احتقان غير مسبوق بإقليم الصويرة و نقابة صحية تحتج
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
أخبارنا المغربية - محمد اسليم
استنكر المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة (CDT) ما وصفه بالإجهاز على الحركة الانتقالية المحلية، الجهوية والوطنية من خلال مذكرات خارج دورية الحركة الانتقالية والتي تضرب بعرض الحائط مبدأ الأحقية وتكافؤ الفرص، وطالب بإلغاء جميع مذكرات الانتقال غير القانونية التي خلقت حالة احتقان غير مسبوقة بإقليم الصويرة، معلنا دعمه ومساندته جميع الاشكال الاحتجاجية التي تتبناها الاطر الصحية المتضررة من تفعيل هذه المذكرات، وداعيا المسؤولين إقليميا ،جهويا ومركزيا الى الوقوف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء الاجتماعيين وعدم اصدار مذكرات انتقال خارج الضوابط القانونية ارضاء لأطراف بعينها.
بيان النقابة الصادر بالمناسبة تحدث عن الأوضاع المزرية التي آلت إليها المنظومة الصحية بإقليم الصويرة بعد إفراغ العديد من المراكز الصحية القروية و المصالح الاستشفائية من الأطر الصحية بمذكرات انتقال خارج دورية الحركة الانتقالية وتوزيعها حسب الانتماءات النقابية في خرق سافر لكل القوانين المنظمة لهذه العملية، مما ضرب في الصميم السير العادي للمرفق العام و أخل بمبدأ الأقدمية كمعيار أساسي للانتقال فمعظم المستفيدين من هذه الحركة الانتقالية العشوائية حديثي التعيين، محذرا المسؤولين عن الشأن الصحي اقليميا وجهويا أن المكتب سطر برنامجا نضاليا للتصدي لمثل هذه الخروقات...
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الحرکة الانتقالیة
إقرأ أيضاً:
العدالة الانتقالية (1/2)
نشأ مفهوم العدالة الانتقالية في ظل اهتمام دولي متزايد للتصدي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مرحلة ما بعد الحرب والانتقال إلى مرحلة السلام والحرية ، إذ غالبا ما تخرج الدول التي تعرضت للحروب والنزاعات إلى صور شتى من الجرائم والانتهاكات تظهر بوضوح بعد انتهاء الحرب، مما يجعل جرد حساب الحرب ثقيلاً على الدولة والمواطن معا.
ومع تطور الأحداث اتسع مفهوم العدالة الانتقالية ليشمل العديد من العلوم القانونية والآليات القضائية وغير القضائية والعديد من المجالات السياسية والثقافية والتنموية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والأخلاقية، ليشمل بذلك جميع مناحي الحياة ، ولكن السؤال متى ظهر مفهوم العدالة الانتقالية ؟ وكيف تطور ؟ وهنا نجد عددا من الآراء منها ما يرجح أن مفهوم العدالة الانتقالية تبلور من خلال التغيرات التي حدثت في أوروبا الشرقية وفي أمريكا اللاتينية وبعض دول أفريقيا ومسألة التحول إلى المسار الديمقراطي فيها، وهذا الرأي أخذ به فقهاء العلاقات الدولية واعتبروا أن العدالة الانتقالية ظهرت من تلك التغيرات السياسية المفصلية التي حدثت.
وهناك رأي آخر يرى أن العدالة الانتقالية ظهرت في محاكمات نورمبرغ عام 1945م حيث عملت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية على توسيع نطاق آليات القانون الجنائي – في ذلك الوقت – لتتمكن من محاكمة قيادات عسكرية وسياسية في النظامين النازي والياباني مع التركيز على الجرائم المرتكبة وليس الخلفية السياسية لهما فقط، مما كان له من أثر بالغ في إظهار الجانب الجنائي والتركيز على فكرة التجريم للأفعال التي وقعت والمحاكمات المترتبة عليها متخذة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية مرجعية قانونية لها، وتسليط الضوء حول تجاوزات الأنظمة المهزومة مما كان له الأثر في تعزيز الوعي القانوني على المستوى الدولي ، ومنها ازدهر مفهوم العدالة الانتقالية وأصبح محلاً للبحث العلمي في القانون الدولي ، هذا الاتجاه أخذ به فقهاء القانون الدولي ، والذين أثروا المنظومة القانونية بعدد من الآراء حتى وصلوا إلى أن العدالة الانتقالية يمكن تعريفها بأنها “عملية المصالحة التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها من خلال إعادة تكييف العدالة وإقامة دولة الحق والقانون، بالشكل الذي يعترف بانتهاكات حدثت لحقوق الإنسان ويجب محاسبة المسؤولين عنها”.
هذا التعريف يضعنا أمام مفهوم يرتبط بمتغيرين أساسيين هما :
1/أن يكون المجتمع والدولة في حالة انتقال سواء من نزاع مسلح إلى سلام ، أو من حكم مستبد إلى حكم ديمقراطي ، بمعنى أن المجتمع ينتقل من حالة سالبة إلى إيجابية.
2/أن تكون هناك انتهاكات لحقوق الإنسان قد حدثت بالفعل مما يستدعي تدخلاً لإزالة آثار الانتهاكات ومحاسبة المتورطين فيها، حتى تتحقق بالفعل دولة القانون.
وهناك رأي ثالث يرى أن التحول السياسي الذي حدث لعدد من الدول خلال الحرب الباردة وحتى الثمانينات من القرن الماضي، والتي أظهرت العديد من الصراعات الداخلية للدول وجرائم ضد الإنسانية أدت إلى ظهور لجان التحقيق (لجان الحقيقة) والتي أنشئت لأول مرة في أوغندا 1974م تحت اسم لجان التحقيق في الاختفاء القسري ، ثم في بوليفيا 1982م ، ثم في الأرجنتين عام 1983م للتحقيق في جرائم الاختفاء القسري إبان الحكم العسكري في الأرجنتين في الفترة بين ( 1976م -1983م).
في ذلك الوقت برزت حركات شعبية واسعة عاونتها منظمات المجتمع المدني وقادة وطنيين في عدد من الدول، مثل ما حدث في جنوب أفريقيا حيث قام المحامي والسياسي (أليكس بورين) الذي روج لتجربة بلاده في مجال العدالة الانتقالية ، واجتمع في العام 2000م بمجموعة من الناشطين في مجال حقوق الإنسان من ضمنهم الخبيرة القانونية في مجال العدالة الانتقالية (بريسيلا هاينز) وأسسوا المركز الدولي للعدالة الانتقالية في العام 2001م ، بغرض وضع استراتيجية دولية لمؤازرة المجتمعات التي تخرج من حروب أو حكم مستبد ، وقد شارك أكثر من خمسين بلداً في وضع تجاربهم وكيفية تحقيق العدالة الانتقالية في مجتمعاتهم كتجارب يستفيد منها العالم ليس من زاوية استنساخ هذه التجارب وتطبيقها على دول أخرى، وإنما بهدف معرفة عوامل النجاح فيها وتجنب ما حدث فيها من أخطاء.
من أشهر هذه التجارب تجربة دولة جنوب أفريقيا التي عاشت صراعات مسلحة زهاء ثلاثين عاماً في ظل حكم نظام الفصل العنصري منذ العام (1960 -1990م ) وهي مرحلة فاصلة في التاريخ السياسي لدولة جنوب أفريقيا ، بدأت بمفاوضات سياسية في العام 1990م ثم وضع دستور انتقالي سنة 1993م ، ثم إجراء انتخابات سنة 1994م فاز فيها حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وانتخب (نيلسون مانديلا) رئيساً لجنوب أفريقيا.
ثم أسست جنوب أفريقيا لجنة الحقيقة والمصالحة بموجب قانون صدر عن البرلمان سنة 1995م، وهو قانون (دعم الوحدة الوطنية والمصالحة)، بغرض إنهاء الفصل العنصري وانتقال البلاد إلى الحكم الديمقراطي وسيادة الشعب وتجنيب البلاد الوقوع في حرب أهلية، وجبر الضرر للضحايا.
ثم اتخذت العدالة الانتقالية منحى آخر بعد تأسيس المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة 1993م ، والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا 1994م ، ثم في 1998م تم إقرار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي أدت لإبرام العديد من اتفاقيات السلام منها اتفاقية (أروشا) واتفاقية (ماركوسيس) الخاصة بساحل العاج. كما أن دخول ميثاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ في 2004م وإقرار وجود المحكمة كآلية دائمة لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، كان لكل هذه العوامل الأثر الفاعل لإحداث تطور جوهري في مفهوم العدالة الانتقالية.
مما سبق نصل إلى مفهوم عام للعدالة الانتقالية – باعتبارها – الطريقة الصحيحة للانتقال من مرحلة الحرب والنزاع إلى مرحلة السلام والديمقراطية، تستند في مرجعياتها إلى مباديء حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وقيم السلام والعدل والتنمية وسيادة القانون، وتشمل آليات لتقصي الحقائق ومحاكمة الأفراد المتورطين في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وانتهاكات صارخة للقانون الدولي وتتضمن كذلك أساليب لجبر الضرر للضحايا والإصلاح المؤسسي واستقلال القضاء والالتزام بالقواعد الدولية للعدل والانصاف، وصولاً للهدف الأساسي وهو تحقيق المصالحة.
لكن هناك نقطة جديرة بالتركيز عليها وهي أن العدالة الانتقالية تتوقف على مدى استجابة المجتمع للتعافي من إرث الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، صحيح أن لكل مجتمع خصوصيته وظروفه لكن لابد من الإجابة على الأسئلة الصعبة والموحدة ، وهي تقرير موعد بدء مسيرة العدالة الانتقالية وتوقيتها وكيفيتها للوصول إلى مستقبل عادل يحترم القانون ، يقر بجرائم الماضي ويتصدى لها ، ويجبر الضرر الذي حدث لأن العدالة الانتقالية في جوهرها تعني في المقام الأول بالضحايا وبحقوقهم وكرامتهم الإنسانية وأنهم أصحاب حق أولاً.
لذلك فإن عملية العدالة الانتقالية يجب أن ترتكز على أربع نقاط أساسية:
1/ أن تكون محددة السياق وفق خصوصية كل بلد وما وقع فيه من أحداث وأولوياته.
2/أن تقود السلطات الوطنية بنفسها مبادرات العدالة الانتقالية وتشارك في تنفيذها وتصميمها والاعتراف بها وجبر الضرر عنها للضحايا ثم وضع رؤية مشتركة للمستقبل.
3/أن يشارك الضحايا والمجتمعات التي تضررت في وضع آليات العدالة الانتقالية وكيفية تنفيذها على أرض الواقع.
4/أن يتم محاسبة المتورطين وفقا للقانون ، ووضع ضمانات لعدم تكرار الانتهاكات في المستقبل إلى جانب الإصلاح المؤسسي والدستوري للدولة.
د. إيناس محمد أحمد
إنضم لقناة النيلين على واتساب