فتح ممر آمن لانتقال المدنيين إلى جنوب القطاع استمرارًا للتهجير بالمخالفة للقانون الدولى

 

قال سامح شكري، وزير الخارجية، إن مصر ترفض بشكل قاطع ما تنتهجه بعض الدول من سياسات مُزدوجة المعايير إزاء الحرب الجارية فى قطاع غزة، وتؤكد أن النفس البشرية واحدة فى كل مكان، سواء كانت فى إسرائيل أو فى فلسطين، وتحذر من أن التلكُؤ فى وقف نزيف الدماء الحالى يعد مشاركة فى تحمل مسئولية ما يحدث من انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية.

 

وألقى وزير الخارجية كلمة مصر، أمام مؤتمر باريس، أمس، حول الأوضاع الإنسانية فى غزة، وتوجه بالشُكر لدولة فرنسا على استضافة هذا المؤتمر فى توقيت دقيق للغاية تمر فيه القضية الفلسطينية ومنطقة الشرق الأوسط، بل والعالم بمخاطر غير مسبوقة. 

وأشار "شكري" إلى أن مصر تبنت منذ بداية الأزمة فى السابع من أكتوبر موقفا واضحا يُدين كل أشكال استهداف المدنيين، إلا أن ما آل إليه الصراع العسكرى فى غزة منذ ذلك الحين من قصف واستهداف عشوائى من قبل إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين قد أودى بحياة ما يزيد على عشرة آلاف مدنى نصفهم من الأطفال، وحصار وترويع وتشريد وتهجير مليونى مدنى فلسطينى من أرضهم ومساكنهم. 

وشدد وزير الخارجية على أن فتح ممر آمن لانتقال المدنيين إلى الجنوب ليس بتطور إيجابي، بل استمرار للتهجير بالمخالفة للقانون الدولى الإنساني، وأن ما تقوم به إسرائيل يتعدى أى مفهوم لحق الدفاع الشرعى عن النفس، وأن استمرار الصمت الدولى على ما تقوم به من مخالفات جسيمة وانتهاكات للقانون الدولى الإنسانى يشير إلى وجود خلل فى معايير المنطق والضمير الإنساني، لقد أعلن المفوض السامى لحقوق الانسان أن كلًا من حماس ودولة إسرائيل قد ارتكبتا جرائم حرب، ألم يحن للمجتمع الدولى أيضًا أن يسمى الأمور بمسمياتها وأن يحمل كل من اقترف هذه الممارسات المشينة مسئوليته؟ 

ولفت "شكري" إلى أن الصراع والقصف الإسرائيلى المتواصل لقطاع غزة ولد وضعا إنسانيا كارثيًا، نأمل أن تتصدى له الدول المشاركة فى هذا الاجتماع. 

وقال وزير الخارجية: "من هذا المنبر أدعو المجتمع الدولى أن يعمل على الوفاء باحتياجات ٢.٥ مليون فلسطينى يعيشون مأساة حقيقية بدون مأوى أو طعام أو ماء أو كهرباء أو وقود أو منشآت صحية تم استهدافها، هل يستمر هذا الوضع حتى يسقط المزيد من الضحايا الأبرياء؟ لذلك أدعو المجتمع الدولى إلى إنهاء تلك الكارثة، وأحثه، خاصة الدول المانحة، على تكثيف جهودها لدعم فلسطينى غزة وتوفير كل السبل للحفاظ على حقهم فى الحياة على أرضهم، وخاصة أنه من المستغرب، منذ اندلاع هذه الحرب، قد قدم الشعب المصرى من خلال منظمات المجتمع المدنى والحكومة المصرية مساعدات إنسانية تم إدخالها إلى القطاع بلغت حوالى ٥٤٠٠ طن، وذلك رغم التحديات الاقتصادية التى تواجهُ، فى حين لم تتعد المساعدات المقدمة من مجموع أعضاء المجتمع الدولى هذه الكمية". 

وحذر "شكري" من أن ما تم إدخاله من مساعدات حتى الآن لا يفى على الاطلاق باحتياجات المدنيين فى غزة، كما أن الإجراءات المعقدة والمتعمدة التى فرضتها إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية إنما تفاقم من الأوضاع المتدهورة فى القطاع، وتثير الشكوك حول أهدافها. 

وجدد وزير الخارجية مطالبة مصر بأهمية الوقف الفورى والمُستدام لإطلاق النار، والتنديد بكافة الممارسات التى تهدف إلى فرض أمر واقع جديد لإجبار الفلسطينيين على النُزوح ونقلهم جبرًا وترحيلهم من أرضهم، حيث بلغت أعداد النازحين فى غزة ثُلثى عدد سُكانها، وهذا فى حد ذاته مخالفة جسيمة أخرى للقانون الدولى الإنساني. 

إن ما نشهدُه فى قطاع غزة يؤكد يقيننا بأن تسوية الصراع الإسرائيلى الفلسطينى لن تتم إلا بُناءً على حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية... ولقد حذرت مصر من مغبة وصول الصراع إلى هذا المنحى الخطير، وسعت فى تواصلها المُكثّف مع مُختلف الأطراف من أجل وقف السياسات الأحادية التى أشعلت النزاع... فلا يفى مجرد التشدق بتأييد حل الدولتين دون اتخاذ المجتمع الدولى أى إجراءات فعالة لتحقيق هذا الهدف. 

أخيرًا، إن اللحظة التى يعيشها النزاع الإسرائيلى الفلسطينى لم تأت من فراغ، فدوائر العنف المفرغة التى أصابت الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى دون تمييز، إنما هى نتاج سياسات الاحتلال ومُمارساته من ضم الأراضى وهدم المنازل والعمل على الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتجاهل الحقوق الفلسطينية لأكثر من سبعين عامًا، هو ما يحتم تضافر الجهود الدولية لإنهاء هذا الوضع المؤسف وتسوية الصراع على أساس حل الدولتين. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: قضية فلسطين قصف غزة مؤتمر باريس الدولي المجتمع الدولى وزیر الخارجیة فى غزة

إقرأ أيضاً:

“المجلس الدولي وعجزه في حل قضايا الشرق الأوسط ازدواجية المعايير والصراع مع الكيان الصهيوني”

بقلم : جمعة المالكي ..

منذ عقود طويلة، تلعب الأمم المتحدة والمجالس الدولية دورًا محوريًا في معالجة القضايا الدولية، إلا أن قدرتها على حل القضايا في منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا القضايا العربية، تظل محل انتقاد واسع وخنوع واضح من بين هذه القضايا، يبرز الصراع العربي الإسلامي _ الصهيوني ، والذي أصبح رمزًا للتحديات المستمرة التي تواجه المنطقة.
لا يخفى على المتابعين كيف تتعامل القوى الكبرى والمجالس الدولية مع القضايا العربية والإسلامية بمعايير مزدوجة، مقارنة بما يحدث مع دول أخرى. ففي حين يُظهر المجتمع الدولي حزمًا واستجابة سريعة لحل الأزمات في مناطق أخرى، تبقى القضايا العربية، مثل القضية الفلسطينية واللبنانية ، عالقة بدون حلول جذرية. تتخذ الدول الكبرى مواقف متباينة تجاه النزاعات، حيث يبدو أن مصالحها الاقتصادية والسياسية تفرض نفسها على مبادئ حقوق الإنسان والعدالة لتتضح للعالم اجمع عدالتهم اكذوبة .
الكيان الصهيوني ، على سبيل المثال، استفاد لسنوات من الحماية الدبلوماسية التي توفرها لها القوى الكبرى في المجلس الدولي، مما أدى إلى تجاهل المجتمع الدولي المتكرر للانتهاكات المستمرة بحق الفلسطينيين وجنوب لبنان والجولان وكثير من القضايا المهمة . وعلى الرغم من قرارات الأمم المتحدة المتتالية التي تدين بناء المستوطنات والاعتداءات على الفلسطينيين وجنوب لبنان والجرائم الإنسانية بحق الشعوب ، لم يكن هناك تحرك فعلي على الأرض لوقف هذه السياسات أو محاسبة المسؤولين عنها.
لا يمكن إنكار أن الشرق الأوسط، وخصوصًا القضايا العربية، شكلت تحديًا دبلوماسيًا كبيرًا للأمم المتحدة. ولكن السؤال يبقى هل يعود الفشل إلى ضعف الإرادة الدولية ؟ أم إلى المصالح التي تتعارض مع مبادئ الحلول العادلة؟

في الوقت الذي فشلت فيه الأمم المتحدة في التوصل إلى حلول سياسية عادلة للصراع العربي الإسلامي -الصهيوني ، نجد أن التدخلات الدولية في أزمات مثل الحرب في العراق وسوريا، لم تؤدِّ إلى حل النزاعات، بل زادت من تعقيد الأوضاع وأدت إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار
أدت السياسات المزدوجة إلى فقدان كثير من العرب والمسلمين الثقة في المجتمع الدولي وقدرته على إنصافهم. فمن ناحية، يتم فرض عقوبات شديدة على بعض الدول العربية أو الإسلامية لأسباب مختلفة، ومن ناحية أخرى، يتم التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان عندما يكون الفاعل إحدى الدول الحليفة للقوى الكبرى.

هذه الازدواجية دفعت بالكثير من الدول العربية والشعوب إلى البحث عن حلول إقليمية أو بديلة، بعيدًا عن التدخل الدولي الذي بدا غير متوازن. ومع استمرار هذا الاتجاه، يخشى أن تزيد الفجوة بين العرب والمسلمين والمجتمع الدولي، مما يهدد بإضعاف التعاون المستقبلي لحل الأزمات.

خلاصة القول لا يمكن إنكار أن المجلس الدولي يواجه تحديات كبيرة في حل قضايا الشرق الأوسط، ولكن ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا العربية، خصوصًا في الصراع مع الكيان الصهيونى ، تبقى حجر عثرة أمام أي تقدم وكذلك عجزه التام . يجب أن يدرك المجتمع الدولي أن العدل والمساواة في التعامل مع جميع الأطراف هو السبيل الوحيد لإعادة الثقة وتحقيق الاستقرار في المنطقة. بدون ذلك، سيبقى الشرق الأوسط مرآة لعجز النظام الدولي في تحقيق العدالة والسلام.

جمعة المالكي

مقالات مشابهة

  • نعيم قاسم: إسرائيل تواصل ارتكاب الجرائم الإنسانية في كل لبنان
  • وزير الخارجية البريطاني: اتفقت مع فرنسا على ضرورة وقف إراقة الدماء في لبنان
  • “المجلس الدولي وعجزه في حل قضايا الشرق الأوسط ازدواجية المعايير والصراع مع الكيان الصهيوني”
  • الجارديان: المجتمع الدولى غائب عن إنهاء حرب السودان
  • رئيس "أولادنا" تشكر السيسي: رعاية ذوى القدرات الخاصة رسالة سامية تجسد معانى الإنسانية
  • وزير الخارجية: العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي
  • وزير الخارجية: العدوان الإسرائيلي على غزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي
  • وزير الخارجية: إسرائيل تمعن في الانتقام من أهل غزة رغم المناشدات الدولية بوقف نزيف الدماء
  • وزير الخارجية يترأس المنتدى العالمي لمُكافحة الإرهاب في نيويورك
  • وزير الخارجية يشدد على أهمية تجنب ازدواجية المعايير في التعامل مع الأزمات الدولية