فرصة طهران.. هل تفتح حرب غزة باب السلاح النووي الإيراني؟
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
مقدمة الترجمة:
في خضم اشتعال الحرب بين فصائل المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال في غزة، تتوجَّه الأنظار باستمرار إلى إيران وحلفائها في المنطقة. وبينما تكتفي إيران حتى الآن بالتصعيد الخطابي، ويكتفي حلفاؤها في لبنان بمناوشات محدودة، يبدو أن حرب غزة في العموم أتت في وقت مناسب للنظام الإيراني الذي يسعى لإعادة إنتاج شرعيته عبر الدور المركزي الذي يلعبه في القضية الفلسطينية، وربما يفكر أيضا في أخذ خطوات إضافية في برنامجه النووي.
نص الترجمة:
منذ تأسيسها عام 1979، روَّجت جمهورية إيران الإسلامية لنفسها على أنها حليف قوي لحركة التحرر الفلسطينية. وقد استلهم الكثير من الثوريين الإسلاميين واليساريين الإيرانيين تجربة كُتاب ومقاتلي فلسطين في خضم ثورتهم على نظام الشاه، بل إن بعضهم قد تلقَّى تدريبات في مُخيَّمات الفصائل الفلسطينية أثناء الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. وما إن نجحوا في السيطرة على الدولة الإيرانية، حتى بدأ هؤلاء الثوريون في رد الجميل لإخوانهم الفلسطينيين، واستهلُّوا ذلك بتسليم مبنى السفارة الإسرائيلية في طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد أيام من نجاح الثورة، استُقبِل "ياسر عرفات"، زعيم المنظمة حينها، في العاصمة الإيرانية.
على مدار الثمانينيات، منح الحرس الثوري الإيراني المُشكَّل حديثا تدريبات للجماعات الشيعية اللبنانية التي حاربت إسرائيل (بعد اجتياح لبنان عام 1982)، رغم أن الحرس كان مشغولا حينها بالحرب الضروس مع العراق (1980-1988)، وبعد أن نبذت منظمة التحرير الفلسطينية العنف (المقاومة المسلحة)* واتجهت نحو الدبلوماسية في التسعينيات، ساعدت إيران في تشكيل شبكة من الجماعات الإسلامية المقاومة لإسرائيل. في البداية، عانى مقاتلو المقاومة الفلسطينيون واللبنانيون في مواجهة الجيش الإسرائيلي الأفضل من حيث العُدَّة والعتاد، لكن مع التدريب القادم من الحرس الثوري، تنامت كفاءة وقدرة المقاومة.
نَسَبت إيران الفضل لنفسها في انتصار حزب الله عام 2006، واعتبرته نقطة تحوُّل في صراعها مع إسرائيل. (رويترز)على سبيل المثال، وبفضل التدريب الإيراني والاشتباكات المتكررة مع إسرائيل، تحوَّل حزب الله اللبناني إلى قوة عسكرية لا يُستهان بها، ونجح في طرد إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000. ثم أتت حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، ورغم الكُلفة البشرية والاقتصادية الهائلة التي تكبَّدها لبنان، فإن الحرب ألحقت أضرارا جسيمة بالجيش الإسرائيلي، وخلقت درجة من الردْع المُتبادل أرغمت إسرائيل على عدم تكرار تجربة غزو لبنان منذئذ. وبالتبعية، ساعدت حرب 2006 في ردْع إسرائيل عن أي عمل عسكري علني تجاه المنشآت النووية الإيرانية، خشية أن تواجه ردود فعل عسكرية من حزب الله وترسانته الصاروخية.
لقد نَسَبت إيران الفضل لنفسها في انتصار حزب الله عام 2006، واعتبرته نقطة تحوُّل في صراعها مع إسرائيل. ولكن قبل أن تمسك طهران بزمام المبادرة في الصراع العربي-الإسرائيلي، كانت هناك سلسلة من الهزائم مُنيت بها النظم القومية العربية في مواجهة الجيش الإسرائيلي، على رأسها هزيمة يونيو/حزيران 1967 (النكسة)*، علاوة على فشلها في تحقيق أي تقدُّم لصالح القضية الفلسطينية. في تلك الأثناء، استثمرت إيران في نجاحاتها مع حزب الله، وبدأت منذ مطلع التسعينيات تدعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي باتت تحكُم قطاع غزة منذ عام 2007.
يبدو تحالف إيران وحماس غريبا إلى حدٍّ ما. إن حماس التي تعود جذورها إلى أفكار الإخوان المسلمين، لم تتأسس إلا بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وهي حركة سُنيَّة في نهاية المطاف انحازت في مُستهَل الثورات العربية للمعارضة السُّنيَّة ضد نظام بشار الأسد في سوريا، رغم أنه حليف مُقرَّب من طهران. بيد أن قادة إيران أبدوا قدرا من البراغماتية في بناء شبكة حلفائهم، وأتاحوا لهم درجة من الاستقلالية والاختلاف عنها في بعض المواقف الإقليمية. ونتيجة لذلك، تجاهلت إيران الفروقات بينها وبين حماس.
جَنَت إيران ثمار هذه البراغماتية، وسرعان ما بلوَرَت حماس قدرات أكبر مع الوقت بفضل الدعم الإيراني والمواجهات العسكرية المتكررة مع الجيش الإسرائيلي، تماما كما حدث مع حزب الله في وقت سابق. لقد ساهمت إيران في طفرات حماس الفنية والعسكرية، بما في ذلك ترسانة متعاظمة من الصواريخ، بفضل الدعم السياسي والعسكري والمالي الذي تقدمه لها. وفي يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أفصحت تلك الإمكانيات والأسلحة عن نفسها بشكل أثار الذعر في إسرائيل.
ماذا تريد إيران من حرب غزة؟ مجرد تحذير إيران بفتح جبهات جديدة قد يُشتت انتباه إسرائيل ومواردها الأمنية بعيدا عن غزة، فاتحا مساحة لانتفاضة جديدة مُحتملة. (الصورة: الأناضول)
ثمَّة أهداف عديدة لإيران من الحرب الحالية في غزة، لكن الهدف المباشر هو أن تخرج حماس وحركة الجهاد الإسلامي بقوة وشعبية أكبر من ذي قبل. تريد إيران من حلفائها أن يُلحقوا دمارا لا يُحتمل بإسرائيل، وأن تَحوُل دون انتصار الجيش الإسرائيلي في غزة، وذلك كي تردْع تل أبيب عن التفكير في مهاجمة فلسطين دون رقيب أو حسيب مرة أخرى. وتعتقد إيران أيضا أن نتيجة كهذه ستحمي الفلسطينيين من المستوطنين إذا أُتيح صعود حماس أو أيٍّ من حلفائها إلى السلطة في الضفة الغربية، حيث يُمكن لمقاتلي المقاومة هناك أن يستخدموا المقاومة المُسلحة لردْع المستوطنين عن مهاجمة أهلهم.
وحتى إن لم تنجح حماس بعد انتصارها في حيازة السلطة داخل الأراضي الفلسطينية خارج غزة، فإن انتصارها قد يُتيح لها ولحركة الجهاد الإسلامي أن يمتلكا نفوذا يتجاوز غزة، وأن يزيدا شعبيتهما في صفوف سكان الضفة الغربية والقدس الشرقية. ورغم أن هذه بالضبط هي النتيجة التي تحاول إسرائيل الحيلولة دون حدوثها، فإنها قد تحدث بالفعل بالنظر للآثار المُحتمَلة للغزو البري الإسرائيلي واسع النطاق.
تمتلك إيران خطة لمواجهة سيناريو التصعيد الإسرائيلي. فكي تحمي شركاءها، هدَّدت طهران بأن محور الممانعة خاصتها سيُهاجِم إسرائيل والولايات المتحدة إذا مضت تل أبيب في خطة الحرب البرية الشاملة وواصلت القصف العشوائي للمدنيين الفلسطينيين. وقد صرَّح وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبد اللهيان" قائلا إن "إصبعنا على الزناد" في إشارة إلى محور الممانعة كما يُسمَّى، مُضيفا أنهم جاهزون لفتح جبهات جديدة لمساعدة حماس في مقاومة الهجوم الإسرائيلي.
يُمكن بالطبع أن تكون تلك التصريحات مجرد تلويح لا أكثر. لعل إيران تتوقَّع أن تنفتح معركة جديدة في الضفة الغربية والقدس، ومن بعدهم إلى عرب الداخل الإسرائيلي، لكن دون أن تنتقل بالضرورة إلى دول أخرى في المنطقة. ويبدو أن هذا السيناريو منطقي، إذ إن الأعداد الهائلة للضحايا المدنيين في غزة، جنبا إلى جنب مع مقاومة حماس، يمكنها أن تفاقم غضب الفلسطينيين وتُفجِّر احتجاجهم في عموم الأراضي الفلسطينية. وقد تساعد تهديدات إيران من حدوث هذا السيناريو، فمجرد تحذيرها بفتح جبهات جديدة قد يُشتت انتباه إسرائيل ومواردها الأمنية بعيدا عن غزة، فاتحا مساحة لانتفاضة جديدة مُحتملة. وبوسع إيران أن تكسب ود الفلسطينيين والمتعاطفين معهم بتوفير الدعم في حال اندلعت أزمة كبرى.
إذا لم يتسع نطاق الحرب، فسيتزايد احتمال أن تتخذ طهران الخطوات الأخيرة الباقية من أجل التحوُّل إلى قوة نووية، لا سيَّما أنها تمتلك بالفعل القدرة على بناء رأس نووي. (الصورة: رويترز)في الوقت نفسه، يبدو من تهديدات إيران بفتح جبهات خارج فلسطين بأنها تهديدات جادة. لقد جَرَت مناوشات حدودية دموية بالفعل بين حزب الله وإسرائيل في الشمال، كما أطلقت هجمات صاروخية غير ناجحة من مقاتلي الحوثي في اليمن قالت وزارة الدفاع الأميركية إنها كانت في طريقها إلى إسرائيل، بالإضافة إلى هجمات صاروخية بواسطة الميليشيات الشيعية العراقية تجاه القواعد التي تستضيف قوات أميركية هناك. وبوسع أيٍّ من تلك الجهات أن تطلق هجمات متزامنة على إسرائيل والقوات الأميركية في المنطقة، وأن تجلب بالتبعية ردودا انتقامية تُشعِل حربا إقليمية أوسع. لا يزال هذا السيناريو غير مُرجَّح، إذ إن إيران لا تريد أن تظهر بصورة البلد الذي يسعى لابتداء حرب تتجاوز الأراضي الفلسطينية. لكن هناك مسارات عديدة للتصعيد يمكن أن تخرج من البيئة المتوترة الموجودة الآن، وهي ليست مستحيلة بحال. فمثلا، إذا ما شعرت الولايات المتحدة بضغوط شديدة من حلفاء إيران في المنطقة، فيمكنها أن تضرب إيران في الأخير.
إذا لم يتسع نطاق الحرب، فسيتزايد احتمال أن تتخذ طهران الخطوات الأخيرة الباقية من أجل التحوُّل إلى قوة نووية، لا سيَّما أنها تمتلك بالفعل القدرة على بناء رأس نووي. لقد انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي المُوقَّع عام 2015 مدفوعة بدعم قوي من إسرائيل، وردا على ذلك وسَّعت إيران من نشاطات تخصيب اليورانيوم إلى نقطة باتت تملك معها اليوم مادة انشطارية بكمية كافية لصنع قنبلة نووية في غضون أسبوعيْن، وفقا لمسؤولين أميركيين. إن اشتعال الحرب الآن يفتح الباب لإيران، ويمنحها مُسوِّغا قويا، لعبور هذا الحد والتحوُّل إلى قوة عسكرية نووية، وهو سيناريو وارد الحدوث في ظل انشغال القوى الدولية بالتقلُّبات العالمية المتزايدة عن متابعة قرارات إيران في الملف النووي، وعدم قدرتها على بذل الموارد الكافية لكبح طموحها النووي.
إذا ما اعتقد أيٌّ من واشنطن أو تل أبيب أن إيران باتت قاب قوسين أو أدنى من إنتاج القنبلة، فإنه قد يضرب منشآتها النووية بغض النظر عن التزاماته العسكرية الأخرى. بيد أن معظم منشآت إيران النووية موجودة تحت الأرض ويصعُب تدميرها، حتى باستخدام أقوى الأسلحة التقليدية المتاحة اليوم. إذا ما أردت واشنطن أن تمحو البرنامج النووي الإيراني، فيجب أن تشن غزوا شاملا، وهو خيار شديد الكُلفة والصعوبة بالنظر إلى الإمكانيات العسكرية التقليدية التي تملكها إيران، علاوة على شبكة حلفائها في المنطقة.
طهران واللحظة الفارقة يسعى المسؤولون الإيرانيون والمحللون المحسوبون على طهران إلى استغلال الغضب الشعبي المتعاطف مع فلسطين لصالحهم. (الصورة: رويترز)
بالنسبة إلى طهران، فإن مزايا تجدُّد الصراع تتجاوز مجرد إضعاف إسرائيل أو الحصول على سلاح نووي. لقد نجحت حرب غزة في خلق روح من التضامن بين عدد من الدول في العالم الثالث (أو الجنوب العالمي كما يُسمَّى)*، التي تنظر إلى الدعم الأميركي لإسرائيل على أنه ازدواجية ونِفاق. وحتى في داخل الدول الغربية، يشارك الكثير من المواطنين العاديين هذه المشاعر.
بتبوُّئها موقعا مركزيا في القضية الفلسطينية، تسعى إيران إلى امتلاك قدر من الريادة والتفوُّق الأخلاقي في النظام الدولي، رغم سُمعتها السيئة مؤخرا بسبب قمعها للاحتجاجات وتدخُّلها في دول الجوار. ولذا فإن حرب إسرائيل على غزة أتت في لحظة مواتية بالنسبة لطهران. فلطالما اعتمدت الجمهورية الإسلامية على القضية الفلسطينية من أجل تعويض عُزلتها في المنطقة، وهي الدولة الشيعية الفارسية على تخوم المنطقة العربية السُّنيَّة، لكن تلك الإستراتيجية لم تُفلح كثيرا حين لم تكُن فلسطين في بؤرة الضوء. فعلى مدار السنوات الماضية فقدت إيران شعبيتها بين جيرانها العرب، ونجحت إسرائيل من جهة أخرى في تطبيع العلاقات مع عدد من الدول العربية، ما اعتبره البعض نواة لتحالف يقف في وجه التمدُّد الإيراني.
تعتقد طهران أيضا أن الحرب في غزة يُمكن أن تساعدها في التعتيم على قمع الاحتجاجات الإيرانية. لقد عجَّت شوارع عواصم غربية عديدة العام الماضي بمتظاهرين ومُحتجين على عنف النظام الإيراني ضد النساء. والآن، تمتلئ تلك الشوارع نفسها بمواطنين يشجبون هجمات إسرائيل على غزة، ولذا يسعى المسؤولون الإيرانيون والمحللون المحسوبون على طهران إلى استغلال هذا الغضب الشعبي المتعاطف مع فلسطين لصالحهم.
الحرب الجارية في غزة ترتكز بالأساس على مظالم الشعب الفلسطيني وحاجته إلى حل سياسي لأزمته، وحتى يحدث ذلك، ستظل إيران صاحبة موقع فريد ومؤثر في القضية الفلسطينية. (الصورة: رويترز)بطبيعة الحال، قد تكون طهران مُخطِئة بشأن الحرب وما يُمكن أن تمنحه إياها من قوة وشعبية، إذ إن قادة إيران يعلمون جيدا أن اتساع نطاق الحرب يزيد من احتمالات ضرب بلدهم مباشرة، وهي ضربة تُضعِف النظام لا شك أو قد تُدمِّره تماما. ولذلك يُقيِّم صُناع القرار في طهران التطوُّرات الجارية كي يتخذوا قرارا بشأن الخطوة التالية. في كل الأحوال، ترى طهران المعركة دليلا على أن العالم يمُر بتحوُّل تاريخي لا يتكرر كثيرا، وأن الولايات المتحدة تشهد تراجع نفوذها العالمي، وأن القوى الإقليمية والعالمية الجديدة تُعيد صياغة النظام الدولي الذي نعيش فيه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
في نهاية المطاف، لا توجد خيارات كثيرة متاحة أمام العالم لوقف الجهود الإيرانية. إن الحرب الجارية في غزة ترتكز بالأساس على مظالم الشعب الفلسطيني وحاجته إلى حل سياسي لأزمته، وحتى يحدث ذلك، ستظل إيران صاحبة موقع فريد ومؤثر في القضية الفلسطينية. ولكن على الدول الأخرى خارج الشرق الأوسط أن تُدرك أن زيادة التوتر بين إيران وإسرائيل خطر طويل المدى له تبعات دولية لا يُستهان بها، ويجب عليهم أن يبحثوا عن سُبُل لخفض التصعيد، بما في ذلك قنوات الدبلوماسية الخلفية، لمساعدة الطرفيْن على التواصل.
إن تواصلا من هذا النوع قد يمنع مواجهة كارثية بين إيران وإسرائيل، لكن حتى إذا لم يتفاقم الصراع، فإن هجمات حماس وردود الأفعال الإيرانية تشي لنا بأن المنطقة قد تغيَّرت بالفعل إلى غير رجعة. إن انهيار عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإلغاء الاتفاق النووي الإيراني أدَّيَا إلى صعود قوى أكثر عِنادا في إيران وفلسطين، ولا يبدو مُرجحا أن الحرب الحالية ستنجح في إزاحتهم من مواقعهم، بل إنها على الأرجح تجعلهم أقوى من أي وقت مضى.
————————————–
هذا المقال مترجم عن Foreign Affairs ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.
ترجمة: ماجدة معروف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی القضیة الفلسطینیة الجیش الإسرائیلی إسرائیل على فی المنطقة ع إسرائیل حزب الله إیران من إیران فی حرب غزة ت إیران إلى قوة فی غزة
إقرأ أيضاً:
المركزي الإيراني: النمو الاقتصادي في إيران انخفض إلى النصف تقريبا
الاقتصاد نيوز - متابعة
تظهر البيانات الجديدة للبنك المركزي في إيران حول وضع الاقتصاد الإيراني أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من هذا العام قد انخفض إلى النصف مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
ووفقًا لإحصائيات البنك المركزي، كان النمو الاقتصادي للبلاد في النصف الأول من العام الماضي 5.3٪، لكنه انخفض إلى 2.9٪ في الأشهر الستة الأولى من هذا العام.
وتشير تفاصيل هذه الإحصائيات إلى أن النمو الاقتصادي في صيف هذا العام كان أقل من الربيع، حيث بلغ حوالي 2.7٪ مع احتساب النفط و 2.3٪ بدون احتساب النفط.
والمثير للاهتمام في إحصائيات البنك المركزي هو أن النمو الاقتصادي للبلاد في العامين الماضيين كان بشكل رئيسي نتيجة لنمو صادرات النفط، وليس في قطاعات مثل الخدمات، والصناعة، والزراعة، والقطاعات الأخرى التي تتعلق مباشرة بمعيشة الناس.
ووفقًا لتقديرات المركزي، كان نمو الاقتصاد الإيراني في العام الماضي 5٪ بشكل عام، وكان المحرك الرئيس لذلك هو النمو في القيمة المضافة لقطاع النفط بنسبة 18.8٪. في النصف الأول من هذا العام، كان نمو قطاع النفط 9.3٪، مما أدى إلى زيادة النمو الكلي للاقتصاد الوطني.
وتظهر إحصائيات شركة “كبلر” للمعلومات التجارية، إلى جانب شركات تتبع ناقلات النفط مثل “ورتكسا”، أن صادرات النفط الإيراني في هذا العام قد ارتفعت بنسبة 34٪ مقارنة بالعام الماضي، وبنسبة حوالي 100٪ مقارنة بالعام الذي قبله.
وتقوم إيران بتصدير 40٪ من النفط والمكثفات الغازية التي تنتجها و 7٪ من الغاز المنتج.
ويأتي انخفاض وتيرة النمو الاقتصادي لإيران في الربيع والصيف هذا العام في وقت تشير فيه إحصائيات “كبلر” و”ورتكسا” إلى أن صادرات النفط الإيراني في خريف هذا العام قد انخفضت بمقدار 500,000 برميل (حوالي الثلث) مقارنة بالصيف، وهو ما يعزز احتمالية انخفاض أكبر في النمو الاقتصادي للبلاد في فصل الخريف.
ويأتي انخفاض وتيرة النمو الاقتصادي في وقت تستهدف فيه الحكومة في برنامج التنمية السابع، الذي سيستمر لمدة خمس سنوات بدءًا من هذا العام، “نموًا سنويًا في الاقتصاد بنسبة 8٪”.
في حين أن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن وتيرة النمو الاقتصادي لإيران ستشهد تراجعًا مستمرًا من هذا العام وحتى السنوات الخمس المقبلة، حيث من المتوقع أن تنخفض إلى 2٪.