بعد أن هدأت عقب انتخابات الرئاسة.. السوريون يتصدرون السجالات السياسية في تركيا مجددا
تاريخ النشر: 5th, July 2023 GMT
أنقرة ـ مجددا عاد اللاجئون السوريون لتصدّر النقاشات السياسية الساخنة في تركيا بعد نحو شهر على الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تمكن فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه من الفوز على المعارضة رغم استخدامها لملف اللاجئين السوريين الذي يعد من المواضيع الحساسة في الشارع التركي.
وبينما تفصل البلاد عن الانتخابات المحلية 9 أشهر، بدأت الحكومة والمعارضة التحضير لمعركة مصيرية أخرى لا تقل أهمية لكلا الطرفين -حسب مراقبين- عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي عقدت في مايو/أيار الماضي، مع تأكيد حزب العدالة والتنمية الحاكم عزمه استعادة بلديتي إسطنبول وأنقرة.
وبينما يركز حزب العدالة والتنمية الحاكم على نقد أداء بلديات المعارضة، تحرص البلديات على إثارة قضية اللاجئين السوريين وضرورة عودتهم إلى بلادهم كجزء من حملتها الانتخابية.
ففي إزمير، التي تعد أبرز معاقل حزب الشعب الجمهوري المعارض، حمّل رئيس البلدية تونج سوير المهاجرين في المدينة مسؤولية التسبب بانتشار التلوث فيها. وردا على ذلك، اتهم أيوب قدير إنان، رئيس الذراع الشبابية لحزب العدالة والتنمية والنائب عن إزمير، سوير "بالتذرع بالسوريين لتبرير تقاعسه".
????رئيس حزب "الظفر" أوميت أوزداغ يدعي وجود إرهابيين مسلحين في #تركيا.#TR99 pic.twitter.com/JhmQ4J3VaZ
— TR99 (@TR99media) July 1, 2023
مقارنة تركيا بفرنساومن جانبه، سارع زعيم حزب الظفر اليميني المعادي للاجئين أوميت أوزداغ إلى التحذير من أن يقدم السوريون على أعمال مشابهة لما يحدث في فرنسا منذ أيام، زاعما أن الوضع في تركيا سيكون أخطر بسبب وجود أسلحة في أيدي "التنظيمات الإرهابية".
وردّ محمد تشيليك الناطق باسم حزب العدالة والتنمية على التغريدات التي تبنّت مقولة أوزداغ ونشرها صحفيون وسياسيون، قائلا إن من غير المقبول مقارنة سياسة الهجرة التركية بالسياسات الاستعمارية لفرنسا.
وأضاف تشيكيك "هؤلاء يستهدفون اللاجئين ويرتكبون جريمة كراهية ويدعون لخلق مشاكل في تركيا من شأنها تعكير أجواء السلام السائدة في عموم البلاد"، لافتا إلى أن "الشعب التركي لقّن هؤلاء درسًا خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة".
من جهته، تحرك الادعاء العام في البلاد على خلفية المقارنة بين فرنسا وتركيا، وأعلن فتح تحقيق بحق حسابات بعد نشرها تغريدات "تحرض على الكراهية".
إشاعات ومظاهرات
ولم تقف الشائعات عند حد التخويف من المستقبل، فقد تداولت حسابات معارضة مقاطع فيديو، لم يتم التحقق منها، قالت إنها للاجئين سوريين يسبحون في مناطق يحظر فيها السباحة، "مثيرين فزع المواطنين".
Suriyeli magandalar, yasaklı bölgelerden kıyafetleriyle denize girerek sularımızı kirletiyor, halkı paniğe sevk ediyor. pic.twitter.com/bcfZYuUoLJ
— ???? Muhbir (@ajans_muhbir) June 25, 2023
وإثر تداول هذه المقاطع، رصد رواد مواقع التواصل الاجتماعي قيام بلدية إزمير بتسيير دوريات في بعض المناطق الساحلية بالمدينة بهدف منع السباحة في الأماكن غير المخصصة للسباحة.
ويوم الأحد أدى تداول إحدى الشائعات التي تفيد بقيام سوريين بتسميم كلب ومهاجمة منازل لمواطنين أتراك إلى خروج مظاهرة لشبان في مدينة ديلوفاسي بولاية كوجالي تدعو لطرد السوريين، إلا أن والي كوجالي أكد في بيان لاحقا أن ما حدث كان مشاجرة بين أتراك على خلفية مقتل الكلب، وأن السوريين الذين كانوا حاضرين لم يشاركوا في الشجار لكن حاولوا التدخل، مؤكدا إحالة 10 منهم إلى إدارة الهجرة.
ويرى مراقبون أن اجتياح الشائعات المتعلقة بالسوريين وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا مرتبط بتصريحات السياسيين وإثارة الخوف بهدف استخدام هذه الورقة للفوز بالانتخابات البلدية في مارس/آذار المقبل.
Dilovası İlçemizde bir evcil hayvanın öldürülmesi üzerine meydana gelen tartışma ve olaylarla ilgili yapmış olduğumuz detaylı teknik inceleme ( görüntü ) sonucunda elde edilen bilgileri kamu oyunun bilgilisine sunuyoruz.
Gerçeğe aykırı ve provakatif haberlere itibar etmeyelim. pic.twitter.com/8w3ecOIuLK
— Seddar Yavuz (@SeddarYavuz) July 2, 2023
ما أسباب إثارة مشكلة الوجود السوري مجددا؟
رغم أن الحملة الانتخابية التي أطلقتها المعارضة في الانتخابات الأخيرة ركزت في وعودها على مشكلة اللاجئين دون أن تسفر عن النتيجة المرجوة، فإن تمسكها بهذا الملف رغم ذلك يطرح تساؤلا عن الأسباب الحقيقية. الكاتب والباحث السياسي التركي أنس يلمان يعزو ذلك إلى عدة أسباب في تعليق له على الموضوع أدلى به للجزيرة نت.
وحسب يلمان، فإن السبب الأول هو أن "المعارضة التركية وإن خسرت الانتخابات الأخيرة إلا أنها لمست نجاحها بشكل ما في إثارة المشاكل وتهييج الشارع بحيث وصلت الفتنة إلى بعض الأوساط التي لم نكن نتخيل أن تصل إليها".
والثاني هو عدم امتلاك المعارضة ورقة أخرى غير ورقة اللجوء "بعدما استنزفوا كل أوراقهم في الانتخابات العامة"، ولذلك فإن الهدف الأقصى لهم هو "أن يحافظوا على البلديات التي في أيديهم على أقل تقدير"، كما يقول الباحث السياسي.
والسبب الثالث، حسب المتحدث نفسه، هو شعور المعارضة بأن لديها هذه المرة فرصة مناسبة، وهي 9 أشهر قبل الانتخابات المحلية لتصعيد استخدام ورقة الوجود السوري في الدعاية الانتخابية.
ميدان أسنيورت في إسطنبول أحد أبرز تجمعات السوريين في المدينة (الجزيرة) توحد التياروبجانب هذه الأسباب، فإن تصاعد حضور ملف اللاجئين السوريين في الطريق إلى الانتخابات المحلية بصورة تفوق ما كان عليه الحال قبل الانتخابات العامة قد يتطلب سببا إضافيا.
ويعتقد أنس يلمان أن "توحّد التيار المناهض لوجود السوريين" هو السبب الرئيس في ذلك، مضيفا أن انضمام حزب الظفر بقيادة أوميت أوزداغ إلى تحالف المعارضة جعل الجامع المشترك بينها أقوى لا سيما بعدما برزت مساعي الأحزاب المحافظة لتوحيد صفوفها بشكل منفصل.
وحسب الباحث التركي، فإن استخدام ورقة السوريين ليس جديدا بل بدأ مع انتخابات البلدية عام 2019، إلا أنه مع الوقت ومع رؤية تأثير ذلك على الشارع التركي "اكتسبت المعارضة خبرة في تهييج الشارع، ولذلك فهم يصعدون استخدام هذا الملف إلى مستوى أكثر خطورة مع كل انتخابات".
إندلاع مظاهرات قبل قليل بمدينة كوجايلي في تركيا تطالب بطرد السوريين من البلاد pic.twitter.com/Z3r2SUbGr7
— شؤون تركية (@TurkeyAffairs) July 2, 2023
مقتضيات التحالفمن جهته، أضاف المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأمنية أحمد حسن سببا آخر لحضور ملف اللاجئين في الوسط السياسي والشعبي بعيدا عن التحضير للانتخابات البلدية المرتقبة، قائلا إن الأحداث الجارية في فرنسا تعد سببا رئيسا في ذلك.
وقال حسن، في حديث للجزيرة نت، إن أوزداغ اعتبر أحداث فرنسا فرصة لإعادة طرح ملف اللاجئين باعتباره تهديدا للأمن القومي.
ويأتي اعتماد هذا الخطاب في المرحلة الحالية، حسب المحلل السياسي ضمن سياق التحالف بين حزبي الظفر والشعب الجمهوري الذي يمتلك مكنة إعلامية ضخمة مقارنة بأوزداغ الذي يسعى لاستغلال ذلك لمصلحة الترويج لمشروعه.
ويرى حسن أن أوزداغ وكليجدار أوغلو لم يعد لديهما ما يخسرانه على عكس بقية الأحزاب، ولذلك يمكن رصد حدة عالية وجرأة أكبر في الخطاب السياسي مع الاعتماد على إبراز التهديدات الأمنية.
حملات تفتيش على التراخيص والأوضاع القانونية للسوريين بإسطنبول (الجزيرة) كيف تتعامل الحكومة؟وكان والي إسطنبول الجديد داود غول قد أكد في تصريحات سابقة أنهم لن يسمحوا بتجاوز القانون فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين، متعهدا بترحيل أي مهاجر مخالف يقيم في إسطنبول، وتبعت تلك التصريحات حملة تفتيش للسلطات على التراخيص والأوضاع القانونية للمحلات التجارية المملوكة من قبل السوريين في إسطنبول.
ويرى الكاتب والباحث السياسي أنس يلمان أن حزب العدالة والتنمية التركية اكتسب خبرة في التعامل مع المعارضة فيما يتعلق بملف اللجوء والملفات الأخرى التي تعوّل عليها في الانتخابات، تماما كما اكتسبت المعارضة خبرة في استخدام ملف السوريين.
ورجح يلمان أن يركز التحالف الحاكم على نقد أداء البلديات الخاضعة لسيطرة المعارضة وتقديم الوعود المتعلقة بالخدمات والبنية التحتية في مقابل عدم السماح بتصعيد ورقة الوجود السوري، مع الحرص على إعادة إبراز "السياسات التمويهية" للحكومة القائمة على تحقيق العودة الطوعية للاجئين والتقارب مع النظام السوري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی ترکیا pic twitter com
إقرأ أيضاً:
الباروني: غياب الإرادة السياسية يعطل الانتخابات في ليبيا
ليبيا – صرح المحلل السياسي والأكاديمي الليبي، إلياس الباروني، أن إجراء الانتخابات البلدية كان محاطًا بالعديد من المخاوف، خاصة في بداياته، عندما كان تحت إشراف اللجنة المركزية للانتخابات، قبل أن تنتقل مسؤولية الإشراف إلى المفوضية العليا للانتخابات منذ نحو عام.
وفي تصريحات خاصة لوكالة “سبوتنيك“، أوضح الباروني أن أبرز التحديات التي واجهت هذا الاستحقاق البلدي كانت تتعلق بالجانب الأمني والدعم اللوجستي، إلا أن الاتصالات والتنسيق المكثف الذي أجرته المفوضية العليا للانتخابات على مستوى البلاد أسهم في إنجاح العملية الانتخابية.
وأضاف أن الشكوك بشأن وجود مخالفات قانونية تُعد أمرًا طبيعيًا في أي عملية انتخابية، مشيرًا إلى أن القضاء المختص هو الجهة المعنية بالنظر في الطعون وإصدار الأحكام بشأنها.
وأكد الباروني أن نجاح الانتخابات البلدية تحقق من خلال توفير الأمن ومنع أي اختراقات، إلى جانب التنظيم السلس والتغطية الإعلامية الكبيرة، مما يعكس رغبة الشارع الليبي في المضي قدمًا نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وأشار الباروني إلى أن إجراء الانتخابات الوطنية يتطلب تحويل مشروع الدستور إلى استفتاء شعبي، مع دعم المفوضية العليا للانتخابات على كافة المستويات. كما دعا الأمم المتحدة إلى الإسراع في دعم هذا الاستفتاء لضمان تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية.
وحول تأخر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أوضح الباروني أن السبب الرئيسي يكمن في غياب الإرادة السياسية لدى مجلس النواب لصياغة قوانين انتخابية عادلة، وتأخر إحالة مشروع الدستور، الذي أُقرّ في عام 2017، إلى الاستفتاء الشعبي. واعتبر أن هذا التأخير، إلى جانب انعدام التوافق بين مجلسي النواب والدولة، يمثل العقبة الأكبر أمام تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية.
وأكد الباروني أن الأجسام السياسية القائمة منذ عام 2014 غير قادرة على تقديم رؤية واضحة للانتخابات، بسبب تضارب مصالحها مع مصالح بعض القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لعرقلة العملية الانتخابية للحفاظ على نفوذها في ليبيا.
وأشار إلى أن غياب الإرادة الشعبية الضاغطة وضعف دور بعثة الأمم المتحدة، بسبب الصراعات الدولية على المصالح في ليبيا، ساهما في تعقيد الوضع الحالي.
وختم الباروني تصريحه بالقول: “إن غياب الرؤية الواضحة والرغبة الحقيقية في تحقيق الاستحقاق الانتخابي يجعل إجراء الانتخابات أمرًا صعبًا في ظل الظروف الراهنة التي لا تخدم القضية الليبية”.