قالت صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية إن فرنسا وألمانيا اللتين ظلتا تمثلان العمود الفقري للاتحاد الأوروبي منذ إنشائه، يجب عليهما التفكير الآن في مستقبل مكانتهما في أوروبا الموسعة التي لن يكون دورهما المهيمن واضحا فيها بعد الآن، بعد أن اهتزت العلاقات بينهما بشدة بسبب الموجات الصدامية للحرب الروسية في أوكرانيا.

وفي عمودها بالصحيفة، أوضحت سيلفي كوفمان أن المناخ الاجتماعي، بعد أن أجبر باريس على التنازل لبرلين عن امتياز الزيارة الأولى لملك بريطانيا تشارلز الثالث، منع أيضا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الزيارة الرسمية إلى ألمانيا التي كانت مقررة قبل أيام، وهي زيارة كانت مواتية لبحث عدد من الأمور ومهمة لسببين، أولهما جيوسياسي والآخر اجتماعي.

وكانت ألمانيا وفرنسا -كما ترى الكاتبة- ستبحثان خلال هذه الزيارة -لو أتيحت- ما تمران به من اضطراب في علاقاتهما، وما يستدعيه الوضع في أوروبا من إعادة النظر في مكانتهما التي لن تكون أساسية كما كانت في أوروبا الجديدة.


ثنائي يتلاشى

وأشارت الكاتبة إلى أن البلدين يجدان نفسيهما اليوم في الموقف ذاته، بعد أن راهنتا على الحوار مع روسيا، وحاول زعيماهما عبثا إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتخلي عن مهاجمة أوكرانيا، مما أوقعهما في صدمة كبيرة مع بدء الحرب الأوكرانية.

وعند الصدمة، كان على البلدين أن يتزنا، وبعد 3 أيام من غزو أوكرانيا، أصدر المستشار الألماني أولاف شولتز مرسوما شكل "نقطة تحول تاريخية" بألمانيا أجبرتها على التخلي عن روسيا وغازها وعلى تغيير سياستها الدفاعية جذريا، لتصبح بعد 16 شهرا المورد الأوروبي الرئيسي للمعدات العسكرية لأوكرانيا.

ومثل ألمانيا، عرفت فرنسا أيضا نقطة تحول عندما اعترف ماكرون بأنه كان على فرنسا أن تستمع إلى الديمقراطيات الشابة في وسط وشرق أوروبا، بدلا من الطلب منها أن تصمت، واعترف بنقص التناسق بين باريس وبرلين عندما منعتا انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو عام 2008.


ومع ذلك، لا يزال أمام برلين وباريس الكثير مما يجب القيام به، لأن الحرب التي فرضت عليهما مثل هذه التحولات أدت أيضا إلى محو خصوصيتهما، حين كانت ألمانيا تتمتع بالتفوق الاقتصادي وفرنسا تتفوق إستراتيجيا، والآن تلاشت هذه الثنائية، حيث أصبحت لألمانيا وظيفة جديدة تتعلق بالتسلح، وحققت فرنسا أداء اقتصاديا أكثر ديناميكية، رغم مديونيتها التي تصل إلى 3000 مليار يورو.

أما السبب الاجتماعي الذي كان سيجعل هذه الزيارة مهمة لو أتيحت، فهو أنه كان بإمكان ماكرون أن يناقش مع محاوريه سياسة الهجرة المهمة التي بدؤوها بمنهجية وتصميم، خاصة أن ألمانيا بحاجة إلى الأسلحة والعقول وستحصل عليها، كما أن فرنسا أيضا بحاجة إليها وستزداد هذه الحاجة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ألمانيا توجه انتقادات حادة لإدارة ترامب بسبب إضعاف موقف أوكرانيا

وجهت ألمانيا انتقادات حادة لإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، واتهمتها بإضعاف موقف أوكرانيا في المفاوضات المستقبلية مع روسيا.

وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، إن تصريحات إدارة ترامب بشأن أوكرانيا، أضعفت موقف كييف قبل بدء محادثات سلام جديدة مع روسيا.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها للصحفيين على هامش الدورة الـ61 لمؤتمر ميونخ للأمن، والتي انطلقت أعمالها في مدينة ميونيخ، الجمعة، بمشاركة رؤساء دول وحكومات، ووزراء ومسؤولين كبار.

وأشار الوزير الألماني، إلى أن إدارة ترامب ارتكبت "خطأ" عندما قدمت تنازلات بشأن "علاقات أوكرانيا بحلف شمال الأطلسي (ناتو) والأراضي الأوكرانية" قبل بدء مفاوضات السلام الجديدة.

ورأى أن التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون بعد الاتصال الهاتفي بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، مساء الأربعاء، أضعفت موقف كييف.


وأعرب بيستوريوس، عن أسفه حيال إزالة الإدارة الأمريكية موضوعين مهمين بالنسبة للمفاوضات، وهما عضوية أوكرانيا في حلف الناتو وكيفية إجراء تغييرات في الأراضي داخل أوكرانيا.

وفي 12 شباط/ فبراير الجاري، قال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، لنظرائه الأوروبيين في بروكسل، إن عودة أوكرانيا إلى حدودها السابقة أمر غير واقعي، وأن أوكرانيا يجب أن تتخلى عن رغبتها في الانضمام إلى الناتو، وأن القوات الأمريكية لن تعمل كقوة سلام.

ومساء الأربعاء، أعلن ترامب توصله إلى اتفاق مع بوتين، لبدء مفاوضات من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وقال الرئيس الأمريكي، في بيان، إنه أجرى اتصالا مطولا ومثمرا مع نظيره الروسي.

ووفق بيان لاحق، أجرى ترامب اتصالا مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأعلن أن الأخير أيضا "يريد السلام"، مثل بوتين.

ومنذ 24 شباط/ فبراير 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا تشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.

مقالات مشابهة

  • «ترامب أوروبا».. من هو «فريدريش ميرز» المرشح الأقرب للفوز بمنصب مستشار ألمانيا؟
  • ترامب لا يحب الضعفاء.. زيلينسكي يستنجد بأوروبا ويدعوها للتحرك
  • فرنسا تحذّر: على أوروبا اتخاذ قرارات صعبة لمواجهة التهديدات
  • مؤسسة خبراء فرنسا: من التنوع الاقتصادي إلى التحول الرقمي.. مشروع إي – نيبل يُحدث نقلة نوعية في ليبيا
  • ألمانيا توجه انتقادات حادة لإدارة ترامب بسبب إضعاف موقف أوكرانيا
  • ألمانيا تردّ على تحذيرات بشأن القوات الأميركية في أوروبا
  • ألمانيا تحذر من "عجز أوروبي" عن تعويض القوات الأمريكية
  • ديشان يرشح زيدان لقيادة فرنسا عقب مونديال 2026
  • ألمانيا تحذر من "سلام زائف" في أوكرانيا
  • ماكرون: أوروبا يجب أن ترد على "الصدمة " التي أحدثها ترامب