في السابع من أكتوبر الماضي، كان الفلسطيني أحمد سمير الدغمة، الطالب بالفرقة الرابعة قانون إنجليزي جامعة عين شمس، يجلس مع صديقه في أحد الأماكن، يقلب في هاتفه لمعرفة آخر الأخبار، وتفاجئ بصور كثيرة ومقاطع فيديو توثق الأحداث الدامية في قطاع غزة، عندما شعر بقبضة قلبه، ولم يتمالك نفسه، وانصرف سريعًا، وحاول التواصل مع أهله والألم المصحوب بالأمل يناتبه، متسائلًا: «يا ترى حصل إيه لأهلي؟.

. يا ترى عايشين ولا شهداء؟».

«يوم 7 أكتوبر كان فارقًا جدًا على كل الأصعدة، فمنذ ذلك التاريخ لم تعد الحياة كما كانت ولم نعد نحن نفس الأشخاص، فقد تملكنا التوتر والقلق والتخيلات القاتلة في كل مرة نسمع فيها صوت إشعارات الهاتف أو في كل رسالة لم تصل.. في أعيننا لم تعد هناك حياة، فقط أفكر في العدوان الغاشم وما يحدث في فلسطين وما سيحدث لاحقًا، انقلب الحال من طلاب بسطاء إلى محللين سياسيين للأوضاع»، كلمات مؤلمة عبر بها الطالب الفلسطيني، عن غضبه لما يحدث لأهله في غزة.

انقطاع الإنترنت والاتصالات، كان له وقعًا ثقيلا على الطالب الذي يقيم في سكن مُستأجر مع أصدقائه، لكنه يحاول الاجتهاد حتى يعود حاملًا الشهادة الجامعية التي حلم بها منذ الصغر، وفق حديثه لـ«الوطن»: «أكثر شيء أصابني بالقلق هو انقطاع كل وسائل التواصل مع أهلي، وهذا سبب لي ألمًا كبيرًا، لم أعد استطيع المذاكرة ولا التركيز، أشعر وكأن روحي غادرتني».

طالب فلسطيني يتحدث عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي

إجبار أهل الطالب الفلسطيني على مغادرة منزلهم، كان له وقع حزين على نفسه، إذ بكى بعده، وذلك لفقدان ذكرياته وطفولته: «أجبروا أهلي على المغادرة، وبكيت لأنه لم يعد هناك مكان آمن في غزة، شقيقي الصغير فؤاد عندما أخبرني أحسست بالعجز ومجابهة المجهول والخوف، خاصة بعد استشهاد اثنين من أقاربي، وقتها لم أصدق وزاد الحزن داخلي خاصة مع انقطاع الاتصالات بيننا، بقيت منتظرًا كي أعرف من عليه الدور في الاستشهاد».

حالة نفسية صعبة يعيشها الطالب الفلسطيني، خاصة بعد استشهاد شقيقه الأصغر «فؤاد»، إذ طالع مقطع فيديو على أحد الحسابات على «فيس بوك»، يظهر فيه شقيقه غارقًا في دمائه ويحمل اسم «شهيد»، لينهار للحظات قبل أنّ يتمالك أعصابه محاولا الاطمئنان على بقية أهله: «لم أصدق عندما شاهدت صورة شقيقي على صفحة  على الفيس بوك، تحدثت إلى أحد أصدقائي وقلت له شو بتخبص يا زلمة؟، وظليت من غير أكل، طفولتي وأهلي بيروحوا قدام عيني وأنا عاجز».

انقطاع الإنترنت يحرم أحمد من التواصل مع أهله

يحاول «الدعمة» الاطمئنان على ذويه بشكل يومي في ظل انقطاع خدمات الإنترنت عبر الرسائل القصيرة أو الاتصال الدولي: «كلمة إحنا بخير تكفيني لما بسمع صوت أهلي عبر الاتصال الدولي، بعد أنّ كنت اتحدث معهم لساعات على الإنترنت، لكني أعيش في خوف ورعب بسبب استشهاد أقاربي وأهلي، أنا صامد وصابر ومحتسب كي أكون أمل أهلي غير المفقود بعد تخرجي».

دعم ومساندة يتلقاه الطالب الفلسطيني من أقرانه المصريين، لكن حال لسانه يقول «كفوا لسان المراثي إنها ترف»: «الكل يدعمنا كطلاب فلسطينين انقطعت السبل بينهم وعائلاتهم المعيلة لهم، فجأة انقطع تحويل المصروفات الشخصية لنا، ما بقى مكان آمن في غزة ولا في فلسطين، لكن زمايلنا المصريين بيواسونا وبيبعتوا للبعض مصروفات، ودايمًا مصر كبيرة بناسها وكرمها».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قوات الاحتلال الإسرائيلي فلسطين غزة جامعة عين شمس غزة المحتلة الحرب على غزة الطالب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي / الغوطة.. عناقيد عتب

#الغوطة.. #عناقيد_عتب

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 24 / 2 / 2018

ما أبشع الموت عندما يداهم الطفولة الغافية، عندما يغتال الرسومات على “بيجاماتهم” فتموت الدببة والزرافات والعصافير فوق قلوبهم الطرية، ما أبشع الموت عندما يطوّق الدم القاني أعناقهم، ويسيل النزيف كآخر رضعات الحليب من زوايا أفواههم، ما أبشع الموت عندما يغتال الغزالة الماشية بين عشب أهدابهم، ويبعثر ريش أعمارهم، فيموتون دفعة واحدة كما كانوا ينامون دفعة واحدة أيام الشتاء الطويلة.

مقالات ذات صلة هآرتس: سلاح الجو الإسرائيلي يستعد لمهمة كبرى 2024/12/16

لمن يزهر شجر الغوطة هذا الربيع؟ لمن يرعى “براعمه”؟ لمن تزدهي كروم العنب، لمن تبوح بحصرم الألم وفي قلبها عناقيد “عتب”؟؟.. لمن وعيون الأطفال الموتى نصف مفتوحة على الحياة ونصف مفتوحة على الغضب!
ما أبشع الموت عندما يغمر الشعر الذهبي الخفيف غبار الإسمنت وطحين الجدار، والسقف الذي رسموا عليه بأصابعهم قبيل النعاس غيمة وكوخا وزهرة وقطعة حلوى، صار لحاف الموت الثقيل الذي جثى على صدورهم لحظة التفجير، ما أبشع الموت عندما يداهم من لم يحسنوا تهجئة الحياة بعد، من لم يشتمّوا رائحة زهر الليمون أول الربيع، ولم يقطفوا “نوّارة” اللوز البيضاء، ولم يفاوضوا “زهرة” الكرز بغرّة طفلة.. ما أبشع أن تعدَ الأم الصغار: “من ينام باكرا سأعطيه في الصباح التالي لوحا من الحلوى”، فيتسابقون إلى النوم لكنهم لا يستيقظون أبدا.. ما أبشع الموت لأنه موت وحسب!

هذا الربيع ستفتقد الغوطة الزائرين، ستفتقد حلقات المتنزّهين، بعدما اصطفت الجثث سطورا بيضاء في دفتر الموت الأسود، وسيفتقد الشجر أصوات العائلات وضحكات الأطفال، وثرثرات “الأرجيلة”، وغفوة العصرية، و”بلايز” المصطافين المربوطة على خصرها.. ستلوّح للريح مودّعة كل الذين اتكؤوا على سيقانها، وكل الذين افترشوا تحتها وعلقوا أحلامهم وكلامهم على أغصانها الصامتة، وستنعى أسرّة الأطفال التي اهتزت تحتها وداعبت بظل أوراقها الجفون النائمة.

هذا الربيع موجع، موحش، وغريب.. للخوخ شكل الرصاص، وللمشمش الحموي طعم الدمع المالح، وللوز رائحة “اليود”.. لا حلاوة في عروق الغوطة كلها، لقد أنهكها الحزن على “نوارها” الذي قطفته ريح السياسة وأصابع السلطة، وصرصر الصراعات الدولية..

لمن يزهر شجر الغوطة هذا الربيع؟ لمن يرعى “براعمه”؟ لمن تزدهي كروم العنب، لمن تبوح بحصرم الألم وفي قلبها عناقيد “عتب”؟؟.. لمن وعيون الأطفال الموتى نصف مفتوحة على الحياة ونصف مفتوحة على الغضب!.. لا شيء يستدعي الحياة.. فالسيقان بترت.. والأغصان كسرت.. والدراق الموسمي سقط أرضاَ.. عندما سمع أنين الأطفال.. كل الأشجار جعفر، كل الأطفال جعفر، فمن يحمل الراية من بعد “جعفر”، فزيد تحت ردم البيت، وعبد الله في ذمة الله، وخالد في “المهجر”!!! من يحمل الراية من بعد جعفر؟!

في الغوطة، التقط أحد الناجين صورة لقدم طفل قد قضى في الركام، قدمه هي الطالعة من الأرض المسوّاة، وكأنها بذرة كمثرى تطل من جديد، الجسد تحت الردم، والقدم إلى أعلى، ما أجملها من رسالة كتبت بالمقلوب، وكأن الطفل بموته يقول قدمي أعلى من رؤوسكم جميعا، ستمطر الدنيا وستكبر قدمي، وستطول وتطول لتطأكم جميعا، هي معراجي نحو الوطن وهي معراجي نحو الحرية.. أنا الغارق في الموت الصاعد برجلي إلى الحياة، هذه أولى رسائلي إليكم، فانتبه يا سامعي:
إذا ما هبت الريح وماج الجذع طويلا، تأكّد هذا تململي، فشجر الحور كعبي والأغصان أصابعي..

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

#168يوما

#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي

#أحمد_حسن_الزعبي

#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

مقالات مشابهة

  • الوثائقي الفلسطيني من المسافة صفر يترشح لجائزة الأوسكار
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: نريد أن نرى نهاية لهذه الحرب بأي شكل
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: نريد رؤية نهاية لهذه الحرب بأي شكل
  • عندما تقومون ب(..) ستلعنون آل دقلو وكل الذين أدخلوكم في هذه الورطة
  • الإسماعيلية الأزهرية تعلن الفائزين بمسابقة المواهب الصغيرة لرياض الأطفال.
  • رئيس الوطني الفلسطيني يُدين المجازر الدموية للاحتلال في قطاع غزة
  • ‏استشهاد المواطن الفلسطيني خالد نبهان صاحب مقولة "روح الروح"
  • عاجل- استشهاد الجد الفلسطيني خالد نبهان صاحب عبارة "روح الروح"
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي / الغوطة.. عناقيد عتب
  • الدفاع المدني الفلسطيني: جريمة جديدة يرتكبها الاحتلال بحق طواقمنا بالنصيرات