مع امتداد حملة القصف الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة إلى شهرها الثاني، استدعت عدة دول دبلوماسييها من تل أبيب بسبب اتهامات بارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب فظيعة، بحسب ما ذكرت إذاعة "صوت أمريكا".

وقالت الوزيرة المكلفة بالشؤون الرئاسية في جنوب إفريقيا خومبودزو نتشافيني، في تصريحات للصحفيين يوم الاثنين الماضي، أنه لا يمكن التسامح مع ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في ظل صمت المجتمع الدولي.

واستدعت تركيا وتشاد والأردن وبوليفيا وتشيلي والبحرين وكولومبيا وهندوراس دبلوماسييها من إسرائيل احتجاجا على ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين  وحجم الدمار الكبير الناتج عن القصف الإسرائيلي.

وقتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 10,000 فلسطيني في غزة، بينهم أكثر من 4,000 طفلا، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية .

وقتل مقاتلو المقاومة الفلسطينية أكثر من 1400 إسرائيلي واختطفوا أكثر من 200 آخرين في إسرائيل الشهر الماضي.

وهرعت الولايات المتحدة، الحليف القوي لإسرائيل تاريخيا، إلى دعم إسرائيل بمبلغ 14 مليار دولار كمساعدات طارئة بالإضافة إلى 3.3 مليار دولار سنويا كمساعدات. كما استخدمت حق النقض (الفيتو) لحماية إسرائيل من القرارات الحاسمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وفي الشهر الماضي، صوتت 120 دولة من الأعضاء في الأمم المتحدة لصالح وقف فوري لإطلاق النار في غزة، لكن الولايات المتحدة و 12 دولة أخرى صوتت ضد القرار.

وقال ويليام روبوك، السفير الأمريكي السابق لدي البحرين، في تصريحات نشرتها الإذاعة: "في الوقت الحالي، تبدو الولايات المتحدة معزولة دبلوماسيا إلى حد ما."

وأضاف: "أعتقد أنه وضع مؤقت يعكس الخلافات حول موعد الدعوة إلى وقف إطلاق النار ودخوله حيز التنفيذ."

فيما قالت سارة باركنسون، أستاذة الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكينز الأمريكية، في تصريحات نشرتها "صوت أمريكا": "إن الحجم الهائل للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة والاستهداف المتزايد للفلسطينيين من قبل المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، من المرجح أن يدفع المزيد من الدول إلى النظر في التحركات الدبلوماسية مثل الإدانة العلنية، وتأخير محادثات التطبيع، أو قطع العلاقات الدبلوماسية."

خلال الشهر الجاري، تترأس الصين اجتماعات مجلس الأمن الدولي، حيث استخدم الدبلوماسيون الأمريكيون والروس والصينيون الفيتو ضد مشاريع قرارات متنافسة تهدف إلى معالجة الأزمة.

وقال وانج وين بين المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، يوم الثلاثاء الماضي، "بصفتها الرئيس الدوري لمجلس الأمن، ستواصل الصين العمل مع الأطراف المعنية لتحفيز عمل مجلس الأمن المسؤول ولعب دور نشط وبناء في وقف الأعمال العدائية، وتخفيف الوضع الإنساني، وتحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي الدائم في نهاية المطاف من خلال حل الدولتين ".

في حين أن الدعوة إلى وقف إطلاق النار تحظى بتأييد واسع بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فإن الوصول لإجماع عليها بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن صعبا إن لم يكن مستحيلا.

وقال ستيفن والت، أستاذ الشؤون الدولية في كلية كينيدي بجامعة هارفارد الأمريكية، في تصريحات نشرتها الإذاعة: "إن التهديد باستخدام الفيتو الأمريكي سيجعل من المستحيل على الصين إخراج أي شيء من مجلس الأمن ينتقد إسرائيل، ولكن إذا استمر القتال وخلصت واشنطن إلى أن هذا يضر بموقفها، قد تتمكن الصين من الحصول على قرار لوقف إطلاق النار يتخذ موقفا محايدا".

وأضاف والت: "بالنسبة لبعض الدول، يبدو الأمر وكأنه نفاق غربي عندما يتم إدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بشدة، لكن لا يتم إدانة الاحتلال الإسرائيلي لغزة".

وقال الخبراء أنه في كل مرة تشارك فيها إسرائيل في حرب، تقوم الولايات المتحدة بحمايتها في الأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى حتى على حساب الظهور بمظهر منعزل.

وخلال الشهر الماضي، عندما أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، جولة في الشرق الأوسط مرتين، رأى حلفاء الولايات المتحدة مثل الأردن وتركيا ينتقدون دعم واشنطن بلا تحفظ لإسرائيل.

في حين أن الفيتو قد أصاب مجلس الأمن بالشلل تقريبا بشأن أزمة غزة، فقد تظاهر مئات الآلاف من الأشخاص في مدن حول العالم للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار.

وشارك عشرات الآلاف من الأشخاص في مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في واشنطن، يوم السبت الماضي، وكانوا على بعد ميلين من مبنى وزارة الخارجية، مطالبين بإنهاء المساعدات الأمريكية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة الاحتلال الإسرائيلي الولايات المتحدة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة فی تصریحات مجلس الأمن أکثر من

إقرأ أيضاً:

حماية السيادة الوطنية في ميثاق الأمم المتحدة

د. فيصل عبدالرحمن علي طه
ftaha39@gmail.com

لقد وفّر ميثاق الأمم المتحدة الحماية للسكسوفيادة الوطنية في فقرتين: الفقرة 4 من المادة 2 ، والفقرة 7 من نفس المادة. وسنتناول فيما يلي هاتين الفقرتين بالتفصيل والتعليق.

(1)

تقضي الفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة بأن يمتنعَ أعضاءُ الهيئة في علاقاتهم الدولية عن التهديدِ باستعمال القوّة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلالِ السياسي لأي دولةٍ أو على أية وجهٍ آخرَ لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة. يمثل هذا الحكم حجر الزاوية في نظام الميثاق. تُستثنى من حظر استخدام القوة الاجراءاتُ القمعية التي يتخذها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من الميثاق وكذلك ممارسة حق الدفاع عن النفس في إطار الضوابط المنصوص عليها في المادة 51 من الميثاق. وتحظر المادة 53 على التنظيمات والوكالات الاقليمية القيام بأي عمل من أعمال القمع بدون إذنٍ من مجلس الأمن.

(2)

بالرغم مما تقدم، لم تَحمِ الفقرة 4 من المادة 2 سيادة العراق من غزو تحالف (الراغبين) في 20 مارس 2003 بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بدون تفويض من مجلس الأمن. وكان من بين مبررات ذلك الغزو استمرارُ العراق في امتلاك وتصنيع أسلحة الدمار الشامل. كما لم تحمِ الفقرة 4 من المادة 2 سيادة جمهورية يوغسلافيا الاتحادية في مارس 1999 عندما شن حلف شمال الاطلسي غارات جوية على صربيا بدون تفويض من مجلس الأمن بدعوى الحؤول دون وقوع كارثة إنسانية في إقليم كوسوفو.

(3)

كما نوقشت هجمات منظمة حلف شمال الاطلسي على كوسوفو بدون ترخيص من مجلسِ الأمن باعتباره الهيئة المخولة استعمال القوة بموجب القانون الدولي، في اجتماع مجلس الأمن في 24 مارس 1999. في هذا الصدد قال مندوب الاتحاد الروسي إن الاستخدام الانفرادي للقوة ضد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية ذات السيادة لا يرتكز على الميثاق ولا على أية قواعد معترف بها في القانون الدولي. ووصف مندوب الصين مسألة كوسوفو بأنها داخلية ويجب أن تتم تسويتها على أساس احترام سيادة جمهورية يوغسلافيا الاتحادية وسلامتها الاقليمية.

(4)

وأما موقف دول حلف شمال الاطلسي فقد عبّر عنه – ضمن آخرين - مندوبُ هولندا بقوله: (( إنه كان من الأفضل الاستناد إلى قرارٍ محددٍ من مجلس الأمن. وإذا لم يكن بالإمكان إتخاذ قرار مثل هذا بسبب التفسير المُتصلِّب لمفهوم الاختصاص الداخلي من قبل عضوٍ أو عضوين في المجلس، فإننا لا يمكن أن نبقى صامتين ونسمح ببساطة بوقوع كارثة إنسانية. ففي هذه الحالة سوف نتصرف على الأساس القانوني المتاح، والأساس المتاح في هذه الحالة أكثر من كافٍ.))

(5)
لاحقاً بتاريخ 15 يونيو 1999 (القرار 1244) قرر مجلس الأمن بموافقة جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، نشر وجود مدني وأمني دوليين في كوسوفو تحت رعاية الأمم المتحدة. وقد اعتبر البعض هذا بمثابة تصديق بأثر رجعي على الاجراء الذي قام به حلفُ شمال الاطلسي. وقد امتنعت الصين عن التصويت على القرار حتى لا يُفَسَّر ذلك بأنه اضفاء للشرعية على استخدام حلف الأطلسي للقوة في كوسوفو.

(6)
وأما الفقرة 7 من المادة 2 من الميثاق فإنها تقضي بأن من المبادئ التي تعمل الأمم المتحدة وأعضاؤها وفقاً لها، عدم التدخلِ في المسائل المتعلقة بالاختصاص الداخلي للدول. غير أن هذا القيد لا ينطبق عندما يتخذ مجلس الأمن إجراءاتٍ قمعيةٍ بموجب الفصل السابع من الميثاق.

(7)

وإذا كان الغرض من الفقرة 7 من المادة 2 حماية السيادة الوطنية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فمن الجليِّ أنها لم تعد تحقق ذلك في العلاقات الدولية وفي القانون الدولي. وكانت محكمة العدل الدولية الدائمة قد ذكرت في العام 1923م في قضية مراسيم الجنسية في تونس والمغرب أن مسألة ما إذا كان موضوعاً معيناً يقع في الاختصاص الداخلي أم لا مسألة نسبية وتتوقف على تطور العلاقات الدولية.

(8)

ولقد حدثت تطورات كثيرة قلَّصت النطاق الداخلي للدول لأن معظم صراعات اليوم تدور داخل دول وليس بين دول.

كما إن مجلس الأمن قد توسَّع في تفسير مفهوم «تهديد السلام» المنصوص عليه في المادة 39 من الميثاق وتدخَّل المجلس في مسائل كانت تعتبر من صميم الاختصاص الداخلي للدول. وفي البيان الذي أصدره مجلس الأمن في 21 يناير 1992 عندما انعقد على مستوى القمة، ذُكر أن غياب الحروب والنزاعات العسكرية بين الدول لا يعني بالضرورة استتباب السِلم والأمن. وذُكر في البيان كذلك أن المصادر غير العسكرية باتت تشكل تهديداً فِعلياً للسلم والأمن الدوليين، وأن تلك المصادر تتمثل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية والبيئية.

(9)

إن التطوُّر في مجال قانون حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي قد انعكس بشكل واضح على تكييف مجلس الأمن للحروب والصراعات الداخلية كمهددات للسلم والأمن الدوليين. إذ أصبحت الأزمات الانسانية وعمليات التشريد الجماعي للسكان تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. وورد في تقرير الأمم المتحدة للعام 1994 أنه في السياق المتغير لعالم اليوم، فإن الأمن لم يعد قاصراً على مسائل السلاح والأرض، بل أصبح يشمل الرفاهية الاقتصادية والاستدامة البيئية وحماية حقوق الانسان.

وسوف نتناول في مقال لاحق معضلة التوفيق بين التدخل الإنساني ومبدأ السيادة الوطنية.

   

مقالات مشابهة

  • “العنف أصبح سمة أمريكية”.. “الغارديان”: الولايات المتحدة تستعد لانتخابات مشتعلة
  • مجلس الأمن يناقش إيصال المساعدات إلى غزة
  • إسرائيل تخترق أمن الولايات المتحدة.. وأمريكا ترد بعقوبات مشددة
  • مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة بشأن فلسطين
  • سيرجي لافروف: القضية الفلسطينية محورية على الأجندة الدولية
  • الولايات المتحدة تتجه إلى رفع مستوى سلاح الجو الإسرائيلي
  • معضلة التوفيق بين التدخل الإنساني ومبدأ السيادة الوطنية
  • الولايات المتحدة تؤكد دعمها لديمقراطية السودان وتندد بالقتال المستمر
  • حماية السيادة الوطنية في ميثاق الأمم المتحدة
  • الولايات المتحدة تؤكد دعمها لاستقلالية المؤسسة الوطنية للنفط في لقاءات مع رئيس مجلس الإدارة