أزفت ساعة الفرز:
من هم العملاء ومن هم الوطنيون؟
النور حمد

أربعة أمور ينبغي أن تُقرأ مقترنةً ببعضها، أولها: نظرية مثلث حمدي، التي أطلقها المرحوم عبد الرحيم حمدي داعيًا إلى فصل وسط السودان وشماله من بقية القطر، لإنقاذ المشروع الإسلاموي المتراجع، من زحف حركات الهامش المسلحة. أما ثانيها لفي دعوة الناشط الإسفيري، عبد الرحمن عمسيب، لإنشاء دولة البحر والنهر، وهي أيضًا دعوة لانقاذ مشروع الإسلاميين من زحف الهامش المسلح على مركز حكم الإسلامويين في الخرطوم.

أما ثالثتهم فهي الدعوة التي طفحت أخيرًا من قِبَل من أسموا أنفسهم “تجمع أصحاب العمل السوداني”، لدمج ولايات الشمال والشرق والوسط السودانية في الدولة المصرية، لتصبح الدولتان “دولة وادي النيل”، مقدِّمين في ذلك حججًا غاية في التفاهة، دلَّت على عمالتهم وانعدام الوطنية بينهم، وانشغالهم المفرط بأمر أنفسهم، وضحالة تفكيرهم. أما الأمر الرابع فهو ما يجري حاليًا من إعادة تدوير من منصات الإسلامويين الإسفيرية لخطاب مالك عقار، الذي ألقاه عقب خروج البرهان من “البدرون”، في أغسطس الماضي، وتوجهه إلى مدينة بورتسودان، إذ تحدث فيه عن تكوين حكومة هناك.
هذه الروافد الأربعة يربط بينها خيطٌ ناظمٌ واحدٌ، وهو إنقاذ نظام الحكم الإسلاموي الكليبتوقراطي المعسكر، المتقهقر، من نهايته المحتومة المفجعة. وقد تجلت الكليبتوقراطية كأوضح ما تكون في التسجيل الذي بثه أصحاب الأعمال السودانيون هؤلاء الذين يبدوا أن أعمالهم قد تضررت بسبب الحرب. ولا أشك البتة في أن هؤلاء كانوا، أصلاً، ضمن اللصوص الذين طالما نهبوا موارد البلاد، وصدَّروا المواد الخام إلى مصر، وتهرَّبوا من دفع الضرائب، ومن دفع مستحقات عوائد الصادر، فأفقروا البلاد والعباد وعطلوا التنمية. وقد عاش هذا الصنف ناعمًا بماله المنهوب بسبب تحالفه مع الكليبتوقراطية الإخوانية المعسكَرة المسيطرة. لذلك لا يهمهم ضياع البلاد واستعمارها من قبل قوة أجنبية، بقدر ما يهمهم استئناف أعمالهم التجارية التي تضررت بسبب الحرب. وبما أن حليفتهم التي رضعوا من ثديها، وهي الكليبتوقراطية الإسلاموية المعسكرة، قد فشلت في حسم الحرب، فقد رأوا أن يستدعوا مصر لتزحف وتستولي على شمال الشودان وشرقه ووسطه وتبسط لهم الأمن ليستأنفوا أنشطتهم اللصوصية.
قدم هؤلاء في تبرير دعوتهم لمصر لكي تستعمرنا حججًا غاية في التفاهة، مثال: إن لمصر سلطة جوازات مقتدرة، تستطيع أن تحمي جواز “دولة وادي النيل المتحدة”، المزعومة، المشتهاة. وقالوا أيضًا، إن لمصر جيشًا قويًا يستطيع أن يحمي هذا الجزء الذي ينوون بيعه لها بالمجان. هذا المنحى الذي سار فيه من أسموا أنفسهم “تجمع رجال الأعمال السوداني”، منسجمٌ تمامًا مع لصوصيتهم التاريخية القديمة. بل هو سيمكنهم، بعد محو الحدود، من إرسال المواد الخام لمصر، دون حواجز جمركية، ودون ضرائب، ودون عوائد صادر. وهذا وضعٌ أفضل بالنسبة لهم من وضعهم السابق. ويبدو أن قصارى هَم هؤلاء هو مصالحهم الأسرية، لا غير. ولا يعني شيئًا لديهم إن ذهب ما يُسمَّى السودان إلى هاوية العدم.
يظن هؤلاء ومن يحركونهم أن تذويب الحدود القطرية بين مصر والسودان سيمحو للكليبتوقراطية الإسلاموية المعسكرة خزي عار التخلي عن حلايب وشلاتين. وفي نفس الوقت، سينقذ ما تبقى لها من المراكز المدينية التي تمارس منها لصوصيتها من الانسحاق النهائي، خاصةً بعد سقوط كل من دارفور وكردفان. وما فرار قادة الكليبتوقراطية الإسلاموية المعسكرة؛ من مدنيين وعسكريين، إلى بورتسودان سوى إقرارٍ صريحٍ بالعجز الكامل عن استرداد الخرطوم. وهكذا ظلت الكليبوتقراطية الإسلامية المعسكرة تهرب إلى الأمام باستمرار. ودعونا نتتبع مسار هربها إلى الأمام: فقد حاربت في الجنوب لعقد ونصف من الزمان، تحت رايات الهراء الجهادي الغوغائي، فأفنت أرواح الملايين، وأهدرت مليارات الدولارات، وأضاعت فرص التنمية البلاد وعوقت تحسين معاش أهلها. فشلت في ذلك، وقنعت في نهاية الأمر بفصل الجنوب. لكنها ما لبثت أن أشعلت حربًا كارثيةً في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، جرت فيها أبشع جرائم التطهير العرقي. فقدت السلطة الكليبتوقراطية الإسلاموية المعسكرة جزءًا من دارفور، وجزءًا من جنوب كردفان، وجزءًا من النيل الأزرق. استمرت حرب دارفور وهي الأكثر بشاعةً لعقدٍ ونصف من الزمان. لكن، ها هي دارفور تسقط الآن، وستسقط معها كردفان. بل، إن الخرطوم، نفسها، سقطت، فهربوا منها إلى بورتسودان، بعد أن أشعلوا فيها محرقة 15 أبريل 2023 اللعينة المدمرة. غير أنهم، لا يتوبون أو يذكَّرون، كعادتهم، دائمًا. وها هم الآن قد شرعوا في مشروع هربهم الأخير إلى الأمام، في مغازلة مصر من بوتسودان، لتحمي لهم ما تبقى من مراكز لصوصيتهم وعمالتهم، لقاء انتفاع مصر بمياهنا، وأراضينا، وذهبنا، وثروتنا الحيوانية، وبقية حاصلاتنا الزراعية والغابية.
ما تقوم به الكلبوتوقاطية الإسلاموية المعسكرة حاليًا، ليس سوى فرفرة مذبوح. فمصر لن تستطيع احتلال السودان. وهي تعرف المستنقع الذي ستسقط فيه إن هي حاولت ذلك, مصر كانت تريد جنرالاً يقمع لها شعب السودان، ثم يسلمها نفسه، لتفعل عبره في السودان ما تشاء. وقد حاولت ذلك مع الفريق البرهان فاتضحت لها رخاوته، وجبنه، وثعلبيته، فانصرفت عنه. مصر لم تستطع أن تحسم نشاط المتطرفين الإسلامويين في سيناء على مدى عشر سنوات، فما بالك بالسيطرة على وسط وشرق وشمال السودان؟ خاصةً، أن موقف مصر الأخير من حرب غزة سوف يفتح عليها، قريبًا جدًا، في سيناء، أبواب الجحيم.
يقيني الذي لا يتطرق إليه الشك، أنكم أيها الكليبتوقراطيون الإسلامويون المعسكرون، لن تستطيعوا بيع السودان لمصر، ولن تقبل منكم مصر عرضكم هذا، في وقتٍ كهذا، رغم أطماعها التاريخية، في السودان. كما لن تقوم لكم دولةٌ في وسط وشرق وشمال السودان كما تتمنون. فالطامة الكبرى في طريقها إليكم، في عاصمتكم الجديدة هذه، لتقتلعكم من جذوركم، وتقضي على أكاذيبكم وخبثكم، وتنظف أرض السودان من دنسكم، مرةَ وإلى الأبد. فكفوا عن الحديث عن عمالة خصومكم الشرفاء، فقد أوصلتم العمالة، بل وما يسمى “الخيانة العظمى”، حدًّا لم يبلغه أحدٌ قبلكم. ويكفيكم عمالةً أن مدير مخابراتكم السابق، صلاح قوش، قد اختار العيش في القاهرة في كنف المخابرات المصرية.

الوسومالإسلاميين النور حمد

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الإسلاميين

إقرأ أيضاً:

7 صفات تميِّز الأشخاص المحببين

ترجمة: عزة يوسف
حدَّد علماء النفس بعض عادات الأشخاص التي تجعلهم جذابين بشكل استثنائي، هؤلاء الذين يجذبونك على الفور، محببون بشكل لا يصدق، ومن الصعب أن تعرف سبب ذلك تحديداً، وإليك بعض الأسباب كما ذكرها موقع Geediting الأميركي:

مستمعون
يوضح علم النفس، أن الأشخاص المستمعين غالباً ما يكونون محببين بشكل كبير، فعندما يستمع إليك شخص بصدق تشعر بالتقدير والتفهم، كما أنهم ينتبهون إلى مشاعرك ولغة جسدك ويشاركون بشكل كامل في المحادثة.

جدارة بالثقة
يعرف هؤلاء الأشخاص قيمة الحفاظ على كلمتهم ووعودهم، إنهم الذين يمكنك الاعتماد عليهم ليكونوا بجانبك إذا وعدوا بذلك. 

متعاطفون
يُعد التعاطف والقدرة على فهم ومشاركة مشاعر الآخرين سمة إنسانية أساسية. ويقول العلماء: إن هذه القدرة تجعل الأشخاص الذين يتمتعون بها محببين للغاية.

إيجابيون
الإيجابية شيء معدٍ، ووجودك بجانب هؤلاء الأشخاص يغير نظرتك للمواقف، ولا يعني ذلك تجاهل السلبيات، بل رؤية الأفضل والحفاظ على الأمل.

لطفاء
يفهم الأشخاص المحببون التأثير العميق للأفعال اللطيفة، فشكر من يقدم لك القهوة أو إبقاء الباب مفتوحاً لمن خلفك مواقف صغيرة، لكنها تترك انطباعاً كبيراً ورائعاً.

احترام الحدود
يُعرف الأشخاص المحببون أن احترام حدود الآخرين أمر أساسي في أي علاقة، وهذا يظهر تقديرهم لمشاعر الآخرين ويدل على الاحترام والمجاملة.

وعي ذاتي
قد يكون الوعي بالذات أهم سمات الأشخاص المحببين، ويتمثل في القدرة على معرفة حالتك المزاجية ومشاعرك ودوافعك، ويقومون بتعديل سلوكهم وفقاً لذلك، فهم يعرفون متى يتحدثون ومتى يستمعون.

مقالات مشابهة

  • مني أركو مناوي: سقوط ولايات دارفور إهانة وطنية وعيب على الدولة
  • حاكم إقليم دارفور: جهات دولية دفعت الدعم السريع للسعي لامتلاك السودان بالقوة
  • الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان
  • جاسوس.. من الذي استهدف نصرالله؟
  • الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان (تقرير)
  • "الزراعة": الفرز والتعبئة عمليات حيوية لرفع جودة محصول الفلفل
  • تجمع تحرير السودان: مؤامرة دولية إقليمية محلية لتقسيم السودان
  • شبكة أطباء السودان: «18» قتيل حصيلة قصف الدعم السريع للفاشر اليومين الماضيين
  • 7 صفات تميِّز الأشخاص المحببين
  • السودان: حرب منسية تهدد بكارثة إنسانية ومجاعة غير مسبوقة