ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "نرجو منكم بيان ما ورد في السنة النبوية من تحذير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التخلف عن صلاة الجمعة كسلًا وتهاونًا ممَّن وجبت عليهم.

وأجابت دار الإفتاء، أن صلاة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام، أوجب الشرع السعي إليها والاجتماع فيها والاحتشاد لها؛ توخِّيًا لمعنى الترابط والائتلاف بين المسلمين؛ قال الإمام التقي السبكي في "فتاويه" (1/ 174، ط.

دار المعارف): [والمقصود بالجمعة: اجتماعُ المؤمنين كلِّهم، وموعظتُهم، وأكملُ وجوه ذلك: أن يكون في مكانٍ واحدٍ؛ لتجتمع كلمتهم، وتحصل الألفة بينهم] اهـ.

وتابعتت: ولذلك افترضها الله تعالى جماعةً؛ بحيث لا تصح مِن المكلَّف وحدَه مُنفرِدًا؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ۝ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9-10].

وأوضحت، أن هاتان الآيتان تدلان على وجوب شهودها وحضورها على كلِّ مَنْ لزمه فرضُها، من وجوه:
الأول: أنهما وردتا بصيغة الجمع؛ خطابًا وأمرًا بالسعي؛ فالتكليف فيهما جماعي، وأحكامهما متعلقة بالمجموع.

الثاني: أن "ذكر الله" المأمور بالسعي إليه: هو الصلاة والخطبة بإجماع العلماء؛ كما نقله الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 60، ط. دار الكتب العلمية).

الثالث: أنَّ مقصود السعي هو: حضور الجمعة؛ كما في "تفسير الإمام الرازي" (30/ 541-542)، والأمر به: يقتضي الوجوب؛ ولذلك أجمع العلماء على أن حضور الجمعة وشهودها واجب على مَن تلزمه، ولو كان أداؤها في البيوت كافيًا لما كان لإيجاب السعي معنى.

قال الإمام ابن جُزَيّ في "التسهيل لعلوم التنزيل" (2/ 374، ط. دار الأرقم): [حضور الجمعة واجب؛ لحمل الأمر الذي في الآية على الوجوب باتفاق] اهـ.

وهو ما دلت عليه السنة النبوية المشرفة؛ فعن طارق بن شهاب رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» رواه أبو داود في "سننه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

وشدَّد الشرع الشريف على مَنْ تخلَّف عن أدائها ممَّن وجبت عليه، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيُّ أَوْ مَمْلُوكٌ، فَمَنِ اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ، وَاللَّهُ غَنِيُّ حُمَيْدٌ» رواه الدارقطني والبيهقي في "سننيهما".

وروى الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ».

وروى أبو داود في "سننه" عن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ».

وقد عنون الإمام أبو داود في "سننه" (باب التشديد في ترك الجمعة) اهـ. قال الإمام بدر الدين العيني في "شرحه على سنن أبي داود" (4/ 371، ط. مكتبة الرشد): [أي: هذا باب في بيان التشديد بالوعيد في ترك الجمعة من غير عذر] اهـ.

وقال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (3/ 1024، ط. دار الفكر): ["من ترك ثلاث جمع" بضم الجيم وفتح الميم جمع جمعة "تهاونًا بها" قال الطيبي: أي إهانة، وقال ابن الملك: أي تساهلًا عن التقصير لا عن عذرٍ "طبع الله"؛ أي: ختم "على قلبه": بمنع إيصال الخير إليه] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء النبي تحذير صلاة الجمعة النبی صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وآله وسلم قال ال ج م ع ة رضی الله قال ال

إقرأ أيضاً:

مسيرة حاشدة لحرائر أمانة العاصمة بذكرى يوم الولاية

الوحدة نيوز/ أحيت حرائر أمانة العاصمة، اليوم، ذكرى ولاية الإمام علي عليه السلام بمسيرة حاشدة في ساحة غرب حديقة الثورة.

وحملت المحتشدات شعارات الحرية، مرددات هتافات الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراءة من أعداء الله.

وجدّدن ولائهن ومحبتهن لله ولرسوله وللإمام علي بن أبي طالب ولأعلام الهدى، مؤكدات السير على نهج آل البيت والاقتداء بهم في مواجهة قوى الطاغوت والاستكبار ورفض الهيمنة والوصاية الأمريكية، ونصرة قضايا الأمة.

واستنكرن صمت الأنظمة العربية الموالية لأمريكا والصهاينة تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من حرب إبادة جماعية ومجازر يرتكبها العدو الصهيوني منذ تسعة أشهر وأدت لاستشهاد وإصابة عشرات الآلاف وأوصلت أهالي القطاع المحاصر إلى حد المجاعة.

وباركن الانتصارات الأمنية والعسكرية ضد ثلاثي الشر العالمي “أمريكا وبريطانيا وكيان العدو”، معبرات عن سخطهن وتنديدهن وغضبهن تجاه ما ترتكبه الصهيونية من مجازر وجرائم وحشية.

وفي المسيرة تطرقت الناشطة الثقافية سارة جحاف إلى الصفات والمبادئ التي تحلى بها الإمام علي وخطبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمام آلاف المسلمين في يوم الولاية وما جسدته من مكانة عظيمة للإمام علي عليه السلام لما تمثله الولاية من رحمة وهداية وعزة وكرامة.

من جانبها أكدت الناشطة الثقافية أمة الخالق الحوثي أهمية الارتباط بأعلام الهدى الملتزمين بتوجيهات الله ورسوله في تولي الإمام علي، لافتةً إلى أن التولي الصادق لله ولرسوله وللإمام علي يحصّن الأمة من تولي أعداء الله والإسلام.

وأشارت إلى أهمية مبدأ التولي واستحضار وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للارتباط بالإمام علي عليه السلام والسير على نهجه في مقارعة الظلم والاستكبار.

واعتبرت الحوثي ذكرى الولاية محطة إيمانية تعبوية لتعزيز الصمود والتلاحم والسير على النهج المحمدي في إعلاء كلمة الله وتعزيز الروح الجهادية لمواجهة العدوان.

وأشارت إلى أن يوم الولاية ليست مناسبة عابرة في تاريخ الأمة، ما يحتم على أبنائها تصحيح ما أصابهم من وهن وضعف، باعتبار هذه الذكرى امتداداً لولاية الله ورسوله، مؤكدةً استمرار الصمود والمضي على نهج الإمام علي في مقارعة قوى الظلم والطغيان.

تخللت المسيرة قصائد شعرية وأوبريت لزهرات المسيرة، عبرت عن عظمة الإمام علي عليه السلام، وأهمية الذكرى.

مقالات مشابهة

  • الشؤون الإسلامية توجه بالإيجاز في خطبة صلاة الجمعة
  • “الشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة ” توجه خطباء المساجد بالإيجاز في خطبة صلاة الجمعة
  • أمير المؤمنين ويعسوب المتقين وكره اليهود لشخصه
  • أمسيات ثقافية في مديرية المشنة بإب احتفاءً بذكرى يوم الولاية
  • عضو بـ«لجنة الفتوى» يحذر من فعل يُبطل الصلاة.. يقع فيه الكثيرون
  • فعاليات ووقفات لحرائر اليمن بيوم الولاية
  • بنعش وهمي .. 3 محتالين يخدعون إمام مسجد ويفرون بأموال المصلين
  • حكم طهارة وصلاة مريض الكولوستومي.. الإفتاء توضح
  • فعاليتان احتفاليتان في إب بذكرى يوم الولايةِ للعام 1445هـ
  • مسيرة حاشدة لحرائر أمانة العاصمة بذكرى يوم الولاية