ونحن في قلب القاهرة ومن داخل حوش المدرسة عشنا لحظات بديعة في تذكر الوطن الحبيب الغير قابلة للنسيان مهما ادلهمت المصائب وتكالبت علينا أسوأ الظروف !!..
جاءت الفتيات صغاراً وكبارا وهن يرفلن في اجمل زي عرفه العالم وتميزت به المرأة السودانية وكان لها عنواناً وهوية وتراث وثقافة ... أنه التوب سيداتي انساتي سادتي الذي ضيعناه ببساطة متناهية مثلما ضيعنا اشياء كثيرة جميلة ومحببة جريا وراء التقليد الأعمى ومحاكاة لا مبرر لها لشعوب يختلفون عنا في العراقة والأناقة فلماذا نهمل بضاعتنا الطيبة ونلهث وراء السلع التجارية معدومة الأصالة والقيم والبعد الأخلاقي ؟!
تناولنا في ذاك اليوم الفريد أطعمة سودانية صميمة وكانت الكسرة حاضرة بوجهها الأبيض الناصع وملمسها الرقيق مع القراصة والعصيدة و ام رقيقة والتقلية وملاح الروب .

.. لم تكن هنالك لقمة واحدة أجنبية وافدة من وراء الحدود ... وشنفت آذاننا الأناشيد الوطنية من ( ابو السيد ) سيد خليفة الذي يتفنن ويجاهد في إضفاء أعلي الدرجات في عشق أرض النيلين بأداء هو السهل الممتنع مع كامل الصدق والزوبان في حب الاوطان ... كان يصحب المطرب المحبوب سيد خليفة إخوة له جري صوتهم منسابا عبر ( المايك ) وكان جمهور الحاضرين من أسرة المدرسة وكان المكان قد انتقل بهم إلي مقرن النيلين ليعيشوا لحظات عم فيها الصفاء والطمأنينة وقد نسوا الي حين ما عم بلادنا الحبيبة من دمار بفعل الاشرار الذين وفدوا إلينا من خارج الديار !!..
وبكل الأمل والتفاؤل والإيمان نتمني مخلصين أن تنقشع هذه الغمة التي لايريد لها البعض أن يكون لها نهاية هؤلاء السفاحون الذين يستثمرون في إيذاء البشرية وتسبيب أقصي درجات الضرر لها لأنهم يفتقرون إلي النفس السوية والضمير الإنساني ...
نتمني أن نعود لبلادنا الغالية سالمين غانمين سعيدين فرحين مستبشرين وان يعود التوب لبنت الوطن معززا مكرما رافعا رأسه لعنان السماء ... وان نستغني عن المستورد من الطعام والشراب وأن نعود لحلة الملاح وقدح العصيدة والكسرة الرهيفة وملاح الروب والعنقريب ( الهبابي ) ... وان نفتح أعيننا قدر الريال ابو عشرة حتي لايتسلل غريب وسطنا لينشر سمومه فينا ويسرق نومنا وعافيتنا وثرواتنا !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم بمصر .

ghamedalneil@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الإساءة للوطن ووجوبية الدفاع عنه

 

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

لستُ هنا بصدد إلقاء دروس في الوطنية، فالحمد لله أننا على هذه الأرض نولد ولدينا حب عميق مُتجذِّر لكل شبر من تراب الوطن، ولكل ركن من أركانه، ولدينا إحساس عالي القيمة بمعنى الوطن ولا مجال للشك أن كل ابن من أبناء سلطنة عُمان ماضٍ على هذا النهج، وهذا الحب والولاء، نشأ من خلال سلسلة طويلة جدًا من التضحيات والبذل لهذه الأرض، التي اختلط ترابها بدماء أبنائها الشهداء الذين سطَّروا عبر التاريخ ملاحم بطولية، ورصعوا جباههم بياقوت المجد والعزة والكرامة والحرية والشجاعة، ولذلك لا يحتاج أي عُماني حُر لدروس الوطنية صغيرًا كان أم كبيرًا.

وكما هو الحال، وسوف يظل للأبد، أن هناك صراعًا بين الخير والشر، وهناك من يسوؤه هذا الاستقرار والأمن والنعم التي أسبغها الله تعالى على وطننا، حسدًا وحقدًا وغِلًّا، وهذه الفئة لا تدَّخِر جهدًا في سبيل تحقيق غاياتها من نشر الفتنة والبحث في أسباب الفرقة بين الناس، ولا تتوقف عن السعي الحثيث لتفريق أبناء الشعب الواحد، ولها في سبيل ذلك أساليب وطرق عديدة، وعملها مُمنهج يستهدف إحداث حالة من عدم الرضا في المجتمع في البداية، ثم يتحول ذلك إلى سخطٍ ونقدٍ لكل شيء، ثم يتبع ذلك تقزيم الجهود ونيلٌ من الرموز الوطنية بشتى أنواعها، ثم تحريض على الإفساد في الأرض والخروج على ولي الأمر، من خلال إثارة النعرات الطائفية والصراعات السياسية، وهو مسلسل بِتنا نشاهده باستمرار، ولكن بنسخ مختلفة من بلدٍ إلى آخر.

ومع بقاء تشابُه النهج المُتَّبع في ذلك، اختلفت الوسائل المستخدمة في كل عصر، وفي هذا العصر التكنولوجي الجديد برزت وسائل التواصل الاجتماعي كإحدى الأدوات والوسائل الأكثر استخدامًا وأبرزها، وذلك لما تقدمه من سرعة انتشار وقوة تأثير وأثر كبيرين بين أفراد المجتمعات، وخاصة عندما يغيب أو يتدنى مستوى الوعي بين الأفراد، وعندما تفشل منظومات المجتمع المدني في أداء دورها؛ فتقصير الأسرة والمدرسة في التنشئة يعد أحد أبرز العوامل المُسبِّبة لتدنِّي الوعي وانخفاض مستوى القيم والمبادئ الاجتماعية. ومع تراجع دور مؤسسة التعليم يُصبح المجتمع بدون سياج يحميه من الأفكار الخاطئة السلبية، ويصبح هدفًا سهلًا للتأثير في أفراده ويقع ضحية لخطط وسلوكيات تستهدف النيل منه، وهنا يكون دور وسائل التواصل الاجتماعي سهلًا في تمرير الأفكار الهدّامة والخاطئة.

إنَّ الإنسان الواعي يستطيع التمييز بين النقد الهادف البنَّاء وبين الإساءة والافتراء والكذب والتدليس، ولا يحتاج لعميق تفكير في تمييز ذلك، ولذلك ينبغي علينا أن نحرص وبشكل كبير على زيادة مساحة الوعي لدينا من خلال إعمال العقل والتفكير واستخدام مهارات التحليل والتقييم لكل ما نتلقاه من وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم الأخذ بكل ما نجده فيها، وكأنه قرآن مُنزَّل غير قابل للنقاش، وهذه مسؤولية فردية واجبة على كل إنسان، كما إن على باقي المؤسسات، وخاصة المؤسسات التعليمية، أن تُركِّز على تنمية مهارات التفكير الناقد الإبداعي لدى الطلاب، حتى تنمو معهم هذه المهارات وتخلق لديهم الوعي الذاتي الذي يمكن أن يُساعد في فهم الواقع بشكلٍ صحيحٍ.

ليس كل ما يُكتب في وسائل التواصل الاجتماعي صحيحًا، وفي الفترة الأخيرة برز من يُسيء للوطن خاصةً من الخارج، وذلك لغايات وأهداف سياسية واقتصادية واجتماعية، وربما يكون لمواقف سلطنة عُمان الثابتة دور في توجيه سهام العدو الحاقد نحو بلادنا العزيزة، وهذا أمر طبيعي، فعندما تتضرر مصالحهم جرّاء هذا الثبات الذي لا نقبل معه التلوُّن والتمَصلُح على حساب قضايا الأمة المصيرية، وهذا جانب لنا فيه سبق لا ينكره أحد؛ حيث إن سلطنة عُمان ومنذ القدم كانت وما زالت حصنًا عربيًا إسلاميًا يذود عن العروبة والإسلام والمسلمين، وسوف تظل هذه المواقف الثابتة هي مبادئ التعامل مع القضايا الإنسانية.

ومن أجل ذلك، فإن دورنا كأبناءٍ لهذا الوطن يقع علينا واجب الدفاع عنه ليس في ميادين الحروب فقط؛ بل إن الميادين اليوم تغيرت وأصبحت مُتعدِّدة الأشكال، ووسائل التواصل الاجتماعي هي إحدى هذه الجبهات التي يجب علينا أن نقاتل فيها حمايةً لوطننا وإفشالًا لمساعي الحاقدين المُغرضين من المُرتزقة الذين يستهدفون أمن واستقرار الشعوب، ويجتهدون في نشر الفتنة والفرقة بين المسلمين، ويسيئون إلى الوطن ورموزه عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلال ما يكتبون من مقالات وينشرون من افتراءات وما يبثونه من مساحات حوارية مليئة بالكذب والتدليس والكذب.

إنَّ واجبنا الوطني يُحتِّم علينا عدم الانسياق وراء هؤلاء المُثيرين للفتن الحاسدين؛ بل إنَّ الواجب علينا التصدي لهم مظهرين صلابة مواقفنا وحرصنا على وحدة وطننا وثقتنا في قياداتنا، وإيماننا بأن الأمن والاستقرار له ضريبة واجبة علينا لا نتوانى في تقديمها للحفاظ على سلامة المجتمع وتماسكه وترابطه، كما يجب علينا عدم تداول ما ينشر من افتراءات وسخرية عن بلادنا أو تسجيل الإعجاب بذلك؛ حيث يساهم كل هذا في زيادة وسرعة انتشار هذه التفاهات والأكاذيب بين الناس، وعلينا أن نؤمن يقينًا أن قِيَم المواطنة الصالحة تُحتِّم وتُوجِب علينا أن نسمو بأوطاننا، وأن نُجلَّها ونُقدِّرها ونحافظ عليها من عبث العابثين وحقد الحاقدين الذين يتربصون بنا في كل وقت وحين.

مقالات مشابهة

  • فضل الله: الاخلاص للطائفة يبدأ من الاخلاص للوطن
  • خليفة ترودو: كندا لن تصبح الولاية الأميركية الـ51
  • محافظ قنا يشهد احتفال قصر ثقافة قوص بالعيد القومي ويشيد ببطولات الأجداد
  • الخليج ينتزع ذهب بطولة سباحة الدمام
  • مدفع المقطع.. «صوت» من زمن الأجداد
  • استعراض مستجدات مشروع تطوير قرية وكان
  • حسن جلبي.. تألق فن الخط العربي في العصر الحديث
  • الإساءة للوطن ووجوبية الدفاع عنه
  • ”على خطى الأجداد“.. تعزيز الوعي البيئي ومكافحة التصحر في قرية العليا
  • نصيحة رمضانية.. خبيرة تربوية: استثمروا رمضان لتعزيز الأخلاق الحميدة لدى أبنائكم