أنقرة ـ مجددا عاد اللاجئون السوريون لتصدّر النقاشات السياسية الساخنة في تركيا بعد نحو شهر على الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تمكن فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه من الفوز على المعارضة رغم استخدامها لملف اللاجئين السوريين الذي يعد من المواضيع الحساسة في الشارع التركي.

وبينما تفصل البلاد عن الانتخابات المحلية 9 أشهر، بدأت الحكومة والمعارضة التحضير لمعركة مصيرية أخرى لا تقل أهمية لكلا الطرفين -حسب مراقبين- عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي عقدت في مايو/أيار الماضي، مع تأكيد حزب العدالة والتنمية الحاكم عزمه استعادة بلديتي إسطنبول وأنقرة.

وبينما يركز حزب العدالة والتنمية الحاكم على نقد أداء بلديات المعارضة، تحرص البلديات على إثارة قضية اللاجئين السوريين وضرورة عودتهم إلى بلادهم كجزء من حملتها الانتخابية.

ففي إزمير، التي تعد أبرز معاقل حزب الشعب الجمهوري المعارض، حمّل رئيس البلدية تونج سوير المهاجرين في المدينة مسؤولية التسبب بانتشار التلوث فيها. وردا على ذلك، اتهم أيوب قدير إنان، رئيس الذراع الشبابية لحزب العدالة والتنمية والنائب عن إزمير، سوير "بالتذرع بالسوريين لتبرير تقاعسه".

????رئيس حزب "الظفر" أوميت أوزداغ يدعي وجود إرهابيين مسلحين في #تركيا.#TR99 pic.twitter.com/JhmQ4J3VaZ

— TR99 (@TR99media) July 1, 2023

مقارنة تركيا بفرنسا

ومن جانبه، سارع زعيم حزب الظفر اليميني المعادي للاجئين أوميت أوزداغ إلى التحذير من أن يقدم السوريون على أعمال مشابهة لما يحدث في فرنسا منذ أيام، زاعما أن الوضع في تركيا سيكون أخطر بسبب وجود أسلحة في أيدي "التنظيمات الإرهابية".

وردّ محمد تشيليك الناطق باسم حزب العدالة والتنمية على التغريدات التي تبنّت مقولة أوزداغ ونشرها صحفيون وسياسيون، قائلا إن من غير المقبول مقارنة سياسة الهجرة التركية بالسياسات الاستعمارية لفرنسا.

وأضاف تشيكيك "هؤلاء يستهدفون اللاجئين ويرتكبون جريمة كراهية ويدعون لخلق مشاكل في تركيا من شأنها تعكير أجواء السلام السائدة في عموم البلاد"، لافتا إلى أن "الشعب التركي لقّن هؤلاء درسًا خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة".

من جهته، تحرك الادعاء العام في البلاد على خلفية المقارنة بين فرنسا وتركيا، وأعلن فتح تحقيق بحق حسابات بعد نشرها تغريدات "تحرض على الكراهية".

 

 

إشاعات ومظاهرات

ولم تقف الشائعات عند حد التخويف من المستقبل، فقد تداولت حسابات معارضة مقاطع فيديو، لم يتم التحقق منها، قالت إنها للاجئين سوريين يسبحون في مناطق يحظر فيها السباحة، "مثيرين فزع المواطنين".

Suriyeli magandalar, yasaklı bölgelerden kıyafetleriyle denize girerek sularımızı kirletiyor, halkı paniğe sevk ediyor. pic.twitter.com/bcfZYuUoLJ

— ???? Muhbir (@ajans_muhbir) June 25, 2023

وإثر تداول هذه المقاطع، رصد رواد مواقع التواصل الاجتماعي قيام بلدية إزمير بتسيير دوريات في بعض المناطق الساحلية بالمدينة بهدف منع السباحة في الأماكن غير المخصصة للسباحة.

ويوم الأحد أدى تداول إحدى الشائعات التي تفيد بقيام سوريين بتسميم كلب ومهاجمة منازل لمواطنين أتراك إلى خروج مظاهرة لشبان في مدينة ديلوفاسي بولاية كوجالي تدعو لطرد السوريين، إلا أن والي كوجالي أكد في بيان لاحقا أن ما حدث كان مشاجرة بين أتراك على خلفية مقتل الكلب، وأن السوريين الذين كانوا حاضرين لم يشاركوا في الشجار لكن حاولوا التدخل، مؤكدا إحالة 10 منهم إلى إدارة الهجرة.

ويرى مراقبون أن اجتياح الشائعات المتعلقة بالسوريين وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا مرتبط بتصريحات السياسيين وإثارة الخوف بهدف استخدام هذه الورقة للفوز بالانتخابات البلدية في مارس/آذار المقبل.

 

Dilovası İlçemizde bir evcil hayvanın öldürülmesi üzerine meydana gelen tartışma ve olaylarla ilgili yapmış olduğumuz detaylı teknik inceleme ( görüntü ) sonucunda elde edilen bilgileri kamu oyunun bilgilisine sunuyoruz.
Gerçeğe aykırı ve provakatif haberlere itibar etmeyelim. pic.twitter.com/8w3ecOIuLK

— Seddar Yavuz (@SeddarYavuz) July 2, 2023

 

ما أسباب إثارة مشكلة الوجود السوري مجددا؟

رغم أن الحملة الانتخابية التي أطلقتها المعارضة في الانتخابات الأخيرة ركزت في وعودها على مشكلة اللاجئين دون أن تسفر عن النتيجة المرجوة، فإن تمسكها بهذا الملف رغم ذلك يطرح تساؤلا عن الأسباب الحقيقية. الكاتب والباحث السياسي التركي أنس يلمان يعزو ذلك إلى عدة أسباب في تعليق له على الموضوع أدلى به للجزيرة نت.

وحسب يلمان، فإن السبب الأول هو أن "المعارضة التركية وإن خسرت الانتخابات الأخيرة إلا أنها لمست نجاحها بشكل ما في إثارة المشاكل وتهييج الشارع بحيث وصلت الفتنة إلى بعض الأوساط التي لم نكن نتخيل أن تصل إليها".

والثاني هو عدم امتلاك المعارضة ورقة أخرى غير ورقة اللجوء "بعدما استنزفوا كل أوراقهم في الانتخابات العامة"، ولذلك فإن الهدف الأقصى لهم هو "أن يحافظوا على البلديات التي في أيديهم على أقل تقدير"، كما يقول الباحث السياسي.

والسبب الثالث، حسب المتحدث نفسه، هو شعور المعارضة بأن لديها هذه المرة فرصة مناسبة، وهي 9 أشهر قبل الانتخابات المحلية لتصعيد استخدام ورقة الوجود السوري في الدعاية الانتخابية.

ميدان أسنيورت في إسطنبول أحد أبرز تجمعات السوريين في المدينة (الجزيرة) توحد التيار

وبجانب هذه الأسباب، فإن تصاعد حضور ملف اللاجئين السوريين في الطريق إلى الانتخابات المحلية بصورة تفوق ما كان عليه الحال قبل الانتخابات العامة قد يتطلب سببا إضافيا.

ويعتقد أنس يلمان أن "توحّد التيار المناهض لوجود السوريين" هو السبب الرئيس في ذلك، مضيفا أن انضمام حزب الظفر بقيادة أوميت أوزداغ إلى تحالف المعارضة جعل الجامع المشترك بينها أقوى لا سيما بعدما برزت مساعي الأحزاب المحافظة لتوحيد صفوفها بشكل منفصل.

وحسب الباحث التركي، فإن استخدام ورقة السوريين ليس جديدا بل بدأ مع انتخابات البلدية عام 2019، إلا أنه مع الوقت ومع رؤية تأثير ذلك على الشارع التركي "اكتسبت المعارضة خبرة في تهييج الشارع، ولذلك فهم يصعدون استخدام هذا الملف إلى مستوى أكثر خطورة مع كل انتخابات".

إندلاع مظاهرات قبل قليل بمدينة كوجايلي في تركيا تطالب بطرد السوريين من البلاد pic.twitter.com/Z3r2SUbGr7

— شؤون تركية (@TurkeyAffairs) July 2, 2023

مقتضيات التحالف

من جهته، أضاف المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأمنية أحمد حسن سببا آخر لحضور ملف اللاجئين في الوسط السياسي والشعبي بعيدا عن التحضير للانتخابات البلدية المرتقبة، قائلا إن الأحداث الجارية في فرنسا تعد سببا رئيسا في ذلك.

وقال حسن، في حديث للجزيرة نت، إن أوزداغ اعتبر أحداث فرنسا فرصة لإعادة طرح ملف اللاجئين باعتباره تهديدا للأمن القومي.

ويأتي اعتماد هذا الخطاب في المرحلة الحالية، حسب المحلل السياسي ضمن سياق التحالف بين حزبي الظفر والشعب الجمهوري الذي يمتلك مكنة إعلامية ضخمة مقارنة بأوزداغ الذي يسعى لاستغلال ذلك لمصلحة الترويج لمشروعه.

ويرى حسن أن أوزداغ وكليجدار أوغلو لم يعد لديهما ما يخسرانه على عكس بقية الأحزاب، ولذلك يمكن رصد حدة عالية وجرأة أكبر في الخطاب السياسي مع الاعتماد على إبراز التهديدات الأمنية.

حملات تفتيش على التراخيص والأوضاع القانونية للسوريين بإسطنبول (الجزيرة) كيف تتعامل الحكومة؟

وكان والي إسطنبول الجديد داود غول قد أكد في تصريحات سابقة أنهم لن يسمحوا بتجاوز القانون فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين، متعهدا بترحيل أي مهاجر مخالف يقيم في إسطنبول، وتبعت تلك التصريحات حملة تفتيش للسلطات على التراخيص والأوضاع القانونية للمحلات التجارية المملوكة من قبل السوريين في إسطنبول.

ويرى الكاتب والباحث السياسي أنس يلمان أن حزب العدالة والتنمية التركية اكتسب خبرة في التعامل مع المعارضة فيما يتعلق بملف اللجوء والملفات الأخرى التي تعوّل عليها في الانتخابات، تماما كما اكتسبت المعارضة خبرة في استخدام ملف السوريين.

ورجح يلمان أن يركز التحالف الحاكم على نقد أداء البلديات الخاضعة لسيطرة المعارضة وتقديم الوعود المتعلقة بالخدمات والبنية التحتية في مقابل عدم السماح بتصعيد ورقة الوجود السوري، مع الحرص على إعادة إبراز "السياسات التمويهية" للحكومة القائمة على تحقيق العودة الطوعية للاجئين والتقارب مع النظام السوري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی ترکیا pic twitter com

إقرأ أيضاً:

منظمة هالو تراست: النازحون السوريون يواجهون شبح الألغام في طريق العودة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق - إمكانات الإزالة محدودة أمام حجم المخاطر ومطالبات بزيادة الدعم الدولي
 

حذرت منظمة "هالو تراست" الخيرية المتخصصة في إزالة الألغام الأرضية، في تقرير لها، من تزايد عدد القتلى والجرحى جراء الألغام الأرضية والمتفجرات التي خلفتها الحرب الأهلية السورية، مؤكدة أن أعداد الضحايا وصلت إلى مستويات الأزمة. 

وذكرت المنظمة أن الأسبوع الماضي وحده شهد مصرع 39 شخصًا بالغًا وثمانية أطفال بسبب انفجارات ناتجة عن الألغام الأرضية وبقايا المتفجرات الأخرى، مشيرة إلى أن إجمالي عدد الضحايا المدنيين الذين قتلوا أو أصيبوا منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 تجاوز 400 شخص.

وأوضحت المنظمة أن هذه الأرقام قد تكون أقل من الواقع، نظرًا لصعوبة الإبلاغ عن الحوادث في المناطق النائية، حيث لا تزال العديد من الإصابات والوفيات غير موثقة رسميًا. 

مخاطر متزايدة مع عودة النازحين

وقال مؤيد النوفلي، مدير عمليات منظمة "هالو" في سوريا، إن أعداد القتلى والمصابين بإصابات خطيرة تتزايد بشكل ملحوظ، رغم أن نسبة صغيرة فقط من النازحين قد عادوا حتى الآن.

ومع تحسن الطقس بعد الشتاء القارس، نتوقع عودة ملايين اللاجئين السوريين والنازحين داخليًا إلى ديارهم من أجل زراعة محاصيلهم وإعادة بناء منازلهم. كما أن العديد من الأسر تنتظر انتهاء الفصل الدراسي الثاني ليعود الأطفال إلى أهاليهم، لكن المشكلة تكمن في أن هؤلاء سيخاطرون بعبور حقول الألغام المنتشرة في مناطق عودتهم. 

إمكانيات محدودة 

وتتألف فرق منظمة "هالو تراست" في سوريا حاليًا من حوالي أربعين متخصصًا فقط في إزالة الألغام، ورغم تواضع هذا العدد، فإن المنظمة تلقت زيادة كبيرة في طلبات الاستغاثة منذ سقوط النظام، حيث ارتفع عدد الاتصالات طلبًا للمساعدة بمقدار عشرة أضعاف. 

وبسبب تعقيد الصراع وتعدد الأطراف المسلحة، تقتصر عمليات المنظمة حاليًا على شمال غرب سوريا، وتحديدًا في المناطق الواقعة شمال وغرب مدينة حلب، حيث تعمل هناك منذ عام 2017. لكنها تسعى إلى توسيع عملياتها لتشمل مناطق إضافية في الشمال الغربي، وكذلك محافظات سورية أخرى تشهد ارتفاعًا في أعداد الحوادث. 

وتشير التقديرات إلى أن الخطوط الأمامية الحالية والسابقة تمتد عبر مئات الكيلومترات في سوريا، وهي مليئة بالمتفجرات، وكثير منها غير مرئي، مما يعقّد عمليات إزالة الألغام ويجعلها أكثر خطورة. 

الدعم الدولي

وأكدت منظمة "هالو تراست" أنه في حال توفير المزيد من الموارد، فإنها ستكون قادرة على مضاعفة فرق إزالة الألغام وزيادة عدد خبراء المتفجرات للعمل على تأمين المناطق الخطرة، بالإضافة إلى نشر فرق توعوية لتحذير المدنيين من الأماكن غير الآمنة. 

وفي هذا السياق، أعرب مؤيد النوفلي عن تقديره للدعم الذي تلقته المنظمة من المانحين حتى الآن، لكنه شدد على أن هذا الدعم لا يزال غير كافٍ لمواجهة حجم التحدي القائم. وأوضح أن المنظمة قادرة على توسيع فرق إزالة الألغام لتضم المئات من العاملين، غير أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تمويلًا سنويًا يقدر بنحو 40 مليون دولار. 

وأضاف أن المنظمة تتمتع بالخبرة والمعرفة اللازمتين لجعل المناطق أكثر أمانًا، وإذا تمكنا من تأمين الأراضي للزراعة والأنشطة الاقتصادية، فسنساهم في إعادة بناء سوريا وتعزيز انتعاشها الاقتصادي، ما قد يمهد الطريق لتحولها مجددًا إلى دولة ذات دخل متوسط.

وتؤكد المنظمة أن إزالة الألغام لا تقتصر على كونها إجراءً ضروريًا لحماية أرواح المدنيين، بل تمثل أيضًا خطوة حاسمة لتمكين السوريين من استعادة حياتهم الطبيعية والمشاركة الفاعلة في إعادة إعمار بلادهم.

مقالات مشابهة

  • منظمة هالو تراست: النازحون السوريون يواجهون شبح الألغام في طريق العودة
  • تجري اليوم.. ما تريد معرفته عن انتخابات إقليم العاصمة الهندية دلهي
  • سيطرة سعودية.. الهلال والأهلي والنصر يتصدرون دوري أبطال آسيا للنخبة
  • بدء ماراثون انتخابات «الأطباء البيطريين» في القاهرة والجيزة الجمعة المقبلة
  • انتخابات نيودلهي: آلاف الناخبين يتوجهون إلى مراكز الاقتراع
  • زيلينسكي يؤكد رفضه إجراء انتخابات في أوكرانيا قبل انتهاء القتال
  • زيلينسكي: الانتخابات لن تجرى إلا بعد انتهاء المرحلة الساخنة من الصراع
  • أوكرانيا تعلن استعدادها لمناقشة إجراء الانتخابات مع البيت الأبيض
  • بعثة الاتحاد الأوروبي: اللجنة الاستشارية خطوة مهمة في العملية السياسية التي تقودها ليبيا
  • أوكرانيا ترد على ترامب: لا انتخابات قبل انتهاء الحرب الروسية