وفاة رائد الفضاء فرانك بورمان قائد أبولو 8
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
وكالات
غيب الموت رائد الفضاء، فرانك بورمان، قائد مهمة “أبولو 8″، في مونتانا، وذلك عن عمر يناهز 95 عاماً.
ذكرت إدارة الطيران والفضاء الأميركية “ناسا” أن رائد الفضاء الأميركي، فرانك بورمان، الذي كان قائد مهمة “أبولو8″، توفى، عن عمر ناهز 95 عاما.
وقال المسؤول الإداري في ناسا، بيل نيلسون “اليوم نتذكر واحدا من أفضل رواد الفضاء في ناسا.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: أبولو 8 فرانك بورمان ناسا وفاة بورمان رائد الفضاء
إقرأ أيضاً:
رائد السّعدي بهامته العالية يشقّ طريقه للحريّة
أسلفت الحديث عن صفقة التبادل اليوسفية ثم وجدت أنّ قصّة يوسف عليه السلام قد تركت لها نصيبا في كلّ من شاركوه بجانب من جوانب صفقته التي أفضت إلى حريّته وسيادته، ثم ريادة الحياة بما وقر في القلب من حكمة ورشد ورؤية منيرة عظيمة.
رائد السّعدي في حياته اليوسفية في السجن كان مثالا كبيرا للقيم العالية الرفيعة، جسّد بروحه العالية منارة تبدّد ظلمات السجن الهائلة وترخي من ظلاله النديّة على من حوله جمالا وروعة، وتنتزع من السجن ومفرداته القاسية معنى لطيفا رؤوفا رحيما، وتهدي سواء السبيل وتمدّ من وقودها ما يرفع عاليا، وتخرج من فضاءات السجن الضيّقة إلى فضاءات الحياة الواسعة بما يصل الدنيا بالآخرة، وبما يفتح في جدران الزنزانة كوّة توصلهم بمصادر النور التي لا منتهى لها، نور على نور يعمّر القلوب ودرباتها دون أية حدود.
عندما نتحدّث عن ست وثلاثين سنة في السجن، نحن لا نتحدث عن أشهر أو بضع سنين، لا نتحدث عن رحلة شاقّة وقصيرة، بل هي في غاية الشقاوة وطويلة طولا يخرجك عن حدود العقل وقدرة النفس على التحمّل والاستيعاب، فيها من الأشواك والحفر والعواصف التي تزيغ لها الأبصار.. كم مرّة جرى على أجسادهم القمع والتنكيل بكلّ قسوة وضراوة، كم مرّة فتشوا تفتيشا عاريا؟ كم مرّة اضطرتهم ظروف السجن القاسية للإضراب المفتوح عن الطعام؟ كم مرّة ذاقوا مرارته وتجرّعوا عذاباته؟ وفي ما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كانت الأهوال وكان التوحّش الفظيع الذي تركهم كأعجاز نخل خاوية؟ نجحت سياسة بن غفير من تحويلهم إلى هياكل عظميّة، ونجح السجانون أيما نجاح في ابتكار إبداعات من صنوف التعذيب غير المسبوقة، بأيديهم وبمخالب كلابهم المسعورة وبهراواتهم وغازهم ورصاصهم المطّاطي، ونشر الأمراض المعدية مثل السكايبوس.. رائد كان مثالا للصبر والمصابرة ومجالدة الجلّاد بعزيمة لا تلين وإرادة حرّة صلبة تمثّل القدوة التي يلوذ اليها المعتقلون.
رائد لم يحاول الهرب من زمن السجن الصعب بل واجهه بشجاعة واقتدار ونجح في تحويله إلى صديق يُستأنس به بل يستثمر فيه أعظم الاستثمار، اشتغل على ميدان الفكر والمعرفة وارتقى ارتقاء واسعا في العلوم الشرعية والدينية، الفقه والتفسير، ونهل كثيرا ليتمتّع بعقلية واسعة وتفكير عميق، ونهل من العلوم السياسية ومتابعة شئون القضيّة الفلسطينيّة، زد على ذلك اهتمامه بالجانب الروحي والحالة العرفانيّة التي تمدّه بالطاقة والثبات والقدرة العالية على متابعة الطريق. فلم يكن قطع هذه المسافة الزمانية المديدة في مثل هذه الظروف القاسية بالأمر السّهل، بل يحتاج إلى القوة النفسيّة التي ترتكز على عقيدة وإيمان، ولم تكن مجرّد فكرة نظرية بل كانت مع الفكرة الإحساس بهذه الفكرة وتحريك للمشاعر الداخلية حركة واسعة وكبيرة تنسجم مع حركة الأفكار، وليتحوّل إلى جبهة داخلية متماسكة وقويّة قادرة على الصمود والتحدّي ودخول معركة صراع الارادات، وتؤكد الثبات وتحقيق ما تريد هذه الشخصيّة الفريدة التي تكون قادرة على مواصلة الطريق بكلّ ما فيه من وعورة وقسوة.
السّعدي بعد أن اكتسب بناء الذات الثورية بامتياز وكان انطلاقه منها أصلا؛ نجح في تشكيل مدرسة لهذا البناء المتميّز الفريد، خاصة وهي تنطلق من الفهم الديني الحركي المختلف تماما عن الفهم التقليدي الذي يستخدم الدين ويستثمر فيه؛ بما يجعل أتباعه خانعين لا يعطون لدور دينهم العظيم في الثورة والتغيير في واقع الظلم والاستبداد. وما شهدته اليوم أمّتنا من ترجمة عملية حققتها معركة طوفان الأقصى هو خير دليل على هذا النهج الديني لتحقيق الثورة، وهو فهم ينتج ثورة قادرة على منازلة كلّ أشكال الظلم والاستبداد والتي يقف على رأسها الاحتلال، احتلال الأرض واحتلال العقول.. هو إذا النجاح في عالم الفكرة الحيّة التي تحيي أمّة وتوقظها من سباتها العميق.
وحيث كان المنطلق العظيم للسعديّ الثائر المزلزل لمشروع لكيان وما اكتسبه في رحلته اليوسفية الطويلة بل الطويلة والعميقة جدا؛ ستكون له ولمن معه من هؤلاء الأسود الأحرار المكانة اللائقة بهم في كل ميادين الإصلاح والتطوير والنهضة، فكرا وسلوكا وتغييرا وإصلاحا وثورة على كل ما هو فساد وباطل، سيكون لهم نصيب من اليوسفيّة التي نذروا حياتهم في اكتساب ما فيها من خير وحق وعبرة في مآلاتها؛ كما كان لهم في مقدّماتها ورحلتها العامرة بالفكرة والقضيّة وذكر الله الحق المبين.