الفرص الضائعة لـ«كبح إسرائيل»!
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
ليس هناك من فرصة، تماثل فرصة الوزير الصهيونى، عميحاى إلياهو، الذى كشف عن ما تكتمت عليه بلاده- إسرائيل- لأكثر من 70 عاماّ، وهو ما تمتلكه من سلاح نووى، تحدث الوزير عن خيار استخدامه لمحو غزة وسكانها، من على وجه الأرض، لذلك تتقيد قيمة هذه الفرصة، فيما إذا اندفعت القيادة الفلسطينية، بدعم مطلق ومفتوح من جامعة الدول العربية، نحو تكوين رأى عام دولى، فى مواجهة سياسة» الغموض النووى»، التى تتعامل بها إسرائيل، للتغطية على مفاعل ديمونة، التى أنشأته فى ستينيات القرن الماضى، بتعاون فرنسى، وتدًعى أنه للأغراض السلمية، ولا تسمح للمنظمات الدولية بالتفتيش، أو حتى مجرد الزيارة الروتينية.
ومع التسليم بخطورة كلام الوزير الإسرائيلى، لا يجب أن نستبعد سيناريو الخداع، مبنياّ على أسلوب» الردع بالشك»، الذى تبنته حكومات» تل أبيب»، فى مواجهة الإدعاءات المتقاطعة، حول امتلاكها ما بين200و400 قنبلة نووية، من دون النفى أو الاعتراف، حين وجدت أنها الطريقة السهلة، لتخويف الجوار العربى، فى ظل صراع لم ينته، منذ قيامها فى العام1948، وما تخوضه من حروب حتى اليوم، وبالتالى أظن أن التهديد النووى، قد يكون متفقاّ عليه، ما بين الوزير» عميحاى»، كونه وزيرا غير سيادى، وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لتكون رسالة ردع موجهة لكل من إيران وحزب الله، وأى من الدول العربية، حتى لا تشارك فى حرب غزة.
ومع إحتمال صحة هذا الافتراض، وأيضاّ عدم صحته، غير أنه فى الحالتين، يوفر مساراّ» فلسطينيا- عربيا»، نحو التوجه لمجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لإجبار إسرائيل على الكشف عن برنامجها وأسلحتها النووية، والتصديق على اتفاقية حظر الانتشار النووى، لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وأعتقد أن الفرصة أكثر من مهيأة، فى ظل الإدانات العربية والدولية، وعلى وجه الخصوص، الموقف الأمريكى، الذى يرفض أى نوع من التهديد النووى، والموقف الروسى أيضاّ، الذى استنكر تهديد الوزير الإسرائيلى، ودعا الوكالات الدولية، للكشف عما تمتلكه إسرائيل من سلاح نووى، وإخضاع برنامجها للرقابة والتفتيش.
الشعوب العربية لن تتسامح مع القيادة الفلسطينية، إن تخاذلت وأضاعت هذه الفرصة، ولن تغفر للجامعة العربية الصمت وعدم التحرك، نحو تشكيل موقف دولى، ينتهى بالنتيجة التى تقيد إسرائيل بالقوانين الدولية، فيما يخص برنامجها النووى، من جهة، وإنهاء احتلالها للأراضى الفلسطينية، حتى يتمتع الشعب الفلسطينى بدولة مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، من جهة أخرى، ورغم أن الطريق لن يكون سهلاّ، لكنه القدَر العربى الذى إن تداعى، ضاعت معه آخر الفرص لكبح إسرائيل، ومن ثم تضاف إلى أرشيف الفرص الضائعة، وقد تضحم مع كل تحديا ت القضية الفلسطينية، وللأسف بأياد أصحاب القضية.
مثل الفرص التى أضاعها الرئيس محمود عباس، عندما أصدرت اللجنة الرابعة بالجمعية العامة للأمم المتحدة، قراراّ فى نهاية العام الماضى، بطلب فتوى من محكمة العدل الدولية، عن شرعية وماهية الاحتلال وإنهاء الاستعمار، ومع أهمية هذا القرا ر، لم تتحرك القيادة الفلسطينية، بالضبط مثلما كان تعامله، مع احتفالات لجنة الأمم المتحدة، المعنية بحقوق الشعب الفلسطينى، فى شهر مايو الماضى، بإحياء الذكرى الـ75 للنكبة، وعرضت على العالم صور وفيديوهات، وثقت المجازر التى تعرض لها الفلسطينيون، على أيدى العصابات الصهيونية، ومع ذلك غاب الدور الفلسطينى والعربى معاّ، ونخشى أن يتكرر هذا الغياب، وتضيع فرصة التهديد النووى.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمــــد راغـــب الفرص الضائعة كبح إسرائيل اتجاه الوزير الصهيوني عميحاي إلياهو
إقرأ أيضاً:
الجاسوس الإسرائيلى الذى كان مرشحًا رئيسًا لوزراء سوريا!
فى السطور التالية نسرد تاريخ الجاسوس الإسرائيلى، «إيلى كوهين»، الذى يعد من أخطر جواسيس الموساد الذين عملوا فى دولة عربية وهى سوريا، نظرًا لتمكنه من الوصول إلى أعلى المستويات، والمعلومات الخطيرة التى حصل عليها بعد أن حاز ثقتهم المطلقة:
ولد إلياهو شاؤول كوهين فى الاسكندرية عام ١٩٢٤، ونشأ فى حى اليهود. ثم التحق بجامعة الملك فاروق (جامعة الإسكندرية حاليًا)، لدراسة الهندسة، إلا أنه توقف عن الدراسة قبل التخرج. ليلتحق بمنظمة الشباب اليهودى فى مصر، يدفعه إلى ذلك حماسه للسياسة الصهيونية، فقام بتشجيع اليهود المقيمين فى مصر على الهجرة إلى إسرائيل، وكان من ضمنهم عائلته التى سبقته إلى هناك فى عام ١٩٤٩. فى هذه الأثناء، كان قد بدأ يعمل فى شبكة الجاسوس اليهودى جون دارلينج، حيث نفذ تحت قيادته مع آخرين، سلسلة من التفجيرات فى المنشآت الامريكية، فى كل من القاهرة والاسكندرية، بهدف إفساد العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر. تم القبض عليه للمرة الأولى، مع عدد من اعضاء الشبكة فى عام ١٩٥٤، إلا انه تمكن بطريقة ما من اقناع المحققين المصريين ببراءته، فتم الإفراج عنه. ونجى من السجن فى المرة الثانية فى عام ١٩٥٦، وذلك بعد أن تم القبض عليه بعد العدوان الثلاثى. بعد أن تم إطلاق سراحه للمرة الثانية، هاجر إيلى كوهين إلى إسرائيل عام ١٩٥٧، واستقر فيها، حيث بدأ يعمل لفترة كمحاسب فى بعض الشركات الخاصة، ثم انتقل للعمل لدى وزارة الدفاع كمترجم، وفى عام ١٩٥٩ تزوج من يهودية من أصول عراقية. وفى هذه الأثناء قررت الموساد تجنيده لمهمة تجسسية فى دمشق، فباشروا فى تدريبه بداية على اللهجة السورية، التى لم تكن صعبة عليه نظرًا لإتقانه اللغة العربية، اضافة لإتقانه كل من العبرية والفرنسية بطلاقة. وبدأوا يساعدونه على بناء شخصية مزيفة، تحت اسم كامل أمين ثابت، رجل الأعمال السورى المسلم، والمقيم فى الأرجنتين، كما تعلم القرآن وتعاليم الدين الإسلامى، من أجل إتقان دوره كمسلم، وحفظ إسماء جميع الشخصيات السورية البارزة آنذاك، من سياسيين، وعسكريين، ورجال أعمال. وأخيرًا، تم تدريبه على استخدام اللاسلكى والحبر السرى. وهكذا أصبح جاهزًا لمباشرة شخصيته الجديدة، ودوره التجسسى. وغادر ايلى كوهين اسرائيل فى ٣ يناير ١٩٦١، إلى زيورخ التى كانت محطته الأولى، ومنها توجه إلى العاصمة التشيلية سانتياغو. ومن ثم وصل أخيرًا إلى بيونس آيريس فى الأرجنتين، تحت اسم كامل أمين ثابت، وكان فى انتظاره فى الارجنتين بعض العملاء الاسرائيليين، الذين ساعدوه على أن يستقر فيها بشخصيته الجديدة. ونصحوه بأن يبدأ بتعلم اللغة الإسبانية فورًا، حتى لا ينكشف أمره. وخلال سنة واحدة كان قد بنى علاقات وطيدة، مع الجالية العربية فى الارجنتين، وأصبح شخصية مرموقة بينهم. كما حرص على أن يحضر التجمعات والحفلات، التى يشارك فيها الدبلوماسيين السوريين على نحو خاص. واستغل الفرصة ليشيع بينهم رغبته بالعودة إلى مسقط رأسه، بسبب الحنين إلى وطنه. وبعد أن صفى أعماله فى الارجنتين، وحصل على موافقة الموساد الإسرائيلى، فتوجه إلى دمشق فى يناير ١٩٦٢، وبحوزته كل ما يلزم من معدات تجسس، ليبدأ على الفور مهمته الأساسية. وأول خطوة له فى دمشق، كانت تكوين شبكة علاقات واسعة مع كبار المسؤولين وضباط الجيش، وقيادات حزب البعث. وبعد انضمامه إلى حزب البعث، تحت اسم كامل أمين ثابت، تعرف على أعلى مستويات الدولة، مثل أمين الحافظ رئيس الجمهورية، وصلاح البيطار رئيس الوزراء، وميشيل عفلق رئيس حزب البعث. وما لبثت أن بدأت المعلومات المهمة والخطيرة بالتدفق إلى الموساد، فقد زودهم بمعلومات حساسة عن الأسلحة التى اشترتها سوريا من الاتحاد السوفيتى، وحصل على قوائم بأسماء وتحركات عدد من أهم الضباط السوريين آنذاك. وقد وصل نفوذه إلى حد انه ذهب بصحبة أحد اصدقاءه السوريين، فى جولة داخل التحصينات الدفاعية السورية على جبهة الجولان، وكان ذلك فى سبتمبر ١٩٦٢. وتمكن خلال هذه الزيارة من تصوير جميع التحصينات السورية على الجبهة، باستخدام كاميرا مثبتة بساعة يده، كانت أحدث ما أنتجته أجهزة المخابرات فى ذلك الحين. أما أخطر المعلومات التى سربها ايلى كوهين على الإطلاق، كانت الخطط الدفاعية السورية فى مدينة القنيطرة. تقول بعد المصادر التى تناولت شخصية إيلى كوهين أو كامل أمين ثابت، انه عُرِضَ عليه منصب رئيس الوزراء، وهو منصب على درجة عالية من الحساسية والخطورة. ولكن هذا إن صدق، يدل على الثقة المطلقة التى حازها كوهين من المسؤولين السوريين، علمًا بأن مدة إقامته فى سوريا لم تكن قد تجاوزت الثلاث سنوات، وهذا ما يثير الدهشة، إلا أنه من الجدير بالذكر، بأن «بن جوريون» رئيس وزراء إسرائيل فى ذلك الوقت، أصدر أوامره لإيلى كوهين والموساد برفض هذا المنصب. وفى ديسمبر ١٩٦٥ تم اكتشاف الجاسوس إيلى كوهين عن طريق المخابرات المصرية، حيث تم التقاط صور لبعض المسئولين السوريين برفقة ايلى كوهين، خلال جولته على جبهة الجولان المحتل، وعندما عرضت الصور على المخابرات المصرية، فى ضوء التعاون المخابراتى بين الدولتين، تعرف إليه أحد ضباط المخابرات المصرية، نظرًا لتاريخه فى قضية شبكة جون دارلينج.
وفى ١٨ مايو ١٩٦٥، تم إعدام الجاسوس إيلى كوهين، المعروف باسم كامل أمين ثابت، علنا فى ساحة المرجة بدمشق. وقد كان إعدامه صاعقة للموساد تعيرهم بفشلهم.
محافظ المنوفية الأسبق