أزمة غزة قد تفاقم من ضغوط الاقتصاد المصري
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
يواجه الاقتصاد المصري الذي يعاني بالفعل من ضغوط اقتصادية، مخاطر جديدة إذ تلقي الحرب في قطاع غزة المجاور بظلالها على حجوزات السياحة وواردات البلاد من الغاز الطبيعي.
وفي الآونة الأخيرة، تحول تركيز دول الخليج الغنية بالنفط، التي دعمت المالية العامة لمصر بشكل مستمر من خلال ضخ ودائع على مدار العقد الماضي، إلى البحث عن استثمارات تعود بأرباح.
وتأتي الحرب في قطاع غزة على الحدود مع شبه جزيرة سيناء المصرية بعد أن كشف تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا وجائحة فيروس كورونا عن نقاط ضعف طويلة الأمد في الاقتصاد المصري.
ولطالما اعتمدت مصر بشكل كبير على تدفقات استثمارات المحافظ قصيرة الأجل وعائدات السياحة وتحويلات المغتربين لتغطية جانب من العجز التجاري المستعصي، مما جعلها عرضة للصدمات.
وقالت مونيكا مالك الخبيرة الاقتصادية في بنك أبوظبي التجاري ومقره أبوظبي "المعنويات في الخارج تجاه مصر متواضعة للغاية، وهذا الذي يحدث آخر شيء تحتاجه مصر.. في إشارة إلى أزمة ثالثة"، بحسب وكالة "رويترز".
28 مليار دولار التزامات مستحقة في 2024
وبعد أن أدت موجة اقتراض لمضاعفة الديون الخارجية أربع مرات، تحتاج مصر إلى أكثر من 28 مليار دولار لسداد التزاماتها في عام 2024 وحده. ويقول مصرفيون إن نقص العملة الأجنبية أدى إلى تراكم واردات بقيمة خمسة مليارات دولار في الموانئ، كما تواجه الشركات الأجنبية مشاكل في تحويل الإيرادات لدولها.
وتم تأجيل المدفوعات الحكومية لجزء من واردات القمح ولشركات النفط والغاز الأجنبية.
وتعثر برنامج مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار بسبب إحجام مصر عن تعويم عملتها وحدوث تأخيرات في بيع أصول مملوكة للدولة. وخفضت وكالات التصنيف الثلاث الرئيسية التصنيف السيادي لمصر لمستوى عالي المخاطر.
تراجع السياحة
قال معتز صدقي من ترافكو هوليدايز إيجبت، إحدى الشركات الكبيرة العاملة في إدارة الفنادق والمنتجعات، إن قطاع السياحة كان نقطة مضيئة قبل نشوب الصراع في غزة، وكان من المتوقع ارتفاعه 30 إلى 40 بالمئة هذا العام، وفقا لوكالة "رويترز".
وذكرت بيانات البنك المركزي المصري أن قطاع السياحة حقق إيرادات قياسية بلغت 13.63 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو 2023، ارتفاعا من 10.75 مليار دولار في العام المالي السابق له.
ولم يؤثر الصراع الدائر في غزة سوى على بعض الوجهات الرائجة في سيناء مثل طابا ونويبع ودهب وشرم الشيخ، لكن لم يترك تأثيرا يذكر على بقية الوجهات في البلاد.
وقال صدقي إن صافي إلغاء الحجوزات المسجلة على مستوى البلاد منذ السابع من أكتوبر تراوح بين عشرة و12 بالمئة حتى نهاية أبريل، لكن إشغال الفنادق في أكتوبر ارتفع ثمانية بالمئة مقارنة مع الشهر نفسه في العام الماضي.
وأضاف "موسم الشتاء يبدو جيدا حتى الآن. لم تتأثر السياحة الثقافية حقيقة... السفن السياحية النيلية بين الأقصر وأسوان خلال فترتي الذروة، وهي عيد الميلاد ورأس السنة، تعمل بنسبة 80 إلى 90 بالمئة بوجه عام".
وفي مقابلة مع رويترز الاثنين الماضي، أشار وزير السياحة المصري أحمد عيسى إلى احتواء تداعيات الصراع في قطاع غزة حتى الآن وانحسار تأثيره فقط على أقل من عشرة بالمئة من الحجوزات.
وقال كريم المنباوي، رئيس شركة إمكو ترافيل للسياحة في وسط القاهرة، إن التوقعات لا تزال قاتمة، مضيفا "وتيرة الحجوزات بطيئة للغاية وهذا أكثر ما يقلقنا".
تأثر إمدادات الغاز
يتمثل أحد العوامل الأخرى التي قد تؤدي إلى نضوب العملات الأجنبية في توقف واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل، والتي تعتمد عليها مصر في الاستهلاك المحلي وإعادة تصديرها مع تحقيق أرباح من ذلك.
وعلقت إسرائيل الإنتاج في حقل غاز (تمار) في التاسع من أكتوبر، مما أدى إلى انخفاض الغاز المرسل إلى مصر في بعض الأوقات إلى الصفر، على الرغم من استئناف تدفق كميات صغيرة منه.
وأشار مصدران يعملان في هذا المجال إلى انخفاض إمدادات الغاز لبعض الصناعات كثيفة الاستخدام للغاز مثل الأسمدة.
وقال سياماك أديبي، المستشار الرئيسي ورئيس فريق غاز الشرق الأوسط لدى شركة (إف.جي.إي)، إن مصر كانت تستورد 860 مليون قدم مكعبة يوميا، أو نحو 15 بالمئة، من إمداداتها من إسرائيل قبل اندلاع الصراع.
وتضاءلت الآن آمال مصر في زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بعد أن قطعتها بالكامل في الفترة من مايو إلى سبتمبر، فيما طبقت نظاما لمناوبة قطع الكهرباء مكانيا وزمانيا في الداخل.
وقال أولوميد أجايي، كبير محللي الغاز الطبيعي المسال لدى (إل.إس.إي.جي)، إن مصر استوردت شحنة من الغاز الطبيعي المسال "وهو ما يؤكد الخلل الحالي في توازن الغاز في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا".
المساعدات الخليجية
في ضوء الصراع الدائر في غزة وخطر اتساع رقعته في المنطقة، قال محللون ومصرفيون إن دول الخليج تعيد تقييم سياستها التي تنبتها في العامين الماضيين بدعم الاقتصاد المصري بشكل غير مباشر.
وقالت مونيكا مالك الخبيرة الاقتصادية في بنك أبوظبي التجاري "شعرت بتغير المعنويات في الخليج لأنه قبل (الصراع في غزة) لم يكن هناك صبر يذكر تجاه مصر".
وتملك السعودية والإمارات والكويت وقطر ودائع بقيمة 29.9 مليار دولار لدى البنك المركزي المصري، كما أنها أقرضت القاهرة 16 مليار دولار أخرى في أشكال أخرى من الائتمان.
وقال مصرفيان مقيمان في القاهرة إن لديهما تقارير تفيد بأن دول الخليج تناقش تخصيص حزمة دعم مالي محتملة تشمل المزيد من الودائع النقدية ودعم العملة المصرية بعد أي تخفيض لقيمتها.
وذكرت تقارير غير مؤكدة في وسائل الإعلام المصرية الشهر الماضي أن دول الخليج تجري محادثات لإيداع خمسة مليارات دولار أخرى لدى مصر. ورفض متحدث باسم مجلس الوزراء المصري التعليق على أي دعم محتمل من الخليج. كما لم يؤكد مسؤولون في السعودية والإمارات على طلبات للتعليق من وكالة "رويترز".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الخليج استثمارات قطاع غزة سيناء أوكرانيا كورونا الاقتصاد المصري مصر بنك أبوظبي التجاري مصر اقتراض الديون الإيرادات صندوق النقد الدولي مصر الفنادق السياحة البنك المركزي المصري إيرادات سيناء طابا ونويبع ودهب شرم الشيخ الفنادق السياحة الأقصر وأسوان الغاز الأسمدة أبوظبي الخليج السعودية والإمارات والكويت وقطر المركزي المصري أزمة غزة حرب غزة اقتصاد مصر الاقتصاد المصري دعم الاقتصاد المصري نمو الاقتصاد المصري الخليج استثمارات قطاع غزة سيناء أوكرانيا كورونا الاقتصاد المصري مصر بنك أبوظبي التجاري مصر اقتراض الديون الإيرادات صندوق النقد الدولي مصر الفنادق السياحة البنك المركزي المصري إيرادات سيناء طابا ونويبع ودهب شرم الشيخ الفنادق السياحة الأقصر وأسوان الغاز الأسمدة أبوظبي الخليج السعودية والإمارات والكويت وقطر المركزي المصري أخبار مصر الاقتصاد المصری الغاز الطبیعی ملیار دولار دول الخلیج فی غزة
إقرأ أيضاً:
تقديرات أممية: إعادة إعمار قطاع غزة تتطلب 53 مليار دولار وتستغرق بين 5 و10 سنوات
كشف تقرير أممى أن إعادة إعمار قطاع غزة تتطلب أكثر من 53 مليار دولار، بينها أكثر من 20 ملياراً على مدى الأعوام الثلاثة الأولى، لكن من سيدفع هذا المبلغ؟ ومن سيوفر الوقت الذى سيستغرقه؟
كتب أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، فى تقرير، تم إعداده بناءً على طلب الجمعية العامة، أن «المبالغ الضرورية للنهوض وإعادة الإعمار على المدى القصير والمتوسط والبعيد فى قطاع غزة تقدر بنحو 53.142 مليار دولار، وضمن هذا المبلغ، يُقدر التمويل الضرورى على المدى القصير للأعوام الثلاثة الأولى بنحو 20.568 مليار دولار».
«راجاجوبال»: يمكن إزالة الدمار وإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين من أرضهموفى سياق متصل، أكد بالاكريشنان راجاجوبال، المقرّر الأممى للحق فى السكن، أنه يمكن إزالة الدمار وإعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مشيراً إلى أن 70% من مبانى قطاع غزة تم تدميرها جراء العدوان الإسرائيلى، ويمكن إعادة بناء نحو 70% من القطاع خلال فترة تتراوح بين 5 و10 سنوات.
وأشار التقرير الأممى إلى أنه مع تدمير «أكثر من 60% من المساكن» منذ أكتوبر 2023، سيتطلب قطاع الإسكان نحو 30% من احتياجات إعادة الإعمار، أى 15.2 مليار دولار، ويوضح أيضاً أن التكاليف المرتفعة المتوقّعة للقطاع البيئى بشكل خاص -1.9 مليار دولار- بسبب الكمية الكبيرة من الأنقاض التى تحتوى على ذخائر غير منفجرة، والكلفة العالية المرتبطة بإزالة الركام.
يلى ذلك قطاع التجارة والصناعة وسيتطلب 6.9 مليار دولار، والصحة 6.9 مليار، والزراعة 4.2 مليار، والحماية الاجتماعية 4.2 مليار، والنقل 2.9 مليار، والمياه والصرف 2.7 مليار، والتعليم 2.6 مليار. وتشمل إعادة إعمار غزة عدة جوانب رئيسية، منها البنية التحتية الأساسية، وتتضمن إعادة بناء شبكات المياه والصرف الصحى، وإعادة إنشاء شبكات الكهرباء، وإعادة تأهيل الطرق والجسور والمواصلات العامة، وإعادة بناء المنازل والمبانى، والمرافق الصحية، وإعادة بناء المستشفيات والمراكز الصحية المتضرّرة، والمرافق التعليمية، وإصلاح المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية، وإنعاش القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، وإزالة الأنقاض والتخلص من مخلفات الحرب، وتطهير المناطق من الذخائر غير المنفجرة، وإعادة تأهيل القطاع العام والخدمات الحكومية.
وحتى الأول ديسمبر، أحصت منظمة «يونيسف» الأممية تضرّر ما لا يقلّ عن 496 مدرسة، أى ما يقرب من 88% من أصل 564 منشأة مسجّلة، ومن بين هذه المدارس 396 مدرسة أصيبت بقصف مباشر.
من جانبه قال د. كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد الدولى، لـ«الوطن»، إن الرقم الضخم الذى تحدّثت عنه الأمم المتحدة سببه هو إزالة الركام القديم وإزالة مختلف المبانى حتى لو اضطررت إلى هدم المبانى التى لم تسقط، لأن ذلك سيعمل على إتاحة بناء قطاع غزة من أوله مرة أخرى بعد التدمير الذى وقع عليه بسبب الحرب الإسرائيلية الغاشمة التى استمرت 471 يوماً بداية من 7 أكتوبر 2023 حتى 19 يناير 2025. وأوضح «العمدة» أن الوضع سيحتاج إلى مئات الشركات للإعمار، وآلاف العمالة، على أن تكون المبالغ المدفوعة مقسّمة على الدول، لافتاً إلى أن إعادة الإعمار ستكون فرصة كبيرة للشركات المصرية، ويُفترض أن تكون خلال الأسابيع المقبلة، ولكن هذا يتطلب وقف الاحتلال الإسرائيلى للعمليات العسكرية فى فلسطين المحتلة.
فيما قالت هدى الملاح، مدير عام المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن المبلغ قد يكون أعلى من المبلغ المقدّر من قِبل الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن رفض تهجير الفلسطينيين يأتى دفاعاً عن القضية، وكذلك لمنع وجود الفلسطينيين فى دولة عربية أخرى، وفى حال اندلاع اشتباكات بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال، مُجدداً فإن هذا البلد العربى سيكون مضطراً للمشاركة فى الحرب، وهذا يجعل منطقة الشرق الأوسط تشهد حرباً إقليمية واسعة، وهى لا تتحمل أبداً.
وقال د. نصر عبدالكريم أستاذ العلوم السياسية، من رام الله بفلسطين، إن المبلغ الذى تحدّثت عنه الأمم المتحدة واقعى، ولكنه قد لا يكون بالضرورة دقيقاً جداً، لأن حجم التقديرات للإعمار تتباين من جهة إلى أخرى ومن تقرير إلى آخر بتباين المنهجية المتبعة فى ذلك وبنطاق الإعمار المقصود، لأن الإعمار يُقاس على مؤشر من 5 نقاط (من 1 إلى 5)، وبالتالى فما نقصده بالإعمار ونطاقه ودرجة إنجازه، كلها عوامل تؤثر على حجم التقديرات.
وأضاف «عبدالكريم» لـ«الوطن»: «بالنسبة للمدة الزمنية للإعمار فأعتقد أنها ستكون بين 10 و12 عاماً، ولكن هذا يتوقف على مدى تحقّق شروط الإعمار اللازمة، وهى رفع الحصار بالكامل عن غزة وتوافر التمويل الكافى ووحدة الإدارة على الصعيد الفلسطينى»، موضحاً أنه «من المفترض أن يتحمّل المجتمع الدولى، وفى مقدمته الدول الغربية الغنية، وطبعاً الدول العربية الشقيقة النفطية، مسئولية حشد التمويل المطلوب، والذى سيُصرف سنوياً بمتوسط 4 - 5 مليارات دولار، ولا أظن هذا المبلغ فوق قدرات هذه الدول فى حال توزيعه عليها، وبهذا الصدد فمن وجهة نظرى أن الاحتلال الإسرائيلى يجب أن يتحمّل جزءاً من كلفة إعادة الإعمار، لأنه هو المتسبّب المباشر بهذا الدمار والخراب، ولكن لا أملك الوسيلة لتحقيق ذلك، لذا يجب الضغط دولياً على إسرائيل لتحقيق هذا الشرط»، منوهاً بأننا «هنا لا بد من شكر جمهورية مصر الشقيقة على الجهد الذى تبذله فى سبيل عقد مؤتمر دولى للمانحين لهذا الغرض، على غرار المؤتمر الذى عقدته فى أعقاب عدوان 2014».