بوابة الوفد:
2024-06-29@22:54:44 GMT

هانى سرى الدين وإصلاح مصر

تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT

ستظل قضية الإصلاح هي الشغل الشاغل للسياسيين والاقتصاديين وكل المهتمين بالشأن العام، وهى قضية قديمة طرحت فى مصر منذ منتصف السبعينيات بعد الانفتاح الاقتصادى الذى أعلن عنه الرئيس الراحل أنور السادات وامتد الحديث حول أولويات الإصلاح حتى الآن، وطرح سؤال مهم وقتها هل الإصلاح الاقتصادى أولا أم الإصلاح السياسى؟

ومنذ أيام تلقيت كتاب الدكتور هانى سرى الدين القيادى الوفدى ورئيس لجنة الشئون الاقتصادية والمالية بمجلس الشيوخ، وأستاذ القانون التجارى بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وعنوانه «إصلاح مصر.

. بين الاقتصاد والسياسة» وتناول فيه هذه القضية بالتحليل وبرؤية شاملة تناولها فى سلسلة مقالات نشرت فى جريدة الوفد على مدار 3 سنوات، وتبلورت الرؤية عندما صدرت في الكتاب الصادر من مركز الأهرام للطباعة والنشر.

وعرض الدكتور هانى سرى الدين رؤيته بأنه لا إصلاح اقتصاديًا إلا بإصلاح سياسى حقيقى. ويقول «أنا واحد من المؤمنين أن الإصلاح الاقتصادى والسياسى وجهان لعملة واحدة. لن تتحقق التنمية بمفهومها الشامل إلا بإصلاح اقتصادى مدعوم بإصلاح سياسى يراعى الظروف الآنية».

وهو الرأى الذى يتجه اليه أغلب المفكرين والسياسيين المؤمنين بالليبرالية والمدافعين عن حقوق الإنسان ورجال الأعمال، فهم يرون أن الإصلاح لابد أن يكون متوازيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ولا يجوز إهمال جانب لحساب جانب، فهى منظومة واحدة، إما أن نأخذها كلها أو نتركها كلها.

ورغم طرح الدكتور هاني نجاح بعض دول شرق آسيا فى تحقيق تنمية عظيمة ولم تستند إلى نظام سياسى ديمقراطى، لكنه يرى أنها اعتمدت فى نجاحها على تبنى عناصر أساسية تتفق فى جوهرها مع مبادئ النظم الديمقراطية، وإن لم تتفق معها فى الإطار الخارجى، فكان لديها مثلا رؤى واضحة للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، صاحبها خطة تنفيذية سنوية أولويات الإصلاح.

وهو طرح يجب أن يراعى كل من دعاة الإصلاح الاقتصادي أولا معرفته خصوصا أن فى عمليات الإصلاح الاقتصادى مع الانغلاق السياسى يترعرع الفساد وينمو بصورة مخيفة ويطل علينا الفاسدون بكل بجاحة يتفاخرون بفسادهم ويعتبرون أنفسهم فوق القانون.

وبنت الصين نهضتها عندما قام ماو تسى تونج بحملة موسعة ضد الفساد وصلت إلى حد إعدام نائبه ولم يتردد فى محاكمة قيادات حزبه فى محاكمات علنية، وانطلقت الصين إلى نهضتها الكبرى وأصبحت نموذجا اقتصاديا، فهى ليست دولة ديمقراطية بمعنى أنه لا يوجد فيها انتخابات أو تداول سلطة وسجل حقوق الإنسان ليس على ما يرام، لكنها طبقت مبادئ الشفافية والحوكمة وكان لديها رؤية حقيقية للإصلاح لا تتغير بتغير زعامات الحزب الشيوعى أو قيادات الدولة.

كتاب إصلاح مصر مرجع مهم لمن يريد أن يفهم القضية الجدلية، خاصة وأن الكتاب أجاب فى فصوله عن كل الأسئلة من بداية الفصل الأول الإصلاح السياسى وملحقاته، ومنها كفالة حقوق الإنسان وإطلاق الحريات العامة، ومنها حرية الرأى والتعبير والحق فى نقد المسؤولين. كما تناول فى الفصل الثانى الاقتصاد والتنمية الشاملة ودور القطاع الخاص كشريك فى مسيرة التنمية وإصلاح المؤسسات بمختلف أنواعها والعودة إلى الأدوار الدستورية لها. وتناول فى الفصل الثالث التنمية الاجتماعية والثقافية ونقطة الانطلاق فيها التعليم والمعلم.

هذا الكتاب صدر فى وقته ونحن مقبلون على انتخابات رئاسية، وستكون قضية الإصلاح أساس البرامج الانتخابية للمرشحين، والخطط التنفيذية لتطبيق هذه الإصلاحات على أرض الواقع. وأنا مع ما انتهى إليه المؤلف أنه لا إصلاح اقتصاديًا فى مصر إلا بإصلاح سياسى شامل أساسه الدستور المصري والمواثيق التى وقعت عليها الدولة المصرية، وعلى رأسها مواثيق حقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: هاني سري الدين إصلاح مصر قضية الإصلاح حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

د. محمد ممدوح يكتب: الوضع الاقتصادي وحقوق الإنسان قبل وبعد الثورة

فى الذكرى الحادية عشرة لثورة الثلاثين من يونيو يمر أمام عينى شريط من الذكريات لمرحلة ما قبل 30 يونيو، حيث كانت مصر تعانى تحديات اقتصادية كبيرة، بما فى ذلك التضخم المرتفع، وارتفاع معدلات البطالة، وهروب شبه كامل لأغلب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة للكوارث التى عاشتها هذه الدولة فى مجالات البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية.

كنا نعيش فى حالة غريبة من عدم الاستقرار السياسى والاضطرابات الاجتماعية، حيث توالت الاحتجاجات والمظاهرات، وانتشرت مشاعر الإحباط والغضب بين جميع الفئات، خاصة الشباب، مولدة موجات من الخوف والقلق بين جميع المواطنين، كانت هناك حاجة ماسة لتغيير حقيقى لهذا الوضع يمكن معه إجراء مجموعة من الإصلاحات الهيكلية فى الاقتصاد لتحقيق النمو المستدام وتحسين فرص العمل.

- من بين التحديات الاقتصادية التى كانت تواجه مصر قبل الثلاثين من يونيو تنامى وتعاظم مفهوم الإدارة الاقتصادية الضعيفة، وتدهور الوضع المالى، وارتفاع مستوى الديون العامة. كان هناك أيضاً تحديات وقصور شديد فى مجال الإصلاحات الهيكلية وجذب الاستثمارات وتعزيز القطاع الخاص فى ظل وجود إدارة غير رشيدة من أهل الثقة وليس من أصحاب الكفاءة فى مختلف مراكز صنع القرار.. كان القطاعان الزراعى والصناعى يعانيان من تحديات كبيرة أيضاً، ما أدى إلى ضعف النمو الاقتصادى، وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، وعدم قدرة الدولة على الوفاء باحتياجات مواطنيها.

- بالإضافة لذلك شهدت مصر انتهاكات خطيرة مثل التضييق على حرية التعبير، والقمع السياسى والإعلامى، وليس حصار مدينة الإنتاج الإعلامى بغريب عن الذكريات، بالإضافة إلى انتهاكات فى حقوق النساء وحقوق العمال.

كما تم تقييد حرية التجمع والتظاهر بشكل كبير. بالإضافة للعديد من القيود الشديدة على الحريات الأساسية مثل حرية التعبير، حيث كانت هناك مضايقات واعتقالات تعسفية للصحفيين والنشطاء السياسيين، وصلت فى العديد من الأحيان إلى الاغتيال والتصفية.

كما كانت هناك تدابير صارمة لقمع الحريات الدينية والسياسية، ما أدى إلى تقييد حرية التعبير والتجمع والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد فى عملية واضحة لجر هذه الدولة إلى حرب أهلية.

كل هذه القيود والانتهاكات أثّرت سلباً على الحياة اليومية للمصريين ودفعتهم للتمرد على الوضع القائم.

- لا أحد يستطيع أن ينكر أن الثورة المصرية فى 30 يونيو كانت استجابة لمطالب الشعب المصرى بالتغيير والإصلاح، حيث شهدت مصر حكماً ذات طابع ديكتاتورى راديكالى، وتردياً اقتصادياً واجتماعياً، مع تفاقم الفساد وتدهور الأوضاع.

تصاعدت مشكلات البطالة وفقر الطبقات الفقيرة، ما دفع المواطنين للخروج فى تظاهرات حاشدة للمطالبة بالإصلاح والتغيير.

وقد ساهمت الإجراءات السياسية غير الرشيدة والعجز الواضح للدولة عن الوفاء باحتياجات المواطنين فى إضعاف، بل وفقد ثقة أغلبية الشعب فى قدرة هذا النظام على الاستمرار، ما دفعهم للنزول إلى الشوارع فى ثورة سلمية، لكنها حاسمة، فى ظل أسباب ودوافع تشمل الغضب الشعبى من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتفشى الفساد والقمع السياسى وانتهاكات حقوق الإنسان.

كما أن الشعب المصرى طالب بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل والحد من البطالة. حيث كانت الرغبة فى التغيير والإصلاح تحفز الناس على النزول إلى الشوارع والمطالبة بإسقاط نظام الجماعة وبناء مستقبل أفضل للبلاد.

كل هذه الأمور التى أدت لنجاح الشعب فى استعادة هذا الوطن جعلت صناع القرار بعد الثلاثين من يونيو فى تحدٍّ حقيقى مع الزمن، حيث شهدت مصر على مدار الأعوام الماضية تحولات اقتصادية جذرية، فقد تم التركيز على تنمية البنية التحتية، وتحفيز الاستثمار، وتحسين مناخ الأعمال، وإعادة الثقة للمواطن قبل المستثمر فى قدرة هذه الدولة على العودة مرة أخرى للنهوض والتوقف عن سياسة تعاطى المسكنات والتحول لسياسة العلاج الحقيقى مهما كانت تكاليف أو مشقة عملية العلاج.. هذه الخطوات جاءت مع حزمة من الجهود المخلصة على المدى الطويل لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين والعمل على توفير حياة كريمة ولائقة يستحقها كل المصريين.

حيث شهدت مصر تغييرات اقتصادية مهمة، حيث تم التركيز على تحسين بيئة الأعمال، وتبسيط الإجراءات، وتحسين التشريعات المالية، بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تعزيز القطاعات الصناعية والزراعية، وتحفيز الاستثمار الأجنبى. كل هذه الإجراءات ساهمت فى تحقيق نمو اقتصادى قوى، وتحسين الفرص الاقتصادية للمواطنين.

- بعد ثورة الثلاثين من يونيو، شهدت مصر تحسناً كبيراً فى مجال حقوق الإنسان؛ حيث شهدت تلك الدولة إيماناً حقيقياً بضرورة القضاء على الانتهاكات السابقة للحقوق الأساسية، وزيادة الحريات العامة والمدنية، مع إصدار العديد من القوانين والتشريعات الجديدة لحماية حقوق الإنسان، وعلى رأسها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وقبلها بأعوام الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، بالإضافة لرؤية مصر 2030. كما أنه تم تعزيز الحوار المجتمعى الذى يسهم فى زيادة الوعى بحقوق الإنسان والمساواة بين الجميع.

- بعد الثورة، حققت مصر تقدماً كبيراً فى مجال حقوق الإنسان، تم تعزيز حرية التعبير وحرية الصحافة، بالإضافة لحزمة من الإجراءات الجادة فى مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية. بالإضافة للخطوات الجادة فى قضايا العنف ضد المرأة، وتعزيز حقوق الفئات الأوْلى بالرعاية والحماية، ودعم مشاركة المجتمع المدنى فى عملية صنع القرار.

هذه التحسينات أسهمت فى بناء مجتمع مصرى أكثر تقدماً وتعاوناً، وساهمت فى جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الاستقرار السياسى والاقتصادى.

ومع ذلك وبالنظر إلى المستقبل، يواجه الوضع الاقتصادى فى مصر تحديات عديدة تتمثل فى تحسين مستوى البطالة وتعزيز النمو الاقتصادى وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين. كما تتطلب الآفاق المستقبلية تحقيق استقرار السوق المالى وجذب الاستثمارات الخارجية وتحسين القطاع الصحى والتعليمى. كما أنه من المهم أيضاً التركيز على تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لضمان التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

- مع تطور الأحداث والتغيرات فى السياسة والاقتصاد، يتعين على مصر التصدى لتحديات مستقبلية مثل تحسين البنية التحتية وتحسين بيئة الأعمال وتنمية القطاع الزراعى وتحسين السياسات الضريبية.

كما يتعين التركيز على تحسين سوق العمل وخلق فرص عمل جديدة وتوفير التعليم والتدريب المهنى للشباب للمساهمة فى بناء مستقبل واعد للبلاد.

مقالات مشابهة

  • الانتهاء من إصلاح خط مياه فى ميدان فينى بالدقى وعودة المياه تدريجيا
  • بالصور.. محافظ الجيزة يتفقد أعمال إصلاح كسر بخط مياه بالدقي
  • محافظ الجيزة يتفقد أعمال إصلاح كسر مُفاجئ بخط مياه بميدان فيني بالدقي
  • توجيهات عاجلة من محافظ الجيزة أثناء تفقده أعمال إصلاح كسر مفاجئ بإحدى خطوط مياه الدقي
  • منظمات حقوق الإنسان باليمن: الأمم المتحدة تتهاون مع الحوثيين بخصوص قحطان والمخفيين قسرا
  • 30 يونيو حققت طفرة في "حقوق الإنسان".. ونقلة نوعية من المكتسبات
  • توكل كرمان: الدكتاتوريات تديم الصراعات والقمع المنهجي وانتهاكات حقوق الإنسان
  • الحكومة العراقية تؤلف لجنة للرد على تقرير حقوق الإنسان الأممية
  • الاتحاد الأوروبي وتركمانستان يعقدان في عشق أباد الحوار الـ 16 لحقوق الإنسان
  • د. محمد ممدوح يكتب: الوضع الاقتصادي وحقوق الإنسان قبل وبعد الثورة