في إسرائيل.. عندما يدعو الأطباء لقصف المستشفيات فوق رؤوس المرضى
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
طالب أطباء إسرائيليون جيشهم بقصف المستشفيات في قطاع الغزة، متذرعين بحجة محاربة الإرهاب.
ووقّع عشرات الأطباء في إسرائيل -الذين تأطروا تحت عنوان "أطباء من أجل الجنود"- على عريضة، زعموا فيها "أن من يخلط بين المستشفيات والإرهاب عليه أن يفهم أن المستشفيات ليست مكانا آمنا بالنسبة إليه، ويجب محاربة الإرهاب في كل مكان وبكل طريقة".
هذه المطالبة أثارت ردود فعل كبيرة ومستهجنة، فالمفروض أن الأطباء غايتهم هي حماية أرواح البشر، لا الدعوة لدكّ المستشفيات بالقنابل وقتل المرضى والكادر الطبي.
من جهتها قالت الدكتورة آية الأسمر -عضو مجلس نقابة أطباء الأسنان الأردنية والأستاذ المشارك في كلية طب الأسنان في الجامعة الأردنية- "كوني إنسانة أولا وطبيبة ثانيا وأكاديمية أربّي أجيالا من الأطباء مهنيا ثالثا، أؤكد أن كل قوانين وشرائع الكون السماوية منها والدنيوية الموضوعة، تتبرّأ من هذا الخطاب النازي المتغطرس والحاقد، ومن هذه المبادئ والقيم غير الإنسانية أولا، وغير الأخلاقية ثانيا، وغير المهنية ثالثا، وغير المقبولة على صعيد أخلاقيات المهنة رابعا".
الدكتورة آية الأسمر: "نحن أطباء نحتكم إلى الأخلاق والفضيلة والقيم والمبادئ التي تدعو إلى الرحمة والإنسانية وإنقاذ الأرواح ومساعدة المرضى" (الجزيرة)وتساءلت الدكتورة آية -في تصريحات خاصة للجزيرة– "أين قَسم أبقراط إذن؟ أين أخلاقيات المهنة؟ أين قانون المسؤولية الصحية والطبية؟"، مؤكدة أنه لا عرق ولا جنس ولا دين يحكم المهن الطبية الإنسانية.
وقسم أبقراط، هو مدونة أخلاقية منسوبة إلى الطبيب اليوناني القديم أبقراط، اعتُمدت دليلا لسلوك مهنة الطب على مر العصور، وما زالت تستخدم في احتفالات التخرج في العديد من كليات الطب. وقد انتقل هذا القسم، أو جزء منه، في إصدارات مختلفة عبر أجيال من الأطباء تحت اسم قسم أبقراط.
ويحدد القسم التزامات الطبيب تجاه طلاب الطب وواجبات التلميذ تجاه المعلم. وفي القسم يتعهد الطبيب بأن لا يصف إلا العلاجات النافعة، حسب قدراته وحكمه. والامتناع عن التسبب في الأذى أو الأذى؛ وأن يعيش حياة شخصية ومهنية مثالية.
وأضافت الدكتورة آية الأسمر -وهي عضو رابطة الكتاب الأردنيين- "نحن أطباء نحتكم إلى الأخلاق والفضيلة والقيم والمبادئ التي تدعو إلى الرحمة والإنسانية وإنقاذ الأرواح ومساعدة المرضى، وهذا خطاب دميم مشوّه مغرق في الحقد والكراهية والروح الانتقامية العنصرية، وهو خطاب منبوذ وشاذ وخارج الإطار المهني والأخلاقي والإنساني، ونحن منه براء".
صدمة وذهول
من جهته عبّر طبيب التقويم الأردني الدكتور مرتضى كريشان عن شعوره بالصدمة والذهول عند سماعه بمطالبة أطباء إسرائيليين بقصف المستشفيات في غزة، فالمفروض "أن الأطباء هم أكثر الناس تقديرا للحياة وقدسيتها، وهم يعرفون معاناة المرضى في المستشفيات، فكيف يطلبون إلقاء القذائف على رؤوسهم؟".
وأكد مرتضى أن دعوة هؤلاء الأطباء هو تسويغ للجيش الإسرائيلي في حربه الممنهجة على المستشفيات والقطاع الطبي في غزة، وإعطائه ذريعة لقتل الكادر الطبي والمرضى.
وشدد مرتضى على أن مزاعم الأطباء الإسرائيليين تحمل دعوة لقتل الفلسطينيين، مؤكدا أن ما تفعله غزة هو دفاع عن نفسها وصد للعدوان الإسرائيلي الذي لم يقتصر على الهجوم العسكري، بل سبقته سياسة الحصار والتجويع ومنع إدخال الدواء.
وأضاف الدكتور مرتضى أن قصف الاحتلال الاسرائيلي للمستشفيات في غزة هو عملية ممنهجة تهدف للقتل أولا، ثم لتدمير القطاع الطبي بحيث لا يجد الجرحى من يعتني بهم.
وشدد مرتضى أن هؤلاء الأطباء الإسرائيليين بدعوتهم لقصف المستشفيات قد خانوا قسم أبقراط، وخانوا إنسانيتهم، وتحولوا إلى محرضين على القتل وشركاء في الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
عقلية عدوانية
من جهته قال رئيس اللجنة الإعلامية في نقابة الأطباء الأردنية الدكتور حازم قرالة "أن هذه الدعوات العنصرية المقيتة لا تنم إلا عن العقلية العدوانية المتأصلة في مجتمعهم الإسرائيلي، وهي خروج صارخ على أهم مبادئ الطب وأخلاقه ورسالته السامية بين الشعوب".
وأضاف "أن قصف المستشفيات والمنشآت الصحية ومحاولة إخراج أكبر عدد منها من الخدمة هو رسالة واضحة للجميع أن هدف العدو هو الإبادة الجماعية، وقتل أكبر عدد ممكن من سكان قطاع غزة، وما ارتفاع عدد الشهداء من النساء والأطفال إلا دليل واضح على هذه النية".
وأكد حازم أنه "كوني طبيبا أحذر من كارثة إنسانية حقيقية في حال تركت مستشفيات قطاع غزة دون مساعدة فورية، فهناك نقص في كل شيء من وقود ومواد ومعدات طبية وكوادر بشرية مرهقة ومستنزفة حتى الرمق الأخير، ومفاضلة بين المرضى في تقديم العلاج وتقديم الخدمة الطبية، ومع الأسف النتيجة عدد وفيات أكبر وسط نقص الدواء والحصار واستهداف الكوادر الطبية".
جريمة حرب
من جهته قال المحامي والكاتب الأردني محمد العودات، إن هذه التصريحات -دعوة الأطباء الإسرائيليين الجيش لقصف مستشفيات غزة- تخالف اتفاقيات جنيف التي تنص على حماية الأعيان الطبية ومرافقها سواء كانت أعيان طبية ثابتة أو متحركة، وكل ما يتبع لها سواء كانت هذه المستشفيات مستشفيات تابعة للقوات العسكرية المحاربة أو مستشفيات مدنية.
وأضاف "قد جاءت تلك الحماية منصوص عليها في اتفاقية جنيف 1846 واتفاقيات جنيف 1949 والبرتوكول الملحق بها 1977".
وقال محمد العودات "نصت اتفاقية جنيف 1949 في المادة 6 و18 و19/1 على عدم جواز مهاجمة الوحدات الطبية ووجوب حمايتها والدفاع عنها، كما قرر البرتوكول الإضافي 1977 في المادة 12 و21 منه حماية الوحدات الطبية، وحرمت على أطراف النزاع بألا تكون الوحدات الطبية هدفا لأي هجوم وحماية المركبات الطبية".
وأكد محمد العودات أن ما دعى له الأطباء يعدّ جريمة من جرائم الحرب المنصوص عليها في المحكمة الجنائية الدولية يمكن ملاحقتهم بموجبها، وقد عرفت جرائم الحرب في المادة 8 " بالانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف 1949 " وقد صدر في 2021 قرار بالأغلبية عن المحكمة الجنائية الدولية باختصاصها على الجرائم التي ترتكب في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية
وشدد المحامي الأردني على أن فعله الأطباء يخالف إعلان جنيف "قسم الأطباء" الصادر في 1948 الذي جاء في جزء من نصه: أني سأحافظ على أكبر احترام للحياة البشرية، وأني لن أستخدم معرفتي الطبية لانتهاك حقوق الإنسان والحريات المدنية حتى تحت التهديد.
واتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية معاهدات دولية تضم أكثر القواعد أهمية للحد من همجية الحروب. وتوفر الاتفاقيات الحماية للأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية (المدنيون، وعمال الصحة، وعمال الإغاثة) والذين توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية (الجرحى، والمرضى، وجنود السفن الغارقة، وأسرى الحرب)، وهذا وفقا لموقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
د. عماد أبو ريان: ما نشهده اليوم من استهداف مستشفيات القطاع في ساعات الذروة واكتظاظ المرضى واستهداف سيارات وفرق الإسعاف هو استهداف ممنهج (الجزيرة) لا يمت إلى الطب بأي صلةمن جهته قال دكتور عماد أبو ريان -استشاري جراحة العظام الذي يحمل البورد الألماني- إن هذا الموقف يتعارض مع مبادئ وقيم الطب كونه مهنة انسانية. وهذا الموقف يتبنى موقفا سياسيا وعسكريا، وهذا ما لا يمت إلى الطب بأي صلة أو علاقة.
وأضاف د. عماد "كما أن هذا الموقف يتنافى مع أخلاقيات المهنة وقسمها، والمعاهدات والأعراف الدولية والمؤسسات الحقوقية التي تُعنى بحقوق الإنسان".
وأكد عماد أبو ريان أن ما نشهده اليوم من استهداف مستشفيات القطاع في ساعات الذروة واكتظاظ المرضى واستهداف سيارات وفرق الإسعاف هو استهداف ممنهج. ما نسمعه الآن عبر وسائل الإعلام الحرة من استهداف بيوت الأطباء ومديري المستشفيات وأساتذة كليات الطب لا يدع مجالا للشكل بأن القطاع الصحي في غزة مستهدف، وما يحدث الآن ما هو إلا ترجمة صريحة للإضرار الممنهج بالرعاية الصحة وبنيتها التحتية وعناصرها العاملة، رغم أنها محمية ومصانة بالقانون والعرف الدولي. لذلك لا بد من أن يكون هناك تحرك دولي لضمان أمن هذه المؤسسات الصحية والعاملين بها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
مدير المستشفيات الميدانية بغزة: مستشفى كمال عدوان تحت تهديد الاحتلال الإسرائيلي
أكد مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بقطاع غزة، الدكتور مروان الهمص، أن الوضع في مستشفى كمال عدوان شمال القطاع يزداد تعقيدًا مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على المنطقة، وأشار الدكتور الهمص إلى أن الاتصال مع الطواقم الطبية داخل المستشفى مقطوع تمامًا، مما يزيد من صعوبة إدارة الأزمة الصحية والإنسانية التي يعيشها القطاع.
وأضاف الهمص أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت تعليمات بإخلاء مستشفى كمال عدوان، دون تقديم أي وسائل أو ضمانات لإجلاء المرضى بشكل آمن، وأوضح أن المستشفى يضم عشرات الجرحى والمرضى الذين يعانون من حالات حرجة، وأن إخلاءهم في ظل هذه الظروف سيكون بمثابة حكم بالإعدام عليهم.
وأشار الهمص إلى أن الاحتلال يتعمد استهداف المرافق الصحية وفرض حصار خانق على الطواقم الطبية، مما يضع حياة المرضى والطواقم على المحك، وقال: "نحن أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يستهدف الاحتلال كل مقومات الحياة في غزة، بما في ذلك المستشفيات التي تعد الملاذ الأخير للجرحى".
وطالب مدير المستشفيات الميدانية المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والصحية بالتحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة بحق المرضى والقطاع الصحي، ودعا إلى توفير الحماية الفورية للمستشفيات وضمان وصول المساعدات الطبية العاجلة إلى القطاع المحاصر.
واختتم الدكتور مروان الهمص تصريحاته بالتأكيد على أن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن استهداف المرافق الصحية يمثل انتهاكًا صارخًا لكل القوانين والأعراف الإنسانية والدولية.
مجموعات استطلاع روسية تأسر جنودا أوكرانيين في دونيتسك
أسرت مجموعات الاستطلاع التابعة لقوات "الجنوب" الروسي عددا من الجنود الأوكرانيين في هجوم على موقع لقوات كييف في محيط مدينة سيفيرسك بجمهورية دونيتسك.
وقال قائد اللواء السادس في الجيش الروسي في حديث لوكالة "نوفوستي" الروسية إنه "خلال تقدم الوحدات القتالية التابعة للواء السادس للقوات الروسية، نفذت فرق الاستطلاع التابعة للمجموعة العسكرية "الجنوب" هجوما على نقطة ارتكاز تابعة للقوات الأوكرانية وأسروا عددا من الجنود في محور بلدة سيفيرسك بجمهورية دونيستك الشعبية".
وأضاف:" تسطير القوات الأوكرانية حاليا على مجموعة تلال استراتيجية في محيط بلدة سيفيرسك بجمهورية دونيتسك الشعبية، تتمركز عليها المدفعية والطائرات المسيرة".
وتابع: "استفدنا من سوء الأحوال الجوية وحقيقة أن العدو لم يكن يتوقع وجودنا في هذه المنطقة جعله غافلا عن تحركاتنا في موقع مكشوف كهذا النسبة له، بل ولم يكن يشك حتى في إمكانية تقدمنا عبر هذه المنطقة".
وأشار إلى أنه خلال العمليات الهجومية التي نفذتها الوحدات المجاورة للمجموعة، وبينما كان العدو يراقب الهجوم على الأجنحة شنت فرق الاستطلاع مستغلة سوء الأحوال الجوية غارة هجومية على إحدى المواقع المحصنة التابعة للقوات الأوكرانية، وعادوا بعد ذلك بنجاح ومعهم أسرى.
وقال أحد الجنود الأوكرانيين الذين تم أسرهم: "كنا نتجه نحو المواقع، واندلع تبادل لإطلاق النار فألقيت بندقيتي، اقترب مني الجنود الروس وأسروني، ثم وضعوا قبعة على رأسي وأخذوني إلى مواقعهم".
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية القضاء على 300 عسكري أوكراني خلال 24 ساعة في مقاطعة كورسك وبلوغ خسائر قوات كييف هناك 42740 فردا، ومئات الدبابات والمدرعات والأسلحة الغربية، فيما تواصل القوات الروسية تقدمها على كافة الجبهات.