مكة المكرمة

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني المسلمين بتقوى الله عزوجل فإنها وصية الله للأولين والآخرين.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام وصف الله عزوجل حقيقة الدنيا وما هي عليه، وبين غايتها وغاية أهلها، وبين قصر مدتها، وانقضاء لذتها، بأنها لعب لا ثمرة فيه إلا التعب، ولهو يشغل صاحبه عن آخرته، وهذا مصداقه ما هو موجود وواقع من أبناء الدنيا، فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات أعمارهم بلهو القلوب، والغفلة عن ذكر الله وعما أمامهم من الوعد والوعيد، وتراهم قد اتخذوا دينهم لعباً ولهواً، بخلاف أهل اليقظة وعمال الآخرة ، فإن قلوبهم معمورة بذكر الله ، وبمعرفته ومحبته ، وقد أشغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله عزوجل، من النفع القاصر والمتعدي ، قال تعالى ???? إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً)
وأضاف الشيخ الجهني قائلاً: الدنيا والآخرة ضرتان، إن أرضيت إحداهما أغضبت الأخرى، ومن عرف الدنيا ومآلها، وعرف الآخرة ودوامها، أعطى كل واحدة حقها.


وأكد فضيلته أنه لا تلذذ للمرء من نعيم دنياه إلا بمسكن يظله، وبكساء يستره، وبطعام يتقوى به على آداء مهمته في هذه الحياة الدنيا، وهي عبادة الله سبحانه وتعالى وحده حتى يبلغ منتهاه، وما زاد عن ذلك فإنما هو لمن بعده، للوارث غنمه وعلى المورث حسابه وغرمه، فأيكم مال وارثه أحب إليه من ماله، في الصحيحين عن أنس بن مالك رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يتبع الميت ثلاثةٌ : أهله وماله وعمله ، فيرجع اثنان ويبقى واحد ، يرجع أهله وماله ويبقى عمله.
وبين أن الله قد جعل الدنيا دار ابتلاء واختبار، والعاقل من تزود منها لآخرته، وقد حث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً على ملازمة التقوى، وعدم الانشغال بظواهر الدنيا وزينتها، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً: إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وإنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا ، فَيَنْظُرُ كيفَ تَعْمَلُونَ ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ ، وفي روايةٍ : لِيَنْظُرَ كيفَ تَعْمَلُونَ، رواه مسلم في صحيحه، وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً أعرف الناس بالدنيا، وأكثرهم زهداً وقناعة بها، فقد كان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم من الاشتغال بمهنة الأهل والنفس إرشادا للتواضع وترك الكبر، وكان قُوتُه خشناً لم يأكل خبزاً مرققاً حتى مات ، وما شبع من خبز الشعير حتى مات صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً، وما رأى النقي من الحَبِّ منذ بعثته حتى قبضه ربه عزوجل، وما ترك بعد موته ديناراً ولا درهماً ولاعبداً ولا أمة ، ولا شيئاً إلا بغلته التي كان يركبها وسلاحه وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن المسلِم الحَقُّ يَسعى في حياتِه إلى تَحصيلِ تَقوى اللهِ عزوجل ورِضاه، ويأخُذَ مِن الدُّنيا اليَسيرَ بقدْرِ ما يوصِلُه إلى ربِّه ، دونَ أن يَنشَغِلَ عنه بأمورِ الدُّنيا، قال أحد السلف: الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن، والرغبة فيها تكثر الهم والحزن، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ومما يعين على الزهد أن يتأمل الإنسان في هذه الحياة الدنيا، وأنها دار ممر، وليست دار مقر، وأنها لم تبق لأحد من قبلك، وما لم يبق لأحد من قبلك فلا يبقى لك قال الله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾، يعني لن يخلد أحد في هذه الدنيا، وكذلك ليعلم أن هذه الدنيا دار تنقيص وكدر، ما يسر بها إنسان يوماً إلا ساء وكدر في اليوم الثاني، فإذا علم حقيقة الدنيا فإنه بعقله وإيمانه سوف يزهد بها ولا يؤثرها على الآخرة قال الله تعالى ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا۞وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى۞إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى۞صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾.
وأكد أن الإسلام لم يبغض الدنيا في هذا الوجود، ولكنه يعتبرها قنطرة يمر بها العاقل إلى دار البقاء والخلود، معتمداً عليها في زمان محدد، ليصلح بها ذلكم المسكن المؤبد، ولهذا وذاك فإن المرء محتاج في الدنيا إلى الضروريات التي هي المطعم والملبس والمال والأثاث والمنكح والمسكن والجاه، وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله ، وأحبني الناس ، فقال رسول الله إزهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك) رواه ابن ماجة، ومعنى الحديث أن تفضل أمر الله على أمر الناس أجمعين ، وأن تفضل الآخرة على الدنيا بعمل صالح مع صبر ويقين والمهم أن تكون الدنيا في يدك لا في قلبك ، وأن تملكها ولا تملكك ، وبعبارة أخرى ، فإن حب الله يكمن في الخوف والرجاء ، وعدم الاغترار بالدنيا لأنها للفناء، وإن حب الناس هو القناعة بما رزقت من الأشياء ، وترك الحقد والعداوة والبغضاء، وكيف لا يفوز المتقي بهذين الحبين الجليلين، وهو قد فضل الآخرة على الدنيا مشتغلاً بالحلال ، راضياً بما قسم الله له فاستحق الإكرام والإجلال.
وأبان الشيخ الدكتور عبدالله الجهني أن الابتلاء في هذه الحياة الدنيا من سنن الله تعالى وهو مرتبط بالتمكين ارتباطاً وثيقاً ، فلقد ابتلى الله تعالى أنبياءه ورسله عليهم الصلاة والسلام ، فأُوذوا وصبروا ، فمكن الله لهم في الأرض ونصرهم على الأعداء قال تعالى : ( وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰٓ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَآءَكَ مِن نَّبَإِيْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ )، ومنذ فجر الإسلام شاء الله تبارك وتعالى أن يبتلي المؤمنين ويختبرهم ليمحص إيمانهم، وليقوم بنيانهم بعد ذلك على أسس متينة راسخة ، ثم يكون لهم التمكين والانتصار ، وهذا الابتلاء من الله عزوجل على المؤمنين ابتلاء رحمة لا ابتلاء غضب .
وأشار فضيلته إلى أنه ما يقع على المسلمين اليوم من محن وابتلاءات لا ينبغي أن يكون ذلك سبباً لضعف نفوسهم وخور عزائمهم بل لابد أن يكون ذلك دافعاً لهم لتقوية إيمانهم بالله عزوجل والعزم الصادق والصبر الجميل، ولن يكون الخلاص والنجاة إلا بالتمسك بكتاب الله عزوجل ، وسنة رسوله الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً ، والبراءة من الشرك وأهله ، ولزوم جماعة المسلمين، لأن الجماعة قوة لا تقهر، والحذر من التفرق في الدين والتحزب، قالت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: إلا أن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد برئ ممن فرق دينه واحتزب، وتلت قول الله تعالى: ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون )، ويجب على المؤمن أن يكون على ثقة ويقين بنصر الله القريب وإن كثر الأعداء وتكالبوا وعظمت قوتهم ، فإن الله سينصر دينه والمؤمنين ، قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُحَى مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بأسنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ وقال تعالى: ﴿وَلَا تَيأَسُوا مِن رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا ييأْسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَفِرُونَ ﴾ وقال سبحانه: ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سوءُ الدَّارِ ).
ونوه إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن المؤمن مأمور بأن ينصر دينه، ومأمور بأن ينصر أخوانه، ومن هذا المنطلق جاء التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله – بحملة وطنية لجمع التبرعات عبر منصات مخصصة لذلك، لنصرة أشقائنا في غزة، وأن من الواجب على المسلمين أن يسارعوا بالبذل والعطاء، والقيام بحق الأخوة وتلبية النداء، استجابة لأمر ربهم عز وجل حيث يقول : ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾، وتأتي هذه الحملة المباركة – بإذن الله – امتداداً لمواقف المملكة العربية السعودية التاريخية والمشرفة في الوقوف مع القضية الفلسطينة ودعم الشعب الفلسطيني.
وفي المدينة المنورة، حذّر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ من نشر الأخبار الكاذبة والإشاعات المغرضة التي تثير الفتن, وتحقق لأعداء الأمة مآربهم في شقّ الصفّ، ونشر الفتن، وتمزيق مجتمعاتنا الإسلامية.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة : إن من الأمور الخطيرة على الأفراد والمجتمعات، تلك الإشاعات من الأخبار المتناقلة، دون برهان على صحتها، ولا دليل على صدقها، إنها الإشاعات التي تنتشر في وسائل الإعلام المختلفة، من مصادر مجهولة، تبثّ الأراجيف، وتثير الفتن العريضة والشرور المستطيرة.
وبيّن آل الشيخ أن الإشاعات متنوعة الطرح، تحمل المخاوف، وتبثّ القلاقل وتتناول ولاة أمور المسلمين وعلماءهم بالسوء والفحشاء، ذات مقاصد سيئة، وأهداف مغرضة، فتلك الإشاعات سلاح فتّاك، يبثّها الأعداء لتدمير الأمة وشقّ صفّها، وتمزيق وحدتها.
وأوضح أن الإشاعات صناعة من صناعات أعداء الإسلام، للصدّ عن المناهج الربّانية، والشرائع الإلهية، ومع تطوّر العالم أصبحت صناعة متقنة، وفق قواعد مرسومة لتدمير الدول، سياسياً، واقتصادياً، وأخلاقياً، وسلماً، وحرباً.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن موقف المسلم من تلك الإشاعات اتباع المنهج الإسلامي الذي يدعو إلى الوعي واليقظة، وإدراك أضرار هذه الإشاعات، يقول الله عزّ وجلّ ” وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى? أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا”.
وحثّ فضيلته على عدم العجلة التسرّع بنشر الأخبار حين سماعها، بل لا بد من التأمل الدقيق، والنظر العميق في حقائق الأمور وعواقبها، فقال أهل العلم : وفيها تحريم إذاعة الأخبار، خاصة في حالات المحن، إلا بعد التأكد من صحّتها، وعدم الضرر من نشرها، مستدلاً بقول الله تبارك وتعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” كما ربّى النبي صلى الله عليه وسلّم أمّته على التبيّن والتأني، وحذّرهم من الانزلاق في نشر الأخبار حين سماعها، دون معرفة بصدقها، فقال عليه الصلاة والسلام “بئس مطيّة الرجل زعموا” رواه أبو داوود
وبيّن أن السلامة للأفراد والمجتمعات التمسّك بالأصل النبوي “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت”.
وقال، إن من خصائص أمة الإسلام أنها أمة واعية، لا تصدّق كل ما ينشر ويشاع، دون تمحيص ولا تفنيد، فلا بد للمسلم من الكياسة والفطنة، والوعي الكامل بمكر الأعداء وكيدهم، قال تعالى: ” هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ” ويقول سبحانه: ” لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ “.
وأضاف آل الشيخ : إنما يدرأ شرور الإشاعات المغرضة، العمل بالثوابت الدينية، والعمل بالحكمة والتروّي، وإجادة تقدير المواقف، والتعاضد، والتعاون مع ولاة الأمر، والوقوف صفاَ واحداً فيما يخدم الدين والدنيا معاً، وعلى الجميع الجذر من تلك المعارك الجدلية في وسائل التواصل، فما لا نفع فيه ولا جدوى.
وحذّر فضيلته من الأطروحات التي تستغلها وسائل التواصل خاصة في أيام المحن والبلايا كهذه الأيام، من ادعاءات كاذبة، ظاهرها الإخلاص للأمة والصدق لقضاياها، وهم يحدثون فتناً أكبر، ومخاطر أعظم، ومحناً أطمّ للأمة، فكلما برزت محنة أحدثوا منها ما يثير الفتن على المجتمعات، والتاريخ الحديث أعظم شاهد، وأكبر برهان.
وتابع قائلاً: لقد آن الأوان، للعمل الجاد الحكيم، الذي نتعاون فيه مع ولاة الأمور، بما يدرأ عن المسلمين الشرور، بعيداً عن العواطف النفسية، والمشاعر المجرّدة عن معرفة ما وراء الأمور، من فتن تحاك للإسلام وأهله، آن لنا أن نسلم المسالم السديدة الحكيمة التي تحملها المقاصد الشرعية الكبرى، لتنظيم حياتنا، ونصرة ديننا، وقضايانا، وفق وحدة صفّ، واجتماع كلمة، فكم عانت الأمة قبل عقود من وراء دعوات وأطروحات ما جنت منها البلدان إلا خراباً، ودماراً، وتشديداً، وتهجيراً.
وأضاف: الأمة المسلمة يجب أن تستقبل الفتن بالتعاون المثمر، والأخوة الإيمانية، والنصرة الإسلامية، بقواعد الشريعة، وأصول الحكمة، التي تضمن بإذن الله رؤية الأمور بمنظور واضح، ينظر للعواقب والمآلات، بصلابة إيمان صادق مع الله سبحانه.
وبيّن آل الشيخ، أنه متى صدقت النوايا وكان العمل صواباً على ضوء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ووفق تصوّر واضح راسخ مدروس، مبنيّ على الثوابت الإسلامية، لا على العواطف المحمودة فقط، كانت العاقبة حميدة، والمآلات ناجحة، والعمل مثمراً.
ونوّه فضيلته باتفاق الأمة اليوم، حكاماً وشعوباً من الاهتمام بقضية العالم المطروحة من الظلم الأعظم، والإرهاب الأكبر، والجرم الذي تعجز الكلمات البليغة عن وصف قبحه وفداحته، من المغتصبين المحتلين على أهل غزّة، داعياً إلى التعاون والتناصح بين المسلمين ومناصرة إخوانهم بكل ما يمكنهم مخلصين لله في ذلك ومتعبدين لله وحده راجين نصره وعزّه وتمكينه، على حرص كامل لوحدة الصفّ، واجتماع الكلمة محذراً من مكائد الأعداء وحبائل المتربصين.
وحذّر فضيلته ممن يتّخذون من هذه المحنة سبباً للطعن، وإحداث الفتن، مبيناً أن أولئك يسلكون مسلك الأعداء المتربّصين، مبيناً أن الأمة أمة تعاون، وتعاطف، وتشارك، وتناصح، وإخلاص، وصدق، لا أمة تخاذل، وتخاصم، وغشّ، وخداع.
وأكد الشيخ حسين آل الشيخ أن بلاد الحرمين منذ نشأتها، حكاماً ومجتمعاً، علماءً وعامة، هم من أوائل الأمة الذين سطّر التاريخ لهم المواقف المحمودة، والنصرة المشهودة، لقضية فلسطين وأهلها، من منطلق إسلامي وواجب ديني، فهذا مبدأ يتواصى عليه حكامها، وتربّى عليه مجتمعها، فلا مزايدة لأحد عليه إلا لعدوٍ متربّصٍ، أو حاقدٍ مغرض.
وحضّ آل الشيخ على الاستجابة لمبادرة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده – حفظهما الله – للتبرّع بما تجود به الاستطاعة، لإخواننا في غزّة، داعياً تجّار المسلمين وكل مسلم إلى المبادرة بالبذل والإنفاق بما تجود به أنفسهم ففي ذلك خير لهم.
وتوجّه فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي في الخطبة بالثانية بالدعاء والتضرّع إلى الباري جلّ وعلا أن ينصر أهل غزّة المستضعفين، وأن يهلك الصهاينة المعتدين، وأن يهزمهم ويردّههم خائبين مخذولين، ويقذف الرعب في قلوبهم، وأن يحفظ إخواننا في غزة وفلسطين، ويربط على قلوبهم، وينصرهم نصراً عزيزاً، وأن يحفظ المسلمين ومجتمعاتهم من كل شرّ ومكروه.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: المسجد الحرام المسجد النبوي الشريف خطبتا الجمعة النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم إمام وخطیب المسجد المسجد النبوی المسجد الحرام الحیاة الدنیا الله تعالى قال تعالى رسول الله آل الشیخ الله عنه فی هذه

إقرأ أيضاً:

حكم زواج المتعة ومواضع النهي عنه

زواج المتعة.. قالت دار الإفتاء المصرية، إن زواج المتعة حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت من نسخه وتحريمه تحريمًا مؤبدًّا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه ابن ماجه.

حكم زواج المتعة في الإسلام 

ونهى الله تعالى عن زواج المتعة  في ست مرات وفي ست مناسبات ليؤكد النسخ والإلغاء، وجاء ذلك كالآتي: أحدها في خيبر، والثانية في تبوك، والثالثة يوم الفتح، والرابعة بعد ذلك في عام الفتح، والخامسة في عمرة القضاء، والسادسة في حجة الوداع.

وروي عن بعض الصحابة من إباحته قد ثبت رجوعهم عن ذلك، وإذا تمَّ فإنه لا يُعدُّ نكاحًا ولا تترتب عليه آثار النكاح الشرعية.

مفهوم زواج المتعة
وزواج المتعة هو أن يقول الرجل للمرأة: أتمتع بك مدة كذا بكذا من المال، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أذن فيها في غزوة غزاها، واشتد على الناس فيها العزوبة، ثم ثبت ثبوتًا قاطعًا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنها ونسخ هذه الإباحة؛ ثبت ذلك بطريقة تبلغ حد التواتر؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عنها ست مرات .

حكم زواج المتعة
قال جمهور الصحابة والتابعين والفقهاء إن نكاح المتعة باطلٌ لا ينعقد أصلًا؛ لنهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولأنه لم يكن زواجًا بإجماع علماء المسلمين، والله سبحانه وتعالى قال في وصف المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ۝ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: 5-6].

والمعقود عليها عقد متعة ليست زوجًا باتفاق المسلمين حتى عند الشيعة؛ فإنهم لا يرتبون لها حقوق الزوجة من نفقة وميراث، كما أن الجمهور استدلوا على بطلانه بما يأتي:

أولًا: إن الأحاديث جاءت مصرحة بتحريمه؛ فعن سبرة الجهني رضي الله عنه: "أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فتح مكة، فأذن لهم في متعة النساء. قال: فلم أخرج حتى حرَّمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" رواه مسلم. وفي لفظ رواه ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرَّم المتعة فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وعن عليٍّ رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية" رواه البخاري.

ثانيًا: إن عمر رضي الله عنه حرَّمها وهو على المنبر أيام خلافته، وأقره الصحابة رضي الله عنهم وما كانوا ليقروه على خطأ لو كان مخطئًا.
ثالثًا: نقل عن البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سُئل عن المتعة فقال: هي الزنا بعينه.

زواج المتعة 

رابعًا: ولأنه يقصد به قضاء الشهوة ولا يقصد به التناسل ولا المحافظة على الأولاد وهي المقاصد الأصلية للزواج، فهو يشبه الزنا من حيث قصد الاستمتاع دون غيره، ثم هو يضر بالمرأة؛ إذ تصبح كالسلعة التي تنقل من يد إلى يد، كما يضر بالأولاد حيث لا يجدون البيت الذي يستقرون فيه ويتعهدهم بالتربية والتأديب.

توجيه ما روي من إباحة زواج المتعة عند بعض الصحابة والتابعين

روي عن بعض الصحابة وبعض التابعين أن زواج المتعة حلال، واشتهر ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما الذي ثبت رجوعه عن فتواه، فقد جاء في "تهذيب السنن": [وأما ابن عباس فإنه سلك هذا المسلك في إباحتها عند الحاجة والضرورة، ولم يبحها مطلقًا، فلما بلغه إكثار الناس منها رجع عنها، وكان يحمل التحريم على من لم يحتج إليها] اهـ.

قال الشوكاني عنه في "نيل الأوطار" (6/ 164، ط. دار الحديث): [وعلى كل حال فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع، وقد صحَّ لنا عنه التحريم المؤبد، ومخالفة طائفة من الصحابة غير قادحة في حجيته ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به، كيف وإن الجمهور من الصحابة قد حفظوا التحريم وعملوا به ورووه لنا حتى قال ابن عمر رضي الله عنهما فيما أخرجه عنه ابن ماجه بإسناد صحيح: "إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثًا ثم حرمها، والله لا أعلم أحدًا تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة"] اهـ.

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: الإسلام يحرم الإسراف في استهلاك المياه
  • «اللهم رب الناس أذهب البأس».. دعاء المريض كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
  • المراد بالنصيحة في حديث النبي عليه السلام "الدِّينُ النَّصِيحَةُ"
  • كل كلام يقوله الإنسان محسوب عليه إلا 3 أمور فما هي؟.. علي جمعة يوضح
  • حكم زواج المتعة ومواضع النهي عنه
  • نائب الرئيس النيجيري يزور المسجد النبوي
  • الشيخ رمضان عبد المعز: القناعة سر السعادة والرضا عن رزق الله.. فيديو
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • حكم تأجيل العمل وقت الدوام ليكون عملًا إضافيًّا
  • أهم المعلومات حول جبل الشيخ الذي سيطر عليه الاحتلال (إنفوغراف)