إعداد: سيباستيان سايبت | عمر التيس تابِع إعلان اقرأ المزيد

لم نعد نتحدث عن أمر استثنائي. فقد ضرب الجيش الأمريكي الأربعاء أهدافا "مرتبطة" بإيران في سوريا، وهذا ثاني تدخل للطائرات العسكرية الأمريكية بالمنطقة في غضون أسبوعين.

وتلقي هذه الهجمات الضوء على صعوبة دور "التوازن" الذي تسعى واشنطن لأدائه لحماية مصالحها في المنطقة مع التحرك بحذر، والسعي في نفس الوقت إلى عدم تأجيج الحرب بين إسرائيل وحماس، والتي تهدد بالتحول إلى نزاع إقليمي.

بعد الضربة الأمريكية الجديدة على سوريا، يبدو أن واشنطن تختار بعناية الألفاظ التي تستخدمها في محاولة للحد من توسع الاحتقان، وقال البيت الأبيض في معرض حديثه عن الضربة إن "القوات الأمريكية نفذت ضربة في إطار الدفاع الشرعي عن النفس ضد منشأة في شرق سوريا يستخدمها الحرس الثوري الإيراني والمجموعات المنضوية تحته".

البحث عن أخف الأضرار

أدلى  المسؤولون العسكريون الأمريكيون بتصريحات إعلامية هدفها التأكيد مرة أخرة على الطابع المحدود لهذه العملية العسكرية، إذ صرح أحدهم لقناة "سي أن أن" (من دون الكشف عن هويته): "نحن على يقين بأن هذه الضربة لم تتسبب في سقوط ضحايا مدنيين". وأضاف أن واشنطن استخدمت خلالها ما يسمى "خط تواصل لتفادي نزاع" (مع روسيا) - وهي عبارة تستخدم للإشارة إلى خط تواصل خاص بين موسكو وواشنطن لتفادي أي "مفاجأة" عسكرية في سوريا.

"من الواضح أن الهدف من الضربة هو الردع" وفق روبرت غيست بينفولد الأستاذ المتخصص في المسائل الأمنية والعسكرية بجامعة دورهام في إسرائيل، والدليل أنها خلفت "أقل أضرار ممكنة، فيما أنه -في زمن الحرب- يكون الهدف إحداث أكبر قدر من الدمار".

بعد بدء الحرب بين حماس وإسرائيل عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، استهدفت ضربتان جويتان أمريكيتان في كل مرة مخزن ذخائر ومخابئ أسلحة لجماعات مرتبطة بإيران، كما أكدت المخابرات الأمريكية. وبالنسبة لفيرونيكا بونيشياكوفا الخبيرة في المسائل العسكرية في الشرق الأوسط في جامعة بورتسموث، "يمكن وصف هذه الأهداف بأنها محدودة الأثر"، إذ يبقى خطر الخسائر الجانبية ووقوع ضحايا مدنيين محدودا. فيما يعود بينفولد ليؤكد أن "الجيش الأمريكي كان حريصا على انتظار حلول المساء ليتأكد من أن الأشخاص العاملين في المكان قد غادروه".

 

اقرأ أيضاسيناريوهات الرد على حماس.. "القضاء على الحركة بالكامل يحتاج لوقت ولقرارات تتجاوز إسرائيل"

 

منذ إرسال حاملات طائرات على متنها أكثر من ألف جندي إلى المنطقة، يعلم الجيش الأمريكي أنه يتحرك فوق رمال متحركة. رسميا، يهدف استعراض القوة هذا بالأساس إلى "ردع حماس وإيران عن فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل'' وفق بونيشياكوفا.

ولكن مجرد حضور حاملة طائرات أمريكية في عرض السواحل الإسرائيلية "يصعد من الاحتقان ويزيد من خطر وقوع حوادث" وفق بينفولد، حيث يُنظر إلى إرسال قوات عسكرية بهذا الحجم على أنه استعراض للدعم الأمريكي للمجهود الحربي الإسرائيلي ويزيد من "شرعية" الهجمات ضد المصالح الأمريكية في المنطقة، بالنسبة إلى المجموعات المقاتلة المقربة من إيران.

 

ما هي حدود قدرة الردع الأمريكي؟

عسكريا، تجد الولايات المتحدة نفسها مجبرة على إدارة "ردع مزدوج": منع الهجمات ضد مواقعها في الشرق الأوسط "والقيام بكل ما في وسعها حتى تبقى الحرب داخل قطاع غزة" وفق تقييم بينفولد.

لكن فيرونيكا بونيشياكوفا ترى أن المشكل يكمن في أن "الردع لا يكون مجديا إلا عندما نواجه فاعلين عقلانيين يمكن توقع ردود فعلهم، وهو ما لا ينطبق بالضرورة على جماعات وحركات موالية لإيران كحزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن".

وكان زعيم حزب الله حسن نصر الله أكد في كلمته في 3 نوفمبر/تشرين الثاني أنه "لا يشعر بأنه مهدد بمجرد وجود البواخر الحربية الأمريكية" وأن جماعته "مستعدة لمواجهة" التهديد. وترى بونيشياكوفا أن الغاية من هذا التصريح هو القول بأن "حزب الله لن يتوانى عن استخدام صواريخه المضادة للسفن".

وفي مثال آخر عن حدود قدرة الردع الأمريكي، لم تتسبب الضربة الأمريكية على سوريا في 26 تشرين الأول/ أكتوبر في منع الهجمات ضد "مصالح" واشنطن، بل على العكس. فقد تم تنفيذ نحو 40 هجوما ضد قواعد أو مسيرات أمريكية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، "22 منها وقعت بعد الغارة الأمريكية الأولى" وفق صحيفة نيويورك تايمز. إلى ذلك، "ستستخدم المليشيات المقربة من إيران متفجرات أكثر قوة لاستهداف القواعد الأمريكية" وفق الصحيفة.

ويشري بينفولد "كان عادة نوع من التوازن في مجال الدرع، ما يعني وجود اتفاق ضمني بين الطرفين حول ما هو جائز عسكريا، دون تصعيد. وهنا، لدينا انطباع بأن نقطة التوازن هذه لم تتوفر بعد". بعبارة أخرى، كل طرف بصدد اختبار حدود الطرف المقابل.

خط أحمر

يلفت بينفولد إلى أنه يجب توقع استعراضات قوة أمريكية جديدة وهجمات ضد مصالح واشنطن ستؤدي إلى "تصعيد بطيء للاحتقان دون وقوع انفجار للوضع''.

الجميع يعمل على تجاوز الخط الأحمر. "بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ذلك يعني عدم إنزال قواتها على الأرض" وفق رؤية بونيشياكوفا. في المقابل، طالما لم تسقط صواريخ على مدينة إسرائيلية، ولم يسقط ضحايا أمريكيون أو "لم يستهدف حزب الله البواخر الأمريكية، يمكن تفادي اشتعال المنطقة".

"إنها لعبة خطيرة جدا في ظل وجود عدة عوامل يستحيل السيطرة عليها 100 بالمئة في كل هجوم" وفق خلاصة روبرت جيست بينفولد. وبالتالي، فإن العمليات الأمريكية تبقى مرتبطة بجودة المعلومات الاستخباراتية التي تجمعها مصالحها -وهي قابلة للخطأ- لتفادي وقوع ضحايا خلال غاراتها. ويخلص بينفولد إلى القول: "عندما يطلق الحوثيون صواريخ على الأراضي الإسرائيلية، فإنهم يتوقعون أن يتم اعتراضها. ولكن ذلك ليس مضمونا بشكل تام وفي حال سقوط إحدى صواريخهم على مدينة إسرائيلية، يمكن أن يحدث تصعيد في النزاع".

 

أعده بالفرنسية سيباستيان سايبت ا نقله إلى العربية بتصرف عمر التيس

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج الحرب بين حماس وإسرائيل للمزيد غزة سوريا الجيش الأمريكي إيران فلسطين إسرائيل

إقرأ أيضاً:

تعليقاً على مقال:” عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد*

بسم الله الرحمن الرحيم

تعليقاً على مقال:" عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد*

عامان من الحرب كللت بالحفاظ على السودان ،ودحر المرتزقة، يا دكتور فيصل.

ا.د. أحمد محمد احمد الجلي

بداية لابد من القول، بان كاتب المقال يساوي بين "طرفي الحرب"،متجاهلا ان هناك طرف تمثله القوات المسلحة، التي لها قوانين ضابطة وقيم معينة ونظم ملزمة وملتزمة بها،ولم يعرف عنها طيلة تاريخها الذي يمتد الى ما يقارب قرناً من الزمان، اي خرق لتلك القيم اوتجاوز لتلك القوانين.وفي المقابل هناك مليشيا تمردت على القوات المسلحة وعلى الدولة السودانية ،وتاريخها القريب والبعيد مليء بالجرائم، وفي هذه الحرب الدائرة الان خططت للانقلاب على الدولة السودانية، وحاولت عن طريق السلاح والحرب القضاء عليها ، ومحو هوية الشعب السوداني،وارتكبت في سبيل ذلك، ما هو معلوم لدى كل السودانيين ، وليس بين السودانيين من نجا من السلوك الاجرامي لهذه المليشيا المتمردة.وفي مقاله قارن الكاتب بين ما قامت به المليشيا وما صدر عن القوات المسلحة ،ولم يميز بين الطرفين، وتجاهل ان المليشيا هي التي بدات الحرب وتعدت على مرافق الدولة وعلى بيوت المواطنين وممتلكاتهم،كما هو موثق لدى المنظمات الدولية العدلية، ومشاهد لكل ذي بصر وبصيرة.
وذكر الكاتب الخسائر البشرية والمادية،وان آلاف الشباب من أبناء السودان فقدوا أرواحهم في الحرب، ونزح الملايين من مدنهم وقراهم، ولجأ مئات الآلاف لدول الجوار. دُمّرت البنيات الأساسية؛ مصانع ومساكن، طرق وجسور، مطارات، ومحطات كهرباء ومياه، جامعات ومدارس ومستشفيات، ولكن لم يشر الى من فعل ذلك وارتكب تلك الجرائم،الا على استحياء وقرن تلك الجرائم بما قام به الجيش ،ولم ير وجاهة لتبرير ذلك بل قال: إن قصف سلاح الطيران القرى والأسواق في دارفور يتم التبرير لذلك بأن هذه حواضن اجتماعية لـ«الدعم السريع». وإن تمت تصفية مدنيين في المناطق التي استعادها الجيش، تأتي التبريرات بأن هؤلاء كانوا متعاونين مع «الدعم السريع» حين احتلت قراهم ومناطقهم، ومن بينهم بائعات الأطعمة والشاي.وعبر عن حسرته على من يدافع عن موقف الجيش ومن معه من المستفرين والمقاومة الشعبية ،ويقول:" الأقسى من كل ذلك أن يتورط صحافيون وسياسيون وكتّاب في الترويج لهذه الجرائم، ويسموا الطيارين الحربيين «صنّاع الكباب»، في إشارة للجثث المحترقة بعد القصف!!!
وبعد ذلك اشار الكاتب الى هجوم «قوات الدعم السريع» على معسكر «زمزم» للنازحين في ضواحي مدينة الفاشر. وكعادة «قوات الدعم السريع»، لم تفرق بين عسكري ومدني، ولا بين رجل وامرأة وطفل؛ كان الجميع هدفاً للرصاص المنهمر من كل ناحية، والحرائق التي أحالت المساكن المؤقتة إلى خراب، واورد ما يعتبر تبريرا لهجوم المليشيا على المعسكر بان القوات المشتركة تتواجد في بعض أجزائه،.ولم ينس حادثة استشهاد ايقونة المقاومة الدكتورة هنادي ،وانه بينما رأى فيها البعض رمزاً للمقاومة، رأى البعض الآخر فيها نموذجاً للشباب الغض الذي راح ضحية للحرب، وهناك من قدم الموقف السياسي قبل كل شيء، ورأى أنها مقاتلة كانت مع الصف الآخر، وبالتالي تستحق الموت!. ولم يدين بوضوح مقتل الشهيدة،ويبين رأيه في ذلك، واحسب انه وقف على الحياد في مثل هذا الموقف الانساني!!!.
كما حاول كاتب المقال، ان يبرر حصار المليشيا للفاشر بأن الحركات المسلحة لم تلتزم بالحياد ،ودخلت الحرب ،فيقول:كانت هناك فرصة أن تبقى المدينة بعيداً عن الحرب أضاعتها الحركات المسلحة التي أعلنت دخولها الحرب بعد فترة من الحياد، ومنذ ذلك الوقت لم ترَ المدينة يوماً واحداً هادئاً."
ولا ادرى ماذا كان يتوقع الكاتب ان تقف تلك الحركات متفرجة على ما يقوم به الجنجويد من مذابح ،وما يمارسونه من انتهاكات لاهل الفاشر الذين هم اهل تلك الحركات!! "
وما عنوان مقاله "لم ينجح احد"، الا دلالة على تحيزه المبطن ضد القوات المسلحة ،ويفضح ذلك قوله: "فبعد عامين من الحرب لم يتغير الموقف والرؤية للحرب؛ فهي سباق في الخسارة والفقدان" ،والكاتب بذلك يتجاهل التضحيات التي قدمتها القوات المسلحة والفيئات التي تقاتل معها ، وما حققوه من انتصارات في الخرطوم والجزيرة وغيرها من ولايات السودان،ودحر للمليشيا واخراجها من العاصمة الخرطوم ،ومن بيوت المواطنين ومؤسسات الدولة ومقارها ،وبذلك يمكن القول بأنه قد نجح الوطنيون وانتصر المرابطون المجاهدون، من عسكريين ومدنيين، القابضون على الزناد والبندقية، ،وفشل أصحاب مشروع هدم السودان واحتلاله واستيطانه بدلا من مواطنية،كما فشل الذين ربطوا مستقبلهم السياسي بمليشيا ال دقلو،ومنتظرين ان يجيبوا لهم الديمقراطية والحكم المدني ،ويجلسوهم على كراسي الحكم مرة ثانية،وهيهات !!!، فقد خاب أملهم جميعا ،ونجح الوطنيون والمجاهدون ممن حملوا السلاح دفاعا عن ارضهم وعرضهم،نجحوا في الحفاظ على بلدهم وسينجحون باذن الله في بناء دولتهم واعمارها ،ولا نامت اعين الجبناء والعملاء الذين اعتمدوا على دويلة الشر والمليشيا الارهابية في عودتهم منتصرين لتكرارا تجاربهم الفاشلة!!!
فالصراع العسكري الداير الآن، ليس صراعا بين جنرالين (حميدتي والبرهان)، كما حاول المنهزمون تصويره ، بل صراع بين الجيش ومن ورائه الشعب السوداني ،وبين مرتزقة اجانب استجلبوا مِن تشاد والنيجر والكاميرون وأفريقيا الوسطي وجنوب ليبيا وبوركينا فاسو ونيجيريا وموريتانيا وحتي السنغال في أقصي غرب أفريقيا، بهدف توطينهم ،واقامة دولة بديلة للدولة السودانية،ومن ثم فإن الحرب هي حرب الأمة السودانية وجيشها، ضد مشروع يهدف الى القضاء على الدولة السودانية، وعلى الساسة السودانيين على اختلاف اتجاهاتهم وايديولوجياتهم ادراك هذه الحقيقة ،وأن يتركوا خلافاتهم التافهة جانبا،وان يؤجلوا مشاريعهم السياسية الفاشلة، وان يوحدوا صفوفهم ،ويعملوا يدا واحدة على منع الجنجويد من تحقيق أهدافهم ،لأن في تحقيق تلك الاهداف نهاية للدولة السودانية،ووجود السودانيين كشعب له هوية وثقافة وذاكرة تاريخية. وليس من سبيل الى افشال مشروع الجنجويد، ومن يدفع بهم ويقف وراءهم،الا بالاصطفاف مع القوات المسلحة،ومن يشاركها شرف الدفاع عن الوطن،وانها ومن معها، تمثل الجهة الوطنية التي تتصدى لذلك المشروع ،والعمل على هزيمته ودفعه،لانه اذا انتصر حميدتي ومليشيته ومن يدفع به، لا قدر الله ، فسيصبح مستقبل السودان في مهب الريح.ولن يجد الفرقاء المتشاكسون وطناً يختلفون حوله. "والله غالب على أمره، ولكن اكثر الناس لا يعلمون".
ا.د. أحمد محمد احمد الجلي
*تعليقا على مقال:" عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد:"دكتور/ فيصل محمد صالح،منشور على موقع سودانايل علي الرابط التالي:
https://sudanile.com/%d8%b9%d8%a7%d9%85%d8%a7%d9%86-%d9%85%d9%86-%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7%d9%86-%d9%84%d9%85-%d9%8a%d9%86%d8%ac%d8%ad-%d8%a3%d8%ad%d8%af

ahmedm.algali@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • تفاصيل مسودة اتفاق وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس
  • أمريكا تعترف بفشل حملتها على اليمن: صنعاء تفرض معادلة الردع البحري وتربك الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية
  • صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تصحح مقالا روّجت فيه لمزاعم مغربية بوجود مقاتلين صحراويين في سوريا
  • طيران الإمارات توسع نطاق برنامج «تجربة السفر» لذوي التوحد
  • القوات المسلحة اليمنية توسع نطاق هجماتها ضد الاحتلال الإسرائيلي
  • اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
  • المعركة اليمنية تكتب شهادة وفاة الهيمنة الأمريكية: الصين ترصد التراجع الأمريكي وموسكو تراقب صعود صنعاء
  • تعليقاً على مقال:” عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد*
  • القاهرة الإخبارية: إسرائيل توسع نطاق ضرباتها الجوية إلى جبل لبنان
  • تقليص الوجود الأمريكي في سوريا.. قراءة في تفاهمات غير معلنة