3 قطط تمنح الأطفال النازحين في غزة نفحة من السعادة
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
في مدينة من الخيام المؤقتة بجنوب قطاع غزة تعج بآلاف النازحين، توجد ثلاث قطط هي، سمسم، وبراوني، وليزا.. تمنح لحظات نادرة من البهجة للأطفال الذين فقدوا أي مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية في حياتهم.
تنتمي القطط إلى عائلة حرب، التي فرت من منزلها في برج سكني يقع بمنطقة الزهراء الراقية نسبياً في وسط غزة، هرباً من الغارات الجوية الإسرائيلية التي سوت المبنى وجزءاً كبيراً من حيهم القديم بالأرض.
وتعيش العائلة الآن تحت قماش مشمّع وتنام على سجاد رفيع على الأرض، وتقضي أيامها في محاولة البحث عما يكفي من المأكل والمشرب.
وتوفر القطط إلهاء تمس الحاجة إليه، ليس فقط لأصحابها، بل أيضاً للأطفال النازحين الآخرين الذين يتناوبون على مداعبتها وحملها في الأزقة الترابية بين الخيام.
ويبتسم الأطفال ويضحكون في أثناء اللعب معها.. وينادي طفل إحدى القطط قائلاً: "حبيبي".. ويستخدم طفل آخر كرة تنس لبدء اللعب معها.
وتقول سارة تميمي (13 عاماً)، التي تنتمي إلى عائلة حرب وهي تحتضن قطة صهباء منفوشة بين ذراعيها: "سمسم كائن حي زيه زينا، بيعيش نفس معاناتنا، بيخاف نفس خوفنا، وهذه أساساً مش منطقته، ولا حتى هو بياكل أكله".
وأضافت أنه في البداية كان خائفاً للغاية لدرجة أنه لم يرغب في ترك حامل بلاستيكي للقطط، كان من بين الممتلكات القليلة التي أخذتها الأسرة عندما فرت من منزلها، وتابعت "مع مرور الوقت، بدأ يتحسن.. بدأ يخرج من حامله والأكل وأصبح معتاداً على الأمر مثلنا".
وقالت ريهام حرب، قريبة سارة، إن الليلة التي غادروا المنزل فيها كانت مرعبة.. وظلوا في العراء طوال الليل، بالقرب من السياج الحدودي مع إسرائيل يسمعون ويرون الضربات الجوية على حيهم.
"تغيرت الحياة بشكل جذري"في الصباح التالي، لم يكن البرج الذي كانت تعيش فيه العائلة سوى كومة من الأنقاض، وانطلق أفراد العائلة مثل كثيرين آخرين للبحث عن مكان للتخييم في خان يونس بجنوب قطاع غزة.
وكان لدى العائلة قطة رابعة تسمى كراميل، لكن لم يتسن العثور عليها في أي مكان عندما هرعت العائلة بعيداً عن منزلها.
وقالت ريهام: "بالنسبة لكراميل، لا أعرف ما إذا كانت حية أم ميتة. سأترك الأمر إلى الله"، وأضافت "وكأن الذكريات التي جاءت من أبراج الزهراء باقية في أبراج الزهراء".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل غزة
إقرأ أيضاً:
احرصوا على سجل الذكريات
الذكريات صفحات تسجلها الذاكرة منذ الطفولة، مع كل الأشخاص الذين نعيش معهم، ويعيشون حولنا في الشارع والحارة، في المدرسة، في بيوت أهالينا وجيراننا، وفي كثير من المواقف التي تمر بنا، وتلتصق بذاكرتنا، إما لطرافتها، أو لجمالها ، أو لصعوبتها وقسوتها، وتبقى الذكريات أجمل ما نحمله معنا، حتى القاسية منها، تفقد قسوتها مع مرور الزمن. والجميل يطغى على السيئ، وكثيراً ما يحتاج الناس لا ستراجعها من الذاكرة، لإرواء عطش تصحُّر أيام أصابها الجفاف، واستيراد دفء الماضي، وقد تفيد في إشعال الأمل للمستقبل.
واعتقد أن أهم محضن، وأول ميدان لصناعة الذكريات، هو (منزل العائلة)، وصناعة الذكريات، واجب جميع أفراد العائلة، وعلى رأسهم الوالدين والأجداد والإخوة والأخوات، ولن أنسى العائلة الممتدة من خلال الأب (أعمام وعمات) وكذلك الأم (أخوال وخالات)، ويدخل ضمنها الجيران وزملاء وزميلات العمل. من كل هؤلاء، وبهم، ومعهم، تصنع الذكريات. لذا فمن المهم جداً، أن يحرص كل فرد في العائلة، وكذلك الأصدقاء والجيران أن يرسموا خريطة ذكرياتهم بكلماتهم ومواقفهم وتواجدهم بين بعضهم البعض. فالذكريات لا تأتي من نفسها، بل هي كاللوحة الفنية يرسمها الرسام، لذلك ينتقي للوحته الألوان الجيدة، والوقت المناسب، لتكون اللوحة قد رسمت بحب وشغف. والعكس صحيح. فبدون اعتناء، وحرص، ستكون اللوحة مشوشة. هكذا الذكريات وليس منا من أحد إلا ويختزن في ذاكرته ملفات وفيديوهات بعضها مشرقة بحروف دونها أصحابها من نور. في استرجاعها سعادة وشوق وسرور، وأخرى قاسية غليظة بغلاظة من كتبها في ذاكرة الآخرين سواء أبناء أو زملاء أو جيران! ولعل أهم الذكريات، هي التي ينقشها الوالدان في عقول أبنائهما، فعلاقة الأب بالأم علاقة جميلة راقية ملؤها الاحترام، حتى لو اختلفا، فبعيداً عن السوء من الأفعال والأقوال، يحرصون على تعريف الأبناء أن الحياة جميلة حتى مع الخلافات، وأن الخلافات أمر طبيعي لا يخلو منها بيت، لكن نوع الخلافات، وأسلوب تعاطيها، هو المهم. فالخلاف مع النقاش الهادئ المحترم، مهم جداً ليتعلم الأبناء كيف يكون الخلاف. فأكثر ما يترك أثراً في ذاكرة الأبناء، هي العلاقة بين والديهم. وقيسوا على ذلك تعامل الوالدين مع بقية أفراد العائلة، فعندما تسود العلاقات الجيدة المليئة بالود والتقدير، وحين تكون اللقاءات العائلية، والرحلات الترفيهية بينهم، فبدون شك هم يصنعون ذكريات، يحفظها أفراد العائلة وأهمهم الأبناء الذين تتشكل ذاكرتهم بحسن سير وتعامل أهلهم، الجلسات العائلية الدافئة، تصنع ذكريات غاية في الجمال، فكيف يفرط البعض في ذلك؟ وأيضاً الصحبة الطيبة الراقية، بيئة رائعة لصناعة الذكريات، فتستحق الحرص عليها. العلاقات مع الأهل والأقارب، ميدان خصب لأجمل الذكريات. فهل يمكن التفريط في ذلك؟ كما أن علاقات العمل والمساجد والمدارس، كلها محاضن لذكريات كم أسعدت كثيراً ولازالت. الذكريات استثمار للسعادة في الحياة.
من المهم أن يستثمر رب العائلة وقته مع زوجته وأبنائه فيملأه حباً ولعباً وتعاملاً راقياً وتعاوناً، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام (فخيركم خيره لأهله وأنا خيركم لأهلي) لا أدري ألا يخجل الرجل القاسي في بيته والليِّن مع رفاقه، ألا يخجل الرجل الذي يقضي جل وقته لاهياً خارج بيته وعائلته آخر اهتمامه؟ مثل هؤلاء الرجال (هداهم الله)، الخجل يخجل منهم! حتى يكبر الأبناء وهم يحملون أجمل الذكريات، لابد أن يبذل الآباء والأمهات جهداً لفهم معنى العائلة وواجباتها التي لا تتوقف عند المأكل والمشرب والملبس، فللحياة احتياجات نفسية وعاطفية وعقلية مهمة جداً، إذا تم التفريط فيها، فكثيراً ما تحدث نتائج لا يريدها الأهل. فلله در أولئك الذين يزرعون في نفوس الآخرين أجمل وأطيب الذكريات.
إن جودة صناعة الذكريات، مسؤولية الجميع.
وليبقى الكل في ذاكرة الكل ذكرى جميلة، أرجو أن يوفق الله الجميع لصناعة أجمل الذكريات في حياة أحبتهم. ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً).