[email protected]
هنا استعارة اللفظ من الحاضنة الشرعية؛ لا أكثر، وإسقاط المعنى العام على كثير من ممارساتنا اليومية، وذلك لأن خطورة هذه المسألة أنها تعيدنا دوما إلى مربعنا الأول بمعنى لا تتيح هنا فرصة الاجتهاد أو الخروج عن النص، أو التفكير «خارج الصندوق» وهذه إشكالية موضوعية في تغريب حقيقة المعرفة وسياقاتها الذاهبة إلى تسهيل الحياة، وليس تعقيدها، فالمعرفة قائمة على الخروج عن النص، والذهاب إلى المخاطرة والتجريب، والمحاولة تلو الأخرى، ولعل المستمد من ذلك هو حركة الحياة اليومية، التي لا تخضع كثيرا للتشابه، والتكرار، وإن كان ديمومتها توحي إلى شيء من الثبات، فالشمس تشرق من المشرق، وتواصل سيرها اليومي حتى تصل إلى مغربها؛ هذه الصورة وإن كانت تشي بشيء من الديمومة، ولكن تفاعلات الحياة اليومية تحت مظلتها تشهد تفاعلات غير معتادة، وبعضها صادمة إلى حد عدم القدرة على استيعابها، وما هذه الحركة التي تحدث تحت مظلة الشمس إلا مستمدة من وهج الشمس وأنوارها المضيئة، فحركة الحياة قائمة على النور، وليس على الظلام، يقول الله سبحانه وتعالى: (وجعلنا الليل والنهار آيتين؛ فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم؛ ولتعلموا عدد السنين والحساب، وكل شيء فصلناه تفصيلا) – الآية (12) سورة الإسراء -.
قد يفسر المعنى الضمني «الخروج من الخلاف» إلى التهرب عن تحمل مسؤولية الاستمرارية في البحث عن البدائل الممكنة التي تذهب إلى الأمام، والبحث عن حلول؛ وليس الوقوف عند نقطة بعينها، وتكرار مشهدها في كل مرة، على اعتبار أن هناك خلافا، وأن الخوض في هذا الخلاف سوف يؤدي إلى كثير من الاختلاف، بينما يفترض أن البحث في جذور الخلاف هو الوصول إلى فهم أو معنى، أو مرحلة من «اللا خلاف» والمشكلة هنا أن هناك تجذرا لثقافة الاستسلام، أو ثقافة الكسل، أو عدم الاهتمام بالقضايا العامة، ويكفي الفرد منا أن يعيش أسير قضاياه الخاصة، ولا يهم، فـ «للخروج من الخلاف» عليك أن تنحاز إلى الخيار الذي لا يكلفك الكثير من المشقة، أو يذهب بك إلى مآلات قد لا تكون معرفتك، ووعيك، وتجربتك في الحياة تتيح لك القدرة على أن تختار ما تراه أنت، لا كما يشار لك بالأخذ به، وبالتالي فإن تختار ما تراه أنت يحتاج إلى كثير من الجهد المعرفي، ومن القدرة على التفريق بين الخطأ والصواب، أو بين الصواب والأصوب، وهذا ليس أمرا سهلا على الإطلاق؛ ربما قد يصل إليه المجتهدون، الذين يعقدون العزم دوما على الوصول إلى مرحلة من اللا خلاف، وهم قلة بالقياس على عدد الناس في المجتمع الواحد.
لذلك فالغالبية من الناس تركن كثيرا إلى السهل وإن كان ممتنعا؛ حيث تكفيهم متعة الاستسهال للمضي فيما يودون عمله في تلك اللحظة، ولا يهم بعد ذلك إن كان ذلك يوافق نصا؛ في الشرع أو القانون، أو عرفا؛ اجتماعيا، ويتهربون أكثر من الولوج في المسائل الخلافية، على اعتبار أنها مختص بها فئة من الناس، إما أن تكون هذه الفئة من ذوات المعرفة، أو الاختصاص، أو الوجاهة، ويذهب – هؤلاء الناس – إلى ما يبسط لهم سبل حيواتهم اليومية، ولذلك سوف تبقى المسائل الخلافية في شؤون الحياة المختلفة؛ كما هي تتناسل ولا تنقطع، وتعرقل المسارات؛ التي يتوق الناس لأن تكون آمنة، لا تجعلهم في حالة مستنفرة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
أصرت عليه حماس..الخلاف على مروان البرغوثي يمنع تقدم المفاوضات على الهدنة في غزة
قالت مصادر مطلعة إن الوفد الإسرائيلي المفاوض على وقف إطلاق النار في غزة لا يزال في قطر، وسط مؤشرات على تقدم في المحادثات بشكل عام.
وقالت المصادر لهيئة البث الإسرائيلية "كان" إن الخلافات الأبرز بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي تتمحور حول "السجناء الأمنيين الفلسطينيين الذين تطالب إسرائيل باستثنائهم من الصفقة".وفي هذا السياق، أكد مصدر أن إسرائيل ترفض الإفراج عن مروان البرغوثي، الذي يعتبر من أبرز القيادات الفلسطينية، من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي.
ومن جانبها قالت مراسلة "كان" إن المحادثات مستمرة رغم التحديات، وأن الأطراف المعنية تحتاج إلى مزيد من الوقت لتجاوز الخلافات، ورغم إحراز تقدم نسبي، إلا أن القضايا العالقة تتطلب جهودًا إضافية للتوصل إلى اتفاق شامل.
مصدر سياسي في اورشليم القدس يؤكد إن السجين الامني مروان البرغوثي لن يطلق سراحه اذا ما اصبحت الظروف مواتية لابرام صفقة التبادل، فهو لن يكون ضمن الذين سيفرج عنهمhttps://t.co/v6ugKH3ppV pic.twitter.com/mZtJWRjP4h
— مكان الأخبار (@News_Makan) December 22, 2024وتأتي هذه التطورات في ظل ترقب إقليمي ودولي كبير، حيث تشكل صفقة التبادل المرتقبة خطوة مهمة في تهدئة الأوضاع وتعزيز فرص تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.