عربي21:
2024-11-26@18:02:16 GMT

لا طائل من استجداء العرب

تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT

لا شك أن الأرواح التي أُزهقت تشكل جراحا عميقة في جسد الأمة ضمن جراح عديدة، تثقل كاهلها. ولكن، من واقع التجربة والمشاهدة، فإن مساعي التأثير أو الاستجداء لدى بعض العرب تبدو كمضيعة للوقت ولا طائل منها. هذا القول ليس تقليلا أو انتقاصا من قيمة أحد، بل هو انعكاس لحقيقة الأمور وتوصيف لواقع ثبتت بالتجربة صعوبة تغييره.



بعض الحكومات التي لا تستجيب لنبض شعوبها وتُغلق أذنيها عن مطالبهم وتستمر في حرمانهم من أبسط مقومات الحرية الإنسانية في التعبير والمطالبة بالعدل، والتي تُظهر حساسية مفرطة تجاه الإساءات اللفظية لرموزها، بينما تغض الطرف عمّا يجري حولها من مآسٍ إنسانية، تحتاج إلى مقاربة مختلفة. فهي لا تُثير الاستياء فقط، بل تعكس نقصا كبيرا في رؤيتهم الإنسانية والأخلاقية.

يقول تعالى: "كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ".. فكلُّ إنسانٍ إذا رأى نفسَه قد استغنى فإنَّه يطغى ولا يبالي، إذا رأى أنَّه استغنى بالصحة أو المال أو السلطة. ولهؤلاء نقول "عسى الله يهديكم"، لأنهم أخفقوا في أن يكونوا السند الذي يعتمد عليه الناس. ومهما علت أصوات الشعوب العربية، فلا سبيل لها في التأثير المباشر على سياساتهم وقراراتهم.

ما العمل إذا؟

هناك جسور ممدودة بين الشعوب والسياسات في الدول الديمقراطية بأمريكا وأوروبا، التي تملك المقدرة على التأثير المباشر في قرارات دولهم.

نعم، لقد نجح اللوبي الصهيوني على مدى عقود في التأثير بشكل قوي على السياسة الخارجية الأمريكية وغيرها من الدول الأوروبية بالتبعية، ولكن مع تزايد الوعي الشعبي الغربي، بدأنا نشهد تغيرات لافتة.

هذا الزخم العاطفي المؤيد للحق الفلسطيني من منظور إنساني هو أحد الأمور التي لم تكن في الحسبان، لكنها تدعم انفتاح العالم على النضال في غزة، وهو ما قد يؤثر إيجابا على سياسات دولهم. فالشعوب هناك حية ومنفصلة عن سياسات حكوماتها المنحازة بشكل أعمى للكيان المحتل، ويمكن أن تكون هذه الشعوب قوة للتغيير إذا ما تمكنا من حشد تأييدها إلى جانبنا بشكل مؤسسي ومدروس، يركز على عدالة هذه القضية، وهو جانب قد يسهل تسويقه لهم لأن دعم الحقيقة أسهل من دعم الأكاذيب.

هذا هو المسار الذي يمكن أن يُثمر عن نتائج ملموسة لقضيتنا الفلسطينية وغيرها من القضايا التي تهمنا. وأؤمن من خبرة عملية بسيطة، بأننا إذا تمكنا من حشد هذه الشعوب إلى جانبنا، سنكون قادرين على إحداث تأثير لا يستهان به على القرارات الدولية، وبالتالي نؤثر وبشكل غير مباشر على بعض الخانعين في منطقتنا الذين سيجدون أنفسهم حينها مضطرين ومرغمين على اتخاذ مواقف تعبر عن إرادة شعوبهم العربية.

وقد يمنح ذلك آخرين الفرصة للتعبير عن دعمهم الحقيقي للقضية الفلسطينية، مستندين إلى التغيرات العالمية والضغط الشعبي الغربي كذريعة لتغيير مواقفهم التي طالما خضعت لأوامر القوى الكبرى وواشنطن تحديدا، فهناك من العرب من يؤمن بالحق الفلسطيني، ولكن خوفه على مصالحه الضيقة تجعله يمتنع عن اتخاذ القرارات السياسية اللازمة.

إنه طريق شاق ومضنٍ، لكن الإصرار يمكن أن يثمر عن تغيير حقيقي وملموس، فهناك بصيص نور نراه في عيون التفاعل الإنساني العفوي مع هذه القضية العادلة في ديمقراطيات كثيرة، وتحديدا في واشنطن، حيث يمتلك الشارع الحي المقدرة على التأثير المباشر في سياسات بلده. ويستطيع الشعب الأمريكي أن يُحدث تغييرا حقيقيا، حتى في ظل وجود جماعات الضغط الصهيونية. لكن لأمر الأساسي والمهم، هو وصول الحقائق إليهم، ليكونوا على وعي كامل، وليسوا في حالة من الجهل أو التضليل حول القضية الفلسطينية.

وختاما، ما زال الأمل قائما، وعلينا أن نستمر في العمل بلا كلل ولا ملل لنصرة الحق وإحقاق العدالة، فتسويق الحق الفلسطيني أسهل وأسرع من تسويق الكذب الإسرائيلي.. ولا عزاء لبعض العرب.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الغربي الفلسطيني فلسطين الغرب تضامن العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

المسيرة المليونية تجسيدٌ للأمل في مواجهة الاحتلال ودفاعٌ عن الحق

فتحي الذاري

عندما نتحدث عن المسيرات المليونية فَــإنَّنا نشير إلى تجسيدٍ حي لشعور عميق بالوحدة والتضامن بين الشعوب في سياق مقاومة الظلم والاحتلال؛ فالمسيرة المليونية مع غزة ولبنان دماء الشهداء تنتصر، أمام كيان الاحتلال الإسرائيلي لم تكن مُجَـرّد حدثٍ عابر بل كانت تعبيرًا قويًّا عن إرادَة الشعوب في الانتصار للحق والعدالة واستهداف القاعدة الجوية الإسرائيلية هو جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تغيير موازين القوى في المنطقة، هذه الهجمات تظهر قدرة محور المقاومة على تنفيذ عمليات نوعية تخلّ بالاستقرار الإسرائيلي وتثبت أن الاحتلال ليس محصنًا ضد الضغوط العسكرية، والرسالة التي تحملها هذه العمليات واضحة، الإرهاب والاحتلال لن يستمرا في ظل وجود مقاومة متجذرة.

وإن هذه الأفعال تستند إلى الدماء الزكية للشهداء الذين سقطوا في معارك الشرف، مما يشير إلى أن كرامة الشهداء ستكون محورًا رئيسيًّا في بناء الأمل والنصر الذي تسعى إليه شعوب المقاومة، ولا يمكننا الحديث عن هذه المسيرة دون الإشارة إلى دور كُـلٍّ من غزة ولبنان في نشر شعاع الأمل.

إنهم يمثلون رمزًا لتاريخ طويل من النضال، حَيثُ استطاعوا أن يقاوموا ما مروا به من اعتداءات وحصار، تجسدت هذه المقاومة في مسيرات مليونية تعبر عن تضامن الشعب اليمني مع قضاياهم العادلة، حَيثُ يعبر الدم المتدفق من الشهداء عن قوة الشعب وإرادته المحقرة للظالمين، وأن التحَرّكات التي يقوم بها محور المقاومة لا تعبر فقط عن الالتزام بالدفاع عن الحقوق المسلوبة، بل تجسد أَيْـضًا الأمل في التحولات الإيجابية التي تسعى لتحقيقها الشعوب في مواجهة الاعتداءات العدوانية، وَمحور المقاومة لا يقاتل؛ مِن أجلِ الأرض فحسب، بل يدافع عن كرامة الشعوب وعن حقوقهم الأَسَاسية في الحياة.

التحَرّكات الأخيرة تكشف عن حيوية هذا المحور وحرصه على بناء تجارب تنموية واجتماعية تعزز من التماسك الاجتماعي والعدالة.

مسيرة الشهداء ليست أعلامًا مرفوعة فقط، بل هي تمسك بالفكر والمبادئ التي تستند إليها الشعوب في نضالها كما تلعب وسائل الإعلام دورًا كَبيرًا في إبراز هذه الإنجازات، حَيثُ تسلط الضوء على الأمل والمقاومة وتعزز من الوعي العام بقضايا الحق والحرية، أن نشر قصص الشهداء وإنجازاتهم يزيد من شعلة الحماس ويؤكّـد لكافة الشعوب بأن النصر آتٍ لا محالة.

نؤكّـد أن المسيرات المليونية وتواجد الشعوب الكثيف في ساحة النضال يعتبر علامة فارقة وأملًا.

إن الدماء التي ضحى بها الشهداء هي وقود النضال، وهي تعزز من المسار نحو الحرية والكرامة، أن العاقبة ستكون للمتقين، ولمن يسعى وراء الحق والعدالة، وليستعد العدوّ ليدفع ثمن اعتداءاته في زمنٍ ربما ليس ببعيد.

إن الشعوب المقاومة في غزة ولبنان والعراق وسوريا واليمن وإيران وغيرها من الأراضي المنكوبة، ستظل متمسكة بحبال الأمل ورايات العز.

مقالات مشابهة

  • النضال.. طريق الشعوب نحو الحرية والاستقلال
  • أبو خليل: نتحدث عن السلام ولكن أين هو حقاً؟
  • حسام عبد المجيد: "مش قلقانين من بلاك بولز ولكن القلق من مستوانا"
  • الرنين المغناطيسي يرصد التأثير الفوري للسيجارة الإلكترونية
  • “مجلة رسالة المسجد” تنجح في تحقيق معايير اعتماد معامل التأثير “أرسيف”
  • المسيرة المليونية تجسيدٌ للأمل في مواجهة الاحتلال ودفاعٌ عن الحق
  • أبو الغيط : حروب إسرائيل تقلل من فرص الشعوب في التنمية وتحقيق الاستدامة
  • أَسْر الفقه السياسي
  • المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
  • العدالة الدولية الناجزة