن يدعو أصدقاءه إلى زيارتكم، واسمحوا لهم بأن يشعروا بارتياح في بيتكم، أو خذوه إلى بيوت أصدقائه".

تساعد الصداقة المراهق على اكتشاف نفسه، وهذا يساهم في تكوين شخصيته (شترستوك) ما أهمية الصداقة لدى المراهقين؟

وفق موقع "نيو بورت أكاديمي" (New Port Academy)، فإن الصداقات مهمة جدا خلال فترة المراهقة، لِما لها من تأثير إيجابي على صعيد الانتماء وتكوين الشعور بالهوية خارج نطاق الأسرة. كما أن صداقات المراهقين تساعد بشكل أساسي في تخطي الكثير من الأزمات النفسية والفترات الصعبة والدعم العاطفي.

وقد أجريت في أستراليا دراسة عام 2021 على 108 طلاب مراهقين في المدارس الثانوية كوّنوا صداقات وثيقة ساعدتهم في تخطي الكثير من المشكلات النفسية والعاطفية، كالغيرة والإخفاق والإحباط والقلق، وكانوا لهم شبكة دعم هائلة وشعروا بالسعادة والثقة والراحة.

ويرى البروفيسور في علم النفس العيادي الدكتور دانيال سيغل، أن غالبية المراهقين يبحثون عن الصداقات بسبب النمو البدني والبيولوجي المصحوب بالتغييرات النفسية والاجتماعية بعيدة المدى. لذا، يكون التأثير بين المجموعات كليا، وتتحول العلاقة بين أفرادها إلى علاقة صداقة فردية.

كما تساعد الصداقة المراهق في اكتشاف نفسه، ففي البيت يكون احتكاكه بالآخرين محدودا، على عكس مجموعة الرفاق الذين يطلبون رأيه، كما أنه يشاركهم في أمورهم ونشاطاتهم، وهذا يساهم في تكوين شخصيته.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

كيف يؤثر روتينك الصباحي على حرق الدهون؟

أميرة خالد

تؤكد دراسات حديثة أن الطريقة التي تبدأ بها يومك تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز عملية التمثيل الغذائي وتحفيز حرق الدهون.
ووفقًا لما أورده موقع “تايمز ناو”، تُعد دهون البطن أو ما يُعرف بالدهون الحشوية من أكثر أنواع الدهون صعوبة في التخلص منها، ما يجعل العناية بروتين الصباح أمرًا بالغ الأهمية.

فالاستيقاظ وأنت تعاني من الجفاف، على سبيل المثال، قد يؤدي إلى بطء الأيض، وزيادة الشعور بالجوع، إضافة إلى الإحساس بالخمول، ولهذا، ينصح الخبراء بشرب الماء فور الاستيقاظ للمساعدة في ترطيب الجسم، وتنشيط عملية الهضم، وتسريع حرق السعرات الحرارية.

ويبرز البروتين كعنصر أساسي في دعم عملية إنقاص الوزن، إذ يسهم النظام الغذائي الغني بالبروتين في زيادة إفراز هرمون الشبع “ببتيد YY”، مما يعزز الشعور بالامتلاء ويحد من الرغبة في تناول الطعام.

كما أظهرت الدراسات أن تناول كميات كافية من البروتين يرفع معدل الأيض ويحافظ على الكتلة العضلية أثناء فقدان الوزن. وللحصول على أفضل النتائج، يوصى بدمج أطعمة مثل المكسرات، ومنتجات الألبان، وبروتين مصل اللبن ضمن وجبة الإفطار.

إلى جانب النظام الغذائي، تُعد التمارين الرياضية جزءًا لا يتجزأ من خطة حرق الدهون، فممارسة الكارديو أو التمارين الهوائية في الصباح تساعد في تحسين اللياقة البدنية وتسريع فقدان الوزن.

وتشير أبحاث إلى أن النساء اللواتي مارسن التمارين الهوائية بمعدل 300 دقيقة أسبوعيًا فقدن نسبة أعلى من الدهون، خصوصًا في منطقة البطن، مقارنة بمن تمرنّ لنصف تلك المدة. ويمكن إدخال أنشطة ممتعة مثل السباحة، الملاكمة، رفع الأثقال، أو القفز بالحبل، لجعل الرياضة جزءًا ممتعًا من الروتين اليومي.

ويلعب التوتر دورًا خفيًا في زيادة دهون البطن، إذ يحفز إفراز هرمون الكورتيزول المرتبط بزيادة الشهية وتخزين الدهون حول الخصر، ومن أجل السيطرة على مستويات التوتر، ينصح باللجوء إلى تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا أو جلسات التأمل اليومية.

ولا تكتمل العناية بالجسم دون التأكد من الحصول على الاحتياجات اليومية من الفيتامينات، إذ أن نقص الفيتامينات قد يعرقل عملية حرق الدهون ويؤثر على مستويات الطاقة والتعافي البدني.

لذا من المهم إجراء فحوصات دورية وتناول المكملات اللازمة عند الحاجة، مع الحرص على المشي السريع لمدة 20 إلى 30 دقيقة صباحًا، مما يعزز حرق الدهون، ويحسن المزاج، ويدعم تنظيم الهرمونات عبر التعرض لأشعة الشمس.

إقرأ أيضًا

الحداد يوضح أفضل شيء صحي يدخل المعدة في الصباح .. فيديو

 

مقالات مشابهة

  • من الغسيل إلى الطهي.. 7 فوائد نفسية للأعمال المنزلية اليومية
  • دراسة: الصداقات المتنوعة تعزز اللطف والتعاون بين الأطفال
  • «سفراء بر الوالدين» يعزز القيم الأسرية
  • الحويج يستقبل رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الليبية التركية
  • ضبط مراهق تحرش بطالبة في طريق العودة لمنزلها
  • الحويج يناقش مع رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الليبية التركية تعزيز التعاون المشترك
  • استشاري صحة نفسية يحذر من تفشي ظاهرة التحديات الخطرة بين المراهقين
  • الطفل الزجاجي.. حين يصير الإهمال الأسري طريقًا للموت الرقمي|تفاصيل
  • كيف يؤثر روتينك الصباحي على حرق الدهون؟
  • كيفية اختيار الأصدقاء .. الأزهر للفتوى يوضح