القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي: قال مثقفون وأكاديميون مصريون إن ما يحدث في جنين وغيرها ليس إرهابا كما يصفه الإسرائيليون، وإنما هو مقاومة مشروعة وحق أساسي تكفله القوانين والشرائع الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال. وأضافوا أن  الإرهاب الحقيقي هو ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل ضد شعب مدني أعزل يبحث عن حقه في الحياة وتحرير أراضيه من نير الاحتلال.

محللون مصريون ألقوا باللائمة على الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدين أنه لو لم تكن اسرائيل مدعومة بتأييد حليفها الامريكي غير المشروط، وهو الذي انحاز منذ اللحظة الاولي الي جانبها في عدوانها الغاشم علي جنين، واعتبره حقا مشروعا لها في دفاعها عن امنها، لما ذهبت اسرائيل بعيدا في عدوانها الي هذا الحد. د. إسماعيل صبري مقلد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية يرى أن أمريكا هي شريك أصيل لإسرائيل في كل جرائمها في الاراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدا أنها أصل الداء وأس البلاء في كل ما يحدث في فلسطين وفي غير فلسطين. وتابع قائلا: “أمريكا التي كافأت اسرائيل وفق ما أعلنه رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو باهدائها صفقة طائرات F-35 وهي احدث ما في الترسانة الجوية الامريكية من طائرات هجومية، صفقة قيمتها ثلاثة مليارات دولار مقابل عدم اعتراض اسرائيل علي توقيع امريكا لاتفاقها النووي الوشيك مع ايران وقد ابقوا في واشنطون وتل ابيب علي هذه الصفقة سرا حتي جاء نتنياهو ليكشف عنها ويعلنها للعالم.، وكأنه اراد ان يقول علي مرأي ومسمع من العالم ان سماح اسرائيل لامريكا بالمضي قدما في اتفاقها مع ايران له ثمن وان هذا هو الثمن الذي طلبته اسرائيل ولم يكن بوسع امريكا ان ترفضه او تنزل عنه، وقد كان، هدايا عسكرية امريكية مجانية بالمليارات لدعم قدرات اسرائيل الهجومية، وللحفاظ علي تفوقها لكي تبقي القوة العسكرية الاولي في الشرق الاوسط.. فلماذا لا تهاجم وتسحق جنين وغير جنين وتعلن انها جاهزة لكل الاحتمالات والسيناريوهات علي كل الجبهات ؟”. وتابع أستاذ العلوم السياسية قائلا: “والأكثر هو تصريح وزير دفاعها بانه تم اطلاع البيت الابيض مسبقا علي ما تنوي اسرائيل ان تفعله في جنين لضرب مراكز الارهاب فيها علي حد وصفه لها، وان لم تبلغه بموعد بدئها لهجومها، وهو ما لم يبدي الرئيس الامريكي اعتراضا عليه وسمح لها به، فعملية جنين مخططة منذ فترة، وتمت بعلم الولايات المتحدة وموافقتها التامة عليها، ولم تحدث من وراء ظهرها..فالتنسيق والتفاهم تام بينهما، بل ويكاد يكون في ذروته الآن بموقف اسرائيل الاقل تشددا مما كان عليه في السابق من الاتفاق النووي المزمع مع ايران والذي بات الاعلان عنه مسالة وقت لا اكثر، وبالتالي، فان اسرائيل تجد نفسها حاليا في الموقف الذي يمكنها فيه ان تمارس كل اشكال الابتزاز والضغط علي الادارة الامريكية لتطلق يدها في الاراضي الفلسطينية المحتلة بينما تبقي هذه الادارة الامريكية جاهزة بالفيتو لاستخدامه ضد اي مشروع قرار في مجلس الامن الدولي لادانة اسرائيل عن جرائمها في جنين وغيرها”. وقال إن إسرائيل كعهدنا بها دائما تعرف كيف تضرب علي الحديد وهو ساخن.. ومن هنا كان ما نراه في جنين ومخيمها.  وقال مقلد إن علينا قبل ان نلوم اسرائيل علي حروبها المتلاحقة علي المدن الفلسطينية وما تحدثه فيها في كل مرة من دمار وقتل وترويع، يجب ان نلوم اولا من توسعوا في تطبيعهم الحار معها واعتبروها شريكا استراتيجيا موثوقا فيه، وقطعوا شوطا كبيرا في تعبيرهم عن صداقتهم لها، ولم يوقفهم عن تحركهم في مسار التطبيع الجديد ما ترتكبه اسرائيل من انتهاكات وحشية للفلسطينيين في مدنهم المحتلة، وبتهويدها لفلسطين العربية بمخططاتها الاستيطانية بوتيرتها المتسارعة وغير المسبوقة في حجمها وكثافتها، وهو ما يعني انه حتي لو ضاعت فلسطين كلها بفعل الاستيطان والتهويد والضم ومصادرة الاراضي والممتلكات الفلسطينية من اصحابها الاصليين، فسوف تستمر علاقات المطبعين مع اسرائيل في ازهي صورها واشكالها واعلي مستوياتها ولن تتأثر.  وتابع قائلا: “ولنقارن رد فعلنا العربي المتخاذل من ابادة شعب عربي وحرمانه من حقه في الحياة ونحن اثنتان وعشرون دولة عربية، بما تفعله اسرائيل، وهي دولة واحدة في دفاعها عن يهود العالم في كل مكان وكانهم مواطنيها أو كانه ليست لهم دول وحكومات تدافع عنهم.. حيث تقيم اسرائيل الدنيا ولا تقعدها اذا حدث اعتداء علي معبد يهودي او علي طائفة يهودية في اقصي بقاع الارض، وتعتبره تعبيرا عن مشاعر معادية للسامية وهي لا تتسامح في حقوقهم ابدا..فهي الحارس الامين لكل يهود العالم.. وهم يجدون فيها الدرع والسيف الذي يحميهم ويدافع عنهم…او كما قال رئيس الوزراء الاسرائيلي دافيد بن جوريون عقب قيام اسرائيل ان علي كل يهود العالم ان يعتبروا اسرائيل وطنهم الاول وبعدها تاتي اوطانهم التي يقيمون فيها”. ولفت إلى أن اسرائيل تتصرف طول الوقت في فلسطين واضعة في اعتبارها انه لن يكون هناك رد فعل عربي منها اكثر منَ عبارات الشجب والادانة، وانه بمجرد ان تنهي عملياتها التي جاءت من اجلها، فسوف تعود العلاقات بينها وبين اصدقائها العرب الي سابق عهدها وكان شيئا لم يكن… ولولا ان اسرائيل تعرف طريقها الي ما تريده لما كان هذا هو حالنا معها.. ولما كانت في جنين اليوم بكل هذا العنفوان والجبروت…ولم تسمع منا غير ما اعتادت ان تسمعه منا في كل مرة. وخلص إلى أنه لا الشجب ولا الادانة ولا الاستنكار سوف يوقف عدوان اسرائيل الهمجي علي جنين او يضع حدا لجرائمهم فيها، لافتا إلى أن آلة الحرب الاسرائيلية تعمل حاليا بكامل جبروتها وعنفوانها،  والمداهمات والاعتقالات لشباب المقاومة تجري علي قدم وساق، وتدمير البنية التحتية لحركات المقاومة لا يتوقف، مؤكدا أنهم يعلمون مواقع تصنيع السلاح وتخزينه حتي داخل المساجد التي لم تسلم من مداهمتهم لها. واختتم مؤكدا أنه لا نهاية تلوح في الافق لهذه المأساة الكبيرة التي طالت واستحكمت وسدت اسرائيل كل ابواب الحل السلمي في وجهها حتي يرضخ الفلسطينيون للامر الواقع او يتركوا ويرحلوا خارج وطنهم الي الشتات ولنكون امام دورة جديدة من دورات التاريخ.  العمى البصيرة من جهتها قالت د.عواطف عبد الرحمن أستاذة الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة إن الشعب الفلسطينى يذبح فى جنين بأيدى المحتلين الصهاينة فى ظل عمى بصر وبصيرة المجتمع الدولى وتشجيع العجز العربى.  وأضافت: هل يحق لنا أن نتحدث عن حكام أشاوس وجامعة عربية تزدحم بالموظفين الذين يتقاضون آلاف الدولارات؟ واختتمت داعية: اللهم بث فينا روح العزيمة لإنهاء هذه المرحلة العبثية التى طالت. جنين والضمير العالمي في ذات السياق قالت د. وفاء إبراهيم العميد الأسبق لكلية البنات جامعة عين شمس إنه منذ شارون ومخيم جنين قبلة القتل لدى الاسرائيليين. وأضافت متسائلة: هل الضمير العالمى لا يرى فرقا بين مايحدث والمحرقة؟! من جهته تساءل الأديب شوقي عقل: انتهت عملية جيش الدفاع في جنين، قتل أحد عشر مدنيا، ربما يكونون ناشطين يملأ الدم الحار قلوبهم الغضة، ربما تصدوا للدبابات بصدورهم العارية وأحجارهم! هل هناك جديد؟ هل اختلفت هذه العملية عن البدايات في دير ياسين او قانا او بحر البقر؟ عن ما يفعله الكيان كل يوم؟! هل سيوقف بن غفير ونتنياهو اصرار شعب من اجل حريته وارضه؟ وأجاب عقل: الرد لم يتأخر، جاء من شاب صغير في قلب تل ابيب والطائرات تقصف البيوت! في ذات السياق قال الأديب المصري عباس منصور إنه لو تخلصت إسرائيل من الفلسطينيين حربا أم صلحا فستتفرغ تماما لمصر، مؤكدا أن وقوفنا مع فلسطين هي لدوافع نفعية بحتة.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی جنین

إقرأ أيضاً:

“ويومئذ يفرحُ المؤمنون بنصر الله”

 

بعد 471 يوماً من الحرب الشرسة التي خاضتها فلسطين وغزة، والتي تجلت فيها أروع صور الصمود والتحدي من قبل فصائل محور المقاومة، خصوصاً من اليمن، تحقق النصر العظيم لغزة في مواجهة الكيان الصهيوني. هذا النصر ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار تاريخي يُسجل في صفحات المجد والكرامة، ويعكس إرادة الشعوب في مقاومة الظلم والعدوان. لقد أُثبت للعالم أن غزة، التي تعرضت لأبشع أنواع القصف والتدمير، لم تكن وحدها في ميادين المعركة، بل كانت مدعومة بإرادة حديدية وعزيمة لا تلين من محور المقاومة.

على مدار 471 يوماً، واجهت فصائل المقاومة آلة الحرب الإسرائيلية بكل ما أوتوا من قوة، متسلحين بالإيمان بعدالة قضيتهم وبالحب للوطن. لقد قدموا تضحيات جسيمة، حيث ارتقى العديد من القادة الشهداء الذين سطروا أسماءهم في تاريخ النضال. ومن بين هؤلاء القادة، كان السيد حسن نصر الله رمزاً للقيادة الحكيمة والشجاعة. كنا ننتظر خطابه التاريخي ليعلن عن انتصارنا في معركة طوفان الأقصى المباركة، ولكن الله أراد له أن يصطفيه إلى جانبه، مما ترك في قلوبنا حزناً عميقاً على فقدان قائد عظيم كان يمثل الأمل والقوة.

إننا حزينون جداً على القادة الذين فقدناهم، فكل شهيد يمثل جزءاً من روح المقاومة، وكل دم سُفك يعكس التضحيات التي قدمها هؤلاء الأبطال من أجل حرية وطنهم. إن دماء هؤلاء الشهداء كانت الأساس الذي بُني عليه هذا الانتصار، وها نحن اليوم نقطف ثمرة تضحياتهم بكل فخر واعتزاز. إن هذا الحزن لا ينفي الفخر بما حققناه، بل يعزز من عزيمتنا على الاستمرار في الطريق الذي سلكوه.

إن انتصار غزة يمثل نقطة تحول في مسار الصراع مع الاحتلال، ويؤكد أن الشعوب التي تدافع عن حقوقها وتتمسك بمبادئها دائماً ما تنتصر في نهاية المطاف. لقد أظهر هذا الصراع أن الإيمان بعدالة القضية الفلسطينية يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً، وأن الوحدة بين فصائل المقاومة تشكل جبهة قوية قادرة على مواجهة التحديات والصمود أمام آلة القتل والتدمير.

هذا النصر التاريخي هو رسالة واضحة للكيان الصهيوني وللولايات المتحدة، بأن المقاومة لن تتراجع، وأن الشعوب الحرة ستبقى تدافع عن حقوقها مهما كانت التضحيات. إن العزيمة التي أظهرها محور المقاومة تعكس قوة الإرادة الشعبية في مواجهة الظلم والعدوان، وتجسد الروح الفدائية التي لا تعرف الاستسلام. إن انتصار غزة هو انتصار لكل الأحرار في العالم، وهو دعوة لكل من يظن أن الظلم يمكن أن يستمر دون عقاب.

في سياق هذا النصر، يجب أن نتذكر أن الأمل في تحقيق العدالة لم يكن يوماً سهلاً، وإنما جاء نتيجة تضحيات جسيمة وصبر طويل. إن الدماء التي سُفكت من أجل الحرية لن تذهب سدى، بل ستظل مصدر إلهام للأجيال القادمة. فالأمم التي تدافع عن حقها دائماً ما تنتصر، وستبقى فلسطين رمزاً للمقاومة والصمود في وجه الاستبداد. إن هذه المعركة ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي صراع من أجل الوجود، من أجل الهوية، ومن أجل الحق في الحياة بكرامة.

كما يجب أن نُعبر عن تقديرنا العميق للقادة الشجعان الذين واصلوا المسير رغم الصعوبات، والذين حافظوا على شعلة الأمل مضيئة في أحلك الظروف. إن انتصار غزة هو بداية جديدة لعهد من المقاومة المستمرة، حيث سيتعلم الجميع أن الشعب الفلسطيني لن يتراجع، ولن يقبل بالهزيمة. إن هذا النصر يُعد بداية لمرحلة جديدة من النضال، مرحلة ستشهد مزيداً من التلاحم بين الشعوب العربية والإسلامية، وتوحيد الجهود من أجل دعم القضية الفلسطينية، حتى تتحقق الأهداف المنشودة.

في الختام، سنبقى نرفع راية المقاومة، ونعمل على تحقيق ما آمن به قادتنا الشهداء، مدفوعين بحزننا على فقدانهم، وبعزيمتنا القوية في مواصلة النضال. إن انتصارنا اليوم هو تجسيد لتضحياتهم، ولعزمنا على تحقيق العدالة والحرية لأرضنا وشعبنا، ولن ننسى أبداً دروسهم التي علمونا إياها في الصمود والإصرار.

مقالات مشابهة

  • ماهي البندقية الإسرائيلية التي ظهر عناصر القسام بها جوار “المجندات”
  • ترامب والسعودية نموذج للحب الذي يُذل “ادفع تأمن”
  • “تماما كما وعد”.. البيت الأبيض ينشر صورة لمهاجرين مرحلين مقيدين بالسلاسل
  • إعلام عبري: حالة انتظار عصيبة في إسرائيل لقوائم الأسرى التي ستعلنها “حماس”
  • “ويومئذ يفرحُ المؤمنون بنصر الله”
  • فلسطين.. طائرات إسرائيلية تهدد الفلسطينيين بإطلاق النار صوب من يتحرك داخل مخيم جنين
  •  المقاومة الفلسطينية تُدين قرار ترامب بشأن “الحوثيين” 
  • ما الذي يحدث في الضفة الغربية؟
  • إسرائيل تحرق منازل الفلسطينيين في جنين بالضفة الغربية
  • العراق يندد بـأشد العبارات بمواصلة اسرائيل عملياتها العسكرية في مدينة جنين