لارا إبراهيم أثار مقتل الطفل “نائل المرزوقي” الفرنسي من أصول جزائرية والبالغ من العمر 17 سنة فقط يوم الثلاثاء الماضي على يد شرطي مرور في ضاحية “نانتير” بفرنسا قلقا وتوترا كبيران في أرجاء البلاد. حيث أدت عملية القتل إلى اندلاع فوضى عارمة في دولة الفرنجة تتمثل في أعمال شغب وحرق للمحلات والسيارات كردة فعل ساخطة على هذه الغلطة الكارثية التي اعتبرها مسلمو فرنسا بالعنصرية القائمة على أزمة الهوية.
فرنسا قامت باتخاذ إجراءات أمنية احترازية ومعززة لاحتواء الموقف الأمني الذي بدأ يخرج عن زمام السيطرة حيث نشرت حوالي 45 ألف شرطي بالإضافة إلى مركبات مدرعة ومروحيات ميدانية علاوة على فرض حظر التجوال الليلي في أكثر من 20 مدينة بضواحي العاصمة باريس. أدى مقتل نائل إلى أن تقوم القيامة وألا تقعد في فرنسا
خاصة بين صفوف المجتمع المدني المسلم في البلاد والذين ارتأوا أن الشرطة الفرنسية وضعت نفسها في موقف محرج جدا أدى إلى زعزعة الثقة بين الفرنسيين وجهاتهم الأمنية والقضائية وأن العزاء في المقتول لن يقبل قبل أن تتم محاسبة كل من كان له علاقة بالأمر محاسبة عسيرة. حيث يجب التنويه إلى أن استشهاد نائل هو بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير وذلك بسبب الظروف غير الإنسانية والقاسية التي يعيشها المهاجرون خاصة العرب والمسلمين منهم سواء من الناحية المادية أو حتى المجتمعية حيث أصبحت فرنسا من أكثر الدول التي تدعو إلى خطابات الكراهية والاسلاموفوبيا في أوروبا. تعد فرنسا من أكثر الدول الأوروبية التي تعاني من أزمة في الهوية، حيث أنها دولة معروفة بالتاريخ الطويل للهجرة وذلك يعود لأسباب تتمثل في الاستعمار الفرنسي الطويل لدول معينة وحاجة البلاد الملحة للعمالة الأجنبية التي تقوي النشاط الاقتصادي. لكن الجدير بالذكر أن فرنسا دائما ما تركز على الجوانب السلبية للهجرة خاصة تلك المتعلقة بالفئات المسلمة من المهاجرين وتصور قضيتهم كحاجز نفسي وسياسي قوي خصيصا بعد سنة 2016 التي شهدت زيادة في عدد المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي في الإتحاد الأوروبي وذلك مع الإغفال المتعمد للثمار الإيجابية التي جلبتها الهجرة من خبرات أجنبية مهمة تعد الرافعة البشرية لعصب الاقتصاد الفرنسي مما يشكل استفزازا حقيقيا للمهاجرين. يعاني المهاجرون المسلمون في أوروبا وفرنسا بالذات بما يعرف في علم الاجتماع بالنظام المرجعي المزدوج والذي عادة ما يكون متناقضا. هذا ويتم النظر الى المهاجرين في فرنسا كعرب والتمييز ضدهم وأما في أوطانهم الأصلية فيتم تصنيفهم والتعامل معهم على أساس أنهم مواطنين فرنسيين مما يخلق لديهم أزمة هوية وتضعهم في وضع صعب ومرير يتمثل في الارتباك بين الهويتين. كما تعاني شريحة لا يستهان بها من المهاجرين العرب في فرنسا من زيادة في نسبة البطالة وصعوبة بالغة في تلقي الخدمات العمومية كالصحة والعلاج مما يؤدي إلى تفاقم مشاكل مجتمعية كزيادة الجرائم الناجمة عن الفقر وهذا ما يزيد المقاومة الشعبية السلبية ضد تلك الفئات وينتج عنه أنواع مختلفة من الصراعات خاصة حينما يلعب الإعلام المحلي عنصر تأجيج وتأليب على المهاجرين المسلمين. تشير الدراسات في علم الجغرافيا السياسية إلى أن المهاجرين العرب والمسلمين لديهم رغبة في الاندماج وسط المجتمع الفرنسي كمواطنين أو مقيمين ذوي دور إيجابي فيه إلا أن الحرب حامية الوطيس التي تشن لطمس هويتهم العربية من عنصرية وتمييز تجعلهم غير قادرين على الاندماج في النسيج المجتمعي الموحد وهذه ظاهرة يجب دراستها أكثر سواء من رواد علم الاجتماع أو الجغرافيا السياسية. حيث تظهر الدراسات ارتفاعا في معدلات الإكتاب والأمراض النفسية الناجمة عن التفرقة وهذا ما حدث مثلا في قضية مقتل الطفل نائل والذي أكد البعض فيها أنه تم التهاون في عملية إطلاق الرصاص عليه نظرا لأنه يحمل ملامح عربية وأن الوضع كان سيكون مختلفا إذا كان المشتبه به فرنسي الأصل. هذا ونجد بلغة الأرقام أن التفرقة العنصرية في فرنسا تؤثر على الصحة العقلية ل 7 ملايين مواطن من أصول عربية ومسلمة. هذا وتتعرض العديد من وسائل الإعلام الفرنسية إلى انتقادات لاذعة نظرا لنشرها ما يعرف بخطاب الكراهية ضد العرب والمسلمين خاصة من قبل اليمين واليمين المتطرف الذي لا ينفك عن التحريض ضد المسلمين ببرامج تلفزيونية تعرض ساعات الذروة وتحمل خطابات عاطفية ومحتوى اعلامي منافي للقواعد الإعلامية القائمة على تقديم كل ما هو موضوعي وعقلاني خاصة وأن فرنسا تقدم نفسها كدولة علمانية. هذا ويعتبر الخطاب الإعلامي والسياسي الفرنسي الحاقد والإقصائي المسؤول الأول على زيادة الغضب وسط المجتمع المدني العربي والمسلم حيث عمل على تأييد معنوي لليد التي قتلت نائل وخطورة هذا الخطاب في فرنسا تتمثل في عدم وجود خطاب معارض ومقاوم لهذه الأفكار. صحفية تونسية
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي التركي يقرر مجددا إبقاء سعر الفائدة عند 50 بالمئة
قرر البنك المركزي التركي، الخميس، الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة عند 50 بالمئة مثلما كان متوقعا، وذلك في ظل اتباع الحكومة التركية سياسة التشديد النقدي من أجل مكافحة معدلات التضخم المرتفعة.
وشدد البنك المركزي، في بيان، بعد اجتماع لجنة السياسات النقدية، على أنه "سيظل في حالة يقظة شديدة لمخاطر التضخم قبل دورة التيسير النقدي المتوقعة في الشهور المقبلة".
وأضاف "سنحدد مستوى سعر الفائدة بطريقة تضمن التشديد النقدي الذي يتطلبه المسار المتوقع لخفض التضخم مع الأخذ في الاعتبار التضخم المحقق والمتوقع".
وارتفعت الليرة قليلا إلى 34.5250 مقابل الدولار بعد إعلان البنك، لكنها ظلت منخفضة خلال اليوم.
وبذلك، يكون البنك المركزي حافظ على سعر الفائدة دون تغيير عند 50 بالمئة للشهر الثامن على التوالي، وذلك بعدما قرر رفعه 500 نقطة أساس في آذار /مارس الماضي.
وفي أيلول /سبتمبر الماضي، كشفت الحكومة التركية، النقاب عن برنامج اقتصادي متوسط المدى من المقرر أن يجري تنفيذه خلال الفترة 2025- 2027، بهدف خفض نسب التضخم إلى فئة الآحاد وتعزيز النمو الاقتصادي وتقليل معدلات البطالة وزيادة الاستثمار القائم على الإنتاجية والتوظيف والإنتاج.
يأتي ذلك ضمن خطة اقتصادية يقودها بشكل أساسي فريق اقتصادي، مكون من وزير المالية محمد شيمشك، ونائب الرئيس جودت يلماز، ورئيس البنك المركزي فاتح قرة خان.
وتمثل برنامج الفريق الاقتصادي الجديد الذي شكله الرئيس رجب طيب أردوغان بعد إعادة انتخابه في أيار/ مايو 2023، في التخلي عن السياسة غير التقليدية بالإبقاء على الفائدة منخفضة لصالح إطلاق العنان لنهج تشديد السياسة النقدية، الأمر الذي تلاه على مدى الشهور اللاحقة رفع سعر الفائدة الرئيسي على دفعات متتالية من 8.5 بالمئة إلى 50 بالمئة.