السودان.. الحرب المنسية الأُخرى
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
السودان.. الحرب المنسية الأُخرى
علي حمادة
طغت حرب غزة بين إسرائيل وحركة حماس على حروب أخرى تستعر في العالم ولا تقل عنها عنفا وخطورة.
ففي حين أن حرب غزة حجبت الأضواء عن حرب أوكرانيا الدائرة منذ 24 فبراير 2022، التي أدت إلى سقوط مئات آلاف الضحايا من الجانبين الروسي والأوكراني، حجبت حرب غزة حربا دموية أخرى شديدة الخطورة على إقليم جيوسياسي واسع يتقاطع عند نقطة التقاء شمال شرق إفريقيا وجنوب غرب آسيا.
إنها حرب السودان التي بدأت في 15 أبريل الماضي بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان و “قوات الدعم السريع” بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.
ولم تنجح جميع الوساطات الخارجية في إيقاف الحرب، ولا حتى في التوصل إلى هدن حقيقية بين الطرفين المتصارعين.
فقد بطا أن كلا من البرهان وحميدتي كانا ولا يزالان يراهنان على إمكانية حسم الصراع بالانتصار العسكري.
ولذلك انهارت جميع المحاولات الدبلوماسية أمام تصميم الطرفين على مواصلة القتال الدامي في العاصمة الخرطوم، والعديد من الولايات الأخرى لاسيما ولاية دارفور الحساسة إن لجهة تاريخها الدموي، أو لجهة موقعها الجغرافي على تقاطع الحدود بين ليبيا الغارقة في أزمة عميقة، والتشاد التي تربط السودان بعمق منطقة الساحل الحبلى بالنزاعات والتدخلات الخارجية.
وبالرغم من استحالة إقناع طرفي الصراع بعد 7 أشهر من القتال بالتفكير جديا بانتهاج مسار التسوية، أولا لتعذر أي منهما حسم الصراع لصالحه، وثانيا لإنهاء معاناة المواطنين السودانيين الذين دفعوا ويدفعون ضريبة الحرب بأرواحهم وممتلكاتهم ومعيشتهم.
فالأضرار هائلة أكان على مستوى الخسائر البشرية التي تجاوزت عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المصابين، فضلا عن الخسائر المادية الفادحة على مستوى الاقتصاد، ومؤسسات الدولة وبناها التحتية.
ولكن يسجل لـ”منصة جدة” التي تضم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أن محاولاتها استمرت رغم كل العقبات والصعوبات في محاولتها جمع الطرفين إلى طاولة تفاوض واحدة، مع خفض مستوى التوقعات، واستبدال الطروحات الشاملة كوقف شمال ونهائي لإطلاق النار، بطروحات متدرجة أكثر واقعية وقابلية للتطبيق كالاتفاق على تسهيل إيصال المساعدات وتطبيق هدن متدرجة كمدخل للشروع بإجراءات لبناء الثقة.
وتتفق جميع الدول والجهات الأممية والإقليمية على مبدأ مفاده بأنه “لا يوجد حل عسكري مقبل للصراع” وبالتالي فإن استمرار القتال سيؤدي حكما إلى انهيار الدولة، وتفتت الكيان.
وقد فاقمت فكرة تشكيل حكومة غربا في بورتسودان تابعة للجيش، وأخرى شرقا في دارفور تابعة للدعم السريع المخاوف من حصول تقسيم واقعي في السودان، يمكن أن يتجاوز الطرفين الى تفتيت البلاد على قاعدة جهوية، إثنية، قبائلية على امتداد الجغرافيا السودانية.
إنها أزمة مهولة، بنتائجها وارتداداتها الداخلية والإقليمية، ومن شأنها أن تغذي نزاعات أخرى في دول الجوار التي تجد نفسها مستدرجة للتدخل في صراع متناسل على أكثر من صعيد.
ولعل غياب الضغوط الخارجية الصارمة، في مقابل تزايد التدخلات الخارجية سيطيل من عمر صراع قد يحول السودان إلى أفغانستان جديدة!
عاجلا أم آجلا ستنتهي حرب غزة وقد تطول الحرب في السودان بين طرفين لا يملكان حتى الآن استراتيجية خروج حقيقية.
لكن الخطر يكمن في أن الصراع الدائر اليوم قد لا يعود مجديا متى انهارت البلاد، ومؤسسات الدولة، والأسوأ وحدة البقية الباقية من البلاد.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
تحت القنابل وأزيز الرصاص.. هذا هو الواقع الصحي بالسودان
نقدم في "الجزيرة صحة" تغطية معمقة حول الواقع الصحي في السودان، وذلك في ظل الحرب التي يعيشها البلد، والتي أدت إلى نزوح الملايين، وحدوث دمار غير مسبوق للمستشفيات والمنشآت الصحية، نتيجة استهدافها.
وقد عمل على التغطية شبكة مراسلينا في السودان، وفريق "غرفة أخبار الصحة" في الدوحة، وشملت تقارير ميدانية ومقالات وشهادات من ضحايا هذه الحرب.
وتوصلنا في هذه التغطية إلى معطيات متعددة تشير إلى استهداف قوات الدعم السريع للمنشآت الصحية في السودان. كما حصلنا على شهادات تتحدث عن ممارسة قوات الدعم السريع، للترهيب والتعذيب، اقتحام البيوت ليلا لاغتصاب النساء، وهو أمر له "أثر كبير على الصحة الجسدية والنفسية للمرأة خاصة إذا لم تكن هناك تدخلات علاجية بعد تعرض المرأة للاعتداء والاسترقاق الجنسي، مما يجعلهن عرضة للإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا، وتعرض الصحة الإنجابية لخطر كبير" وفقا لسليمى إسحق مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة.
ووثقنا في تغطيتنا تعرّض السودانيين لصدمات نفسية قاسية جراء الحرب ومواجهتهم الانتهاكات التي صاحبت القتال، لكنها تشير إلى أن الأثر الأكبر كان على الأطفال، خاصة الذين فقدوا أسرهم أو شهدوا بأعينهم أحداثا عنيفة أو تعرضوا للعنف الجسدي أو اللفظي.
ووجدنا أن أمراض السرطان والسكري والكلى والقلب تمثل أكثر الأمراض المزمنة تفشيا في السودان، ويعاني منها بشكل أكبر كبار السن الذين يجدون صعوبة في التنقل من مكان لآخر، فيكون مصيرهم الموت البطيء، لا سيما في ظل دمار 80% من المؤسسات الصحية في جراء القتال.
إعلانوشملت تغطيتنا واقع اللاجئين السودانيين، الذين يعيشون عددا من التحديات خلال طريقهم للبحث عن الحماية، مما يضعهم أحيانا في مواقف محفوفة بالمخاطر، وينفصل عدد من الأطفال عن ذويهم خلال رحلة اللجوء ويصلون وهم في أمس الحاجة إلى الدعم الطبي والنفسي، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وكان وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم -في تصريحات نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024- قد ذكر أن المواجهات المستمرة منذ قرابة 20 شهرا، بين الجيش وقوات الدعم السريع، تسببت في انهيار النظام الصحي بالبلاد.
ونضع هذه التغطية المعمقة بين يدي القراء:السودان.. نظام رعاية صحية يئن تحت الحرب
اللاجئون السودانيون.. مأساة لم ينهها عبور الحدود
حرب السودان.. آلام النساء معاناة صامتة
أطفال في خضم حرب السودان.. الموت جوعا وتحت القصف
بين الخوف والنزوح والموت.. قصص مأساوية لأصحاب الأمراض المزمنة في السودان
وزير الصحة السوداني: الاشتباكات أدت إلى انهيار النظام الصحي