جدران محل صغير بهت لون طلائها من أثر الزمن، تحوي بين جنباتها دفاتر ورقية صفراء لونها تكاد تتمزق من لمسها، تضم شهادات وفاة تعود عمرها إلى أكثر من مائة عام، باتت تاريخًا توثق مهنة كادت أنّ تنتهي، تصارع التكنولوجيا وما آلت إليه من تطور سريع، يحتفظ بها عجوز ماهر أحب مهنته وأفنى فيها عمره، رائحة الأكفان التي اختلطت بالمسك الأبيض، تفوح من المكان وتكسر تفاصيل المشهد المزدحم في عين الناظر إليه، لوحات مدون عليها آيات القرآن يجاورها صورا لأصحاب المحل الأصليين تتوسط واجهة المكان، في مشهد يزدوج فيه حب المهنة والإخلاص لإرث العائلة.

«الجبروني» أقدم حانوتي في السيدة زينب

بعد مسافة تقدر بنحو ربع ساعة سيرًا على الأقدام من مدخل منطقة الناصرية بحي السيدة زينب في القاهرة، حفظ الأهالي محل «الجبروني لتكريم الإنسان»، إذ يرجع عمر المكان إلى أكثر من مائة عام، حين أسسه الجد الأكبر وتوارثه من بعده الابن والحفيد حسني الجبروني، الذي اختار- دونا عن أشقائه- العمل بتلك المهنة، لا يزال محتفظًا بدفاتر توثيق الوفيات، إذ كان «الحانوتي» قديمًا يتولى توثيق شهادات الوفاة بالتواصل مع الصحة وإدارة الجبانات بالمحافظة، حسب رواية الحفيد الوريث لأقدم محل «حانوتي» بمنطقة السيدة زينب.

دفاتر وفيات عمرها أكثر من 100 سنة

نسمة هواء عابرة مرت تناثرت معها رائحة الأكفان المركونة في أرفف المكان، وتناثرت معها ذكريات «الجبروني»، الذي أراح ظهره إلى الخلف وجلس يرويها لـ«الوطن»، إذ كان العاملون في مهنة «الحانوتي» قديمًا يتولون حصر التركة والورثة والمعاش الخاص به وسبب الوفاة، أي بمثابة إعلان وراثة مصغر يتم توثيقه والاحتفاظ به لحين احتياج أهل المتوفى له مرة أخرى.

ليس فقط المعاملات الورقية التي تغيرت في آلية عمل «الحانوتي»، بل قديمًا كانت تلجأ العائلات إلى تمييز نوع المتوفى من خلال وضع «هلال» فوق النعش في إشارة إلى أنّ الميت أنثى، وأيضًا توارثت الأجيال عادة قديمة تمثلت في اختيار غطاء للنعش لتمييز سن الميت: «كل ما كان الميت سنه أكبر كنا بنحط غطا لونه أغمق والعكس»، إلا أنّ ذلك اندثر وظل «الجبروني» محتفظًا بتلك الأغطية في محل أجداده ووالده.

سجلات تفتيش الجبانات المتواجدة في محل «الجبروني»، حل محلها الكمبيوتر لتوثيق الوفيات إلكترونيًا، ولم يعد في حاجة إلى توثيقها يدويًا في سجلات ورقية، حتى أنّ عملهم بات مقتصرًا على أمور محددة كأن يطلبهم أحد أقارب الشخص المتوفى للتغسيل فقط دون حاجة إلى توثيق شهادة الوفاة: «بيطلبونا أونلاين دلوقتي نغسل الميت بس، المهنة اتغيرت عن زمان»، حسب قول الحفيد الذي أكد أن التطور التكنولوجي غيّر ملامح المهنة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تكريم الإنسان شهادة الوفاة الوفيات السيدة زينب

إقرأ أيضاً:

نقابة المحامين: عدم قبول طلبات الممارسة للمحامين يشمل فقط ممن تقدموا ‏بها في عام 2024 ‏

دمشق-سانا

أعلنت نقابة المحامين أن القرار الصادر عنها يوم أمس، الذي يقضي بعدم ‏قبول طلبات الممارسة للمحامين الذين كانوا في خدمة العلم في عهد النظام ‏البائد، وعدم إعفائهم من الرسوم المترتبة عليهم، يشمل فقط ممن تقدموا ‏بطلبات ممارسة المهنة في عام 2024 فقط.

وحول هذا القرار أوضح عضو مجلس نقابة المحامين المركزية خالد عمر ‏لمراسل سانا، أن قرار عدم قبول طلبات الممارسة للمحاميين يشمل فقط ممن ‏لم يتقدموا بطلبات الممارسة في عام 2024 ، أو لم تثبت ممارستهم فقط، بينما ‏لم يطرأ أي تغيير على وضع من اكتسب أحقية الممارسة في السنوات ‏الماضية وفقاً للقانون.

ولفت عمر إلى أن القرارات التي صدرت عام 2020 ولاسيما رقم  11 و ‌‏12 و20 المتعلقة بتقديم تسهيلات ومساعدات استثنائية للمحامين المتمرنين ‏الذين تعرضوا لإصابات جسدية خلال تأدية خدمتهم، وذلك تقيداً بقرار صدر ‏عن القيادة المركزية لحزب البعث البائد، وتسديد رسوم الانتساب عنهم أو ‏عن أولاد القتلى، وتحميل صناديق النقابة والتي تعود للمحامين، مخالفة ‏واضحة لقانون التنظيم للمهنة في النقابة، وهو تفريط في أموال النقابة العائدة ‏للمحامين العاملين الممارسين للمهنة، موضحاً أن قانون تنظيم المهنة يشترط ‏السلامة الجسدية لكل من يريد مزاولة المهنة، وبالتالي تعتبر هذه القرارات ‏السابقة باطلة وأنه لم يتم المساس بأي حق مكتسب سابق لأي محام أخذ ‏بطريقة قانونية.

وأكد عضو مجلس نقابة المحامين ضرورة تعديل القوانين المتعلقة بتنظيم ‏مهنة المحاماة، ولاسيما القانون رقم 30 لعام 2010 بما يتماشى مع الإعلان ‏الدستوري الجديد، وعلى أهمية إعادة المحامين الذين تم فصلهم بشكل تعسفي ‏خلال الثورة السورية، وضرورة توفير التسهيلات لهم لاستعادة حقوقهم.

مقالات مشابهة

  • الحماية المدنية تنقذ مواطنا سقط عليه عقار قديم فى حى الجمرك بالإسكندرية
  • سوهاج.. مصرع عامل في انهيار منزل قديم بالمراغة
  • هل تبقى روح الميت في بيته بعد الوفاة؟.. علي جمعة يوضح الحقيقة
  • العثور على جثة مسن داخل منزله فى ميت غمر بالدقهلية
  • دعاء للميت في النصف من رمضان.. يفرح به المتوفى ويجعل قبره في رياض الجنة
  • كم يومًا تبقى روح الميت في بيته؟ أسرار البرزخ والعلماء يحسمون الجدل
  • تعيين 288 ممرضاً وممرضة إماراتيين خلال 2024
  • نقابة المحامين: عدم قبول طلبات الممارسة للمحامين يشمل فقط ممن تقدموا ‏بها في عام 2024 ‏
  • 40 عاما في النيل.. صياد يروي أسرار المهنة في ساعة الفطار
  • الأفعى المهزومة تغير جلدها بجلد قديم (كيف نفهم خطوة مليشيا الدعم السريع)